طرائف عربية

طرائف عربية

مكارم وأخلاق

عطاء حتى الموت

خرج " كعب بن مامة الأيادي " في قافلة ، ومعهم رجل من بني النمر بن قاسط. فكان اليوم حارا ، والشمس فيه متقدة إلى حد الترويع. ضلوا الشعاب ، وشح الماء فكانوا يقتسمون الماء بقسط عدل فيشرب كل واحد قدر ما يشرب الآخر. وحينما دار الإناء بينهم وانتهى إلى كعب نظر النمري إلى كعب برجاء واستعطاف ورجاه فآثره بمائه وقال للساقي : اسق أخاك النمري ، فشرب النمري نصيب كعب من الماء ذلك اليوم.

وفي الغد تقاسموا الماء فنظر له مثل أمس وقال كعب كقولة الأمس ، وارتحلوا. وقالوا لكعب : ارتحل فلم يكن له قوة للنهوض.

اشتد أوار الشمس ، وهبت ريح صحراوية محملة بالرمال الصفراء ، فجفت الأجساد . ولما اقتربوا من الماء ، وبعد عناء الطريق قالوا لكعب :قم واشرب فعجز عن الجواب ، ولما أيسوا منه خيموا عليه بثوب يمنعه من الوحش والطير الجارح أن يأكله وتركوه مكانه فمات ونجا رفيقه .

مكارم تفك الأسر

عرض على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسرى من (طيء) وحين العرض نهضت من بين القوم "سفانة بنت حاتم الطائي" ، الذي ضربت العرب الأمثال بكرمه ، ووجهت الكلام لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) : يا محمد ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فإن رأيت أن تخلي عني ، ولا تشمت بي أحياء العرب ! ، فإن أبي كان سيد قومه ، يفك الأسير ، ويقتل الجاني ، ويحفظ الجار ، ويحمي الذمار ، ويفرج عن المكروب ، ويطعم الطعام ، ويفشي السلام ، ويطعم العائل واليتيم ، ويعين على نوائب الدهر ، وما أتاه أحد في حاجة فرده خائبا ، أنا بنت حاتم الطائي.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا جارية ، هذه صفات المؤمنين حقا ، لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه ، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق.

العقل يقود صاحبه لليقين

لما أتى بالهرمزان أشيرا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قيل له : يا أمير المؤمنين ، هذا زعيم العجم ، وصاحب رستم أعظم رجال فارس وقائد جيوشها.

فقال عمر رضي الله عنه : أعرض عليك الإسلام نصحا لك في حاضرك وبعد موتك. فقال : إنما أعتقد ما أنا عليه ، ولا أرغب في الإسلام رهبة . فدعا عمر بالسيف ، فلما هم بقتله ، قال : يا أمير المؤمنين ، شربة ماء هي أفضل من قتلي على الظمأ ، أنا آمن حتى أشربها ؟ قال : نعم فرمى بها الهرمزان ، وقال : الوفاء - يا أمير المؤمنين - نور أبلج! قال عمر : صدقت ! لك ما طلبت ، والنظر في أمرك ، ارفعوا عنه السيف !

فقال : يا أمير المؤمنين ، الآن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وما جاء به حق من عنده. فقال عمر : أسلمت خير إسلام فما أخرك ؟ قال : كرهت أن يظن بي أني إنما أسلمت خوفا من السيف.

فقال عمر : ألا إن لأهل فارس عقولا استحقوا بها ما كانوا فيه من الملك. ثم أمر ببره وإكرامه.

أتاكم غريب الدار مظلوم

استعمل عتبة بن أبي سفيان رجلا من آله على الطائف ، فظلم رجلا من أزد ، فأتى الأزدي عتبة ، فمثل بين يديه ، فقال :

أمرت من كان مظلوما ليأتيكم

فقد أتاكم غريب الدار مظلوم!

ثم ذكر ظلامته ، فقال له عتبة : إني أراك أعرابيا جافيا ، والله ما أحسبك تدري كم تصلي نم كل يوم وليلة. فقال : أرأيت إن أنبأتك ذلك أتجعل لي عليك مسألة ! قال : نعم ، فقال الأعرابي : إن الصلاة أربع وأربع : ثم ثلاث بعدهن أربع ثم صلاة الفجر لا تضيع فقال : صدقت. فاسأل ، فقال الأعرابي : كم فقار ظهرك ؟ فقال : لا أدري ، فقال أفتحكم بين الناس ، وأنت تجهل هذا من نفسك ؟ قال : ردوا عليه أغنامه.

ومن أقوالهم

الجود محبة ، والبخل مبغضة . وأيضا : اصطناع المعروف يقي مصارع السوء .قال الحطيئة :

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه

لا يذهب العرف بين الله والناس

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات