المعاجم اللغوية العربية

المعاجم اللغوية العربية

من المكتبة العربية
تأليف: الدكتور أحمد محمد المعتوق

مع ظهور الإسلام توقف المسلمون أمام معاني ودلالات بعض الألفاظ القرآنية، وما إن اختلط العرب بالمسلمين من غير العرب حتى بدأت ألفاظ عربية كثيرة يثقل تفسيرها على الكثيرين، ولم يكن هناك بد من التفكير بولادة المعاجم التي باتت لها أهميتها الكبيرة في عصرنا الحاصر.

بنظرة سريعة إلى محتوى الكتاب نلاحظ شمولية الدراسة المتعلقة بموضوع (المعاجم العربية) حيث بدأت دراسة الباحث لهذا الموضوع بالتمهيد له وذلك بمناقشة عدة قضايا مهمة لها صلة مباشرة بهذا الموضوع كقضية تحديد مصطلح (المعجم، ثم تناول الفرق بين المعجم اللغوي والموسوعة، وأهمية المعاجم ودورها في حفظ اللغة وصولا إلى أنواع المعاجم).

في كل نقطة يتناولها الباحث بالدراسة نرى محاولته الجادة في عرضه الموضوعات بأسلوب الناقد الفاحص فيقول تحت عنوان (أهمية المعاجم اللغوية): إن التغيرات السياسية والاجتماعية والتحولات التاريخية والحضارية لابد أن يصحبها تغير أو تطور في القيم والمثل والمفاهيم، وفي أساليب التفكير ووسائل العيش وأنماط الحياة، وتستحدث صور ذهنية وأفكار ومعتقدات ومواقف ونشاطات، وتستجد مشارب ومآكل وملابس وأدوات، فتنشأ نتيجة لذلك كلمات ومصطلحات وتعابير وصيغ جديدة، كما تستحدث معان ومفاهيم ومدلولات لكلمات قديمة عن طريق التحويل أو النقل أو المجاز والتطويع والتوليد اللغوي بكل أشكاله وطرقه.

وما ذكره الباحث في هذا النص من تغيرات مؤثرة على الاستخدام اللغوي حقيقة ومجازا وتوليدا من أسباب تطور اللغة وظهور اللهجات التي تأخذ سمات خاصة لجماعة أو جماعات معينة تعيش في بيئة خاصة لها عاداتها المعيشية، وخصائصها اللغوية.

المعاجم في الميزان

يتطرق الباحث إلى بيان فوائد المعاجم ومدى حاجة الفرد إليها ومن هذه الفوائد:

1ـ تتبع معاني الكلمات ومفاهيمها عبر التطورات المختلفة.

2ـ تعين الفرد على التواصل المثمر مع أفراد مجتمعه.

3ـ تساعده على الارتباط بتراثه.

4ـ إثراء معلوماته وبناء فكره وتكوين شخصيته.

5ـ تتولى تفسير المفردات وتوضيحها وبيان استعمالاتها.

6ـ تتكفل بتمييز الأصيل من الدخيل، والحقيقي من الزائف والحي من الميت والسائد من النادر، والشاذ من المتداول المقبول، والجديد الحديث من القديم.

وهنا تبرز أهمية المعاجم، ودورها على مستوى الفرد والمجتمع، على مستوى الفرد بكل مراحل عمره، وعلى مستوى المجتمع بكل فئاته. ولذا اهتم العلماء على مر العصور بتتبع كل ما له صلة بهذه الاستعمالات، وتتبع أصولها وشواهدها وقائليها، والجماعات المستخدمة لها حتى ظهرت معاجم تلك الفترة بسمة الشمولية والموسوعية والتي كان لباحثنا الكريم موقف منها. والمعروف لدى الباحثين أن المعاجم القديمة لم يقتصر عملها على بيان معاني الكلمات وإنما تعدى ذلك كثيرا ليشمل:

1ـ تتبع اللهجات العربية القديمة، وإسناد كثير من الاشتقاقات والاستخدامات اللهجية إليها كما هو واضح في اللسان والتاج والصحاح والتهذيب والمقاييس والأساس.

2ـ التعرض للأوجه الإعرابية والصرفية لبعض التراكيب اللغوية، ومعالجتها كما وردت عند النحاة، وإبداء الرأي في كثير منها.

3ـ التعرض للقراءات القرآنية، وربطها بلهجاتها كلما توصل إلى دليل في ذلك.

لهذه الأسباب وغيرها بدت تلكم المعاجم وكأنها موسوعات علمية، أو دوائر معرفية لها طابعها، ويجد فيها الباحث ملاذا لكثير من المسائل هو بحاجة إلى حلها.

وقد كانت هذه السمة موضع انتقاد من الباحث الفاضل لأنه يرى أن وظيفة المعاجم بيان معاني الكلمات وقد تدرج هذه الدلالات، مع إرشادات خفيفة إلى بعض الشواهد المعينة. فهو يقول مثلا تعليقا على الصحاح: (وحافل في الوقت نفسه كغيره من المعجمات العربية المطولة بالروايات والأحاديث والتفاسير والشواهد المختلفة والفوائد النحوية والصرفية والتاريخية وغيرها مما يعد استطرادا أو حشواً أحيانا).

وأقول بأن هذه المعاجم لها طبيعتها الخاصة ولها غاياتها التي ألفت من أجلها، وبأن تلك الفوائد النحوية والصرفية والتاريخية ليست حشوا بل داخلة في صلب مهام تلك المعاجم الموسعة وبخاصة أنها تربطها في النهاية بلغاتها ولهجاتها، وهذه إضافة معرفية تحسب لها لا عليها.

كما يعلق على (لسان العرب) ـ بعد أن عدد مزاياه وجوانبه الإيجابية ـ (نقول على الرغم من كل ذلك فإن لضخامة حجم هذا المعجم والتوسع فيه آثارا سلبية في التقليل من انتشاره، وتداوله بين فئات عامة المتعلمين، وبالتالي في تحديد فاعليته بينهم).

وهذا الكلام صحيح، فإن لسان العرب وغيره من المعاجم الموسوعية كالتاج والصحاح ومقاييس اللغة والتهذيب والقاموس المحيط وغيرها إنما تصلح لأهل الاختصاص ومن يريد الاستزادة، وهذا ما أكده الباحث نفسه في الصفحة نفسها: (إن هذا المعجم في وضعه السابق الذكر أصلح للمهتمين بمجالات اللغة والأدب والشعر، والمتعمقين في شئون المعرفة، وذوي الصبر والرغبة في التتبع والتوسع في الاطلاع، منه إلى الناشئة أو من ماثلهم).

ويقول الباحث تعليقا على (تاج العروس) (لقد أصبح تاج العروس بالمعارف الكثيرة المتنوعة التي احتواها كتابا نفيسا جليل القدر عظيم الأهمية، وخزانة علم واسعة تخدم المتعلم في مجالات عدة، لكن هذه المعارف الواسعة الكثيرة أدت إلى أن يصبح ثقيلا، مربكا للمراجع، مرهقا لفكره ونظره، لأنه لا يصل فيه إلى الكلمة التي يبحث عنها إلا بعد لأي ومشقة).

وأشرنا قبل إلى أن ذلك لا يعد نقيصة في الكتاب وظلت هذه الفكرة النقدية تراود الباحث في معظم الأحوال التي تناول فيها مناقشة هذه المعاجم الموسوعية، وهي وجهة نظر محل تقدير دون شك.

يتضح مما سبق مايلي:

1ـ عرض المؤلف للمعاجم الموسوعة اتسم في مجمله بالموضوعية.

2ـ سار المؤلف على نهج دراسة المعجم ونقده من وجهة نظره، حيث أشار إلى جوانبه الإيجابية والسلبية.

3ـ عاب على المؤلفين أسلوبهم الشمولي وتناولهم بالإسهاب لكثير من القضايا اللغوية المتصلة بالمسألة.

4ـ يرى الباحث أنه ينبغي تسخير هذه المعاجم الموسوعية لطلبة العلم، وأن يرغب بها عن طريق إخراجها علميا وفنيا جديدا مع إزالة ما ليس له صلة وثيقة بصلب المسألة، وأؤيد الباحث في هذا الاتجاه مع شيء من التحفظ على المساس بجزيئات الكتاب حيث أرى أنه ليس من حق الشارح أو المحقق أن يمس شيئا، ولكن عليه أن يشير إلى ذلك في الهوامش دون إحداث تغيير في جوهر الكتاب.

المعاجم الحديثة

وقد تناولها الباحث في الجزء الثالث من الكتاب وتشمل:

ـ محيط المحيط.

ـ أقرب الموارد.

ـ البستان.

ـ متن اللغة.

ـ المنجد في اللغة والأعلام.

ـ المعجم الوسيط.

ـ الرائد.

ـ القاموس الجديد (الألفبائي).

ـ المعجم العربي الأساسي.

ـ الهادي إلى لغة العرب.

ـ المحيط: معجم اللغة العربية.

ـ معجم لغة العرب.

ـ الكافي.

أبرز ما تناوله الباحث في دراسته لهذه المعاجم:

1ـ أن بعض المؤلفين لم يستطيعوا التخلص من طريقة القدامى في الشرح، ومن تفسير الغامض بالغامض والمشكل بالمشكل وسرد العبارات سردا متتابعا.

2ـ انتقد إخراج بعض المعاجم وأن طباعتها غير مشوقة، وتتقارب فيها الأسطر، وتتزاحم الحروف وتتراكب الكلمات، أو تتلاصق بعضها بالبعض الآخر وتمتلئ الصفحات في بعض الطبعات إلى حد الاختناق.

3ـ إغفال علامات الترقيم، فبدت العبارات متداخلة والجمل متلاصقة غير بينة في كثير من الأحيان مما يرهق البصر.

4ـ حذف من بعض المعاجم الحديثة ألفاظ الجنس والسوءات والعورات التي لا غنى لطالب اللغة عن معرفتها، ولا صلة لذكرها أو عدم ذكرها برعاية حرمة الأدب.

5ـ من أبرز ما أخذه الباحث على (المنجد في اللغة والأعلام) احتواؤه على كثير من الألفاظ الأجنبية والعامية الإقليمية والاصطلاحات المسيحية، دون الإشارة إلى أصولها ومواردها ومواطن استعمالاتها مما يوهم الناشئ أو المتعلم الغر بأنها ألفاظ عربية سليمة أصيلة قابلة للاستعمال في نشاط لغوي فصيح بينما هي دخيلة على اللغة.

وهي ملحوظة مهمة وتسجل للباحث وقفته عندها. وبخاصة تلك التي ركز فيها صاحب المنجد والمتعلقة بالمعلومات الخاصة بالمسيحية والمسيحيين، وعدم الالتفات إلى كثير من المعلومات والحقائق المتعلقة بالإسلام والمسلمين وعقائدهم ومقدساتهم. وهذا جانب خطير يجب التنبه إليه.

6ـ مما بينه الباحث من مزايا (المعجم الوسيط) الذي تم وضعه تحت إشراف مجمع اللغة العربية بالقاهرة. أنه عمم القياس وحرر السماع من قيود الزمان والمكان، وهذه فكرة قديمة دعا إليها ابن جني في كتابه (الخصائص)، وساوى بين القديم والمولد، واحتوى على كثير من ألفاظ المهن والحرف الجديدة التي انحدرت من أصول فصيحة كما حذف من هذا المعجم كثير من ألفاظ الغريب.

7ـ أخذ الباحث على المعجم الوسيط أنه لم يتخلص من الألفاظ العربية الجافية خلافا لما نصت عليه مقدمته وما نصت عليه قرارات المجمع اللغوي في هذا الصدد.

8ـ انتقد معجم (الرائد) لجبران سعود إقحامه أعدادا كبيرة من الاشتقاقات والصيغ المخترعة والأوزان والمعاني العربية المصطنعة التي نتجت عن تطويع بعض الألفاظ تطويعا خارقا للذوق أو خارجا عن المقاييس والنظم الصرفية المألوفة، وهذا ما نؤيد الباحث فيه حيث لا يجوز خرق القواعد الصرفية أو الاشتقاقية بدعوى التجديد ومسايرة التطور مما لا نظير له في العربية.

9ـ لم يشر المعجم الرائد إلى القياس وغير القياس، كما لم يميز بين الفصيح والعامي، فبدت فيه الكلمات والصيغ والأوزان مختلطة في فوضى لا يبين فيها أصل اللفظ ولا مصدره ولا يعرف عند غير أهل الخبرة ما إذا كان منحدرا من الأصل الفصيح، أو مصطنعا مقحما فيها وهذا خطر على النشء الذي قد يستعمل الصيغ في غير مواضعها.

وهكذا يعطي الباحث الموضوعات التي يتناولها رؤى نقدية وهي في مجملها نظرات ثاقبة موضوعية يهدف الباحث من خلالها إلى الوصول إلى ما سيرسمه لنا في الخاتمة.

إلى معاجم الطلاب

وخصص الباحث الجزء الرابع لمعاجم الطلاب اللغوية العامة، بدأه بتمهيد تحدث فيه عن أهمية هذا النوع من المعاجم والغرض الذي من أجله ألف، ثم تحدث عن ستة عشر معجما هي على ترتيبها الوارد في البحث:

1ـ المصباح المنير. لأحمد بن محمد الفيومي.

2ـ مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر بن عبدالقادر الرازي.

3ـ مختار القاموس المحيط للطاهر أحمد الرازي.

4ـ قطر المحيط لعبدالله البستاني.

5ـ الوافي أو (فاكهة البستان) لعبدالله البستاني.

6ـ معجم الطالب لجرجس همام الشويري.

7ـ رائد الطلاب لجبران مسعود.

8ـ معاجم الناشئةالمستلة من المنجد: وهي ثلاثة معاجم:

أـ المنجد الأبجدي لفؤاد أفرام البستاني.

ب ـ منجد الطلاب لفؤاد أفرام البستاني.

ج ـ المنجد الإعدادي.

9ـ معجم لاروس للدكتور خليل الجر.

10ـ المعجم الوجيز (مجمع اللغة العربية).

11ـ معجم الطلاب لمحمود إسماعيل صيفي (?)

12ـ مجاني الطلاب ـ صدر عن دار المجاني ببيروت عام .1995

13ـ منهل اللغة الصغير وهو معجم صغير نسبيا، حديث الظهور أعد ليكون معجما تعليميا خاصا بالمبتدئين أو صغار الناشئين ويقول عنه الدكتور (جوزيف إلياس) في مقدمته: ولقد وفق مصنف هذا المعجم إلى حد ما في إعداد معجم لغوي متوسط من حيث مادته وطريقة شرحه.

14ـ معاجم دار الراتب (الأداء)، الأسيل، أبجد) وقد صدرت هذه المعاجم عن دار الراتب ببيروت في عام 1997، وصنعت جميعها للطلبة في مراحل تعليمهم المتدرجة.

وقد كتب الباحث مجموعة من الملاحظات حول معاجم دار الراتب نوجزها بما يأتي:

1ـ المبالغة في حذف الممات من المفردات أو النادر استعماله إلى أن خلت معاجمهم من كثير من الألفاظ التراثية.

2ـ اشتمالها على تفسيرات دورية ألفنا وجودها في عدد من المعاجم القديمة مثل قوله: الحجام من يداوي بالمحجمة، والزراعة حرفة الزارع، والغشاش ذو الغش... وغير ذلك.

3ـ بعض تفسيرات المعاجم يكتنفه بعض الغموض.

4ـ توجد في المعاجم الثلاثة تعريفات قاصرة أو غير مستوفاة على نحو دقيق.

5ـ عدم ترتيب المعاني تبعا لقربها وأهميتها.

6ـ يؤخذ على هذه المعاجم تكرار التفسير أحيانا لمجرد اختلاف الحركة في فاء الكلمة أو عينها مما يضخم من حجم المعجم.

7ـ إن القارئ ولاسيما الناشئ يواجه في عناوين هذه المعاجم نفسها كلمات غريبة لم تقرب أو تفسر (الأداء الأسيل، أبجده).

8ـ قاموس الهادي: عن دار الشمال للطباعة والنشر والتوزيع بطرابلس (لبنان).

ـ المعجم العربي الميسر: وهو معجم وضع للمدرسة والجامعة والمكتب والمنزل. أي للصغار والكبار وعامة المثقفين.

تعقيب الباحث ونقده:

1ـ إن جمع المادة اللغوية في المعاجم القديمة لم يكن شاملا ولا استقصائيا، وإنما كان انتقائيا محدودا في غالبه بحدود زمانية ومكانية ضيقة.

2ـ لم يتتبع الأواخر من مصنفي هذه المعاجم كل ما استجد واستحدث في عصورهم وتغير من ألفاظ وصيغ ومعان وتراكيب بل اعتمدوا على ما جمع الأسلاف من مواد ومعارف.

3ـ يبقى المعجم العربي الحديث رغم الجهود الكبيرة التي بذلت لتطويره والارتقاء به محتاجا إلى مزيد من النظر والوراثة والتسديد والدراسة والتطور، والتخلص من سيطرة النزعات الفردية، والأذواق الشخصية في وضعه والخضوع بدلا منها للمعايير والأسس العلمية الجديدة، سواء في اختيار المنهج أو انتقاء المادة أو تحديد المستوى وتعيين الحجم، أو غير ذلك مما يتعلق بصياغة المعجم الحديث.

حول المعجم الجديد

وتطرق الكاتب إلى صفات عامة مقترحة للمعجم الجديد وناقش مجموعة مسائل تتعلق بالأمور الآتية:

أـ الحجم:

فمن الواضح أن لاعتدال حجم المعجم بالإضافة إلى سهولة منهجه، وجودة إخراجه وطباعته وجلاء حروفه ونعومة ورقة وجمال شكله أثرا إيجابيا كبيرا في نفس القارئ، وذكر الباحث بعض الأسباب التي أدت إلى ضخامة المعاجم السابقة الذكر، والتي يقترح تجنبها والخلاص منها للوصول إلى المعجم المنشود.

1ـ تميز المعاجم العربية القديمة بالتوسع والشمولية وبطابعها الموسوعي العام.

2ـ مما أدى إلى ضخامة المعاجم الحديثة هو إطلاق العنان عند كثير من واضعي المعاجم ـ للقياس وتحرير السماع من أي قيود بحجة تحرير اللغة من القيود التي تجعلها راكدة ساكنة، وذلك بحجة التطوير وتوليد ما يمكن أن يستوعب المفاهيم والأفكار الجديدة.

3ـ من المعاجم الحديثة ما يرد فيها على الكلمة الواحدة أكثر من عبارة شارحة أو من شاهد نثري أو شعري واحد تقليدا لما يجرى في المعاجم العربية القديمة.

4ـ ذكر بعض أصحاب المعاجم الحديثة الروايات وأسماء المجامع اللغوية أو مقابل الكلمة باللغة الإنجليزية أو الفرنسية، مما أدى إلى ضخامة المعجم.

5ـ ومما أدى إلى تضخيم المعجم كما يرى الباحث التوسع في ذكر الجذر المادي للكلمة بين قوسين بطريقة أدت إلى هذه الضخامة. وأرى أن ذكر جذر المادة من الضرورات في العمل المعجمي لبيان أصول الكلمات، وكيفية اشتقاقها.

6ـ ومما أدى إلى ضخامة هذه المعاجم سعي عدد من المؤلفين إلى التوفيق بين المنهج النطقي والمنهج الجذري، وذكر الجذر بين القوسين، أدى ذلك إلى الضخامة التي تراها في معظم هذه المعاجم، ولذا فإن الباحث يقترح وضع الأصول والفروع كلها بمداخل مستقلة على حد سواء كما هو جار في معاجم اللغات الأجنبية العامة. وأرى أنه مقترح جيد يؤدي إلى منع التكرار، وحصر مسائل الجذر في جهة واحدة يسهل الوصول إليها.

ثم تحدث الباحث عن مادة المعجم فتناول الألفاظ التراثية والألفاظ العامة والأجنبية، ثم تحدث عن المنهج واقترح:

1ـ تخصيص مدخل مستقل جانبي مميز لكل فرع أو لكل مادة متفرعة عن الكلمة.

2ـ ترقيم فروع الكلمة الواحدة.

3ـ التدرج الدقيق المطرد في ذكر الفروع بحسب عدد الحروف المزيدة فيها، ومكان هذه الحروف من الأصل.

4ـ ترتيب الفروع بنحو يسهل معه استخدام المعجم، ثم تحدث عن طريقة التفسير والشرح. ويرى أن النهج الأمثل في ترتيب معاني الكلمة في الحقيقة هو الأخذ بمستوى شيوع المعنى وكثرة ذيوعه، والتدرج في عرض معاني الكلمة الواحدة بالبدء بأكثرها تداولا، وأقربها من الاستعمال الغالب فما دون ذلك، فالتذوق والاستعمال والقرب من الأذهان هو المعيار في التقديم والتأخير.

ثم تناول الشواهد الواردة في المعاجم سواء كانت شواهد توضيحية سياقية أم شواهد صورية.

ويرى أن تكون الشواهد التوضيحية متصفة بما يلي:

1ـ قصيرة العبارة.

2ـ سهلة، سليمة الصياغة.

3ـ صافية اللغة.

4ـ رشيقة العبارة.

5ـ ثرية المعنى.

6ـ ألا تكون بعيدة عن محيط الدارس أو القارئ.

وأما الشواهد الصورية فينبغي أن نتجنب الجوانب السلبية منها فنبتعد عن الإكثار منها حتى لا يضفى على المعجم الصبغة التجارية، وألا تصرف الانتباه وبخاصة عند الناشئة ـ عن معاني المفردات، وألا تزيد من حجم المعجم ووزنه.

ثم تطرق إلى الإخراج والطباعة، وهما جانبان مهمان مكملان للعمل لأن للطباعة والإخراج دورا بارزا في إظهار المعجم بصورة جذابة مشوقة، تجعل التعامل مع مفرداته تعاملا سهلا وميسرا وبعض المعاجم ينصرف عنها القارئ وبخاصة الناشئة لما تعانيه من سوء في الطباعة أو التصوير أو رداءة الورق، وظهور الكلمات باهتة أو مشبعة بالحبر بطريقة منفرة متعبة للعين.

رؤية بانورامية

وينهي الباحث كتابه بقائمة من المصادر والمراجع التي عاد إليها وأحسن استخدامها بشكل أضفى على الكتاب الصبغة العلمية والتوثيق البحثي المطلوب.

الحقيقة أن الكتاب، يعد وثيقة علمية مهمة تطرق الباحث من خلالها إلى المعاجم العربية قديمها وحديثها، وأبرز نقاطا إيجابية كثيرة تعين الباحثين في هذا المجال.

ولعل الخاتمة التي ذيل بها كتابه وجملة المقترحات الواردة فيها جديرة بوقفة المختصين المعنيين بهذا الأمر، ولكن الأمر الذي ينبغي أن ننتبه إليه هو طبيعة الأسلوب الذي عالج به العلماء الموسوعيون القدامى مجال المعاجم حيث بحثوا فيها أموراً قد تبدو أنها لا تتصل بالمجال المعجمي، لكنها خير معين لإزالة كثير من اللبس والغموض الذي يحيط بالمسألة وهذا الأمر كان من النقاط البارزة التي انتقدها الباحث في كتابه، وبينا وجهة نظرنا حولها.

 

عبدالعزيز سفر

 
 




قاموس محيط المحيط لبطرس البستاني





غلاف كتاب المعاجم اللغوية العربية





لسان العرب للعلامة أبي الفضل ابن منظور





المعجم الوسيط الصادر من مجمع اللغة العربية