الحمى القلاعية.. ونظيرها البشري

الحمى القلاعية.. ونظيرها البشري

ما كاد شبح جنون البقر يخفت قليلا حتى أفاقت أوربا على جائحة أخرى تصيب المواشي والخنازير, وتفتك بها, ألا وهي مرض الحمى القلاعية. ورغم أن تلك العاصفة أساسا من بريطانيا, حيث أتلفت هناك عشرات الألوف من الماشية, فإن الذعر سرعان ما انتشر إلى أوربا, ومن ثم زحف نحو الشرق الأوسط.

ما لبثت الحمى القلاعية أن اجتاحت قطعان الماشية في لندن حتى بدأت باقي الدول الأوربية تتحسس الحالة الصحية لمواشيها واستشرت حالة الذعر فأعلنت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة يوم 15/3/2001 اكتشاف عشر حالات إصابة بالمرض, وهي الحالات الأولى في دول الخليج التي تستورد معظم احتياجاتها من اللحوم من الخارج.

وتعمل الآن السلطات الصحية في دول الخليج على تكثيف حملتها للوقاية من انتشار الحمى القلاعية إليها وذلك بحظر استيراد لحوم الأبقار ومنتجات لحم الضأن من دول الاتحاد الأوربي وعدد آخر من الدول. وحذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) من أن الحمى القلاعية قد تصيب دولا عديدة في مختلف أنحاء العالم, وناشدت المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمواجهة المرض.

ودعت المنظمة إلى فرض قيود أشد على المهاجرين والسياح الذين يزيدون من مخاطر انتشار المرض, بالإضافة إلى مخلفات الطائرات والسفن.

وقد قررت عدة دول اتخاذ إجراءات جذرية للوقاية من الوباء, من بينها منع استيراد المواشي أو المنتجات المشتقة منها, وحتى المواد المستخدمة في الزراعة.

وقد قررت عدة دول اتخاذ إجراءات جذرية للوقاية من الوباء, من بينها منع استيراد المواشي أو المنتجات المشتقة منها, وحتى المواد المستخدمة في الزراعة.

وقد علقت الولايات المتحدة استيراد الحيوانات الحية واللحوم من الاتحاد الأوربي, بعد أن أعلنت فرنسا اكتشاف حالة إصابة, وهي أول إصابة تكتشف في القارة الأوربية بعد انتشار المرض في بريطانيا.

وأوصدت استراليا الباب في وجه واردات اللحوم, وشددت إجراءات الحجر الصحي على المسافرين القادمين من أوربا.

والحمى القلاعية Foot & mouth disease مرض فيروسي شديد العدوى يصيب الحيوانات ذات الحافر مثل الأبقار والخنازير والأغنام والماعز, وينتج عنه تشكل بثور على أفواه وأنوف وضروع تلك الحيوانات. والطريف أن الحصان لا يصاب بهذا المرض أبدا. ويتميز المرض بالحمى, وحدوث بثرات على الشفاه واللسان, وداخل الفم, وما بين أظلاف الحيوان. وتصاب أظلاف Hooves الحيوان المصاب وفمه بالثور التي تؤدي إلى العرج وزيادة سيلان اللعاب ونقص الشهية. وسرعان ما يفقد الحيوان المصاب الوزن, وينقص إدرار اللبن عنده, وقد يموت.

ويعتبر هذا المرض من أخطر الأمراض المعدية عند الحيوان.

وهو يستوطن عددا من بقاع العالم, ويشمل ذلك إفريقيا, والشرق الأوسط وآسيا وأمريكا الجنوبية. وكان يظن أنه تم القضاء عليه تماما في أوربا إلا أن الجائحة الأخيرة التي اجتاحت بريطانيا وغيرها كذبت تلك الظنون. ولا توجد حتى الآن أية إصابات في أمريكا الشمالية والوسطى.

وقد كثفت الدول الأوربية من جهودها لمواجهة وباء الحمى القلاعية الذي أصاب الماشية في بريطانيا, وينتشر هناك بسرعة كبيرة. وتقوم فرنسا بتعقيم جميع المركبات القادمة من بريطانيا بالسكك الحديدية. وفي البرتغال يجري رش جميع القادمين من إنجلترا بمادة مطهرة. وفي ألمانيا جرى إعدام وإحراق جميع الخراف والماعز التي استوردت من بريطانيا خلال الشهر الماضي.

ورغم أن المرض لا يشكل خطرا على الإنسان, فإنه شديد العدوى لحيوانات مثل الماشية والخراف والماعز والخنازير ويؤدي إلى نفوقها. وقد قامت فرنسا بقتل نحو 20 ألف رأس من الأغنام المستوردة من بريطانيا, كما أعلنت ألمانيا من جانبها اتخاذ التدابير الصحية الصارمة.

كيف ينتقل المرض?

ينتقل المرض عن طريق الحيوانات المصابة, أو عن طريق العاملين في رعاية الحيوانات ويحدث الوباء عندما تنضم حيوانات حاملة لهذا الفيروس إلى قطيع آخر من الحيوانات.. أو بواسطة أناس يرتدون لباسا أو غطاء للقدمين ملوثا بفضلات حيوانات مصابة بالمرض.

وقد يؤدي استعمال الأدوات أو وسائل النقل التي تحمل الحيوانات المصابة إلى انتقال العدوى إلى حيوانات سليمة. كما يمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق لحوم الحيوانات المصابة أو منتجاتها عندما تتغذى بها حيوانات معرضة للإصابة. وهو شديد العدوى حتى أنه يمكن أن ينتقل بواسطة ذرات الغبار في الهواء.

هل الشفاء ممكن?

لاشك أن مرض الحمى القلاعية يقتل نسبة ضئيلة من الحيوانات المصابة, وخاصة الصغيرة السن منها والمسنة, ولكن معظم الحيوانات المصابة يمكنها أن تشفى من هذا المرض, رغم أن الفيروس يجعلها ضعيفة عرجاء.

وهناك لقاح للوقاية من هذا المرض, ولكنه نادرا ما يستخدم في الدول الأوربية, رغم أنه يستعمل بكثرة في أنحاء أخرى من العالم.

ويقول الأطباء البيطريون إن إعطاء اللقاح للحيوانات قد يمنع حدوث الأعراض عندها تماما, ولكنها تظل حاملة للفيروس, وتنقله إلى الحيوانات الأخرى.

ولهذا فإن الدول الخالية من هذا المرض ترفض استيراد الحيوانات التي أعطيت اللقاح خشية استمرار حملها للفيروس وإمكان نقلها للمرض إلى ماشيتها, رغم عدم وجود أية أعراض عندها.

ولهذا فإن الأطباء البيطريين يعتقدون أن أفضل طريقة لوقف انتشار الحمى القلاعية هو بقتل قطيع الحيوانات المصابة وحرقها, وعزل المزارع المصابة بهذا المرض.

وهناك سبعة أنواع رئيسية لفيروس الحمى القلاعية, وعدة أنواع أخرى فرعية. والفيروس الموجود حاليا في بريطانيا هو Sub-Type O.

وقد كان آخر وباء للحمى القلاعية اجتاح بريطانيا في عام 1981, وعندها تم قتل 200 من الأغنام, و369 خنزيرا, ولكن أسوأ وباء أصاب بريطانيا كان عام 1967 عندما تم إتلاف 442 ألف حيوان, وكلف التخلص منها 150 مليون جنيه استرليني.

أخطار الحمى على الإنسان

يؤكد الخبراء أن الإنسان ليس معرضا للإصابة بأمراض الحمى القلاعية ويؤكدون أنه ليس هناك خطر على صحة الإنسان. ففي وباء عام 1967 لم تحدث سوى حالة واحدة عند الإنسان, واشتبه في إصابة طفل واحد بها.

وينبغي تمييز الحمى القلاعية عند الحيوان من مرض مشابه له بالاسم باللغة الإنجليزية يصيب الإنسان, ولكنه حالة مختلفة تماما وسمي (مرض اليد والقدم والفم) وهو يصيب عادة الأطفال بشكل خاص ويسببه فيروس خاص من نوع (كوساكي), ويصيب عادة جوف الفم, وراحتي اليدين والأصابع وباطني القدمين.

ويصاب الأطفال عادة بشكل خاص, رغم أنه يمكن أن يصيب البالغين, وتحدث معظم الحالات في فصل الصيف وأوائل الخريف. وقد تحدث جائحات من هذا المرض عند الأطفال في مراكز العناية اليومية للأطفال أو في حضانة الأطفال.

وقد ذكرت مجلة اللانست البريطانية الشهيرة في عددها الصادر في 14 أكتوبر 2000 حدوث جائحة من مرض (اليد والقدم والفم) في سنغافورة, أصابت أكثر من ألف طفل وأودت بحياة أربعة أطفال.وكان وباء سابق قد حدث في عام 1998 وأصاب أكثر من مائة ألف شخص وأدى إلى وفاة 78 شخصا في تايوان, كما أدى إلى وفاة 365 شخصا في ماليزيا وذلك في عام 1997.

وتستمر فترة الحضانة للفيروس حوالي 3 ـ 5 أيام. وينتقل هذا المرض من شخص إلى شخص بواسطة مواد ملوثة ببراز المصاب إلى فم الشخص السليم.

كما يمكن أن ينتقل عن طريق الجهاز التنفسي والمفرزات التنفسية وبالاحتكاك المباشر بين المريض والسليم, وعن طريق لعاب المصاب على اليدين أو الألعاب كما يمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق الجلد المصاب بالبثور.

اليد والقدم والفم?

يظهر الطفح على شكل تقرحات على الفم, وفي جوف الفم واللثة وأطراف اللسان, وتظهر على شكل بثور تصيب اليدين والقدمين, وقد تصيب أجزاء أخرى من الجلد. ويستمر الطفح الجلدي عادة ما بين 7 ـ 10 أيام.

ولا يأمن الإنسان شر هذا المرض حتى لو جالس إنسانا سبق أن حدثت إصابته بهذا المرض وتماثل للشفاء وذلك لأنه يمكن للمريض أن يستمر في طرح الفيروس في برازه لعدة أسابيع بعد بدء الإصابة. كما يمكن أن ينتشر الفيروس من الفم والبلعوم عندما يصاب المريض بأعراض تشبه أعراض الزكام. ولكن أشد الفترات عدوى هي فترة الإصابة الحادة بالمرض.

هل هناك علاج?

ليس هناك علاج خاص لفيروس مرض (اليد والقدم والفم) عند الإنسان, ولكن يمكن منع انتشار المرض باتباع الخطوات التالية:

1 ـ غسل اليدين جيدا, وخاصة بعد التغوط, أو تغيير حفاضات الطفل, ولمس مواد ملوثة بالبراز.

2 ـ تغطية الفم والأنف عند السعال أو العطاس.

3 ـ غسل الألعاب الملوثة باللعاب.

4 ـ ينبغي عدم إرسال الأطفال المصابين بالمرض ـ عند وجود الحمى والتقرحات في الفم وعندما يكون الطفل عليلا ـ إلى المدارس.

5 ـ إذا كانت البثور والتقرحات مفتوحة وتنتح منها السوائل فينبغي عزل الطفل حتى تجف البثور تماما.

 

حسان شمسي باشا

 
 








انتقال المرض بين الحيوانات يتم بواسطة الأكل والهواء





التخلص من الحيوان أنجح طريقة لوقف انتشار المرض





حرق الأبقار المصابة بالحمى القلاعية





السنوات التي عرفت خلالها الإصابات بالحمى القلاعية وأنواعها العديدة - 1730 أغنام





السنوات التي عرفت خلالها الإصابات بالحمى القلاعية وأنواعها العديدة - اعتلال الدماغ المعدي للثعلب المائي - 1965 الثعالب المائية





السنوات التي عرفت خلالها الإصابات بالحمى القلاعية وأنواعها العديدة - 1980 الايلكا





السنوات التي عرفت خلالها الإصابات بالحمى القلاعية وأنواعها العديدة - 1980 الابل





التهاب الدماغ البقري ذو الشكل الاسفنجي - 1985 قطعان البقر





التهاب الدماغ البقري ذو الشكل الاسفنجي - 1990 القطط





التهاب الدماغ البقري ذو الشكل الاسفنجي - 1992 قرود - حدائق الحيوان