هل تنفعل النجوم مثلنا؟

هل تنفعل النجوم مثلنا؟

للنجوم قصة حياة تماما كالبشر تولد وتكبر في العمر ثم تموت حتما حينما يأذن الله بانتهاء حياة أي منها. نعم فهي من خلق الله الذي أبدع كل شيء خلقه. ومن حيث سلوكياتها فإننا يمكن أن نصنف النجوم إلى أنماط متنوعة في السلوك فمنها الهادىء سليم الطباع ومنها شديد العصبية سريع الانفعال تماما كما نرى ذلك في عالمنا نحن بني الإسنان. وقد ترى نجما هادئا بدأ يتحول بشكل مفاجيء وسريع إلى نجم مكفهر الوجه عصبي المزاج وكأنه لا يطيق نفسه ولا الدنيا من حوله, وقد يعود ذلك النجم المنفعل إلى هدوء طبعه بعد حين, أو قد يموت مع انفعاله بشدة بحيث يحدث تغيّر شديد في تركيبه الداخلي يؤدي إلى تمزقه وفنائه. كل هذا يحدث في النجوم? وهل النجوم مخلوقات لها أحاسيس ومشاعر? بالطبع نعم, وفي أيامنا هذه بدأنا نفهم كل ذلك عن النجوم.

نجوم مراهقة وأخرى ناضجة

وفي ميزان السلوك النجمي فإن شمسنا تعتبر نجما هادئا برغم عنف ما يدور بداخلها ويطفح على سطحها من نشاط. برغم كل ما نشاهده من أنشطة شمسية أغلبها مخيف بالنسبة لنا, إلا أنها في عالم النجوم تعتبر نجما هادئا, فنحن كسكان أحد كواكبها يأتينا ضؤها ثابتاً في قدره وحرارته, يأتينا دفئها بميزان مستقر لا نشعر بتغير فيه, لكن تلك النجوم التي تظهر انفعالات وإشعاعا غير مستقر أطلقنا عليها اسم النجوم المتغيرة, فهي تتغير في مقدار ضوئها وفي حجمها من حين لآخر بشكل ملحوظ. وإذا كانت أكثر مراحل حياة الإنسان تذبذبا واضطرابا هي مرحلة المراهقة, لأنه يمر بمرحلة تغيرات فسيولوجية واضحة, كما أنه قد يمر أي منا بظروف تجعله مضطربا ولكنه سرعان ما يعود إلي هدوء طبعه. فكذلك النجوم تمر بمراحل تصبح فيها غير مستقرة في تصرفاتها ولمعانها, من ذلك عند ولادة النجم ومنها حين ينتفخ النجم ليصبح عملاقا أحمر ومنها قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة. فحين يولد النجم يكون شديد اللمعان وكما يمكن أن نعبر عنه ببساطة إنه فرن نووى جديد يريد أن يظهر كفاءته. وبعد فترة وجيزة يستقر لمعان النجم الجديد عند حدود تعبر عن قدره ولمعانه الحقيقي, والذي من خلاله نحدد نوع هذا النجم ومكانه في خصائصه بين النجوم أهو من النجوم اللامعة أم أنه من النجوم الخافتة أم أنه من النجوم المتوسطة في ضوئها ولمعانها. ولقد كانت شمسنا حين ولادتها من ذلك النوع الشديد في استعاره وكان مقدار إشعاعها أكبر بكثير مما عليه حالها الآن.

ويظل النجم في أغلب حياته نجما مستقرا ومتزنا بشكل اعتيادي مالم تحدث له حادثة غير طبيعية كوجود مؤثرات خارجية عنيفة بالقرب منه. ولكن إذا كان نجما عاديا مستقرا له جار يمر بمرحلة السوبر نوفا فإن ذلك الانفجار المهول الذي تحدثه السوبر نوفا ستؤثر على كل ما هو حولها وقد تدخل كل النجوم القريبة منها في غياهب الفوضى والاضطراب إن لم يكن قدرها هو الموت والفناء.

وإذا بدأ النجم في الانتفاخ ليصبح نجما عملاقا فسيصيبه شيء من الدوار وعدم الاتزان. تلك هي مرحلة بارزة في حياة النجوم وهي تمثل نهاية مرحلة الشباب وبداية الشيخوخة, فيصل إليها النجم في فترة متأخرة من حياته. ولكن بعد أن يصبح النجم عملاقا أحمر أفإنه يمر بحالة من الاضطراب حيث يتغير لمعانه بدرجات متفاوته وتبدو عليه علامات الانفعال والاضطراب الشديدين, ونلاحظ نحن عليه ذلك من على بعد الآلاف السنين الضوئية باستخدام تلسكوباتنا الأرضية. وانفعالات النجوم متفاوتة في درجة قوتها وعنفها: فمنها انفعالات بسيطة بحيث يظهر النجم كما لو كان راسخ الجأش لا تحركه العواصف عن ثباته واستقراره بينما توجد نجوم أخرى تكون انفعالاتها عنيفة ومخيفة. ونجمنا لا نتوقع له انفعالات شديدة قبل خمسة بلايين سنة من الآن, ولكن شمسنا حين تبدأ في الانتفاخ والانفعال فإنها ستدمر الكثير من حولها, ستضرب أول ما تضرب تلك الكواكب الصغيرة والقريبة منها وهي عطارد والزهرة والأرض, ستقترب الشمس من تلك الكواكب وتصهرها ثم تبتلعها في جوفها دون رحمة أو هوادة, ستفعل ذلك مع كوكبنا وقبله ستبيد كل ما تتزين به أرضنا ولا نعلم كيف سيكون مستقبل أحفادنا.

لا يمكن أن نقارن حجم انفعالاتنا مع تلك التي تحدث في النجوم, فإذا كانت انفعالات البشر قد تؤذي من وقف بالقرب منها فإن انفعالات النجوم ذات أبعاد هائلة في تدميرها وضررها أو ربما فوائدها, فمصائب قوم عند قوم فوائد. وما يحدث في عالم النجوم شيء رهيب تكاد لا تتصوره العقول البشرية.

لقد شاهدنا ملايين النجوم التي تعاني من عدم الاستقرار والتي نرى فيها مزاجا صعب المراس وانفعالات يخشى عاقبتها. حينما بدأنا نتعرف على تلك النجوم المتغيرة كنا نصنفها بطريقة تسهل علينا التعامل معها ولم نكن ندري كثيرا عن طبيعتها وما تعنيه صفاتها وخصائصها بالنسبة لحياة النجوم وأعمارها. ولكن بعد أن عشنا كثيرا مع النجوم وعالمها بدأنا نفهم الكثير عن أحوالها وقصة تطورها في حياتها, وبدأنا نشعر بانفعالاتها وماتعنيه بالنسبة لها كأحداث تمر بها في مسيرة حياتها.

ومن أهم المراحل العمرية التي يضطرب فيها النجم بشكل واضح مرحلة العملاق الأحمر, حيث يتمدد النجم وينكمش بشكل دوري, ومع انكماشه يخبو ضؤه وترتفع درجة حرارته فيعود ليتمدد ويزداد لمعانه وتخف درجة حرارته ويزداد حجمه, لذا نراه نحن سكان الأرض من بعيد كنجم متغير يغير لمعانه وكأنه لا يريد أن يستقر على حال.

وهناك من النجوم المتغيرة ما يتصف بسرعة في انفعالاته كنجوم RR القيثارة أو السلياق والتي يتغير لمعانها شدة وضعفا في غضون عدة ساعات قليلة مما يعني شدة في اضطراباتها وعنفا في مزاجها, فهي تتغير في حجمها وشدة لمعانها بشكل دوري في فترة زمنية تقل عن اليوم وكأن الذي نشاهده هو ارتفاع حاد في عدد ضربات قلبها فتتحرك كل أحشائها مضطربة ما بين انكماش وتمدد. ونجوم RR القيثارة المتغيرة ليست كلها تابعة لمجموعة القيثارة المعروفة لدينا منذ قديم الزمان, إنما هي تمثل صنفا من النجوم المتغيرة والذي كان أول نجم منها رصدناه بتلك الصفات التي تتصف بها هذه المجموعة المتغيرة من مجموعة القيثارة ورمزنا له برمز RR, ثم سمينا كل نجم نرصده يحمل نفس صفات وأحوال ذلك النجم RR القيثارة أي مثل النجم RR في مجموعة القيثارة. كنا نرصد أحدها في ساعة كنجم خافت ثم نرصده بعد ذلك بعدة ساعات فنراه نجما شديد اللمان. وهكذا يتغير لمعان نجوم RR القيثارة بشكل دوري بحيث لا تستطيع أن تستقر على حال حتى يهدأ بالها وتستعيد الاستقرار في داخلها. وتعتبر نجوم RR القيثارة في مرحلة متأخرة من حياتها, وهي من أنواع طيفية أسخن من شمسنا وفي مرحلة العملاق الأحمر من عمرها. وقد رصدنا آلاف النجوم من ذلك النوع فهي تقع في هالة مجرتنا وفي العملاق الأحمر من عمرها. وقد رصدنا آلاف النجوم من ذلك النوع فهي تقع في هالة مجرتنا وفي نواتها حيث تنتشر الحشود الكروية, فكل الحشود الكروية تحتوي على نجوم من نوع RRالقيثارة.

الشفاء أو الموت

فكرة تغير النجوم تعبر عن اضطراب يعاني منه النجم لظروف قاهرة تمر به في مسيرة حياته. وفكرة الاضطراب هذه هي أحسن ما يمكن أن نعبر به عن حالة ذلك النجم. وأسلوب اضطرابه يمكن أن نضرب له مثلا يعرفه كل منا, وهو أنك إذا ألقيت حجرا على سطح ماء راكد مستقر تظهر لك موجات في الماء في شكل دوائر مركزها مكان سقوط الحجر. تكون تلك الموجات أكبر ما يمكن وقت بداية سقوط الحجر ثم تقل تدريجيا حتى تختفي تماما ويعود الماء إلى سكونه وهدوئه. فالاضطراب الذي تسبب في حدوثه سقوط الحجر في الماء يأخذ فترة ثم يضمحل ليعود الماء إلى سكونه ثانية. كذلك تفعل النجوم, فقد تمر بحالة من الاضطراب والذي يخفت أثره تدريجياً ليعود النجم بعده إلى حالة من الاستقرار والهدوء.

وإذا كانت نجوم القيثارة سريعة الانفعال فإن النجوم القيفاوية ـ وهي نجوم متغيرة أيضا ولكن بقدر أقل سرعة من نجوم القيثارة ـ تتميز بلون أصفر وكتل متوسطة أو أكبر قليلا من كتلة شمسنا, فهي في حدود ضعف كتلة الشمس, فقد أصبحت تتميز بلمعان شديد نتيجة كونها صارت من النجوم العملاقة. لكنها على أي حال أصغر في كتلها من نجوم RR القيثارة. رصدنا ما يزيد على 700 نجم من النجوم القيفاوية, وهي تنتشر في أذرع مجرتنا في الحشود المفتوحة. تتفاوت نسبيا قوة اضطراب النجوم القيفاوية, ومن أمثلتها نجم في المجموعة القيفاوية وآخر في مجموعة العواء. أما سرعة اضطرابها فتتراوح ما بين تغير في عدة أيام وقد تطول فترة تغير لمعانها إلي ما يقرب من شهرين, يعتمد ذلك على مدى سرعة زمجرتها وأنينها ومدى شدة اضطرابها. ومع اضطراب النجم تتغير درجة حرارته ما بين مد وجزر. فترتفع حرارته مع انكماشه علي نفسه ثم تقل مع تمدد طبقاته الخارجية وانتفاخه وهكذا تظل حرارته تزداد وتقل وكأنه رجل ينخفض صدره ويرتفع من شدة ما أصابه من تعب وما ألم به من مرض.

لقد تعرفنا على شتى أنواع الاضطرابات التي تصيب النجوم وبها نميز تلك النجوم المتغيرة المضطربة فنعرف كنهها وكيف كانت في ماضيها قبل أن يصيبها ما أصابها ومن ثم نستطيع أن نستخدمها كشمعة تضيء لنا الطريق بين النجوم لمعرفة أبعاد حشودها النجمية أو حتي أبعاد مجراتها عنا. فإذا أردنا أن نعرف بعد أي مجرة عنا نبحث فيها عن نجوم متغيرة, وبعد أن نحدد مقدار اضطرابها وعنف انفعالها نحدد لمعانها الأصلي الذي كانت عليه قبل أن تضطرب ومن ثم نستطيع أن نستخدمها كوسيلة في تقدير وحساب بعد مجرتها عنا. ولا تحتاج النجوم لطبيب منها يعالج مرضها فقد وضع الله لها سننا تسير عليها وتحسن بها من أوضاعها. فتخرج النجوم المتغيرة من مرحلة عدم استقرارها بعد حين بإذن ربها وخالقها أو أن تكون تلك الحالة هي المؤدية إلى موتها وفنائها.

وقد يتساءل أحدنا: لماذا تتغير النجوم وتضطرب? وقبل أن نتعرف على الإجابة لهذا السؤال علينا أولا أن نفهم كيف تكون أحوال النجوم وهي متزنة ومستقرة. إن نجما مستقرا كشمسنا تحكمه بشكل أساسي قوتان كبيرتان هما الجاذبية التي تريد أن تجعله ينكمش والقوة الأخرى التي تقف للجاذبية بالمرصاد هي تلك القوة الناشئة عن الضغط الداخلي. هاتان القوتان متعادلتان في الشمس وفي كل النجوم المستقرة. وبمجرد أن تقل طاقة النجم في لبه تخور قوى النجم الداخلية وتضعف عن الوقوف أمام قوة الجاذبية الجبارة فينكمش النجم على نفسه ويؤدي ذلك لارتفاع درجة حرارته مما يتسبب في تمدد طبقاته الخارجية في شكل انتفاخ نلاحظه نحن للنجم في تلك المرحلة الدقيقة من حياته. لن يستطيع النجم أن يضبط سلوكه وأن يستقر على حال بشكل سريع ولكنه سيقع حتما فريسة للمزاج العصبي المتغير والنفس المضطربة, فيظل ينكمش ويتمدد وترتفع حرارته وتنخفض وكأنه مريض قد أصابته حمى كلما حاول معالجتها عادت إليه من جديد. وهكذا يظل النجم في تغيره هذا حتى يستطيع أن يجمع قواه من جديد وينتظم قلبه في الثبات والاستقرار من جديد.

ومن أمثلة النجوم الشهيرة والمتغيرة في نفس الوقت: السماك الأعظم, وهو من مجموعة العذراء ويبعد عنا 256 سنة ضوئية وهو من النجوم الكبيرة, فهو من النوع الطيفي BI حيث تزيد كتلته على 15 كتلة شمسية ودرجة حرارة سطحه أكثر من 25 ألف درجة مطلقة كما أنه ألمع ألف مرة عن شمسنا في الحقيقة ولكن لبعده نراه من حيث ترتيب سطوعه في السماء الخامس العشر في الترتيب. وقد سمي السماك الأعظم والسماك الرامح بالسماكين لسموكهما في السماء وارتفاعهما في كبد السماء, وخاصة السماك الرامح الذي يكاد أن يسامت الرأس في شهر مايو لقاطني الدول العربية. وكلا النجمين من نجوم الربيع المتألقة, يبدآن في الطلوع في شهر مارس, ويسبق طلوع السماك الأعزل طلوع الرامح بحوالي ساعة. والسماك الأعزل من نجوم النصف الجنوبي ولونه أزرق لامع وهو يمثل المنزلة الرابعة عشرة من منازل القمر. وهو نجم متغير, يزداد لمعانه ويقل بشكل يظهر اضطرابه وسوء حالته الصحية فطبقاته الخارجية تتأرجح ما بين تمدد وانكماش كأنها تعبر عن اضطراب يقتلع ضلوعه ويعصر قلبه, ومتوسط لمعانه يزيد بمقدار 0082 مرة عن لمعان الشمس.

وقلب الأسد يبعد عنا 480 سنة ضوئية, ولو قدر لنا أن نري كل النجوم الساطعة على بعد ثابت منا لو تصورنا أنها كانت جميعا في مرحلة الشباب من أعمارها, حيث الثبات والاستقرار في لمعانهم, ففي تلك الحالة سنرى قلب الأسد ألمعها جميعا, ولكن نتيجة أنهم في مراحل مختلفة من أعمارهم لذا فقد نجد نجما متوسطا أشد لمعانا من نجم كبير لكنه مازال صغيرا في عمره. إن قلب الأسد هو أكبر من جميع النجوم من النوع الطيفي B في كتلته والتي تزيد على 16 كتلة شمسية ولونه أزرق لامع. ولكن أحواله النفسية تنبىء عن مزاج عصبي ونفسية مضطربة وكأنه لديه مشاكل تؤرقه وتسبب اضطرابا في سلوكه, فهو نجم متغير يضطرب في لمعانه ما بين شدة وضعف. ومتوسط لمعانه يزيد على لمعان الشمس بسبعة آلاف مرة.

عماليق وأقزام

وقد صنفنا أنواعا عديدة من النجوم المتغيرة والتي تمثل أوضاعا مختلفة في شدة الانفعال وقوة الاضطراب لأنواع مختلفة من النجوم سواء الساخن منها أو المتوسط في حرارته ولمعانه أو حتي تلك النجوم الشديدة البرودة. النجوم الصغيرة إذا ما وصلت إلى مرحلة العملاق الأحمر وبدأت تلفظ مادتها فإنها تصبح نجوما متغيرة بدورة طويلة وقد يزداد قدر لمعان العملاق الأحمر إلى عشرة أمثال قدرالشمس المطلق. ومن أمثلة تلك النجوم البطيئة في دورة تغيرها منكب الجوزاء وقلب العقرب, فهما من النوع الطيفي M والذي يتميز بكتلة تقل عن نصف كتلة الشمس ودرجة الحرارة على السطح أقل من 3500 درجة مطلقة, وقد أصبح كل منهما عملاقا أحمر براقا. ويعتبر منكب الجوزاء النجم التاسع في النجوم الساطعة في السماء بالنسبة لنا, كما أنه كما ذكرنا من قبل من النجوم الباردة والخافتة أصلا, ولكنه الآن في مرحلة متقدمة من عمره حيث أصبح من قبل من النجوم الباردة والخافتة أصلا, ولكنه الآن في مرحلة متقدمة من عمره حيث أصبح عملاقا أحمر براقا كما أنه غير مستقر على حال. فهو نجم متغير في درجة لمعانه فيظهر لنا كنجم متقلب المزاج عصبي التصرفات مضطرب الأحوال ومتوسط لمعانه الحقيقي يزيد على عشرة آلاف مرة على لمعان شمسنا ويبعد عنا حوالي 480 سنة ضوئية.

أما قلب العقرب فيبعد عنا 384 سنة ضوئية وهو موجود في نظام مزدوج ونجمه المصاحب أكبر منه كثيرا في كتلته ولكنه مازال كنجم في مرحلة الشباب من عمره, لذا فإنه أخفت من قلب العقرب برغم أنه أكبر منه في الكتلة. يبدو أن زواجهما جاء في مرحلة متأخرة من حياة قلب العقرب. وتقل كتلة قلب العقرب عن 0.4 كتلة شمسية, فهو نجم بارد وخافت أصلا ولكنه وصل مرحلة متقدمة في العمر حيث أصبح عملاقا أحمر براقا, وهو أيضا نجم متغير نتيجة ما يمر به من اضطراب في أحشائه ولكن لمعانه الحالي في المتوسط يزيد على 2700 لمعان شمسي.

كما أن أطفال النجوم الحديثة الولادة تكون غير مستقرة فيتغير لمعانها بدرجات متفاوتة وبدورة غير منتظمة, فهي نجوم لم تتعلم بعد كيف تتصرف بتعقل وهدوء كأخواتها التي تقدمت شيئا قليلا في العمر, ومن أمثلتها النجم من مجموعة الثور والذي رمزنا له بالرمزت, كما سمينا كل النجوم في لحظة ولادتها بنفس الاسم: ت الثور. بالطبع لم نكن ندري حين سميناها بذلك أنها نجوم حديثة الولادة إنما سميناها على اسم أول نجم رصدناه بتلك الصفات والذي رصدناه في مجموعة الثور.

وهناك نجوم متغيرة بطريقة تختلف عن النجوم السابقة, تلك هي النجوم المنفجرة, وهي إما نجوم من الأنواع الساخنة وموجودة في نظام ثنائي فتعمل انفجارا سميناه نوفا حيث يفقد النجم جزءا كبيرا من مادته أو سوبر نوفا (I) والتي تعبر عن انفجار هائل حدث لنجم قزم أبيض موجود في نظام مزدوج أو انفجار مهول يحدث لنجم كبير أصبح عملاقا أحمر ضخما. ولقد سمينا هذا الانفجار الأخير بالسوبرنوفا (II) تمييزا لها عن السوبر نوفا التي تحدث لقزم أبيض موجود في نظام مزدوج, يريد أن يأكل جسم رفيقه. وهذه الانفجارات تعد أقوى الأحداث النجمية العنيفة والتي يمكن أن تتسبب في وقوع تغيرات رهيبة لكل جيرانها. إن تلك الانفجارات لن تبقى نجومها حية لفترة طويلة بل هي في حقيقة الأمر تمثل مرحلة خروج الروح من الجسد حيث يفنى كل نجم يذوق تلك الكأس ويختفي قطعيا بعد ذلك من حياة النجوم وعالمها الجبار.

 

محمد صالح النواوي

 
  




حشد نجمي يحوي نجوما متغيرة من نوع القيثارة