من شهر إلى شهر

من شهر إلى شهر

لمحات من جديد العالم
طب
الصداع.. في اجتماع طبي!

ما هي أسباب الصداع، وكم يعرف الأطباء عن هذا المرض المزعج الذي يدك رأس الإنسان دكاً؟

ذلك كان محور اجتماع الجمعية الأمريكية لدراسات الصداع، الذي عقد في مدينة نيويورك منذ أسابيع قليلة. وقد تأكد في ذلك الاجتماع أن الصداع، الذي يعتبره البعض أقدم مرض عرفه البشر، لا يزال يحير العلماء، وأن كثيرا من جوانبه لا تزال مجهولة.

ويعترف الأطباء الذين شاركوا في ذلك الاجتماع بأن بعض زملائهم يعالج الصداع بطريقة التجربة والخطأ. من هنا، كان الاهتمام بالبحث الذي تقدم به بعض علماء الطب من جامعة أوهايو الامريكية، ويعرض لطريقة تحديد أسباب الصداع باستخدام التصوير، حيث يمكن تتبع مصدر الألم وتقدير أفضل السبل لتخفيفه، بحيث يحصل المريض على الدواء المناسب للتخلص من الصداع.

وقد حظي الصداع النصفي أو "داء الشقيقة" بجانب كبير من اهتمام ذلك الاجتماع الطبي العالمي. والمعروف أن ذلك النوع من الصداع يسببه اضطراب إفراز المخ لمادة تسمى "سيروتونين"، فيزيد إفرازها حتى تغمر الأوعية الدموية التي تستجيب لذلك بالانقباض، ثم لا يلبث الجسم أن يواجه ذلك الفيض من السيروتونين بآليات خاصة تؤدي إلى خفض مستواه في الأوعية الدموية للدماغ، فتعود إلى الاستجابة لذلك بالتمدد، حتى يتضاعف حجمها عدة مرات. ويتوالى ارتفاع وانخفاض السيروتونين في دورات متتالية، لمدة تتراوح بين 12 و24 ساعة يعاني خلالها المريض من "مطارق" في رأسه!

قد أعلن في ذلك الاجتماع ظهور دواء جديد، اسمه التجاري "زميرج" يتميز عن عقار "الإيميتريكس" الذي كان يستخدم لعلاج داء الشقيقة منذ عام 1993، ويتميز العقار الجديد بفعالية أطول وآثار جانبية أقل.

قد فاجأ فريق من أطباء الأعصاب في جامعة ليدين الهولندية اجتماع نيويورك بورقة بحثية تثبت تمكنهم من تحديد عامل وراثي مرتبط بداء الشقيقة، فقد لاحظوا انتشار هذا النوع من الصداع في بعض العائلات، فأخضعوا لبحثهم 60 حالة تنتمي لخمس عائلات تتوارث أجيالها آلام الصداع النصفي. ووجد الباحثون الهولنديون أن جميع الحالات تشترك في حمل هذا العامل الوراثي الذي يقلل من قدرة الخلايا على استخدام جزيئات الكالسيوم في تحقيق الاتصال بينها، فتتداعى الاضطرابات في مستويات السيروتونين، وتتصاعد آلام الطرق في الدماغ.

عرض أطباء المركز الطبي لجامعة المسيسبي بحثا عن علاقة بعض الهرمونات الجنسية بالصداع، عند النساء، إذ يتضاعف احتمال الإصابة بأنواع حادة من الصداع عند من يعانين من اضطرابات الحيض، ومن فقدن أرحامهن بالاستئصال.

مياه
فكرتان لاصطياد المياه!

أما الفكرة الأولى، فلا تنتظر السحاب حتى يسقط ماؤه مطرا، ولكن تعتصره، أو بالأحرى تصطاده ليرتوي به العطشى. وكانت الطريقة القديمة لاعتصار السحب تعتمد على نثر بللورات من يوديد الفضة فوق هامات السحاب، فيجري تفاعل فيزيقي كيميائي، ينتهي بأن تسقط السحب أمطارها، قسرا!. ولم يخرج تطبيق هذه الطريقة ـ كثيرا ـ عن حيز التجريب، لعدة تحفظات، أهمها انخفاض الجدوى الاقتصادية. والفكرة المستحدثة تصطاد السحاب، أو ـ إن شئت الدقة ـ الضباب الكثيف، وقد جاء بها فريق مشترك من العلماء الكنديين والشيليين المهتمين بأحوال الجفاف في العالم، اختاروا لتجاربهم الحقلية قرية صيادي أسماك شيلية تسمى شانجانجو، تقع في منطقة ساحلية مجدبة تطل على المحيط الهادي، وتعاني من الجفاف، ويعيش سكانها الذين يقل عددهم عن 400 فرد على "شراء" احتياجاتهم من المياه، وعلى ذلك، فإن متوسط نصيب الفرد من المياه لا يزيد على أربعة جالونات يومياً. لقد لاحظ العلماء أن الضباب الكثيف القريب من سطح الأرض ذات المرتفعات المتوسطة، يغطي القرية وما حولها، قادما من المحيط، في معظم أيام السنة، ومع ذلك فإن الأمطار لا تعرف طريقها إلى المنطقة، فالسحاب المتكون يهرب بعيدا إلى الداخل، ويترك القرية للضباب الكثيف الذي كان يمثل عبئا على بعض مظاهر الحياة في القرية ونشاط سكانها.

وكانت وسيلة العلماء لاصطياد هذا الضباب 50 شبكة من نوع خاص، يبلغ ارتفاع كل منها 13 قدما، وتمتد أفقياً لمسافة أربعين قدماً، وتثبت على مسافات متقاربة فوق المرتفعات المضببة، فتصطدم أبخرة الضباب بعيون الشباك الدقيقة، فتتجمع قطرات الماء على خيوطها، وتتساقط لتستقبلها شبكة من الأنابيب، تنتهي إلى خزان عام. تبلغ الحصيلة اليومية لهذه الشباك 2500 جالون ماء، وهي كمية قد تبدو ضئيلة، ولكنها كافية لمضاعفة الاستهلاك اليومي لسكان القرية. ما الفكرة الثانية، فهي تعود بنا إلى نظام "السقاء" القديم، الذي كان يحمل قربة الماء ويمر بها على المنازل، قبل مد شبكات توزيع المياه. والسقاء العصري هو المخترع الأمريكي تيري سبراج، وهو لا يحمل قربته، التي يسميها باسمه، ولكن يجرها ـ طافية ـ فوق سطح المحيط، بواسطة قاطرة بحرية، معتمداً على حقيقة أن كثافة المياه العذبة أقل من كثافة ماء البحر. وهو لا يجلب المياه من "صنبور عمومي"، ولكن من "الثلاجات البحرية"، ومن مصبات الأنهار، ليستفيد بها سكان المناطق الجافة. وقد حقق سبراج نجاحا لا بأس به، حين نقل شحنة مياه حجمها 770 ألف جالون إلى جنوب كاليفورنيا. ويطمح سبراج إلى بناء أسطول من 60 قربة طافية، سعة كل منها 4،5 مليون جالون من المياه، كما يأمل أن يجد من يتحمس لفكرته، وقبل كل ذلك، يرجو أن يتقدم إليه من يشتري بضاعته!

ثقافة
الكويت تحتضن ندوة كبرى عن الفكر العربي المعاصر

بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاما على صدور مجلة "عالم الفكر" يحتفل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت باليوبيل الفضي للمجلة بعقد ندوة فكرية في اطار مهرجان القرين الثقافي الرابع الذي يفتتح في منتصف الشهر ويستمر حتى الخامس عشر من ديسمبر القادم تعالج موضوع "الفكر العربي المعاصر: رؤية تقييمية واستشرافية"، تشارك فيها بالبحث والتعقيب والمناقشة نخبة من كبار مفكري العالم العربي. وتتلخص اهداف الندوة فيما يلي:

ـ تقديم رؤية نقدية للفكر العربي على مدى نصف القرن الأخير.

ـ إلقاء الضوء على إشكاليات ومعوقات تقدم الفكر العربي وازدهاره.

ـ استشراف المستقبل.

وقال الأمين العام للمجلس الدكتور سليمان العسكري انه فيما يتعلق بالهدف الأول لا تسعى أبحاث الندوة إلى أن تكون محاولة للرصد، فعملية الرصد تناولتها بحوث كثيرة على مدى السنوات السابقة، وإنما المطلوب هو تقييم الخيارات الرئيسية في هذا الفكر، خلال الفترة المعنية، تقييما نقديا يلقي الضوء على منطلقات الاتجاهات الرئيسية في الفكر العربي المعاصر "الاتجاه السلفي، والليبرالي، والقومي، والتوفيقي والماركسي" وانجازاتها وأوجه اخفاقها وموقع كل منها وتأثيره في الحياة الثقافية والاجتماعية العربية المعاصرة والافاق المستقبلية لاطروحاته.

وفيما يتعلق باشكاليات الفكر العربي والمعوقات التي تعترض ازدهاره ستركز أبحاث المحور الثاني على دراسة التحولات الاقتصادية والاجتماعية وانعكاساتها الفكرية والاشكاليات المتعلقة بالسلطة في مختلف أشكالها المجتمعية والسياسية "سلطة المجتمع، سلطة التراث، قضايا حرية الفكر والتعبير، القوى الغيبية" وحرية الفكر وحرية وصول الفكر إلى الجماهير والطابع النخبوي للفكر العربي، والعلاقة بين الفكر والواقع.واضاف الدكتور العسكري ان برنامج الندوة ومحاورها والمشاركتين فيها هي كالتالي:

المحور الأول: "اتجاهات خطاب الفكر العربي المعاصر: تقييم نقدي":

البحث الأول: "الاتجاه السلفيط: الباحث حيدر ابراهيم، المعقب رضوان السيد ـ الباحث فهمي جدعان، المعقب سليم العوا.

البحث الثاني: "الاتجاه الليبرالي": الباحث علي الدين هلال، المعقب عبدالخالق عبدالله ـ الباحث طارق البشري، المعقب جابر عصفور.

البحث الثالث: "الاتجاه القومي" الباحث برهان غليون، المعقب علي اومليل.

البحث الرابع: "الاتجاه التوفيقيط الباحث محمد جابر الانصاري، المعقب ناصيف نصار.

البحث الخامس: "الاتجاه الماركسي" الباحث شوقي جلال، المعقب عبدالعظيم أنيس.

المحور الثاني: "إشكاليات الفكر العربي المعاصر، تقييم واستشراف".

البحث الأول: "التحولات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات العربية وانعكاساتها الفكرية" الباحث محمد السيد سعيد، المعقب باقر النجار.

البحث الثاني: "اشكاليات الفكر العربي المجتمعية والسلطوية" الباحث خلدون النقيب، المعقب احمد أبوزيد.

البحث الثالث: "الفكر العربي والجماهير اشكالية النخبة" الباحث تركي الحمد، المعقب فؤاد زكريا.

البحث الرابع: "الفكر العربي بين النظرية والواقع" الباحث محمود أمين العالم، المعقب اياد هاني.

المحور الثالث: "استشراف المستقبل".

البحث الأول: "الفكر العربي والزمن ـ أين نحن من نهضة مطلع القرن" الباحث السيد يسين، المعقب علي حرب.

البحث الثاني: "الفكر العربي والمستجدات الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية في العالم" الباحث اسماعيل صبري عبدالله، المعقب جاسم خالد السعدون.

البحث الثالث: "الفكر العربي وجدلية التقدم والتأخر" الباحث جورج طرابيشي، المعقب محمد الرميحي.

انعقاد هذه الندوة بحضور هذا الحشد الفكري، سيشكل حدثا ثقافيا مميزا هذا العام، على المستوى الكويتي والعربي.

سجون
سجن عائم

يتوقع خبراء المستقبليات أن يكون أحد توجهات العمارة في القرن القادم سكنى البحار والمحيطات، فيقيم البشر في بنايات على هيئة سفن عائمة، أو في أبراج سكنية تدك قواعدها في قاع المياه الساحلية الضحلة. وكانت المؤسسة العقابية الإنجليزية سباقة في هذا المجال، فقد أنشأت سجناً عائما. لقد ضاقت السجون الإنجليزية بمن ينتظرون قضاء العقوبة، حيث يتزايد عدد المحكوم عليهم بالسجن بمعدل 600 مذنب في الشهر "!"، فوجدت مصلحة السجون الإنجليزية ضالتها في سفينة إعاشة تحمل اسم "القرار"، خدمت في الأسطول الملكي الإنجليزي خلال حرب فوكلاند كثكنات للجنود، ثم عملت في بعض المشروعات كمكان إعاشة للعاملين بتلك المشروعات، وتوقفت في نيويورك في عام 1987، حيث ولدت لأول مرة فكرة استخدامها كسجن للمجرمين الأمريكيين، حتى قررت هيئة السجون الأمريكية التخلي عنها، بعد أن تأكدت من أن الفكرة غير عملية. ورحبت مصلحة السجون الإنجليزية بعودة "القرار" إلى الوطن الأم، فجحا أولى بلحم ثوره، وتم إعداد السفينة، التي يبلغ ارتفاعها مائة قدم، لتستقبل 400 سجين من الفئة متوسطة الشراسة، ليقيموا في كبائنها المطلة على صفحة مياه ميناء بورتلاند الإنجليزي. وقد يبدو أمر السفينة السجن "القرار" مستغربا لدى غير الإنجليز، ولكنه ليس بجديد، فمنذ مائة وخمسين عاما استخدمت سلطات الأمن الإنجليزية بعض السفن الحربية القديمة كسجون مؤقتة للمحكوم عليهم بعقوبات شديدة، قبل أن يتم إبعادهم إلى المستعمرات الإنجليزية المترامية، عبر البحار، لقضاء مدة العقوبة.

تنوع حيوي
من فضلك.. لا تشتر هذا الببغاء!

لأنك إذا اشتريت هذا الببغاء الأمازوني أخضر الخدين تكون قد شاركت من ارتكبوا مخالفة صيده من موطنه الأصلي في غابات المكسيك، وتكون ـ أيضا ـ قد خرجت على بنود المعاهدة الدولية التي تنظم عمليات الاتجار في أنواع الكائنات الحية المهددة بخطر الانقراض. لقد تزايدت أعمال الصيد الجائر لهذا النوع الجميل من الببغاوات، حتى أن القائمين على مراقبة أحوال التنوع الحيوي والاتزان البيئي في عالمنا، في اجتماع لهم في "هراري"، منذ أسابيع قليلة، رأوا أن حالة الببغاء أخضر الخدين تستدعي تصعيده ليوضع في القائمة رقم "1" من قوائم الكائنات الحية التي تتناقص أعدادها الطبيعية باطراد، حتى ليوشك بعضها أن ينقرض. إن تصعيد هذا الببغاء إلى القائمة الأولى يعني حظر الاتجار به في أي مكان بالعالم. وقد صعد إلى نفس القائمة، في ذات الاجتماع، نوع من الكباش البرية الجبلية يسمى "كارا تاو أرجالي"، وموطنه كازاخستان، بالإضافة إلى نوع آخر من الببغاوات يسمى ببغاء قوس قزح، ويعيش في بولينيزيا الفرنسية. كما رأى الخبراء في اجتماع هراري أن أحوال بعض الأنواع قد تحسنت، حتى أنها تستحق أن تنزل من القائمة الأولى ـ حيث الخطورة الأشد ـ إلى القائمة الثانية التي تضم الكائنات التي يمكن أن تعود إلى المرحلة الحرجة إذا لم تستمر إجراءات منع الاتجار فيها، بنفس القوة والفعالية. وقد نزل إلى هذه الدرجة الثانية حيوان "الفيكيونا"، وهو شبيه باللاما، وله صوف غزير ثمين "وهذا هو مصدر متاعبه!"، ونزل معه "البيسون" الكندي، وهو نوع من الجاموس البري. وبالإضافة إلى حركة التنقلات هذه، فقد استقبلت القوائم ـ لأول مرة ـ بعض الكائنات الجديدة التي بدأت أحوال توازنها الطبيعي في الاهتزاز والاضطراب، وأهمها أسماك "الحفش" التي تضغط عليها أعمال الصيد المكثفة، من أجل مبايضها، فهي أساس صناعة "الكافيار"!. وقد وضعت هذه الأسماك في القائمة رقم "2"، وهذا يعني إنذار إدارات مصايد الحفش باعادة النظر في سياساتها، وإلا فإن سكان العالم سوف يستيقظون ذات صباح فلا يجدون الكافيار على موائدهم!!

بيئة
جهود عملية لمكافحة البلاستيك!

لا يوجد مكان في عالمنا المعاصر يخلو من مخلفات بلاستيكية. هذه حقيقة لا مبالغة فيها، فإنتاج البلاستيك لا يتوقف، واستهلاكه يتزايد، ومخلفاته تنتشر وتتراكم. وكان الأمل أن تسهم عمليات "التدوير" في حل مشكلة النفايات البلاستيكية جزئيا، ولكن الطبيعة المعقدة للبلاستيك ذاته، كمادة كيميائية، ولمشكلة تلوث اليابس والبحار به، تجعل كفاءة التدوير في إعادة استهلاك نفاياتنا البلاستيكية لا تزيد على 1.1% من حجم هذه النفايات، في أفضل تجارب التدوير، بالولايات المتحدة الأمريكية، بينما تزيد النسبة إلى 12% في أنواع أخرى من المخلفات، كالورق والأخشاب. وفي ألمانيا، يلزم القانون أصحاب الأعمال بضرورة تجميع وتدوير الفوارغ ومواد التعبئة والتغليف المهملة، ومعظمها من البلاستيك، ويحظر استخدام هذه المخلفات في إنتاج الطاقة، لذلك يلجأ الكيميائيون إلى "تكسير" البلاستيك أو تجزئة مركباته، في عمليات ينتج عنها أنواع من الغازات التي يمكن استخدامها في تشغيل محطات توليد الكهرباء، أو تدخل في خطوط إنتاج بعض الصناعات الكيماوية. وقد حول الألمان أحد مصانعهم القديمة، التي كانت تنتج الزيت والغاز من الفحم، ليستهلك مائة ألف طن من المخلفات البلاستيكية ويحولها إلى وقود غازي. ويعمل الألمان حاليا في تحول مصنع قديم آخر إلى مشروع لإعادة استخدام المخلفات البلاستيكية وتحويلها إلى زيت خام، بعد خلطها بالهيدروجين وتعريضها لدرجات عالية من الحرارة والضغط. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مصانع الحديد الألمانية قد وجدت في نفايات البلاستيك نفعاً، إذ يقذف خام الحديد في أفران الصهر برقائق البلاستيك التي تتحلل وقتياً بفعل الحرارة العالية، فتعطي غازي أول أكسيد الكربون والهيدروجين، وكلاهما ضروري لاختزال أكاسيد الحديد في خاماته.

أسنان
عضة تايسون!

هل تتذكرون مباراة الملاكمة الشهيرة التي جرت وقائعها في منتصف هذا العام "1997"، بين بطلي الوزن الثقيل مايك تايسون وإيفاندر هوليفيلد؟ نعم.. نعم.. إنها مباراة "العضة" إياها! لقد حار تايسون في حركات هوليفيلد الاستفزازية، فلم يجد أمامه إلا أن يستخدم أسنانه، فعض أذن منافسه منذراً، فلما تمادى في استفزازه بحك رأسه الحليقة ذات الشعر النابت بحاجب تايسون المجروح، كانت العضة الثانية قوية، حتى أنها أستأصلت جزءا من أذن هوليفيلد!

شكرا لعضة تايسون!. لقد أظهرت لنا أن ثمة فرعا من علم الميكانيكا يهتم بآلية العض، وأن ثمة من يشتغلون بهذا العلم، ومنهم البروفيسور توم كوريوث، من مدرسة طب الأسنان في مينيابوليس بالولايات المتحدة الأمريكية. أجرى كوريوث بعض أبحاثه قبل حادثة عضة تايسون، ولكن نشرها بإحدى المجلات العلمية توافق مع زمن الواقعة. يقول كوريوث إن بعظمة الفك البشري إعوجاجا طبيعيا، ففيها تقوس طفيف يعطي لحركتها إلى أعلى وإلى أسفل قوة "الجز" أو "القص". وتقول أبحاث كوريوث المنشورة إن القواطع الآدمية، في أفعال العض العادية، تعمل بقوة توازي عشرة كيلوجرامات وبعدأن تفحص كوريوث شريط الفيديو للمباراة الشهيرة، قال إن تايسون ضاعف قوة العض، فالتهم أذن هوليفيلد بقوة تصل إلى عشرين كيلوجراما، وأن طبيعة العضة كانت أقرب إلى عضة التمساح: تمزق وتقطع!

ويؤكد كوريوث على صحة تقديره لقوة عضة تايسون بأن لأذن ـ في مجملها ـ غضروفية، وتحتاج الغضاريف إلى قوة مضاعفة لتؤثر فيها العضة، فضلاً عن أن تقتطع جزءاً منها!

ويضيف كوريوث، إن لنا تسعة أزواج من العضلات الفكية، أقواها وأشدها تأثيراً في عمليات المضغ ـ والعض، ضمناً ـ هي العضلات الماضغة، والعضلات الصدغية، وهي عضلات عريضة ذات شكل مروحي، تليها عضلات تسمى بالجنيحية الوتدية، ونحن لا نستخدم هذه العضلات ـ في الأحوال العادية ـ بكامل طاقتها، ويبدو أن تايسون استنفرها جميعاً لتعمل بكل جهدها! على أي حال، لا ينبغي علينا أن نتعجب كثيراً من حالة تايسون، فإن عضته الشهيرة يمكن أن تبدو كما لو كانت "قبلة" لأذن هوليفيلد (!!)، إذا صدقنا ما نشرته إحدى المجلات العلمية الطبية منذ 12 سنة، عندما قدمت لنا بحثا حول "حالة عض" بلغت قوة الأسنان فيها "170" كيلوجراماً!!