كلينتون وهوليوود وحرب الخليج

كلينتون وهوليوود وحرب الخليج

منذ أن أعيد انتخاب وليام جيفرسون كلينتون، المعروف ببيل كلينتون رئيسا للجمهورية الأمريكية، وهو يظهر في صورة دائمة على الشاشة الأمريكية. وحينما لا يفعل فإن الجانب الآخر من تلك الصورة، تلك الأقل بهرجة وبطولة، هو الذي يظهر، هل أصبح كلينتون نجما تستفيد هوليوود منه، أو أن هوليوود هي التي تفيده؟ وماذا عن حرب الخليج؟ ما هو دورها في العلاقة بين السياسة والسينما والجمهور السائد؟

في الفيلم الجديد "سلاح الجو واحد" Air Force One نطالع رئيسا للجمهورية لم يسبق لهوليوود أن قدمته من قبل.

في مطلع الفيلم نشاهد فصلا من الأحداث المثيرة: مجموعة من "الكوماندوس" الروس يهاجمون مقر زعيم كازاخستاني يطالب بعودة النظام السوفييتي القديم ويتشدد في السياسة العامة التي تنتهجها موسكو حيال واشنطن. الكثير من حراس هذا الزعيم الذي ينوي الانشقاق يسقطون قتلى من قبل أن نعرف من هم الأخيار ومن هم الأشرار. نهاية الفصل.

بعده ينتقل الفيلم الذي كتبه شاب في الثلاثين اسمه أندرو مارلو وأخرجه ألماني يعمل في هوليوود هو وولفجانج بيترسون، إلى موسكو ذاتها، الرئيس الأمريكي مارشال "يؤديه هاريسون فورد" يلقي خطابا يقرر فيه أنه لن يتعامل مع الإرهاب ولن يخضع لأي عملية إرهابية بل سيكون حازما تجاه ذلك.

تصفيق حاد من الموجودين تجاه هذا الوعد الأمريكي الرسمي، والرئيس في المشهد التالي، يصل إلى المطار بصحبة وفده: نحو 70 فردا من بينهم زوجة الرئيس وابنته وعدد من المعاونين والمسئولين الكبار في البيت الأبيض. على متن الطائرة أيضاً عدد من الصحفيين الروس الذين أوصى بهم لأجل مقابلة الرئيس والتعرف عليه.

بعد قليل من إقلاع الطائرة، ومباشرة من بعد أن نتعرف على أي نوع من الرجال ذلك الرئيس هو، تتضح هوية هؤلاء الصحفيين، فهم مجموعة إرهابية كازاخستانية تريد خطف الرئيس رهينة إلى أن يتدخل البيت الأبيض ويجبر الرئيس الروسي على إطلاق الزعيم الكازاخستاني المحبوس.

ما يلي ذلك، ولنحو ساعة ونصف، أحداث لا يمكن القول إنها مصطنعة أو منفذ لكة، بل هي- ولو كانت خيالية- فإنها تبدو واقعية تماما. أحداث تقدم صورة جديدة للرئيس، فهو مقاتل من الدرجة الأولى، حارب في فيتنام وخرج بميداليات عسكرية رفيعة، يجيد استخدام السلاح، حاضر البديهة، شجاع، لا يهاب الموت في سبيل ما يراه صحيحا، ولن يخضع للإرهابيين ولو كانوا على تمتن طائرته الخاصة.

الجمهور الأبيض والبيت الأبيض

في مقال سابق نشر في "العربي" تحدثنا عن موجة الأفلام الأمريكية الحديثة التي تقدم الرئيس الأمريكي، لكن ذلك التحقيق الذي نشر قبل نحو عام وبضعة أشهر، كان تسجيلا لبدء الموجة ولم يكن سجلا كاملا لها.

حتى "يوم الاستقلال" أحد الأفلام الرئيسية التي قدمت الرئيس الأمريكي، كان من الحداثة، بالنسبة لفحوى الموجة السينمائية / السياسة المتفاعلة، بحيث لم يكن من الممكن الغوص في الجوانب المختلفة التي يعكسها، هذه الجوانب تتبدى اليوم أكثر مما تبدت الأمس خصوصا في رحى أفلام جديدة عن البيت الأبيض والرئيس وحرب الخليج وتأثير كل ذلك على الجمهور وموقف هذا منها جميعاً.

"سلاح الجو واحد" هو أحد تلك الأفلام الجديدة التي تبدو تفاعلا يقظا للعلاقة القائمة بين السينما من جهة وبين البيت الأبيض من جهة ثانية وبين الجمهور، أي تلك الفئة من الشعب التي تذهب إلى السينما وتتابع السياسة الأمريكية معا، من جهة ثالثة، وهو يستفيد من حالات كان مهدها فيلم "يوم الاستقلال" للمخرج رونالد ايميريش عندما عرض في أمريكا وأنحاء العالم بدءا من صيف العام الماضي.

إذ نذكر، فإن "يوم الاستقلال" تحدث عن هجوم مخلوقات فضائية شرسة على كوكب الأرض بأسره، أمريكا بطبيعة الحال في صلب ذلك الهجوم، ومدينة واشنطن تضرب كما موسكو وباريس ولندن والقاهرة، البيت الأبيض بنفسه ينهار بلمح البصر وبعد لحظات من مغادرة الرئيس الأمريكي الذي ينتقل بمن تبقى معه من معاونين إلى ملجأ عسكري ليدير منه حرب إنقاذ الولايات المتحدة والعالم من الهجوم الفاتك.

بيل بلومان، الممثل الذي لعب دور بيل كلينتونن هو أصغر بعامين منه، لكن الصورة لاصقة، نوع من التشابه الذي يميل إلى بولمان في المظهر إلى كلينتون في الخلفية، هذا النوع لا يدعي أنه واقعي، فالفيلم ليس كذلك واسم كلينتون لا يظهر، لكن المشاهد يستطيع أن يرى رسم كلينتون باديا في ملامح كثيرة ليس أقلها أن الوضع السياسي الذي يحيط به، منذ حرب الخليج التي ورث الرئيس نتائجها الإيجابية، في الفترة الأولى من حكمة، مشابه للوضع السياسي الذي انطلق الفيلم في أجوائه.

ما فعلته حرب الخليج في هذا المجال هو أنها أعطت البيت الأبيض قوة شعبية جيدة، صحيح أن الحرب بدأت أيام كان لحزب الجمهوري حاكما، لكن انتقال الرئاسة إلى الحزب الديمقراطي لم يعكس أي تغيير في سياسة البيت الأبيض تجاه العالم العربي، على الأخص وضمن السياسات المتعددة التي فيه، أو تجاه بناء نظام عالم جديد تسوده القوة الأمريكية قدر الإمكان.

الجمهور الأبيض، ذلك الجمهور السائد بصرف النظر عن لونه، هم أتبع المرحلة الحالية من الرئاسة، هؤلاء كانوا تحملوا آلام الحرب الفيتنامية في الستينيات والسبعينيات وصبروا على رجالات البيت الأبيض الذين دخلوا تلك الحرب ثم خرجوا منها منكسرين، مع رونالد ريجان أخذ مد الكبرياء بما هو أمريكي ينمو مجددا، لكن كذلك الخوف من سياسته التي كانت تزيد الحرب الباردة سخونة، مع الرئيس بوش وجد الأمريكيون أنفسهم يقطفون ثمار انهيار المعسكر الشيوعي ويعون الانتصار الكامن وراء ذلك وما لبثت حرب الخليج أن أثبتت أن معظم الأمريكيين انضموا إلى المعسكر الوطني كما لم يفعلوا منذ زمن طويل.

حرب الخليج غسلت عار فيتنام، كما الذكرى المؤلمة التي خاضها الأمريكيون فيها، وهي التي جعلت "البيت الأبيض" محبوبا من جديد.

إلى ذلك، فإن حرب الخليج أسست صورة الرئيس القوي الذي لم يعبر عنه ريجان، ولم يعبر عنه نيكسون أو جونسون أو كارتر.

مجموعتان مع وضد

الجمهور كان سباقا لهضم ووعي هذه الحقيقة من السينما، فالأفلام خلال السنوات الثلاث الأخيرة بقيت على تباين بالنسبة لموقفها من الرئيس الأمريكي، خلال هذه السنوات، كانت هناك أفلام مع رئيس قوي وجذاب وناجح، مثل مايكل دوجلاس في "الرئيس الأمريكي" وكيفن كلاين في "دايف" وبيل بولمان في "يوم الاستقلال" ثم هاريسون فورد في "سلاح الجو واحد"، وهناك أفلام مع رئيس ضعيف رمادي اللون في بيت أبيض فاسد في أفلام "المريخ يهاجم" و"مواطني الأمريكيين" و"جريمة عند 1600" و"مؤامرة الظل" و"سلطة مطلقة".

لو تناولنا أفلام هاتين المجموعتين للاحظنا الاختلافات الكثيرة بينهما لكن ما تؤكده تلك الأفلام من تباين نابع أيضا- وأساسا- من الكيفية التي استقبل بها الجمهور الحالي تلك الأفلام.

أفلام المجموعة الأولى كانت كلها ناجحة. "يوم الاستقلال" هو ثاني أنجح فيلم أمريكي في التاريخ من بعد "جيروسيك بارك" و"دايف" هو الفيلم الثالث عشر نجاحا بين أفلام العام 1993، و"الرئيس الأمريكي" لم يكن بعيد جدا إذ كان الرقم الثلاثين في قائمة أكثر الأفلام ربحا في العام 1995، و"سلاح الجو واحد" يعمل على أن يدخل مركزا متقدما بين أفلام هذا العام غذ جمع حتى مطلع شهر أكتوبر 1997، وبعد شهرين من عروضه 196 مليون دولار بينها 166 مليون دولار من داخل الولايات المتحدة، وهذا ما قد يضعه بين الأفلام الخمسة الأعلى نجاحا لهذا العام.

أما "المريخ يهاجم"، حيث الرئيس الأمريكي سياسي فاشل ومدير أعمال فاسد، فقد سقط على نحو غير متوقع، كذلك فعل "مواطني الأمريكيين" وباقي الأفلام التي شكلت قوام المجموعة الثانية.

أليس من الواقعي إذن الافتراض بأن الجمهور انحاز كليا إلى صورة رئيس ناجح وقوي، ولا بأس أن يكون صغير السن تماما كما الحال مع كلينتون بالمقارنة مع أترابه السابقين ومقارنة كذلك مع بوب دول الذي نافس كلينتون بضراوة في ترشيحات الرئاسة الأمريكية الأخيرة، لكن دول استعدي هوليوود حتى من قبل أن تشتد حرارة الانتخابات، وهو على الرغم من أنه أثنى كثيرا على "يوم الاستقلال" الذي وصه بأنه "تجاري وعلى الرغم، من ذلك يحمل قيما عائلة" إلا أن "يوم الاستقلال" وكما تقدم، عمل لمصلحة تعزيز صورة الرئيس كلينتون، بل إن بعض المتابعين يعتقدون اليوم أن الفيلم كان مسئولاً لدرجة كبيرة عن تعزيز التصويت له.

جريمة في البيت الأبيض

إذا كانت الأفلام المؤيدة للرئيس نجحت في الوصول إلى الجمهور الكبير مقابل إخفاق تلك التي ناوأته، فإن علينا أن نعي أن تلك التي لم تتعامل معه على نحو إيجابي، كانت إلى جانب أنها انتقادية- كما يحب المرء من الفيلم أن يكون بصرف النظر عن سياسته- بعيدة عن رسم صورة رؤسائها لى نسق صورة كلينتون.

رئيس الجمهورية في "المريخ يهاجم" صورة معاكسة كليا لرئيس الجمهورية الذي في "يوم الاستقلال". إنه غير واضح في الكيفية التي يريد أن يعامل بها المخلوقات الفضائية "في مقابل المنحي العسكري الواضح والقوي لشخصية بيل بولمان في الفيلم الآخر"، جاك نيكلسون "الليبرالي" عكس صورة رئيس انتهازي ولعب دورا ثانيا في الفيلم هو دور سمسار عقارات، بذلك لا يخفي علينا الرمز المزدوج المقصود.

في "جريمة عند 1600"- وهو عنوان البيت الأبيض- و"مؤامرة الظل" هناك رئيسان متهمان بأنهما يتستران على فساد قائم في البيت الأبيض وبل متورطان فيه، وهما كانا الأسرع بين أفلام هذه المجموعة في اختفاء من العرض "تستطيع أن تلتقطهما في محلات الفيديو تحت عنواني (Conspiracy Theor, Murder at 1600)

لكن فيلم كينت استوود "جمهوري" "سلطة مطلقة" (Absolute Power) أكثر وضوحا في نقده والتراجع عن تلميع الصورة "ما هو أفضل هذه الأفلام البوليسية / التشويقية الثلاثة".

كلينت ايستوود سارق مجوهرات محترف، في يوم بدخل قصر أحد السياسيين ليكتشف علاقة غرامية بين رئيس الجمهورية وزوجة ذلك السياسي تنتهي بجريمة قتل عندما يندفع الحرس الخاص على صوت صراخ الزوجة ويمطرونها بالرصاص بينما السكين في يدها.

ليس في الأمر مؤامرة، بل إن الرئيس مسئول عما حدث، إلى جانب أنه يعاشر زوجة أهم المقربين غليه خلسة، كان سكيرا وكشف عن ميوله السادية إذ أخذ يضرب المرأة وينهرها مما أدى إلى محاولة الدفاع عن نفسها. في سقوط هذا الفيلم، والأفلام الأخرى المذكورة، إعلان عن أن الجمهور لا يريد مشاهدة رئيسه فاسدا وغير خليق بمنصبه، إنه قد يتحمل أفلاما تتحدث عن أخطاء "الإف بي أي" وعن عجز "السي آي إيه"، بل وتهاجم أعضاء الكونجرس والحكومة، لكنه لن يستسيغ عملا حول رئيس جمهورية خال من المواصفات الإيجابية، حتى ولو كان الفيلم من إنتاج وإخراج وبطولة أيقونة سينمائية محترمة مثل كينت ايستوود.

كذلك حتى لو كان الفيلم كوميديا صرفا كما الحال مع "مواطني الأمريكيين" My Fellow Americans حيث يشترك رئيس الجمهورية الجديد في مؤامرة للتخلص من رئيسي جمهورية سابقين في أحداث مرحة لكنها غير جاذبة لجمهور ما بعد حرب الخليج.

الدفاع عن النظام الجديد

ضمن هذا كله، هناك الميل الموازي للدفاع عن النظام العالمي الجديد.

"سلاح الجو واحد" هو أحد تلك الأعمال التي تنصرف لمثل هذه المهمة، ونجاحه التجاري هو ترداد للصدى الطيب الذي تركه الفيلم على المستويين السياسي والجماهيري، وكما أسلفنا، فإن هذا فيلم يعلن فيه رئيس البيت الأبيض مناهضته للإرهاب، بينما يعلن الفيلم على حدة مناهضته لأي تغيير في التركيبة التي رست عليها الدول الشرقية في أوربا ومناهضته لأي محاولة من شأنها إعادة الأمور إلى سابق عهدها.

وإذا ما بحث الناقد، أو أي متابع شغوف، بين الأفلام الكثيرة التي تردنا هذه الأيام، فإنه سيلاحظ أن نبرة معظم ما ينتمي إلى سينما "الأكشن" و"التشويق" هي من نوع تبني الرد العسكري القوي ضد الذين يهددون هذا النظام وهؤلاء قد يكونون رؤسا أو عربا أو إيرانيين، في الحقيقة ذكر هؤلاء يتكرر اليوم أكثر من ذى قبل كأشرار، في "سلاح الجو واحد" ليس هناك عرب، لكنهم مذكورون، وفي "أكاذيب حقيقية" هم مذكورون وواضحون في جملة أحداث هي بدورا أكاذيب حقيقية. وثمة فيلمان جديدان يتضمنان هذا الموقف الذي يخلط بين الأصدقاء والأعداء في محاولته تحديد معالم الرد العسكري المناسب على أي تهديد لسلامة أمريكا وسياستها.

الفيلم الأول هو "جي، آي جين" "G.I. Jane" للمخرج ريدلي سكوت وبطولة ديمي مور. في هذا الفيلم هناك امرأة تريد إثبات "رجولتها" عبر الانضمام إلى التدريبات الصعبة والشاقة للمارينز، في سبيل ذلك لا تتحمل فقط الجهد البدني الذي تتطلبه تلك التدريبات، بل رجعية وتحفظ وعداوه الرجال الذين يرون أن هذا هو دور ومجال للرجل وحده، لكن فور أن تنجح ديمي مور في تخطي هذه المشكلة تجد نفسها أمام المهمة التي ستعزز ذلك النجاح وتثبت للجبهة الداخلية جدارتها: دخول معركة مسلحة مع فصائل ليبية "وعلى أرض ليبيا- لا بأس" وقتل ما شاء لها من "هؤلاء الأعداء".

الفيلم الثاني ذو منظور أشمل.

"صانع السلام" للمخرجة الجديدة ميمي لدر (ستيفن سبيلبرج هو أحد المنتجين عبر الشركة الجديدة التي أسسها باسم دريمووركس) يدو حل عسكريين روس "مرة أخرى" يسرقون عشرة رءوس نووية من أجل بيعها إلى إيران، تتحرك المخابرات العسكرية الأمريكية لإحباط المهمة ما ينتج عنه معارك مع جواسيس وعملاء مختلفين في أكثر من موقع، قبل أن يحط بطل الفيلم "جورج كلوني" وفريقه العسكري على طريق يقع داخل الأراضي الروسية لوضع اليد على تلك الرءوس يقوم أحد المتعاونين مع الروس بسرقة واحد منها وتسليمه "يقطع المسافة ماشيا!!" إلى رئيس صبي يحاول العودة ببلاده إلى الشكل الجمهوري القديم الذي كان معروفا باسم يوغوسلافيا، وهو يلوم "لسبب ساذج" الأمم المتحدة على قتلها زوجته وابنته عندما قام قناص "من المفترض أن يكوم مسلما أو كرواتيا" بحصد روحيهما، الزعيم الصربي ينتقل إلى نيويورك لتنفيذ المهمة وفي أعقابه كلوني ونيكول كيدمان التي تعمل ضمن مكتب الرئيس الأمريكي المتخصص في المعلومات النووية. ليس هنا مجال للتعرض للفيلم نقديا، لكن الواضح أن الغاية السياسية فيه تنبع من ذات الموقع الذي نبعت منه الغايات السياسية السابقة، ومن وجهة نظر الجمهور الأبيض السائد ليس هناك من غبار عليها، لكن من وجهة نظر الجمهور العالمي- وإلى حدما نقاد السينما في كل مكان- فإن هذه الأفلام تنشد ممارسة السلطة الأمريكية بصرف النظر عن إلى أي حزب انتمى الرئيس، تماما كما هي سياسة البيت الأبيض بالنسبة لبعض مسائل السياسة الخارجية.

ابحث عن المرأة؟

وثمة جانب مهم آخر في كل هذه الأفلام، الجانب العائلي للرئيس في الأفلام المحبذة غير موجود، وإذا كان موجودا فإنه وجود صامت:

في "الرئيس الأمريكي" فإن رئيس الجمهورية غير متزوج وهو وإن يقع في الحب في أحداث عاطفية، إلا أن ضرورة وقوعه في الحب ألا يكون مرتبطا، لذا فإنه يستطيع أن ينجح في الحب كما لن يفعل رئيس متزوج.

في "يوم الاستقلال" فإن الزوجة مصابة وبعد حين تموت بين يدي زوجها الرئيس، هذا ما يطلق يديه لمعظم الفيلم مشرفا على مهام بطلي الفيلم الآخرين، العالم اليهودي والطيار الأمريكي، القاضية بمحاولة القضاء على المركبة المعادية- الأم.

في "سلاح الجو واحد" فإننا نرى زوجة وابنة الرئيس لكنهما لا يلعبان سوى عنصر عاطفي هامشي، لكن هناك امرأة قوية ممثلة بنائب الرئيس جلن كلوز التي توجه العمليات من الأرض وتخوض في ذات الوقت معركة مع الإدارة العسكرية التي تحول الاستيلاء على القيادة السياسية في غياب رئيس الجمهورية (جلن كلوز بالمناسبة، هي زوجة الرئيس جاك نيكلسون في "المريخ يهاجم").

أما في "صانع السلام" فإن المرأة موجودة لكن من دون قصة حب مطلقا بينها وبين بطل الفيلم كما جرت العادة كما لو أن القوة والعاطفة متضادتان "ولعلهما كذلك".

في النهاية فإنه في فيلم "جي أي جين" حيث البطلة امرأة، نلاحظ أن القصة لا تحتوي على خيط عاطفي حقيقي بالرغم من أن هناك صديقا لبطلة الفيلم يخفف عنها في مشهد محدد، بل إن مفهوم البطولة لا يلتقي مع مفهوم الأنوثة في فيلم تقوم ديمي مور فيه بحلق شعرها وممارسة التمارين الرياضية العنيفة وخوض حياة معسكرات التدريب التي هي أشبه، على حد ما يصور الفيلم، بمعسكرات التعذيب.

الرسالة في ذلك واضحة وتلتقي أحيانا مع إعجاب محدود يكنه الأمريكيون عادة لزوجات الرئيس بمن فيهن هيلاري كلينتون اليوم التي كانت لديها ما يكفيها من المشاكل في الفترة الأولى من الرئاسة عندما أثير اللغظ حول برنامجها الخيري، أيامها كان فيلم "يوم الاستقلال" في مرحلة الكتابة، وليس مستبعداً أن فكرة التخلص من السيدة الأولى وردت حينها لعلها تستطيع أن تلعب دوراً في موتها أهم من دورها حية.

 

محمد رضا

 
  




كلينتون





مايكل دوغلاس رئيسا أنيقا في "الرئيس الأمريكي"





كلينت استوود ونظرة ناقدة على الرئيس في "سلطة مطلقة"





هاريسون فورد: الرئيس المقاتل في "سلاح الجو واحد"





جاك نيكولسون في "المريخ يهاجم





جي آي جين ديمي مور تحمل المرأة في وحدة مشاة البحرية