عزيزي القارئ المحرر
عزيزي القارئ
هذا الشهر.. ذلك القرن عزيزي القارئ.. بداية عام جديد - مع هذا العدد - تحيلنا مباشرة إلى تراجع ذلك القرن الذي نعيشه ، والذي يتآكل في تسارع حتى تبدو نهايته على مقربة أعوام أربعة. فقط أربعة أعوام ، وينتهي القرن الذي تفجرت فيه أشرس الحروب الكونية ، وأكثر النزاعات العرقية دموية ، كما تفجرت فيه أيضا ثورات وثورات ، على مستوى التغيير الاجتماعي ، والقفزات الثقافية ، والفنية ، أما قفزة العلوم والتقنية فهي الأوسع مدى ، والأكثر ملاحظة ، ولعلها الخلفية التي دارت أمامها ، وبدافع من إنجازاتها ، تلك الأحداث الكبرى في مسيرة هذا القرن سواء كانت تلك الأحداث خيرا أو شرا. فما فتك حروب هذا القرن إلا بتطور ابتكارات السلاح فيه. وما رفاه إنسان هذا القرن - على مستوى النشاط البشري العام - إلا بإنجازات العلوم والتقنية فيه أيضا. قرن صاخب ، ومحير كهذا القرن العشرين ، لا ينبغي أن يمر دون مراجعة وتأمل قبل انقضائه ، فلعل تداركه ببعض الإدراك قبل مضيه القريب ، شديد القرب ، يجعلنا نتهيأ - ولو عاطفيا - للقرن الذي يليه ، والذي بدأت تباشيره بالفعل في أيامنا. لهذا ارتأت " العربي " أن تبكر برصد الحصاد المتنوع لهذا القرن قبل أن يدركه الأفول . وفي هذا العدد مفتتح فسيح لهذا الرصد ، على مستوى التغير السياسي والاجتماعي كما في افتتاحية رئيس التحرير "عصر التطرف" ، أو على مستوى الإنجاز الأدبي كما في مقالة د. جابر عصفور "فضاء النقد الأدبي" ، أو مستوى الاكتشاف العلمي كما في مقالة د. أحمد مستجير "الكم واللولب المزدوج" ، وفي هذا السياق أيضا تأتي مقالة د .محمد جابر الأنصاري " قرننا المرتحل بين بداية ونهاية " وإبراهيم عبدالمجيد " قرن من الحروب ". ولا يعني ذلك أن يرصدنا - بآفاق نقدية واستشراقية - لهذا القرن ، سيقف عند حدود هذا العدد ، فهذا القرن متسع من الحراك والإدهاش والصخب ، والتحقق الإنساني والنكوص كذلك ، ولن يكفيه عدد أو أعداد ، فاحتفاؤنا به مستمر. يبقى - عزيزي
القارئ - أن هذا العدد ، في مطلع العام الجديد 1996 ، يتواكب مع قدوم شهر رمضان
الكريم . وله من هذا العدد تحية خاصة تحتفي بالاجتهاد الذي هو بعض من عظمة الإسلام
وتسامحه ورقيه ، وتذكر بمعجزة الإسلام الكبرى المتجددة - القرآن الكريم ، ولا تنسى
نصيب الإنسان المسلم من الدنيا فتورد بحثا لطبيب مسلم عمن يصوم ومن لا
يصوم.
|
|