العدد (507) - اصدار (2-2001)
على مدى أربعين عاماً، طافت إمدادات الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية بلدان العالم، متخطية الحدود، ناشدة تنمية المكان وحفظ كرامة الإنسان، ليس ركضاً وراء الربح ولا خدمة لأيديولوجيات وسياسات، ولكنها الأيادي البيضاء امتدت أناملها العطوف من الكويت التي تعد واحدة من أصغر دول العالم لتأسو آلام الإنسانية غاضة النظر عن الجنس واللون والانتماء (1)
كانت جيوش الفتح الإسلامي تنطلق في بلاد فارس مثل سهم ماض لا يقدر أحد على إيقافه! تحطمت عروش الأكاسرة! وفر الأساورة! وسقطت المدائن ووقف القائد المنتصر سعد بن أبي وقاص وحيدا في إيوان كسرى الخالي! يتأمل آثار الذين انهزموا ودانت دولتهم وبادت سطوتهم. وللمرة الأولى شهد الإيوان رجلاً يصلي ثماني ركعات متصلات لا يفصل بينها! ثم نهض وفتح خزائن كسرى! كانت النفائس التي فيها تفوق الوصف ويعجز الرجل الذي عاش طوال عمره في الشظف أن يتصورها!
تعالوا نتوغل في صحارينا العربية، نتجول بعيداً عن العمران، في ذلك القفر العظيم. لنرى كيف تعامل الفنان الشعبي المسلم بتلقائيته مع المئذنة - كعنصر معماري - كيف صاغها وزيّنها وجعلها باقية ممتدة ومتطورة وترك لنا - ومازال - تلك الثروة المعمارية الشعبية العظيمة والمتنوعة، والمنتشرة بعيداً على الطرق. المئذنة هي أحد العناصر المعمارية، وهي ابتكار عربي أصيل، تطور كعنصر إسلامي معماري لم يتوقف الأخذ به إلى الآن، وبلغ مرحلة عظيمة من التطور والمتانة والرقي والتأنق