المايسترو سليم سحاب وصالح حمدان

المايسترو سليم سحاب وصالح حمدان

المايسترو سليم سحاب, قائد الفرقة القومية للموسيقى العربية, ولد في مدينة يافا عام 1941 في بيت لاتنقطع فيه الموسيقى, في سن العاشرة كان يستمع للموسيقى بما لايقل عن عشر ساعات يوميا ثم بدأ سماع الموسيقى الكلاسيكية وبدأت مرحلة السماع المقارن, في سن العشرين التحق بمعهد الكونسرفتوار في بيروت وبعد تخرجه حصل على بعثة دراسية في الاتحاد السوفييتي السابق حيث تعلم على أيدي أساتذة كبار, في العام 1980 أسس فرقة بيروت للموسيقى العربية التي مازالت مستمرة, وفي عام 1987 عرضت عليه الدكتورة رتيبة الحفني النزول إلى مصر لتقديم حفلات موسيقية مع فرقة أم كلثوم حيث ذهب في فبراير 1988 وقدم ثلاث حفلات في قاعة سيد درويش, إلى أن وصل حاليا إلى منصب مايسترو أي قائد للأوركسترا للفرقة القومية للموسيقى العربية, ويحاوره هنا الدكتور صالح حمدان الحربي, الحاصل على درجة الدكتوراه في الفنون والآداب من فرنسا, ويعمل مستشارا للموسيقى ومدير إدارة التراث الشعبي بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ إلى جانب كونه مديرا للفرقة الوطنية الكويتية للموسيقى. وقد أعد هذا الحوار للنشر أنور الياسين مدير تحرير مجلة (العربي).

  • ماذا تعني كلمة مايسترو, وما هي أهمية وجودها, ومن هو المايسترو؟

ـ المايسترو هوالقائد, والقائد لامعنى له إلا في العمل الجماعي, إذن عندما يكون هناك عمل جماعي , يلزم مايسترو , ومايسترو بالطلياني يعني ماستر بالإنجليزية يعني (معلم, أوسطى) أو (متر)) بالفرنسي وهي بمعناها العربي المتمكن من عمله (وشغله)

أما المعنى الموسيقي فهو قائد الفرقة ومنظم العمل الموسيقي عندما يؤدي العمل مجموعة من الفنانين. أما عندما يكون الغناء فرديا, فليس هناك مشكلة , فالفرقة تعزف, أكثر ما هنالك أن يخفف ويقوي وينظم المزاج الواحد حتى يكون مصاحبا للمعنى.

أما عندما تكون الموسيقى التي تعزف موزعة وفيها مضمون درامي, وصراع وأحاسيس مختلفة بين الفرح والحزن والمأساة مثل (لاتكذبي ـ حبيبها) هنا يلزم وجود قائد لإبراز المفاهيم الدرامية الموجودة. العازف مهما كان عظيما ,حينما تكون هناك مجموعة , فالمجموعة لاتعزف إلا ما يطلب منها. وإذا لم يكن المايسترو معلما (أوسطى), فكيف يطلب منهم التجديد الموسيقي المطلوب الذي تتطلبه الكتابة الموسيقية نفسها.

المايسترو ـ حينما يكون الغناء جماعيا ـ يجب توحيد الغناء, توحيد المزاج الغنائي في المجموعة الغنائية , توحيد النفس (النفس التسلسلي) حتى لاتنقطع الجملة الموسيقية فلا يشعر السامع لها بأن هناك جملا موسيقية يجب أن تنقطع في لحظة معينة, هنا أيضا يتدخل المايسترو فيعطي الإشارة اللازمة ـ توحيد الانفعال الموسيقي من المايسترو ـ توحيد العمق ـ توحيد كل شيء يصدر على المسرح يكون بإيحاء من المايسترو, وحينما تكون هناك أغنية فيها حزن, فالمايسترو هو المسئول عن إبراز هذا الطابع الحزين من خلال التعبير بوجهه ويديه ,والعكس حينما يكون الطابع فرحا.

المايسترو مسئول أيضا عن الرؤية الفنية للعمل الفني, فإننا على سبيل المثال لو جئنا بلوحة فنية واحدة ووضعناها أمام عشرين فنانا ماذا ستكون النتيجة ؟ سوف تكون هناك عشرون رؤية فنية ولوحة مختلفة تماما لمنظر واحد. فما الذي يجعل هذه اللوحات مختلفة وهي تمثل منظرا واحدا. ـ الرؤية ـ رؤية دخول هذا المنظر من خلال هذا الفنان واختلاطها بمزاجه الشخصي ثم خروج هذا المزاج برؤية فنية لهذا المنظر الواحد, وهنا تختلف الرؤية حسب مزاج الفنان, حسب تكوينه الشخصي, حسب تكوينه الثقافي وعندما يكون الموسيقي ضحل الثقافة سيكون الفن الذي يقدمه ضحلا, وعندما يكون عالي الثقافة, فإن الفن الذي سيقدمه سيكون على مستوى عال من الثقافة.

دور المايسترو

  • أعتقد أن هناك سوء فهم لدور المايسترو وأعتقد أن كثيرا من الموسيقيين قاموا بدور المايسترو دون أن يكونوا مؤهلين لهذا الدور (لا دراسة, ولا رؤية فنية), وأعتقد أن هذا لعب دوراً كبيراً لدى رؤية المشاهد العربي, أو المستمع العربي ـ بالنسبة للمايسترو فيها شيء من الدونية, لأن المشاهد لايفهم دور المايسترو, وذلك لأن كثيراً من المطربين أو الملحنين يقومون بدور قيادي في الفرقة الموسيقية, فما رأيك في هذا؟

ـ أنا أظن أنني وضحت ذلك, وأقول إن المايسترو يمكن أن يكون عازفا, أو العكس, ولكنه يجب أن يكون ملما بجميع الآلات التي تعزف وبطابع كل آلة وبطريقة عزف كل آلة, حتى يستطيع أن يفسر للعازف ما يريد, ويجب أن يعرف مقومات كل آلة ـ مثلا أنني أفترض أن حدود هذه الآلة من نقطة إلى نقطة معينة وأنت تأتي وتكتب موسيقى فيها نقاط غير موجودة في المسافة الصوتية لهذه الآلة ,هذا يصبح جهلا بهذه الآلة , وبالتالي يعد نقصا كبيرا في المايسترو الذي لايعرف كل إمكانات هذه الآلة , وبجانب كل ما ذكرناه بدور المايسترو في التدريب وتوحيد المزاج وإبراز العناصر الدرامية في العمل والجمالية في العمل وفي الحالة الانفعالية الموحدة, لهذا العمل كي يستطيع أن يقنع الناس. والفن إقناع, وإذا الفن لم يكن مقنعا لما كان له ضرورة وما كان دخل وجدان الإنسان, والإنسان لايقبل إلا الفن الذي يقتنع به.

نخلص من هذا أن هناك أهمية كبيرة لوجود المايسترو, والذي لابد أن يكون مثقفا وملما بالنسبة لكل الآلات الموجودة في الأوركسترا , المايسترو يكون المسئول الأول والأخير عن العمل, المايسترو هو بدوره المفسر عن العمل وهو موصل العمل إلى الجمهور, وينطبق على العمل إن كان جيدا أوغير جيد من خلال قيادته للعمل, ولذلك هناك أهمية كبرى للمايسترو على الرغم من أننا في وطننا العربي نرى أن المايسترو هو شخص يحمل عصا ويشير بها هنا وهناك إلى العمل, ولكن باعتقادي أن المايسترو هو إنسان ذو دراية عالمية في الموسيقى وبالذات في تخصصه (الآلات) والمايسترو لا يأتي من العدم لأنه مفسر العمل ويعطي العمل أهميته, وإمكاناته. فهناك خطأ كبير في الوطن العربي والموسيقى العربية أن أيا كان يمكن أن يكون مايسترو, وألاحظ كثيراً في الموسيقى العربية أن هناك مايستروهات يقودون خطأ ـ يعمل إشارة خطأ ـ فنجده مثلا يعطي إشارة لآلة الكمان بينما العزف لآلة أخرى, يعطي قوة بينما اللحن لايعطي قوة.

ولذلك, لابد أن نصل إلى دور المايسترو وأهميته بالنسبة للعمل , العمل الموسيقي بلا مايسترو لايكون , هناك أعمال لاتحتاج إلى مايسترو لأن تركيبها الموسيقي لايحتاج إلى واحد يقود العمل ويعمل كنترولا وسيطرة على العمل الموسيقي, بينما الأعمال الموسيقية الجادة المصورة ونحن نفتقد الموسيقى المصورة في موسيقانا العربية.

الموسيقى الدرامية قليلة مع الأسف في الموسيقى العربية لأن النوع السائد الآن هو الأغنية الفردية , والأغنية الفردية تحمل طابعا واحداً من أول الأغنية إلى آخرها بينما العمل الدرامي يستطيع أن يحمل مزاجات مختلفة , أحاسيس مختلفة , إذن الأغنية الواحدة لاتحمل إلا معنى واحدا, مثلا ,الفرح أو الحزن, العمل الدرامي يستطيع أن يحمل الحزن والفرح والحب والكراهية والتطلع والانفعال والبرود والحرارة والشدة واللين, العمل الدرامي يستطيع أن يحمل المعاني بكل متناقضاتها, وهذه المتناقضات هي التي تعمل الأعمال الدرامية وهذا ما نفتقده في الموسيقى العربية.

ماهي الموسيقى العربية ؟

  • لقد فسرنا موضوع المايسترو وشرحناه, فلو انتقلنا من المايسترو إلى الفرقة, كيف تتكون؟ وما هي الآلات المستخدمة وما دخل على الموسيقى العربية من آلات غربية أو آلات شرقية من (الهند والصين)؟.

ـ أعتقد أن مشكلتنا الآن, سؤال سيطرح في المستقبل ما هي الموسيقى العربية, هذا سؤال مهم جدا, هل هي الموسيقى التي نسمعها الآن , هل هي موسيقى الشعوب العربية , هل هي الموسيقى التقليدية , أم هل هي الموسيقي التي نسمعها الآن, هل التي نسمعها الآن عربية, أم هي موسيقى صالون, أم موسيقى شعب؟ يمكن في فترة من الفترات كانت واضحة في مصر , حيث كانت هناك موسيقى صالون في المناطق الأخرى لم تكن هناك موسيقى صالون, ولذلك كانت هناك موسيقى للنخبة وألحان للنخبة وألحان لعامة الشعب, وفي اعتقادي أن الموسيقى العربية ومفهوم الموسيقى العربية وما دخل على الموسيقى العربية من ألحان فارسية وهندية وتركية ـ المسمى هذا دخل على الموسيقى العربية ـ كيف أثر في الموسيقى العربية. أم أن موسيقانا متداخلة؟

أنا رأيي أنه ليس هناك حضارة نظيفة عرقيا, وإلا إذا قلنا هكذا, لكنا ألغينا وجود اللغة الإسبانية مثلا, لأن نصف جذورها من اللغة العربية والنصف الآخر من اللغة اللاتينية, المهم هضم هذا الشعب لهذه اللغة وسكب طابعه الخاص, الطابع القومي عليها, ومن هنا لانستطيع إلا أن نقول إن هناك لغة إسبانية بالرغم من جذورها اللاتينية أو العربية.

الموسيقى والوجدان

  • هل الموسيقى التقليدية هي موسيـقـى قومية؟

ـ دون شك وليس فقط المخزون الشعبي لهذا الشعب بل المخزون الذي أضيف عليه من قبل موسيقيين.

إذن في هذا الوقت كانت الشخصية العربية والوجدان العربي قد تكون ومع الأسف الشديد نحن لانعرف الأعمال الموسيقية التي كانت في هذا الوقت ولكن لاشك عندما جاءت السلطة التركية لم تأت على فراغ, وكان هناك وجدان عربي مميز, ولو كانت تركيا لديها الاكتفاء الذاتي لما كانوا حتى 1917 يستخدمون الفنانين العرب, كل الحضارة الفنية التركية قامت على استقطاب الفنانين والحرفيين من البلاد العربية التي استعمرت إلى اسطنبول.

  • إذن..كان هناك تأثير موسيقي تركي, من باب بضاعتنا ردت إلينا.

ـ صحيح أنا معك في هذا, وحكم تركيا مدة 500 عام للوطن العربي تم نقل كل تراث العرب إلى تركيا ثم أعيدت البضاعة إلينا ولكن نفس البضاعة أعيدت إلينا بأسماء تركية, ولذلك فنحن الآن أيضا حتى الموشح على الرغم من أنه أندلسي, فنحن نقول والآن نستمع إلى موشح أندلسي ونستمع من خلاله إلى أمان يالاللي.

أساسا ليس هناك موشح أندلسي, عندما نقول موشحا أندلسيا فهذا تعبير خاطئ, لأن الموسيقى الأندلسية لم تصل إلينا, وصل إلينا الموشح كشعر فقط, ولكن لأن الموشح ظهر في الأندلس فهناك خطأ شائع بأننا لو سمعنا موشحا فإننا نقول إنه موشح أندلسي. كل هذه الموشحات التي نعرفها في أمان يا لاللي فهي إما خليجية أو مصرية في القرن التاسع عشر, رفض ملحنو هذه الأعمال نسبة الألحان إليهم كونهم من طبقة الشيوخ وكانوا يعتبرون أن هذا حرام , أن يرتبط رجل دين بأغنية تعبر عن الوجدان والحب والمشاعر الفياضة والهجران ..إلخ. لذلك أكثر هذه الألحان هي ألحان مصرية ظهرت في القرن التاسع عشر ملحنوها شيوخ رفضوا أن يضعوا أسماءهم على هذه الأعمال ولكن ليس لها أي علاقة بالموشحات الأندلسية نهائيا.

الأعمال الأندلسية هي ما تبقى من هذه الأعمال في تونس والمغرب, وقد طرأ عليها تغير كبير جدا, كون هذه الأعمال تقدم شفاهية من غير تدوين, وهناك الدكتور صالح المهدي حكى لي رواية لافتة للنظر ومهمة جدا , ذهب إلى أحد مشايخ الموشحات وطلب منه أن يغني له موشحا معينا, وسجل هذا الموشح , رجع صالح إلى نفس الشيخ بعد عشر سنوات وطلب منه أن يغني له موشحا (أي الموشح نفسه),وعلى نفس الشريط ـ وقد سجل الموشح على الشريط ـ وهنا ظهر الفرق بين الموشحين وعندها قال الدكتور صالح للشيخ لقد أديت هذا الموشح منذ عشر سنوات بشكل مختلف فقال الشيخ: لا يمكن وهنا وضع الدكتور التسجيل أمام الشيخ ليسمع ما أداه من عشر سنين , فما كان من الشيخ إلا أن قال للدكتور هذه الطريقة خطأ ولكن الطريقة الصحيحة هي التي غنيتها الآن.إذن عشر سنوات حصل تغير عند نفس الشخص فما بالك بمئات السنين وأجيال متعاقبة. وبالتالي فالموشح الأندلسي الذي وصل إليـنـا الآن محرف كثيرا, أولا: بسبب عدم التدوين,ثانياً: شفاهية الموشح, وثالثا: البعد الزمني والإنساني عن زمن تلحين هذا الموشح.

أنواع العزف

  • نعود إلى الموسيقى ونتحدث عما هو التخت العربي كما يسمى والفرقة العربية وماذا حدث من تطوير في هذا الموقف على يد المايسترو سليم سحاب؟

ـ أولاً أنا لم أكن السبب المباشر في هذا التغيير , أنا تابعت تغييرا معينا بسبب اقتناعي الشخصي. هناك نوعان من العزف الموسيقي في الموسيقى العربية.

عزف التخت والعزف الأوركسترالي.التخت معروف ويتكون من أربع إلى خمس آلات هي: القانون والعود والناي والإيقاع ويمكن الكمنجا (ويقال إن آلة الكمنجا دخلت إلى الموسيقى العربية في القرن العشرين) وهذا قول خطأ لأن كتاب وصف مصر الذي وضع إبان الحملة الفرنسية على مصر يثبت أن استعمال الكمنجا على الأقل كان في بداية القرن التاسع عشر.

وهي آلة من آسيا الوسطى, هناك الربابة وهي آلة بدوية قديمة, أما التخت فهو مجموعة مدنية وهذا الفارق.

وعندما انتقلت الربابة إلى الشمال الإفريقي , إذن الآن نلاحظ أنهم في شمال إفريقيا يعرفون آلة الكمان على طريقة آلة الربابة. هذه الطريقة كانت موجودة في أوربا حتى القرن السادس عشر, وكانت هذه الآلة تعزف في أوربا باسم آلة فيولا داجمبا أي الكمان الفخذ أي الذي يوضع على الفخذ , هذه الطريقة مازالت موجودة في عزف الكمان في المغرب, حيث نجد عازفين يضعون الكمنجا على أفخاذهم, وهناك أناس آخرون يمسكونها بالوضعية الآن. الربابة كما هو معروف كانت الأساس في صناعة الآلات الوترية في أوربا.

كورال الأطفال

  • نود أن نتحدث عن شيء جميل عملته في حياتك وباعتقادي أنه من الأشياء التي سوف تخلد ذكرى المايسترو سليم سحاب

ـ كورال الأطفال , أنا في رأيي أنه من أحلى ما عملت في حياتي , حيث عندي إحساس بأنني امتلكت كنزا من الأصوات لاينقطع ,فبمجرد أن أجد نفسي مسئولا عن تربية أصوات المستقبل, واستكشاف أصوات جديدة يوميا هذا يعطيني فيضا من السعادة لا حدود له.

  • لكن كيف وصلت إلى هذه المجموعة الكبيرة من الأطفال؟

ـ إنني كل أسبوع منذ خمس سنوات وأنا أستمع إلى عشرات الأطفال وأنتقي منهم الجيدين وأضيفهم إلى الفريق الكبير ولايمر أسبوع لا أستمع فيه على الأقل إلى خمسة أو ستة أصوات ولا أبالغ إذا قلت إنني أتحدى بهم أي صوت عربي من المحيط إلى الخليج.

  • هل هذه الأصوات الموجودة تغطي معظم أشكال الأصوات الغنائية؟

ـ هم يغنون موشحات, وقصائد, وأعمالا درامية, هل تتصور أن فتاة في الخامسة عشرة من عمرها تغني لست قلبي, ولاتكذبي بكل الأعماق من الدرامية بشكل لايتصوره عقل.

  • هناك في هذا المجال ـ الأطفال وطريقة أسلوبهم وغنائهم ـ هناك الكثير من الصحفيين يعتقدون في كثير من الأحيان أن الطفل لابد أن يغني أغاني في مستواه ولايغني أغاني الحب والعشق والهيام فما رأيك؟

ـ أنا رأيي أنني مسئول لأن أعلم الحب أيضا, وكما تعلم أن هناك طريقتين في غناء الأطفال في العالم هناك طريقة فرق كورالات جماعية, تغني أعمالا خصصت للطفل والمستمع إليها هو الطفل أيضا.

وهناك نوع آخر من الغناء, فرق غنائية من الأطفال تغني الأعمال الكلاسيكية. أنا اتخذت الخط الثاني, لأني أرى أجيالا أريدهم أن يتربوا على هذا التراث كي يستمروا في عطائهم التراثي. فهل أستطيع أن أصل إلى هدفي عندما ألقن الأطفال أغاني للطفل, هل تستطيع طفلة عمرها 15 عاما (لم تعد طفلة بل شابة) هل يعقل أن تغني بوبي هو. هو, بيسي نو. نو.

هناك شيء آخر عبد الوهاب وأم كلثوم عندنا مثال يحتذى, لم يتربيا على أغاني الأطفال بل على كل الأغاني التراثية التي كانت كلها عشق وحب, فهل كانت النتيجة سيئة؟! أبدا وبين كل هذه الأغاني أنتقي التي تحتوي على أخف المشاعر, مثل (الحب جميل للعايش فيه) هذه الأغاني وغيرها, وبالتالي يجب أن نربى الطفل على الحب, وأنا أقول الويل لطفل يعيش في بيت يحس بأن الأب لايحب الأم فيه, تربية شعور الحب عند الطفل واجب علينا لكي نصنع الإنسان العربي المتوازن بين العاطفة والعقل.

وإذا كان الطفل عقلانيا ولديه نقص في الناحية العاطفية, فهذا الطفل سيكـون مشوها, وناقص التوزان بين العاطفة والعقل وهذا شيء مؤسف, ولا أضر منه إلا عندما يكون الطفل عاطفيا من أن يكون عقلانيا.

تربية الأطفال بالموسيقى

  • إذن الوضع الموسيقي الغنائي يلعب دوراً كبيرا في تربية الطفل؟

ـ الموسيقى في رأيي ـ لاشك ـ هي أهم طريقة في التربية الوجدانية للطفل, الموسيقى قد تكون أكثر من الرسم وأكثر من أي فن آخر له قوة انفعالية على الإنسان.الموسيقى هذا الفن الوحيد الذي يؤثر في النبات ويؤثر في الحيوان, وفي أي كائن حي, فإذا كان الفن يؤثر في النبات والحيوان, فكيف نستطيع أن نتخيل تأثيره في الإنسان.

التزام موسيقي

  • إننا نشأنا على موسيقيين يأتون إلى الكويت نحس في كثير من الحالات بأن ما يعزف في القاهرة , الروح التي تعزف في القاهرة , غير الروح التي تعزف في الكويت. أنا لا أتهم الموسيقى العربية أو فرقة المايسترو سليم سحاب, ولكن بشكل أساسي وتكملة للأستاذ أنه في كثير من الحالات أو الفرق التي تأتي إلينا هناك فرق واضح , مثل عملية من سيستمع؟ ولكن بالنسبة إليك فعندك التزام كامل.

ـ بالنسبة لي عندي التزام كامل لأني أساسا أقدم الموسيقى التي أحبها, وأحب أن أحبب الجمهور فيها, فلذلك الموسيقى التي أقدمها, أقدمها بالتزام كامل, بالتزام فكري وأدبي وانفعالي ووجداني وحضاري وثقافي, كل هذه الالتزامات موجودة وعندما أكون على المسرح أشعر بنفسي وكأنني في محراب للصلاة, فلا يجوز أن تصلي بشكل مختلف من بلد إلى آخر.

  • من خلال ما استمعت في الليالي الثلاث التي قمت بإحيائها أحسست بأنك عاشق ألحان وغناء عبد الحليم حافظ. هل هذا صحيح أم أنني أتخيل هذا؟

ـ عبدالحليم حافظ بالنسبة لي ليس مطـربا فقـط, عبدالحليم حافظ مؤسسة موسيقية, عبد الحليم حافظ يعني أولا فترة زمنية عزيزة على قلوب الكل, وتعتبر من أغنى وأثرى فترات العالم كله. الستينيات وليس فقط العالم العربي, هو مؤسسة لماذا, يعني صلاح جاهين, سمير محجوب, مرسي جميل عزيز, وغيرهم من أعظم شعراء العامية في مصر, كمال الطويل, محمد الموجي, محمود الشريف, محمد عبدالوهاب, حسين جنيد, رياض السنباطي, يعني سبعة موسيقيين كل واحد منهم يملك شخصيته المختلفة, سبعة ملحنين من أعظم ملحني القرن العشرين. هذا هو عبد الحليم حافظ, وأنا حينما أقدم عبدالحليم حافظ أقدم أعمال هؤلاء الملحنين والمؤلفين العظام, لذلك لا عجب أن يكون عبد الحليم حافظ أساسيا في جدول أعمالي.

  • تناولت موضوعا جميلا في أمسياتك الثلاث, الأغنية الخفيفة والأغنية الدرامية وسمعنا الأوركسترا كيف تعزف الأغنية الخفيفة بمرح, ونجد العكس في الدرامية؟ لماذا ؟

ـ أولا إنني عندما أضع البرنامج أتوخى شيئا, بألا تكون كل الأغاني وراء بعضها بنفس الثقل ونفس العمق الدرامي كي لاتكون هناك تخمة عند المستمع, وأتوخى أيضا ألا تكون الأغاني خفيفة وراء بعضها حتى لا أمنع المستمع من الاستمتاع بالغور إلى الأعماق, فأعطي المستمع أغنية ثقيلة ثم أعطيه تحلية بأغنية خفيفة, وهذا مثل القارئ الذي ينوع في قراءاته حتى لايمل فهو يقرأ في الكتب العلمية, ثم يخفف بقراءته في الأدب ثم يقرأ في القصة وهكذا, فاختلاف المواضيع يجعلك مرتاحا.

وهذا شيء مقصود, ومقصود أيضا اختلاف المقامات واختلاف السرعة في الأعمال المتتالية. وحينما أضع برنامجا أضع أمامي اعتبارات كثيرة, أولا: اختلاف العمق في الأعمال, ثانيا: اختلاف الإيقاع والسرعة, ثالثا: اختلاف المقام, كل هذه التغييرات قد لايشعر بها المستمع ولكن لها تأثيرا كبيرا جدا.

 



 
  




المايسترو سليم سحاب





الدكتور صالح حمدان





جانب من الفرقة القومية للموسيقى العربية وهي تنشد باحد الحانها





انفعال واندماج في اللحن. المايسترو وهو يقود الفرقة في إحدي حفلاته بالكويت





تمازج بين التخت الشرقي ودقات الايقاع الخليجية كل ذلك في إطار من التجديد