عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

العربي وخيار المستقبل

الأسبوع الأخير من هذا الشهر سوف يكون حافلا بالنسبة لمجلة العربي. فهي تستعد منذ أشهر طويلة لعقد ندوتها التي سوف يحضرها بمشيئة الله نخبة من المتخصصين والمفكرين من العالم العربي تحت عنوان: الثقافة العربية وآفاق النشر الالكتروني) وتأتي هذه الندوة في إطار الاحتفالات التي تقيمها الكويت بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة العربية عام .2001

وسر اختيار العربي لموضوع الندوة هو أنها مع بداية هذا العام قد دخلت مجال النشر الالكتروني وأصبح لها موقع ثابت على الشبكة العنكبوتية يستطيع أي متصفح في أي مكان في العالم أن يصل إليه. ولن يحل هذا الأمر مشكلة إيصال العدد الجديد إلى قرائه بسرعة وكفاءة فقط. ولكنه سوف يحل أيضا مشكلة الأعداد القديمة من العربي والتي أصبحت نادرة الآن. فسوف تحمل الشبكة في المستقبل القريب وبالتدريج كل أعداد المجلة بحيث تصبح هذه الموسوعة الضخمة والتي تحمل خلاصة الفكر العربي على مدى أربعين عاما متوافرة لدى الدارسين والباحثين.

هذا التطور الهائل في عالم الحفظ والأرشفة لم يكن ليتوافر إلا بالتطور الهائل الذي حدث في تكنولوجيا المعلومات. فهذا المجال من النشر من دون ورق لم يوفر لنا تلك النصوص القديمة فقط ولكنه وفرها بصحبة الصورة والموسيقى. كما أن أعداد المجلة الجديدة لن تصدر من طرف واحد فقط. ولكنها سوف تكون عملية تفاعلية بين المجلة وقرائها بحيث يمكنها إبداء الرأي في أي مقال وعقد منتدى فوري على تلك النقاط الإلكترونية. إنه عالم المستقبل الذي فتحته العربي مختارة لأنها تدرك أن هذا هو الخيار الوحيد لأي مجلة من أجل استمرارها وبقائها.

والعربي طوال عمرها كانت مزيجا من النظر إلى الماضي بحثا عن الجذور والأصالة، ومن التطلع إلى المستقبل استشرافا وتنبؤا. وفي هذا العدد يتواصل هذا المزيج.

ففي الوقت الذي تلقي فيه الضوء على أحدث ما قدمته ثورة الهندسة الوراثية في عالم الزراعة، ترحل إلى الماضي لتلقي الضوء على الحضارة العربية لتطرح من خلال أكثر من مقالة أسئلة حول صناع هذه الحضارة. هل هو القائد الذي أمسك السيف? أم ذلك الذي صاغ مفردات الحياة اليومية لهذه الحضارة? كما تلقي المجلة الضوء على أخطار السموم التي تهدد بيئتنا مثل خطر الديوكسين، تغوص في التراث القديم لتقدم صورة نابضة عن حياة البحر وفنونه كما عاشها أهل الكويت في الزمن الماضي القريب قبل أن يظهر النفط.

ولا تتوقف القضايا التي تثيرها العربي على صفحات هذا العدد، وسوف يجد القارىء نفسه مثل نحلة شغوف تقفز من زهرة إلى أخرى ويكتشف من خلال هذه الرحلة أن ريح الفكر هي الملاذ الأخير في مواجهة كآبة الواقع وعشوائيته. وأن المزيد من المعرفة هو الذي يهبنا القدرة على التحمل. إن العربي وهي تقدم وجبتها الشهرية بأقلام المثقفين العرب تدرك أن التنوير هو الوسيلة الوحيدة لخلاص الإنسان العربي.

 

المحرر