رؤساء أمريكا على شاشة السينما

رؤساء أمريكا على شاشة السينما

هؤلاء الثلاثة هم: إمبراطور فرنسا (نابليون بونابرت149 فيلما)، (السيد المسيح 147فيلما، الرئيس الأمريكي، إبراهام لنكولن، 136 فيلما). ولكن بينما تنقلت شخصيتا نابليون والسيد المسيح بين الأفلام الأوربية والأمريكية اقتصر ظهور (لنكولن) على السينما الأمريكية. كما تباينت المواقف من شخصيته بشكل ملموس.. فكان يظهر أحيانا في نطاق مايسمى بالتقاليد العظيمة للديمقراطية الأمريكية. وأحيانا أخرى في إطار جميع الضلالات القومية السائدة في مجتمعه. ولكن في جميع الأحوال تحددت شخصيته سلبا وإيجابا في ظل رؤية المهيمنين على هذه السينما وهم اليهود.

وبرغم أن الرئيس لنكولن كان الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة، فإنه أول من تم تقديمه على شاشة السينما الأمريكية. يليه بفارق ضخم في عدد الأفلام كل من أوليس جرانت (52 فيلماً)، جورج واشنطن (38 فيلما) توماس جيفرسون (12 فيلما) أندروجاكسون(15فيلما) توماس وود رود ويلسون (16 فيلما) ريتشارد نيكسون (15 فيلما) جون كيندي (14 فيلما) هاري ترومان (12 فيلما) وينحصر ظهور عدد كبير من الرؤساء الآخرين بين فيلم واحد وخمسة أفلام.. ولم يتم التعامل سينمائيا مع خمسة رؤساء هم جون ويني وجون تايلور وميلارد فيليمو وجيمس بوشنان ووارين جاماليلي (1)

ولقد ظلت شخصيات الرؤساء ينظر إليها باحترام حتى مع اختلاف بعض الأفلام معها. ولكن تبدلت الصورة بشكل متصاعد منذ منتصف السبعينيات. فقد تم كشف علاقات كيندي الغرامية، وتميز سلوك جونسون بالفظاظة والوقاحة. وسمعت الجماهير حوار نيكسون المتدني داخل المكتب البيضاوي أثناء متابعة فضيحة (ووتر جيت). وظهر ريجان بوصفه الكاوبوي القادم من هوليوود، وأخيرا حاول كلينتون اجتذاب صغار الناخبين بصورة أضاعت ـ على حد تعبير روبرت سكلا الأستاذ في جامعة نيويورك ـ وقار وتحفظ الرئاسة، والمثال علي ذلك قيام الرئىس بالعزف على الساكس وحديثه عن ملابسه الداخلية، واستكملت الصورة مع ما يشاع عن اتهامه بالتحرش الجنسي لبعض النساء والحديث عن دور زوجته في التأثير على قراراته.

وتأتي التسعينيات فإذا بالخيال الجامح هو الذي يحدد ملامح الرؤساء، ويظهر مؤلفون يخضعون هذه الشخصيات لمواقف تتفق والنغم السائد، وتتوارى وراء أحداث تستمد من الواقع بعض ملامحه دون أن تتقيد بإطار معين لظهور الرئىس. فلا مانع من وضعه في نطاق الكوميديا الصارخة أو القاتمة أو الإصدارات العلمية الخيالية أو الرومانسية أو البوليسية.. المهم أن الإسقاط المعاصر يبقى واضحا. وغالبا ما كان يشير إلى أن التوازن والانسجام بين الرئىس والواقع السياسي المحيط به سواء داخل البيت الأبيض أو خارجه يصبح مشكلة تزداد صعوبة على مر الأيام.

وبدأت سلسلة من الأفلام السينمائىة والتلفزيونية تحاول إما أن تنقد كواليس البيت الأبيض وإما أن تركز النقد حول موطن الداء وهم مراكز القوى التي تعيش على تسخير الساسة لمصالحها. وأثناء كتابة هذه السطور تتوارد الأخبار عن أفلام تعرض وأخرى يعد لعرضها أو تم تصويرها عن هذا العام منها: (السلطة المطلقة) عن جريمة اغتيال عشيقة الرئيس الأمريكي، جريمة في (1600) إشارة إلى عنوان البيت الأبيض، ويحكي عن العثور على جثة في البيت الأبيض وتدور الشبهات حول كثيرين من بينهم الرئيس نفسه. (ألوان أساسية) ويتناول العلاقات العاطفية لمرشح الرئاسة القادم من الجنوب الأمريكي، وعلى مستوى آخر يصبح الرئيس ضحية للاختطاف في فيلم السلاح الجوي (رقم1) من مجموعة إرهابية يقودها جنرال روسي، ويصبح سفسطائيا مخبولا وهو يواجه الكائنات القادمة من المريخ في هجوم (المريخ).

فتى أمريكا المدلل

في هذه الفترة يحقق الفيلم التلفزيوني الطويل (فتى أمريكا المدلل) إخراج جيف بليكنر نجاحا جماهيريا، لجرأته في تقديم شخصية الرئيس في إطار فكرة لها وجاهتها وهي أن تحول الإنسان الأمريكي السوي تجاه العنف والإرهاب يفرضه اللهث وراء تحقيق الحلم الأمريكي في ظل أجهزة وهيئات فاسدة، وثقافة تلفزيونية أصبحت تلعب دوراً هداما في اللعبة الديمقراطية.

ويركز (فتى أمريكا المدلل) على شخصية فتاة أمريكية بارعة الجمال مثقفة، جسورة تدعى لوسي كرين.. تسيطر عليها ـ بعد خبرات متعددة في التاريخ والحرب والسياسة والإعلام ـ فكرة ثابتة وهي أن تجعل عشيقها السيناتور الأمريكي الشاب تيري فالون رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية. ولتحقيق هذا الهدف كانت مستعدة لأن تحطم أي شيء يقف في طريقها بكل الوسائل والطرق ومنها الإرهاب بكل أشكاله.

كانت لوسي ـ كاتبة صحفية ناجحة ـ تؤمن بأن واشنطن مناسبة لمواهبها.. دخلت مجال السياسة عام 1968، العام الذي بدأ فيه جنون أمريكا أثناء المؤتمر الديمقراطي في أعقاب اغتيال روبرت كيندي. لم تستطع أن تحقق شيئا.. فتقرر الرحيل إلى أمريكا الجنوبية وهناك تنضم إلى جيش المتمردين في هندوراس، تحمل السلاح وتقاتل في الأحراش. وبعد عدة أعوام تعود إلى الولايات المتحدة لتلتقي بالشاب تيري فالون، فقد كان مجرد مدرس للتاريخ يسعى للوصول إلى مجلس المدينة، لكنها تسانده بخبراتها حتى يصبح عضوا في الكونجرس. وكان هدف حياتها هو الاقتران به بعد أن تجعل منه الرجل الأول في البيت الأبيض.

في بداية رحلتها لتحقيق هدفها تآمرت على اغتيال ضابط متمرد على الحكم الشيوعي في نيكاراجوا أثناء زيارته لواشنطن، لكي تظهر فالون أمام عدسات التلفزيون وهو يحاول إنقاذه من الرصاصات الطائشة، ليصبح أمام الرأي العام السياسي المدافع عن قضايا الشعوب والنموذج الأمثل للحلم الأمريكي منذ أيام كيندي، وتنجح خطتها.. ويحاول مستشارو الرئىس الأمريكي إقناعه بأن فالون هو السياسي المطلوب لكي يكون نائبا له بدلا من نائبه الحالي اليهودي (دانييل ايستمان).

ففالون نوع جديد من الرجال. قادر على المواجهة والحركة والتفزيون أصبح يطلق عليه (فتى أمريكا المدلل) و (الفتي الذهبي للتلفزيون) ويوحي الفيلم بأن سلوك لوسي كرين كان متناسقا مع سلوك القادة من السياسيين والعسكريين وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية العجوز الذي يبدو للوهلة الأولى وكأنه شخصية حكيمة متماسكة عندما يرفض الرؤية الفاشية للسيناتور الشاب ويتهمه بأنه (يريد أن يرشح ستالين ليكون رجل العالم).. ولكنه سرعان مايستسلم لرغبة مساعديه في إزاحة نائبه اليهودي ايستمان، ليحل النائب الشاب مكانه. ولولا أن لوسي تقتل بعد ذلك عشيقها فالون بعد أن حولها إلى مجرد أداة لتحقيق طموحاته السياسية وإشباع رغباته الجنسية الشاذة، لحقق هذا الشاب أمنيته في أن يكون رئيسا لأمريكا.

رقصة الخداع

كانت أجواء (الفتى المدلل) ثورة في نقدها اللاذع وتصويرها الذي لايخلو من أهداف متعددة، حتى أصبحت نموذجا لأفلام سينمائىة بعضها تعامل مع الواقع مثل (روبي) 1992، وفيه يتم التركيز على فتاة استعراض ارتقت في مهنتها عبر فراش زعيم المافيا وانتهاء بفراش رئيس الجمهورية كيندي، (ج ف ك ـ 1992) عن مؤامرة اغتيال كيندي وملابساتها المتشعبة. و(نيكسون) 1995 عن حياة نيكسون منذ أن كان طفلا وحتى تآمره على الديمقراطيين فيما عرف بفضيحة ووترجيت.. والفيلمان الأخيران من إخراج أوليفر ستون.

وعلى العكس من ذلك كان الخيال في أفلام مثل: (مذكرة البجع) 1993، (خطير قائم وواضح) 1994 يلوح لأول وهلة وكأنه أبعد من الواقع ولكنه يبدو للمدقق أنه ليس بعيدا عن الواقع بدلالاته ورموزه. فالفيلم الأول يكاد يتشابه مع فيلم (كل رجال الرئيس)، وهو الفيلم السابق الذي أخرجه نفس المخرج آلان باكيولا في السبعينيات. فتستر الرئيس نيكسون على جريمة التنصت على مقر الحزب المنافس تحول في (مذكرة البجع) إلى تستر الرئىس على جريمة قتل اثنين من قضاة المحكمة العليا بسبب موقفهما الرافض لتحويل إحدى المحميات الطبيعية المليئة بالبجع والطيور النادرة إلى منطقة لاستخراج البترول، يحاول أن يستغلها أكبر ممولي الحملة الانتخابية للرئىس، الأمر الذي يجعل الرئىس على حد تعبير أحد معاونيه (يرقص رقصة نيكسون) ولكن إذا كانت المخابرات المركزية قد جندت بعض المرتزقة لاقتحام مقر ووتر جيت في الفيلم الأول، فإنها استأجرت من أجل قتل القاضيين، ـ وأحدهما يهودي يدعى روزنبرج ـ قاتلا محترفا وعضوا في إحدى المنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط يدعى (كمال)!

ويقترب فيلم (خطر قائم وواضح) من مؤامرات مدفوعة بأوامر قاطعة تأتي من رجال البيت الأبيض وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي الذي يحرك رجاله كالدمى، حتى يتصدى له أحد رجال المخابرات الشرفاء ويقرر مواجهته وإبلاغ الكونجرس برغم تهديدات الرئيس له: (البلاد لاتحتمل قضية أخرى، لن تسمح باحتمال خداع آخر لتحمي نفسها.. سيلقون باللوم عليك وعلى آخرين. ولكن الأمر لن يتجاوز ذلك إنها رقصة الخداع في البيت الأبيض) وتأتيه الإجابة قاطعة من البطل الشريف: (أنا آسف ياسيدي الرئيس فأنا لا أجيد الرقص).

ضحكات متنوعة

وفي نطاق هذه الظاهرة اختلطت الكوميديا أيضا بأجواء الكونجرس والبيت الأبيض في أفلام مثل (بوب روبرتس) 1992، ديف 1993، مواقف ساخنة 1993، فورست جامب 1994، الرئيس الأمريكي 1995، اخواني الأمريكان 1996.. وجميعها لاتهدف من وراء الكوميديا إلا ألى تسفيه الرؤساء والساسة والسخرية منهم.

فالمرشح للرئاسة في (بوب روبرتس) كان مجرد مغن فاشي الطباع يملك ماضيا مظلما في عالم المخدرات ونسف منازل الفقراء ويستعمل مواهبه الفتية في إدارة حملته الانتخابية. وتتحول تيمة الحاكم البديل المتكررة في سلسلة ضخمة من الأفلام التاريخية أهمها سجين زندا لترتدي الملابس العصرية في فيلم ديفي وفيه يتحول الشاب اليهودي ديف كوفيتش من مجرد شبيه بالرئيس الأمريكي إلى الرئيس نفسه لمدة أيام محدودة، عندما يستخدمه رئيس فريق العاملين في البيت الأبيض، ليحل محل الرئيس أثناء أزمته الصحية المفاجئة وغياب نائبه في رحلة إلى إفريقيا. وينجح ديف في مهمته البالغة السرية لدرجة أن السيدة الأولى تتجدد عواطفها تجاه زوجها عندما تلتقي به باعتباره زوجها، ولكن عندما يستشعر رئيس العاملين قدرة ديف الفائقة على اكتشاف خبايا ومؤامرات وفضائح البيت الأبيض، يقرر طرده بعد أن يسخر منه: (أنت لاشيء. أنت تافه.. أنت حشرة).. ولكن ديف بدلا من أن ينسحب في هدوء يقرر أن يمارس سلطاته كرئيس ويرد بثقة: (ربما أكون ذلك ولكنك مفصول)، ويبدأ صراع ساخر بينه وبين كل عناصر الفساد في البيت الأبيض ينتهي بنجاحه فيما فشل الرئيس الحقيقي في تحقيقه.

ويحاول فيلم (مواقف ساخنة) محاكاة أحداث فيلم (رامبو 3) بأسلوب كوميدي. فالبطل يدعى توبير يعيش مثل رامبو في شرق آسيا ولكن ليس في سلام، لأن الحرب مازالت بداخله لم تنته ويغذيها بالمسابقات الدموية التي يمارسها في تايلاند. وحين يحضر إليه معلمه الكولونيل دانتون طالبا منه قيادة مهمة فدائية للإفراج عن الأسرى الأمريكيين في العراق بعد حرب عاصفة الصحراء، يرفض توبير طلب معلمه برغم علمه أنه مطلب شخصي من الرئىس الأمريكي لمواجهة منافسه في الانتخابات. ولكنه سرعان ما يتراجع ويقرر العودة إلى أمريكا ليسلم نفسه لرجال الرئيس للقيام بالمهمة عندما يعلم بأن معلمه الكولونيل تم أسره في العراق ويتم تعذيبه في السجون هناك.

في هذا الإطار يظهر الرئيس الأمريكي في العديد من المواقف الكاشفة، إما عن سلوكيات ساخرة من جميع الرؤساء السابقين بداية من الأحياء منهم وحتى إبراهام لنكولن الذي يتحول تمثاله النصفي إلى إناء تقدم فيه الحلوى إلى ضيوف الرئيس، وتستكمل هذه السخرية بمشاركة هزلية يقوم فيها بمحاولة للإفراج عن الأسرى.. وتصبح هذه السخرية لها طابعها الأخلاقي عندما يبدي الرئىس دهشته من إطلاق لقب السيدة الأولى على زوجته العجوز بحجة أن السيدة الأولى في حياته كانت امرأة أخرى تعرف عليها منذ زمن بعيد!

أما فيلم (الرئيس الأمريكي) فيعد كوميديا رومانسية تطرق باب البيت الأبيض بعدة أساليب لعل أهمها هو أن الرئيس يعد صياغة يهودية 100%، فلولا مساندة ياوره وزوجته أستير ما أصبح رئيسا للجمهورية ولاستمر مدرسا للتاريخ في إحدى الجامعات، ولولا (ليون) فتى (بروكلين) النابغة لضل طريقه في حملاته الانتخابية وعمليات استطلاع الرأي. ولولا روتشيلد لتخبطت علاقاته مع رجال الكونجرس والصحافة. ولولا ضغوط جمعية البيئة التي يديرها اليهودي العجوز سولومان لما كان اهتمامه بالبيئة وقانون عوادم الطاقة. وفي إطار هذه المساندة يصبح لهؤلاء دورهم المحذر والرافض للعلاقة بينه وبين إحدى خبيرات البيئة في البيت الأبيض وبمباركة ابنته بعد أن ماتت أمها، زوجة الرئيس.

ويحاول (الرئيس الأمريكي) أن يمزج الأحداث باللقطات المختلفة لصور وتماثيل رؤساء الولايات المتحدة داخل البيت الأبيض، من جورج واشنطن وحتى كارتر مع تكرار التركيز على صورة الرئىس الراحل جون كيندي في محاولة للتأكيد على أن العلاقة الجنسية للرئىس داخل الفيلم، تستقي ملامحها من علاقات شبيهة تحدث عنها الجميع في عصر كيندي وبالتأكيد لها دلالاتها المعاصرة.

ويأتي فيلم (إخواني الأمريكان) ليستكمل دائرة السخرية من الرؤساء، وفيه يلعب كل من جاك ليمون وجيمس جادز دور رئيس أمريكي سابق، الأول ينتمي للحزب الجمهوري والثاني للحزب الديمقراطي. أما الرئيس الحالي فهو الممثل دان ايكرويد الذي يحاول التخلص من فضيحة تكاد تقصف برئاسته يلصقها إلى الرئيسين السابقين، مما يولد عشرات المواقف الساخرة من قيم الديمقراطية التي يرفع شعاراتها الجميع.

مع الخيال العلمي

وفي سينما التسعينيات سنجد تيارا آخر يعتمد على المواقف الخيالية ـ ففي فيلم (يوم الاستقلال) ـ 1996 نرى الرئيس الأمريكي يواجه هجوما من الكواكب الأخرى في ظل فوضي مابعدها فوضي تسود الحياة الأمريكية... مما يجعل قدرة الرئيس على المواجهة الفعالة لاتتحقق سوى بالعبقرية اليهودية التي تنجح في إنقاذ العالم من خراب حتمي!!

إن البطل اليهودي في (يوم الاستقلال) ألهمه الله إشارة فهم الكائنات الفضائية الغازية للكرة الأرضية ووهبه عبقرية الحل الأمثل لمواجهتها. والتفاصيل تلعب دورا فيما يخدم هذه الشخصية. فهو برغم حبه لزوجته التي تعمل مستشارة في هيئة البيت الأبيض يحمل قيما محددة ونادرة للشرف فبمجرد أن يظن أن الرئيس الأمريكي من الممكن أن يكون عشيقا لزوجته حتى يندفع لمهاجمته وضربه في وجهه في عقر داره في البيت الأبيض!! وبطبيعة الحال يتفهم الرئيس دوافعه ويتبين ديفيد خطأ ظنونه وتستمر الزوجة في عملها!

وعندما يشارك الرئيس الأمريكي في المعارك الأخيرة ضد الغزاة بوصفه طيارا حربيا سابقا.. تصبح هذه المشاركة هي إنجازه العملي الوحيد من أجل أن يتوازن مع نفسه ويؤكد ذاته كزعيم لأمة.. بينما كان الأمر مختلفاً بالنسبة لديفيد فهو الوحيد الذي يصنع الإنسانية وأمريكا والعالم قبل ذاته.

عودة للتاريخ

وكانت التسعينيات مهيأة أيضا للتعامل مع التاريخ الأمريكي القديم نوعا، من أجل مسايرة نفس الاتجاه في تصوير الرؤساء. إن كاتبة السيناريو اليهودية روث براوير هافالا تلتقط في فيلم جيفرسون في باريس 1995 إخراج جيمس ايفوري فترة تواجد توماس جيفرسون كسفير للولايات المتحدة في البلاط الفرنسي عام 1784، وعلاقته بالملك لويس وزوجته ماري أنطوانيت لصياغة ملامح جديدة لجيفرسون الذي هتف له الأمريكيون عندما أصبح رئيسا للولايات المتحدة، ومثالا أعلى على دوره في تحرير وثيقة الاستقلال وعلما شامخا في تاريخ الديمقراطية الأمريكية.. إنه في هذا الفيلم يلعب دورا مؤثرا ضد الإنجليز وضد المظاهر الاستبدادية في فرنسا. ولكنه في نفس الوقت يتغاضى عن بعض الفضائل. فيرتمي في أحضان فتاة سوداء. ويقيم علاقة غرامية مع امرأة متزوجة، وباختصار يصل بنا الفيلم إلى أن الخطيئة بين الرؤساء الأمريكيين ظاهرة ممتدة عبر التاريخ.

 

 

أحمد رأفت بهجت