بشر فارس: رائد الرمزية في الشعر المعاصر

مرثية الجرح العربي

شعر

من دم مطفأ يجيء النهار . . . فاحتضار البركان ومض ونارُ
وبحضن الجراح يختبئ الطوفان طفلاً ويولد الإعصارُ
ليس موتاً هذي الدماء . . . فللجرح غموض . . . تلفه الأسرارُ
يتبع الخصب خطوه أينما مر . . . وتمشي وراءه الأنهارُ
فإذا اليأس رغبة, وانهيار الروح رفض وخوفنا إصرارُ
ها هو الجرح يفتح الزمن المغلق فينا, فتسقط الأسوارُ

* * *

حملت لونك المرافئ والموج . . . فأنت الشراع والبحارُ
وارتوت دفئك الينابيع . . . واشتاقك رمل معذب وقفارُ
وارتديت الربيع فاستغفر الماء ابتهالاً . . . وصلت الأشجارُ
ورمت عندك القوافل أجراساً . . . وألقت أتعابها الأسفارُ
أنت فاجأت موتنا فأفقنا . . . بعد أن فلّ نبضنا الاحتضارُ
سترانا نطوي على القيد أضلاعاً . . . برتها زنزانة وجدارُ
يا دم القدس يا لظى الزمن الآخر . . . أنت المدى وأنت المسارُ
اكتشف صبحنا فكل مساء . . . يصلب الأنبياء والثوارُ

* * *

للشراع الغريق نرفو أمانينا . . . وقد أطفأ العيون الدوارُ
ونسمي الرماد ماء ليصحو . . . نورس متعب وأرض بوارُ
ونقول: السماء أبعادنا الأخرى إذا ضاق في التراب المدارُ
آن للجرح أن يرى في طقوس الموت دمعاً . . هدوءه تيارُ
آن . . . لكن وراء أحداقنا . . يرقد ذل مشوّه وانكسارُ
والشفاه الخرساء إن عزفت لحن التحدي تهشم المزمارُ!

 

جواد جميل