طرائف عربية

طرائف عربية

حمقى في مهب الريح

في صحبة مودة سار أحمقان على طريق في خلاء نحيط بهما صحراء من رمال، وفوقهما سماء من زرقة صافية. قال الأول: أتعرف ما الذي أتمناه؟ فأجابه: ما هو؟ قال: قطائع من غنم انتفع بلبنها وصوفها. رد الأحمق الآخر وقد شرد بنظره عبر صحراء بلا منتهى: وأنا أتمنى قطائع من ذئاب متوحشة أرسلها على غنمك حتى لاتترك منها شيئا. قال صاحب الغنم: ويحك أهذا من حق الصحبة؟ هل هذا من حرمة العشرة؟! وتماسكا بالأيدي واشتد أوار العراك حتى سال الدم على الرمل، وتفصد جسداهما بالعرق حتى تعبا ثم تراضيا على أن أول من يطلع عليهما يكون حكما بينهما فطلع عليهما شيخ بحمار عليه زقان من عسل، فحدثاه بحديثهما فانفعل الرجل وغضب غضبة شديدة من حمقهما الذي ليس له مثيل، لم تر مثله عينه، ولم يسمع به في الآفاق، ولأنه منفعل على نحو هائل قام وأتى بالزقين من فوق ظهر الحمار وفتحهما وأسالهما على الرمل ثم صرخ فيهما: صب الله دمي مثل هذا العسل إن لم تكونا أحمقين.

كلهم دراويش سيد درويش

كان الموسيقار سيد درويش قد غير شكل الغناء ونقله من البناء التركي الخالص إلى إيجاد الأسلوب المصري المعبر عن طوائف الشعب، وكان جمهور المستمعين يتحمس كثيرا لهذا التغيير الذي حدث في بنية الغناء العربي في تلك الحقبة "أواخر العشرينيات" كانت المنافسة على أشدها بين عبدالوهاب وأم كلثوم، وعندما قام الشيخ زكريا أحمد العظيم بتلحين أغنية "اللي حبك يا هناه" وانتشر في الوسط قبل أن تغنى أنها ستكون أغنية الموسم الغنائي، وسوف تكون حدثا فنياً كبيرا. انزعج عبدالوهاب جدا وحاول أن يتعرف على اللحن الجديد بكل الطرق قبل أن يظهر في الجو الفني العام.

دعا عبدالوهاب ثلاثة من أقرب أصدقاء الشيخ زكريا على مائدة عامرة في محل "سولت " وبعد الغداء "والذي منه" طلب عبد الوهاب من أصدقاء الشيخ زكريا غناء اللحن الجديد، وتحت وطأة العزومة، وكرم عبد الوهاب النادر، ومجاملة للرجل، غنى الثلاثة اللحن في صيغته النهائية، عند ذلك رجع عبدالوهاب بظهره قائلا: اللحن درويشي خالص. عند ذلك انفجر أحد الأصدقاء في وجه عبد الوهاب: ما احنا كلنا دراويش يا سي محمد.

لطفي السيد الديمقراطي

رحم الله أستاذ الجيل لطفي السيد بسبب ما أسهم به في أحداث التنوير وتكوين العقل المدني، وإيجاد الدور المؤسس لخلق ديمقراطية تقودها نخبة من المستنيرين.

يروى أن أستاذ الجيل كان قد رشح نفسه في دائرة بالدقهلية في انتخابات كان زمانها أول القرن، وخاض معركته الانتخابية باعتباره ديمقراطيا ومدافعا شرسا عن الديمقراطية.

كان منافس لطفي السيد أحد الخبثاء الأذكياء الكبار حيث أخذ المصطلح "ديمقراطي" ودار به على القرى وعلى الناخبين يشيع بينهم أن ديمقراطي يعني "كافر" قائلا في كل خطبه الانتخابية:

اننبهوا أيها الناخبون أحمد لطفي السيد ديمقراطي، وديمقراطي يعني كافر.

ولما كانت الديمقراطية جديدة على الناس، والناس أسرى الجهل في كل أحوالهم فلقد صدقوا شائعة المنافس.

حين دار أحمد لطفي السيد على الدوائر يباشر دعوته، ويقدم برنامجه كان يسأله الناخبون: هل أنت بالفعل ديمقراطي؟

فكان يجيب بأعلى صوته: أنا ديمقراطي وابن ديمقراطي، وأضحي بحياتي في سبيل الديمقراطية.

الغريب في الأمر أن لطفي السيد سقط في هذه الانتخابات سقوطا مدويا فادحا بسبب أنه ديمقراطي.

أم البلاغة

كانت ليلى الأخيليية بليغة العرب، تجري البلاغة على لسانها مجرى الماء والحكمة: مدحت الحجاج يوماً فأدهشته وأكبرها معجبا ونادى على غلامه قائلا: يا غلام اذهب إلى فلان فقل له يقطع لسانها: قال الغلام: ذهبت فأحضرت سيافا لينفذ أمره.

لحظة أن شاهدت الأمر صاحت ليلى في وجه الغلام: ثكلتك أمك إنما أمرك أن تقطع لساني بالهبات والعطايا يا ابن الفاعلة.

امرأة فوق الجميع

استفزت امرأة زوجها ثم أعطته ظهرها وصعدت سلم الدار بالمدينه، لم يستطيع الرجل السيطرة على نفسه فصرخ فيها: أنت طالق إن صعدت، وطالق إن نزلت، وطالق إن وقفت. فرمت نفسها على الأرض فقال لها ملهوفا: فداك. أبي وأمي، إن مات الإمام مالك احتاج إليك أهل المدينة في أحكامهم