بنوك أنسجة لجسم الإنسان محيي الدين لبنية

بنوك أنسجة لجسم الإنسان

هل أنت في حاجة إلى قطعة صغيرة من العظام. أو إلى مفصل صغير أو إلى قطعة من الجلد أو للعين أو حتى إلى الخلايا التي تنتج الهرمونات التي يحتاج إليها جسمك..كل هذه الأنواع موجودة ومحفوظة داخل بنوك خاصة وما على طبيبك المعالج إلا أن يطلبها..بعد أن تدفع أنت "الفاتورة" بطبيعة الحال.والفاتورة ليست مادية فقط، فثمة جوانب أخرى لها ...

شهد العقدان الأخيران من هذا القرن طلبا متزايدا على الأنسجة البشرية وبدائلها لزراعتها في أجسام المرضى بعد تحسن نجاح عمليات زرع الأنسجة والأعضاء في جسم الإنسان وانتشار المراكز الطبية والمستشفيات المتخصصة بها في العالم، فازدادت الحاجة إلى إنشاء بنوك لحفظ الأنسجة البشرية وأحياناً الحيوانية لاستخدامها في العلاج، وتوجد بنوك أنسجة بشرية يختص بعضها بالجلد أو بقرنية العين أو بالعظام أو غيرها، وفي الولايات المتحدة وأوربا بشكل خاص تبذل الجهود لإنشاء بنوك للأنسجة يفضل أن تكون في مراكز نقل الدم تقع على مسافة قريبة من المستشفيات والمراكز الطبية المهتمة بعمليات زرع الأعضاء البشرية لتوفير احتياجاتها من الأنسجة الممكن زراعتها للمرضى، ويفكر العلماء في أن تزود هذه البنوك بمعامل لإجراء الاختبارات السيريولوجية etyping tissu وال RH للدم لتحديد درجة التوافق النسيجي بين المتبرع والمريض المرشح للزرع بهدف زيادة فرص تأقلم الأنسجة المزروعة في مكانها الجديد في جسم الإنسان.

مصادر الأنسجة

في بنوك الأنسجة تحفظ الأنسجة المأخوذة من متبرعين أحياء كالعظام المتخلفة عن عملية استبدال مفصل ورك لمريض بآخر صناعي أو غضاريف من عمليات جراحية في الأنف أو الأذن أو أوعية دموية مفصولة عند علاج دوالي الساقين وتستخدم في عمل عبّارة للشرايين أو الأوردة. كما يكون المصابون بموت جذع الدماغ مصدراً لخلايا بيتا المنتجة للأنسولين المفصولة من جزر لانجر هانس بالبنكرياس وقرنية العين والجلد وغيرها، بينما توفر جثث الموتى حديثاً مساحات كبيرة من الجلد ودسامات القلب وبعض العظام التي يمكن استخدامها في عمليات الزرع للمرضى ويشترط في الأنسجة المخزنة خلو المتبرعين بها من الأمراض السارية كالإيدز والالتهاب الكندي الوبائي من النوعين ب (B ) وث C)) والدرن والأورام الخبيثة عدا سرطان غير انتقالي في المخ والزهري، ولقد وفرت التقنيات الحديثة وسائل تشخيصية دقيقة في فحص جثث الموتي عند الرغبة في معرفة صلاحية استخدام أنسجة منها في عمليات الزرع مثل تفاعل Polymerase chin reaction واختبار مولدات الضد لكرات الدم البيضاء عن طريق أخذ عينة من العقد الليمفاوية من جثة الميت.

وتحفظ المعلومات الخاصة عن المتبرعين الأحياء أو المصابين بموت الدماغ بالحاسب الآلي بنوك الأنسجة كالعمر والجنس والتاريخ المرضي، إن وجد، ونتائج تحاليل الدم كالفصيلة الدموية والاختبارات السيريولوجية فيما يخص تصالب الخلايا الليمفاوية وأجسام تضاد كريات الدم البيضاء المعروف اختصاراً ب H L A واختبار ال R H وغيرها، ويستفاد من هذه المعلومات بشكل خاص في تحديد أفضل المرشحين للأعضاء المتبرع بها كالقلب والكلى والرئتين والكبد وبهدف زيادة فرص نجاح المزروع منها في التأقلم في أجسام المرضى وقيامها بوظائفها الطبيعية.

الجلد

نجح استخدام الجلد المفصول من متبرعين بعد الموت سبق تخزينه في بنك الجلد غطاء حيويا مؤقتا لجروح ذات مساحات كبيرة نتيجة حروق شديدة في جسم الإنسان عوضاً عن الضماد العادي المغطى بطبقة من مواد تضاد النمو الجرثومي كمركب الفلامازين بهدف الإقلال من فقد السوائل من جسم المصاب على شكل مصل دم يحتوي على عناصر غذائية من سرير الجروح وتقليل فرص حدوث الانتانات الجرثومية فيه وهما يساعدان في سرعة شفاء جروح المصاب وتكون المناعة الطبيعية للمصاب بحروق شديدة عند حدها الثاني لذا تكون ردود الفعل للجلد المزروع المأخوذ من آخرين قليلة، ويشترط في جلد المتبرع خلوه من الأورام الخبيثة، ويفصل من الجثة خلال فترة لا تزيد على 24 ساعة بعد الموت على شكل شرائط طولها حوالي 20 سم وعرضها 5 سم وتصنف إلى درجات ثم تحفظ داخل عبوات خاصة على درجات حرارة التجميد حوالي - 197 ْم في وجود غاز الأزوت السائل فترة غير محدودة ويوجد في أحد بنوك الجلد العالمية بمدينة ليودشافن بمقاطعة أوجيرشيم بألمانيا ويستخدم الجلد المحفوظ على درجات حرارة التجميد غطاء مؤقتا للجروح لإنقاذ حياة ضحايا الحروق الشديدة، ثم يستبدل به بعد حوالي عدة أسابيع مساحات من جلد المريض نفسه، ولقد جرب بعض الأطباء استعمال مساحات من جلد متبرع لمريض بعد عمل ثقوب فيه وضعت داخلها طعوم من جلد المريض نفسه نمت وزادت مساحتها ونجحت في تغطية سطوح حروق وصلت نسبتها إلى 90% كان يصعب شفاؤها، ثم فصل الجلد المؤقت.

قرنية العين

تفصل قرنية العين من جثة الميت بواسطة آلة للثقب تشبه ثاقبة الفلين في ظروف معقمة ثم تحفظ في محلول خاص على درجة حرارة تتراوح بين 5 إلى 8 ْم لفترة 15 يوماً قبل شحنها على درجة حرارة 4 ْم إلى المركز الطبي المختص بزراعتها لاستخدامها في إنقاذ حاسة البصر لمريض يعاني من حالة تعتيم القرنية أو تظليل فيها ، ويتوافر في بعض دول العالم مثل سيرلانكا والهند فائض من قرنيات العين تباع لمراكز زراعتها في العالم ، ويفضل في عمليات الزرع لقرنية العين استخدام المفصول منها حديثاً من الموتى لزيادة فرص نجاحها.

العظام

يمكن استخدام طعوم عظام Bone grfts مصدرها متبرعون أحياء أو بعد إصابتهم بموت الدماغ أو من جثث الموتى قبل مرور 24 ساعة من الوفاة في عمليات جراحية عديدة كجراحة في العظام أو الفك أو الوجه أو الأسنان وفي عمليات متنوعة مثل ملء كيس عظمي أو عنقي أو ترميم في أحد الأطراف أو ترميم لعظام الوجه بعد استئصال ورم منه وفي جراحة إصلاح عظم مفصل الورك والمسا في شفاء الكسور غير الملتحمة ، وتتأقلم العظام المزروعة في مكانها الجديد وتتحد مع عظام المريض، وتكون جثث الموتى حديثا مصدراً جيدا لكميات غير محدودة من العظام بأشكالها المختلفة لاستخدامها في عمليات الزرع للمريض، وليست هناك ضرورة لإجراء الاختبارات السيريولوجية HLA وفصيلة الدم وال Rh للمريض قبل زرع عظام مأخوذة حديثا من جثة الميت ، وعدة لا يحتاج المريض بعد الزرع إلى أدوية مثبطة للمناعة الطبيعية للجسم مثل المركب سيكلوسبورين - أ، المستخدم في عمليات زرع أعضاء أخري كالقلب والكلية والرئتين.

وتحفظ العظام المتبرع بها في بنك العظام داخل محلول هارتمان يحتوي على مضاد حيوي " الجتتاميسين " وعلى درجات حرارة تبريد لفترة 36 ساعة قبل الزرع وتستخدم معظم عمليات الزرع للمرضى عظاما مجمدة وهي تحضر بإزالة الأنسجة الطرية المتصلة بها قبل تجميدها على درجة حرارة تتراوح بين- 20 ْم- 85 ْم وكلما قلت درجة حرارة التجميد، طالت فترة حفظ العظام، فمثلاً على درجة حرارة- 20 تم يمكن تخزين العظام إلى ستة شهور، ولكن على درجة حرارة- 85 ْم يمكن تخزينها 5 سنوات، وتحفظ المعلومات المفصلة عن المتبرع في الحاسب الآلي للاستفادة منها في تحسين فرص زرع العظام للمرضى، كما جرب بعض الأطباء استخدام غضاريف- Cartilag es من جثث الموتى في عمليات الزرع للإنسان، ويشترط في العظام سواء كانت من متبرعين أحياء أو من جثث الموتى المراد استخدامها في عمليات الزرع للإنسان معرفة التاريخ المرضي للمتبرع وفيما إذا حدث اضطراب أيضا في عظامه أو مرض مناعة ذاتي أو مرض السرطان أو إصابة انتانية نشطة أو استخدام مركبات الستيروتيدات فقرة طويلة ودرجة تعرضه للسموم والإشعاع، وتوجد في الولايات المتحدة وكندا وبشكل خاص مراكز متخصصة بزرع العظام.

دسامات القلب

يمكن فصل دسامات القلب ويسميها العامة بالصمامات من جثث الموتى حديثاً وخاصة منها الدسام التاجي وبدرجة أقل الدسام الأبهري والدسام الرئوي لصعوبة الحصول عليهما، وتحفظ في محاليل خاصة وظروف معقمة على درجة منخفضة في بنوك الأنسجة إلى حين استخدامها في الزرع، ومن عيوب استخدامها ضعف قدرتها على العمل فترة طويلة عند مقارنتها بالدسامات الصناعية أو المستأصلة من الحيوانات.

خلايا منتجة للأنسولين

ازداد اهتمام الأطباء حديثاً بإنشاء بنوك متخصصة لحفظ خلايا بيتا المنتجة لهرمون الانسولين بعد نجاح فصلها بصورة نقية جداً من جزر لانجرهانس بالبنكرياس البشرية وإمكان زراعتها في أجسام مرضى السكر كوسيلة جديدة لتنظيم مستوى سكر الدم لديهم، وفي البداية واجهت العلماء صعوبة فصل خلايا بيتا من البنكرياس بصورة نقية بطريقة الطرد المركزي في ظروف سطح الأرض، لكنهم نجحوا بعد ذلك في فصلها في الفضاء الخارجي بعيدا عن تأثيرات الجاذبية الأرضية وحملت عدة رحلات فضائية خلايا بنكرياس الإنسان لفصل خلايا بيتا بصورة نقية جدا مما زاد من فرص نجاح هذه الطريقة الجديدة لعلاج مرض السكر، و يطمح الأطباء أن توفر الرحلات الفضائية المستقبلية هذه الخلايا بصورة نقية جداً يمكن حفظها داخل بنوك متخصصة بها لزرعها في أجسام مرضى السكر.

قطع غيار حيوانية

نجح الأطباء في استخدام جلد بعض الحيوانات كالخنازير والكلاب طعوما حيوانية في التغطية المؤقتة للجروح التي تسببها الحروق لمساحات كبيرة من جلد الإنسان وتنفصل تلقائيا إذا لم تستبدل، ويفيد استعمالها بشكل خاص عند عدم توافر غطاء كاف للحروق بطعوم من جلد المريض نفسه وهي تقلل فقد السوائل من الجسم وتقلل فرص حدوث الانتانات الجرثومية في سرير الجروح، ويحفظ الجلد الحيواني في بنوك الجلد على شكل شرائح جافة، وتحضر بطريقة التجميد ثم التجفيف، وتعامل بطريقة خاصة قبل استعمالها غطاء للجروح، كما يستخدم الأطباء أحيانا الدسامات المفصولة من قلوب بعض الحيوانات كالخنازير والعجول بدائل لدسامات القلب التالفة في الإنسان، وتحفظ في محلول جلوتار ألدهيد لحين استخدامها وهي تتفوق في مزاياها العلاجية على الدسامات الصناعية المحضرة عن الداكرون أو التيفلون وغيرهما بانخفاض معدل تكوينها الصمامة الخثرية وتعمل جيداً فترة خمس سنوات ونيف في جسم المريض، وعادة لا ينصح الأطباء باستعمال الدسام من الخنزير لصغار السن من المرضى لأنه سريع التلف وإنما استخدام دسام صناعي آخر له القدرة على العمل فترة زمنية أطول.

 

محيي الدين لبنية

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات