من تفكك الإمبراطوريات إلى بزوغ الديمقراطية علي الدين هلال

من تفكك الإمبراطوريات إلى بزوغ الديمقراطية

في وداع القرن العشرين

غريب أمر هذا القرن العشرين الذي يوشك أن تطوى صفحاته ، فمع سنوات حقبة التسعينيات يبدو التاريخ وقد تسارعت خطاه ويبدو أن هناك قوى عاتية تعيد توزيع مصادر القوة الاقتصادية والنفوذ السياسي بين دول العالم وشعوبه ومجتمعاته، ويبدو أننا نعيش وسط تحولات عالمية جوهرية تضع الأساس لنظام عالمي جديد مع بداية القرن الحادي والعشرين.

لقد بدأ هذا القرن بحروب ونزاعات قادت إلى الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918 )، وتوسطته حرب عالمية ثانية (1939 - 1944) كان من شأن كل منهما إعادة رسم خريطة الجغرافيا السياسية والاقتصادية في العالم. وها هو ينتهي بعدد من الوقائع السياسية تشبه في مجملها النتائج المترتبة على حرب عالمية ثالثة. وأقصد بذلك ثورة دول شرق أوربا في عام 1989 ، وانهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، وانتهاء الحرب الباردة.

لقد أنهت هذه الوقائع الصراع الدولي الذي اندلع منذ نهاية الأربعينيات بين دولتين عظميين (الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي) ، قادت كل منهما حلفا عسكريا (حلف الأطلنطي وحلف وارسو ) ، وواجهت الأخرى على مستوى العالم بأسره في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. لذلك ليس من المبالغة القول إن الآثار التي ترتبت على هذه الوقائع ترقى إلى ما كان يمكن أن تسببه حرب عالمية ثالثة.

وعلى مستوى الأفكار والنظم شهد هذا القرن في ثلثه الأول نشوب الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 ثم تلاها انتصار الفاشية في إيطاليا وألمانيا. وكذا صعود النزعات القومية المتطرفة والتوسعية في اليابان. وإذا كانت الفاشية والقومية المتطرفة قد اندحرت بهزيمة دول المحور في الحرب العالمية الثانية، فإن الصراع استمر بين الاتحاد السوفييتي ودول الغرب الرأسمالي. وشهد منتصف القرن اتساع نفوذ الدولة السوفييتية في شرق أوربا. ومع انتصار الثورة الشيوعية في الصين، ومع نهاية القرن تمت تغيرات عميقة في هذه المجتمعات انتهت بالاتحاد السوفييتي ودول شرق أوربا إلى انخراطها مرة أخرى في إطار السوق الرأسمالية.

وإذا كان القرن العشرون قد بدأ بتفكيك أوصال الإمبراطورية النمساوية المجرية والإمبراطورية العثمانية وتحقيق استقلال عدد كبير من الدول، وشهد في نصفه الثاني تفكك أوصال الإمبراطوريتين الإنجليزية والفرنسية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية واستقلال عدد ضخم من الدول الآسيوية والإفريقية. فإنه ينتهي بانبعاث قومي في الدول الوريثة للاتحاد السوفييتي وللاتحاد اليوغوسلافي ومنطقة البلقان. بحيث أصبحت الصراعات الداخلية المرتبطة بالعوامل السلالية والإثنية واللغوية هي النمط الأكثر غلبة مع نهاية القرن.

وعلى مستوى تنظيم العلاقات الدولية فقد شهد القرن العشرون نشأة عصبة الأمم والأمم المتحدة. وبينما كانت الأولى في جوهرها تنظيما أوربيا فإنه سرعان ما عصفت به التوازنات السياسية في أوربا وعجز دولها عن كبح جماح التطلعات التوسعية الألمانية عند بداياتها.

ثم شهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إنشاء منظمة الأمم المتحدة التي احتفل العالم بمرور نصف قرن على إنشائها في عام 1995. وخلال تلك الفترة شهدت المنظمة تحولات كبيرة في عضويتها ووظائفها ومهامها. ومع أن هناك الكثير من الانتقادات على أداء المنظمة الدولية فإنه لا توجد دولة على استعداد للخروج منها، كما أن كل الأفكار التي طرحت بشأن إنشاء منظمة دولية بديلة باءت بالإخفاق ولا يتصور أحد العالم دون الأمم المتحدة. وإذا كان التاريخ في الماضي قد سخر من الذين حاولوا التنبؤ بمساره أو زعموا أنهم قد استخلصوا القوانين التي تحكم حركته، وإذا كانت الأفكار التي وصل إليها بعض من أعظم عقول البشر كانت إما خاطئة وإما غير كاملة، فإن ذلك يصح على الأحداث المتسارعة التي أدهشتنا وأحاطت بنا في السنوات الأخيرة، والتي أدت إلى تغييرات جذرية في العديد من القواعد الأساسية للسياسة الدولية منذ الحرب العالمية الثانية. والحقيقة إن الموقف الراهن - كما ذكرت سلفا - يشبه في الكثير من جوانبه المراحل التي أعقبت الحروب العظمى في التاريخ، والتي أدت إلى تحولات مهمة في موازين السياسة الدولية.

المعلوم المجهول

ويزيد من صعوبة فهم هذه التحولات الدولية أن هذه العملية أو تلك التحولات لم تكتمل بعد، ومن ثم يكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل أحيانا، تحديد العناصر المتعددة لتلك التحولات، ناهيك عن تقدير الوزن النسبي لأهميتها. وهكذا فإن حجم المجهول يكاد يكون بنفس مقدار المعلوم إن لم يزد عليه. فمن يستطيع مثلا أن يتحدث بأي قدر من التأكيد عن طبيعة توازن القوى واحتمالاته في العالم؟ إن الإجابة عن هذا السؤال تكاد تكون مستحيلة بالنظر إلى عدد العناصر غير المعروفة، فكم من الوقت سوف ينقضي، مثلا، لكي يرتب الاتحاد الروسي منزله في الداخل؟ وما هي طبيعة السياسة الخارجية التي سوف تنتهجها روسيا عندما يحدث ذلك؟ وبنفس المنطق، فنحن لا نعرف على وجه التأكيد آفاق التطور السياسي وتوجهات السياسة الخارجية في جمهورية الصين الشعبية على ضوء الأداء المتميز للاقتصاد الصيني.

لذلك، فمن أكثر التعبيرات شيوعا في الأدب السياسي المتصل بالتحولات الدولية مفهوما "الانتقال" و"المرونة". ومفهوم "الانتقال" يشير إلى مرحلة التحول من حال إلى حال، أو التحرك من وضع إلى آخر، ومراحل الانتقال تتسم عموما بالغموض واختلاط الأوراق وعدم وجود اتجاه أو هدف واضح متفق عليه، ففي مراحل الانتقال هذه يختلط القديم بالجديد. وبحكم أننا نعيش في مرحلة انتقال، فإن العالم من حولنا يبدو مضطربا تبرز فيه اتجاهات متناقضة.

وخلاصة ما تقدم، أن هذه التطورات لم تسفر عن كل نتائجها بعد، وهي أقرب ما تكون إلى جبال الثلج العظيمة الطافية في أعالي البحار، ترى قمتها فقط ولكن الجزء الأكبر منها يكون غاطسا تحت سطح الماء. فما زال العالم يعيش في خضم عملية تغير عميقة، وما زالت آثار هذه العملية لم تطرح نفسها كاملة بعد.

إن ما يحدث في العالم من حولنا ومنذ عدة سنوات هو ليس مجرد تغيرات سياسية وإعادة تركيب التوازن العسكري وحسب، ذلك إن ما نراه هو مسألة أعمق تتصل بالمجتمع ككل وبعلاقة الإنسان ببيئته، وهو نتيجة التحولات التكنولوجية بالغة العمق التي شهدها العالم في حقبة الثمانينيات التي فتحت له آفاقا غير مسبوقة، وحسبنا أن نشير، في هذا الخصوص، إلى التحولات الهائلة التي نشاهدها الآن في مجال الحاسبات الدقيقة، والذكاء الصناعي، والاتصالات عن بعد، والمعلومات.. هناك تغير في مفهوم عناصر الإنتاج بحيث أصبحت المعلومات عنصرا من عناصر الإنتاج، ولهذا تأثيره على مفهوم الصناعة وعلى سعر المنتج. ففي أي منتج متقدم الآن، فإن الجزء الأكبر من السعر ليس للمادة الخام التي صنع منها، ولكن للمعرفة والخبرة التكنولوجية المتضمنة فيها. كما أن هناك التغير غير المسبوق في مجالات الكيمياء الحيوية وهو ما يفتح الباب لتطورات بالغة الأهمية في مجال الزراعة والإنتاج الغذائي. نحن إذن لا نتحدث عن تحولات سياسية وحسب، ولا عن مجرد إعادة توزيع لعناصر القوة على قمة النظام العالمي، وإنما عن تغيرات في الأساس المادي والتكنولوجي حتى إن بعض الباحثين أخذوا يتحدثون الآن عن مرحلة جديدة من تطور الحضارة الإنسانية.

التوازن ومستقبله

في هذا السياق، ما هو مستقبل التوازن الدولي بين القوى الكبرى؟ لا توجد بالطبع إجابة واحدة، فهناك من يرى أن العالم في سبيله إلى التمركز حول الولايات المتحدة التي ستصير بمثابة القطب الأوحد. وهناك اتجاه ثان يرى أنصاره أن ثمة تكتلا غربيا رأسماليا تتمثل ركيزته في الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي واليابان سوف يشكل القوة الضاربة اقتصاديا وتكنولوجيا في القرن القادم. وهناك اتجاه ثالث يركز على مؤشرات النمو الاقتصادي ويرى أن العالم يتجه نحو تعددية الأقطاب. وهناك اتجاه رابع يرى أن القرن القادم سوف يكون قرنا آسيويا في المقام الأول، وأن موازين القوى الاقتصادية قد بدأت في الانتقال من أوربا الغربية والولايات المتحدة إلى شرق آسيا. وإذا كانت هذه التصورات تشير إلى ما يمكن أن يحدث على مستوى قمة العالم فالحقيقة إن العالم المعاصر، وتحت تأثير الاتجاه نحو العالمية، يشهد اتجاهين مختلفين، ففي جزء من العالم يؤدي الاتجاه إلى العالمية نحو مزيد من التفاعل والتداخل والاعتماد المتبادل. في هذا الجزء من العالم، فإن انتهاء الحرب الباردة يعني بداية مرحلة جديدة من السلام والتعاون والأمن. ولكن، في منطقة أخرى من نفس هذا العالم، فإننا نرى على العكس من ذلك: انهيار الدول القائمة، والحروب الأهلية، والتقلصات السياسية الحادة، وتصاعد الشعور بعدم الأمن.

هاتان المنطقتان للأمن والسياسة لا تفصلهما الخطوط التقليدية للأيديولوجية والحرب الباردة (الشرق والغرب) ، ولكن تفصلهما خطوط درجة التنمية والتطور (الشمال والجنوب). فالمنطقة الأولى للأمن توجد في الدول الصناعية المتقدمة حيث يسود السلام والرخاء والاستقرار. والمنطقة الثانية لعدم الأمن توجد في الدول النامية التي يسودها الفقر وعدم الاستقرار والحروب. وبشكل متزايد، فإن أهداف الدول والمجتمعات التي تنتمي إلى تلك المجموعتين لم تعد واحدة، وهناك فجوة متسعة في شعور كل مجموعة بمفهوم الأمن الدولي ومتطلباته ونتائجه.

بعبارة أخرى إن هذه التحولات الدولية تعكس نوعين مختلفين من الآثار التي تسير في اتجاهين متضادين وتطرح نتائج وتداعيات مغايرة ومتناقضة. فهناك عمليتان تاريخيتان: العملية الأولى هي مزيد من دمج العالم وتكامله في وعاء واحد، وذلك من خلال أنشطة الشركات دولية النشاط وأدوات الاتصال الجماهيري وأجهزة الإعلام والمواصلات. وبفضل التلفزيون وأساليب الإعلان المتقدمة، انتقلت أنماط الاستهلاك الرأسمالية إلى كل مكان في العالم تقريبا، فالأنماط التي تتعلق بنوع الطعام وشكل الزي على سبيل المثال نجدها اليوم في كل مكان تقريبا. وأما العملية التاريخية الثانية، فتتمثل في بزوغ تيارات وقوى سياسية واجتماعية مضادة لتلك العملية الاندماجية، تأخذ أحيانا صورا دينية ومذهبية، وتأخذ في أحايين أخرى صورا قومية، وفي أحيان ثالثة صورا سلالية وعرقية وقبلية. ومع اختلاف الصور، فإنه يجمع بينها حقيقة أنها تمثل أو تعبر عن تيارات وقوى تخاطب الملكات التحتية والأولية للبشر، وغالبا ما تقدم رسالتها في شكل خطاب سياسي يتسم بالأخلاقية والمثالية. ولا شك أن الشعار المرفوع لهذه التيارات يختلف من مجتمع إلى آخر. ولكنه غالبا يدور حول معاني الأصالة والتمايز الحضاري والحفاظ على الذات في مواجهة تيارات الاندماج والصهر. وهي، لذلك، تثير لدى الأفراد والمجتمعات كل ما هو ذو صلة بهوياتهم وصورتهم عن الذات وعلاقتهم بالآخرين.

نحن إذن إزاء موقف دولي معقد ومزدوج مما يعطي الانطباع بالفوضى أحيانا وبالغموض أحيانا أخرى، ونحن إزاء قوتين تاريخيتين: قوة تدفع نحو التكامل بفعل التطور التكنولوجي وأدوات الإعلام الحديثة وانهيار حاجز المسافات والحدود بما يعنيه ذلك من اختراق للحدود السياسية وتجاوزها، وقوة أخرى تدفع إلى التمايز والحفاظ على الهويات الثقافية والحضارية واحترام الخصوصيات القومية والمحلية.

يترتب على ذلك أنه ليس صحيحا أن انتهاء الحرب الباردة يعني انتهاء الصراعات الإقليمية، أو أن نهاية الحرب الباردة سوف تعني فقدان تلك الصراعات مبررات قيامها. ومع أنه من الصحيح أن مناخ الحرب الباردة كان وراء تأجج بعض هذه الصراعات، فإنها لم تكن مسببة أو خالقة لها. وعلى سبيل المثال فإن قضايا مثل القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي ، والنزاع الهندي - الباكستاني، والمشكلة القبرصية تمثل نزاعات ومشكلات موضوعية تجد أسبابها في اعتبارات سياسية وتاريخية تنبع من ظروف الإقليم أو المنطقة ذاتها. وتحت تأثير الثورة العلمية والتكنولوجية، وثورة الاتصالات والمعلومات فمن الأرجح استمرار الاتجاه نحو مزيد من الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الدول الصناعية، ومن الأرجح أن يستمر ازدياد دور المعرفة في تحديد " الميزة التنافسية للشعوب والأمم ". وأن تصبح القدرة على التعامل مع المعلومات والاستفادة منها وتوظيفها هي الركيزة الأساسية لقدرة الدولة الاقتصادية على المنافسة. ومن الأرجح أيضا أن يستمر الاتجاه نحو تحرير التجارة الدولية الذي تسنده اتفاقية الجات ومنظمة التجارة الدولية، وكذا الاتجاه إلى توسيع الأسواق من خلال التكتلات الاقتصادية وأشكال التكامل الاقتصادي.

من الناحية السياسية ارتبط انهيار الاتحاد السوفييتي وأشكال نظم الحكم في دول شرق أوربا بالاتجاه نحو الأخذ بأشكال نظم الحكم الديمقراطية الغربية وتعدد الأحزاب، وازدياد الحديث عن احترام حقوق الإنسان، وضمان حقوق الأقليات باعتبارها كأحد معايير الانخراط في منظومة التحولات الدولية الراهنة. وفي هذا السياق برزت مفاهيم عالمية للأمن بحيث يكون الحفاظ على أمن كل دولة في إطار الأمن الجماعي للمنطقة والأمن العالمي بشكل عام. وظهر في هذا الإطار مفهوم حق التدخل الإنساني الذي يبرر للمجتمع الدولي حق التدخل فيما كان يعتبر من الأمور الداخلية للدول المرتبطة بسيادتها.

وفي نفس الوقت الذي تطرح فيه هذه الأفكار تبرز أيضا حقيقة "ازدواجية المعايير" أو " الكيل بمكيالين " وفقا لمصالح الدول الكبرى ذات الهيمنة والنفوذ. لعل أوضح صورها ما حدث لسنوات في البوسنة والهرسك مما يعد انتهاكا صارخا لكل مفاهيم حقوق الإنسان وحق تقرير المصير تحت سمع الدول الكبرى وبصرها. أو موقف هذه الدول إزاء إصرار إسرائيل على عدم الانضمام لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وقبول الدول الكبرى للمبررات الإسرائيلية مع أن هذا الوضع يمثل تهديدا لأمن دول المنطقة وسلامتها.

ومع الاعتراف بأننا نعيش في مرحلة انتقالية تختلط فيها الأوراق والألوان فإن هناك عددا من الاتجاهات التي من الأرجح أن تستمر. أولها، الاتجاه نحو مزيد من الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسقوط الأنساق الفكرية المعلقة. وثانيهما: إن النزاعات الدولية سوف تستمر، وأن الشكل الأرجح لها سوف يأخذ شكل الانفجارات الداخلية والحروب الأهلية الصريحة أو المستترة. كما سوف تزداد النزاعات حول مصادر المياه. وثالثها: إن الثروة الحقيقية لأي شعب لا تتمثل في الموارد الطبيعية، وإنما تكمن بالأساس في قدرات مواطنيه وفي مستوى إدراكهم العلمي وقدراتهم التكنولوجية. وإن ذلك يدفع بقضية التعليم وتنمية الموارد البشرية إلى مركز الصدارة في التخطيط المستقبلي لأي دولة. فالتعليم - في معناه الواسع - سيظل هو أداة إعداد البشر وتأهيلهم بهذا الإدراك العلمي وتلك القدرات والمهارات التكنولوجية والفنية اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل.

 

علي الدين هلال

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات