العدد (507) - اصدار (2-2001)
يكمل فبراير هذا العام عقداً كاملاً من الزمن مر على الكويت بعد تحريرها من العدوان العراقي، وخلال هذه السنوات لم تستعد الكويت سكينتها فقط، ولكنها استوعبت دروس هذا الغزو أيضاً. والكويت وهي تستقبل وفود المثقفين والمهنئين العرب بذكرى عيد تحريرها وبمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة العربية تدرك أن هذه التجربة قد أطلقت في داخلها الكثير من الطاقات الإيجابية التي كانت بحاجة إليها. ففي الوقت الذي حاولت فيه القوات الغازية أن تقضي على هويتها
لم يكن دورها في السيرك أكثر من مشاركة أبيها وهو يروّض الوحوش ويداعبها ويضع الصغيرة على ظهورها أثناء ممارسة ألعابه مع الحيوانات، وإذ لم يكن من الممكن أن تحل محل أبيها بعد أن سقط صريع ضربة قاصمة من دب جبار أراد أن ينفرد بالطفلة، فأنقذها من بين مخالبه، ولكن بعد أن سقط هو نفسه صريعاً. ولم يجد أصحاب السيرك إلا أن يستغنوا عن الطفلة تيودورا وأمها وشقيقتيها دون أن يحصلن على ما يقيم أودهن، فقد تفرّقن جميعاً بحثاً عن لقمة العيش
وحتى الآن، وقد تجاوز عمري الألف عام - رعاك الله - لازلت أسأل نفسي: لماذا تفعل ذلك؟، ومثال لهذا الذي أفعله وأسائل نفسي عنه أنني - وبعد عناء - وجدت عملاً في أسوان (مشروع السد العالي)، وأخطر ما وفّره لي هذا العمل لم يكن - فقط - الأجر أو المأكل، بل كان هذا المهد الذي تحقق لي النوم عليه في حجرة مستقلة، أعرف أن المهد هو فراش أو سرير الأطفال، ومَن قال لك إنني لم أكن طفلاً قد تجاوز - حينذاك - ربع القرن الأول من حياته؟
بوجه من الوجوه، قد يكون الشعر الأجنبي الحديث الذي تنشره بعض الصفحات الثقافية العربية منقولاً إلى العربية، مسئولاً عن حالة الفوضى والانحطاط التي أصيب بها الشعر العربي في الربع الأخير من القرن الماضي والتي لا تزال تتراخى إلى اليوم. ذلك أنه شبه للكثير من شعرائنا الشبان أن هذا الشعر الأجنبي، وعلى صورته التي نُقل بها إلى العربية، نموذج قابل للاحتذاء. أليس هو الشعر السائد الآن في بلدان الحضارة والحداثة؟ وهل يعقل أن يكون قد نُقل إلى العربية لو لم يكن شعراً عالي المقام في بلاد الإفرنج