من أين جاءت غيمة الربيع

شعر

من أطلق السهم المغني في بحيرة الغمام
فانسابت الحمائم المطوقة
توائما إلى الحدائق المعلقة
والشرفات النزقة
وذابت الألوان ماجت الضفاف والبحار
توشحت أطيافها المؤتلقة
بين النوارس المنطلقة
رداؤها العري الجميل والأغاني الشبقة
تحررت من قبضة الأشباح والغيوم
والشهب المحترقة
لاقيد.. لاسجان.. لاتخوم
تسد عين الشمس تطفىء الضحى
هذي السفوح والوهاد العبقة
تنفست.. باحت بأسرار الرُبا
وأيقظت مفاتن الطبيعة العذراء
في الأفق الرقراق بالغمائم الحرير
والربوات المونقة
بالعشق والأحلام والعبير
هذا المدى.. رجع الصدى
هذا الفضاء المستهام
مهد الحقيقة المغيبة
والمثل المغتربة
نداؤنا.. أصواتنا المفارقة
تسأل عن براءة الحروف في عالمنا الرجيم
حرية القلب المغلل الحزين
ترنيمة البوح الشجي
ووردة الحب الخلي
عاد الربيع.. لاضباب
يغشى العيون والقلوب والأزقة
لاغيم يحجب النجوم.. لاسراب
يخاتل الحداة والسراة يوصد الدروب
يغلق الأبواب.. ينكأ الجراح
على مشارف المدائن المنورة
والذكريات العطرة
عاد الربيع موكبا من الزهور والسرور
لكنما يقاسم المخاتل الأثيم
قوافل المستضعفين البررة
تهليلهم لمولد الحياة
ترتيلهم للحب والحنين
فرحتهم بمقدم الربيع
بلا أسى ولاضنى ولادموع
لاجرح.. لاسكين
في كوخهم.. في الطلل الحاني الوديع
من أين جاء القاتل الأجير?
ومن ترى أطلق سهم الموت في بحيرة العناه
يضج بالنعيب والعواء
في الروضة الغناء
يغتصب السماء والقمراء
يخضب وجه الحب بالدماء
يشتت الشمل الجميع
ويسرق الأحلام من وسادة الفقير
من أين جاءت غيمة الربيع?