جلنار وطيور البحر

جلنار وطيور البحر

شعر

أقبلت (جلنار) كحقل السنابل
مطلع الصيف
هواء الجبال يخدرها كالنبيذ
وجهها يرسم فوق زجاج الماء
ذاكرة للفرح فمها وردةٌ
وقامتها نخلةٌ
شالها حزمة من لهاث الندى
طيور السحاب تحط على دوح أعطافها
وتنام..
وحين تغني يسافر صوتها بين الغيومِ
يوقع سير الموج
يفتق البراعم في بيداء الروح
ويفتح نافذة للغمام.
* * *
حوشت نجمتين من حقول محبتها
وأتت
هيأت الدروب لتعبر بوابة القلب
القلب زجاج تشظى وأيقونة من تعب
وسرب النوارس يتوئم روحي
ويغرق في لجة الانتظار
جلست جلنار على شاطىء البحرِ
صار الموج يبرد قدميها
وصار الغيم مظلتها والشاطىء قفرٌ
زفير المراكب يمضي بعيداً
الأشجار تهطل أسئلةً
الشبح اللغز يرتدي همه معطفاً من غبار
أصابعه تعبث في حقول الرمل تبحث عن لاشيء
ترسم دائرة ضيقة تدعو إليها جيوش الموج
وتعلن أن الكون داهمه الطوفانُ
والأرض تلاشت
فلماذا تسأله الأشجار إذن
وكيف يعد لها مائدةً تكفيها
وهي الضالعة بالدهشة
ونفاد الصبر
وحمى الانتظار?!
* * *
في اليوم الأول مسحت جلنار دمعةً
وراحت تعد الضمادَ
لتستر بعض الخراب الذي
يخلفه الدمع عند المسيرِِ
فهبت رياح من البحرِ
وحطت طيور من الملح فوق الجفونِ
تأرجحت الأرض نحو الجهات
تكور مثل محار مريض وأجهش بالبكاء
* * *
في اليوم الثاني
استيقظت جلنار مطلع الفجرِِ
أسلمت للنسيم ضفائرها
فراح يسافر بين خيوط الحريرِِ
ليطرد ليلاً من التعب والصقيع
تساقط الضوء نافورةً من الدفء والخمرِ
فهبت جلنار
وراحت تحاور نسغ الحياة الذي قارب الانطفاءَ
أشعلت ناراً فزاغت عيون الزجاج في محاجر الشبح
بكت الأشجار والنوارسُ
أطفأت جداول الدمع النارَ
فنامت جلنار!!
* * *
في اليوم الثالث
هدأت الريح قليلاً
سكن الموج فجاءت عصافير البحر
لتقيم عرسها السنوي
حطت قبرة على كتف جلنار صارت توشوشها
أومأت للمتكور حزناً في رمضاء القفر
طارت إليه برسائل جلنارٍ
تململ وهم بالكلام
* * *
في اليوم الرابع
تخضب الصباح بالحناء
فتحت جلنار دفتر الذاكرة
وراحت تغني قصائد كانت فراشاَ
تحط على شباكها آخر الليل والمرسل القمر
فاشتعلت في القلب شمعتان وأومضت قصيدةٌ
فانداحت الصور
ياللصباحات الجميلة في حقول النبض
رقصت جلنار!!
* * *
في اليوم الخامس
قبلها.. خاصرها.. عانقها
وطار