هو .... هي

أحمد.. ابني حبيبي

كانت فرحتي عارمة عندما تزوج ابني أحمد.

لقد كبر الابن الوحيد وأصبح زوجا وربا لأسرة.

أتذكر عندما أراد الزواج، جاءني وطلب مني التقدم لأسرة منى زميلته في العمل. في بداية الأمر لم أرحب بالموضوع، منذ البداية كنت أريده أن يتزوج ليلى ابنة أختي. أعرف ليلى منذ أن كانت طفلة، ثم صبية ثم طالبة جامعية، والآن مدرسة. كذلك تعرفني ليلى جيدا، أستريح لها وهي تستريح لي. تعرف طباعي وطباع أحمد. كان من الممكن أن تكون زوجة جيدة له، لكنه فاجأني بموضوع منى.

لم أستطع معارضته على طول الخط. وافقت على زواجه من منى حتى لا يغضب مني، لكن في قرارة نفسي كنت أتمنى أن أزوجه بليلى. الغريب أنني عندما فاتحت زوجي بما في داخلي، ثار في وجهي وأفهمني أنني أم غير متفهمة لظروف ومشاعر ابني. قال لي: " أنت أنانية، أتريدين أن ترسمي له حياته كما ترينها أنت، لا كما يراها ويريدها هو ". طلب مني بكل حسم أن أترك لابني الطريقة التي يخطط بها لمستقبله.

يومها، سكت ولم أجرؤ على فتح فمي.

يوم زفاف أحمد، كان يوما سعيدا في حياتي، سعدت به، ابني الوحيد، كان أنيقا وباسم الله ما شاء الله كالبدر، متعلم ومثقف ولا يعيبه شيء. ابني الوحيد. أحمد حبيبي.

بعد زواجه وانفصاله عني، بدأت أحس بأني فقدته. أشتاق إليه وإلى وجوده اليومي معي. أريد أن أراه كما كنت أراه - قبل زواجه. على الأقل أريده أن يتصل بي تليفونيا مرة كل يوم، أريد أن أطمئن عليه؟ هل شبع، ماذا أكل، ماذا شرب، هل ينام جيدا، ماذا ينقصه. عندما يلمح زوجي قلقي عليه، يتذمر وينطق ألفاظا تعبر عن ملله مني ومن تصرفاتي، ثم يقوم إلى التليفون لطلب بيت ابني، يبدأ عادة بالحديث مع منى، يسألها عن أحوالها وعن عملها وعن مصروف البيت، وبعد مكالمة طويلة معها ينتقل إلى أحمد يتحدث إليه بشكل موجز وفي فترة قصيرة جدا، ثم يقدم لي سماعة التليفون قائلا : ( اسألي عن أحمد بسرعة، ربما كانا مشغولين أو. لديهما ضيوف، لا تكثري الكلام معه ولا تطيلي الحديث ".

لا أكاد أبدأ في الحديث مع أحمد حتى يبدأ صوت مقاطعتي طالبا مني سرعة إنهاء الحديث.

لا أدري ما الذي جرى لهذا الرجل؟

.. هي

أدربها على طريقتي

لن أترك أي فرصة لزوجتي لأن تتدخل في شئون ابني أحمد.

عندما أراد ابني أحمد الزواج من منى زميلته في العمل، قال لي إنه يتوقع معارضة والدته. كان يعلم أنها تريده أن يتزوج من ليلى ابنة أختها. قال لي أحمد إنه لا يتصور ليلى إلا أختا له، لا تربطه بها أي عاطفة تؤسس زواجا.

طلبت منه أن يترك هذه الأمور لي. كان عليه أن يخبر أمه بطلب التقدم إلى أسرة منى، وفقط. أما الباقي وهو إسكات زوجتي فسوف أتحمل أنا مسئوليته. أعرف زوجتي جيدا. مستبدة، قضت عمرها تقدم لنا كل ما يلزمنا في البيت. كانت مثالا للزوجة وللأم، ألا أن أحمد وحيدها كان محور اهتمامها الأساسي، فهو الابن الوحيد مع بنات أخريات. أعرف أنها تعشقه، لكن ذلك لا يعني أن تمتلكه، فهو في النهاية شاب يملك ذاتا وعاطفة وحاضرا ومستقبلا. عليه أن يخطط حياته كما يريدها، لا كما أريدها أنا أو كما تريدها هي.

وحدث. أبلغها أحمد برغبته، ثم جاءني قائلا إنه قرأ في عينيها علامات عدم الرضا، أجابته " كما تريد. لا يوجد عروس أنسب لك من منى التي تريدها ".

بعد ذلك توجهت إلى زوجتي وسألتها عن رأيها، فصارحتني برغبتها في أن يتزوج أحمد من ليلى. انفجرت فيها وطلبت منها ألا تتدخل في شئون ابننا العاطفية، قلت لها هذا اختياره، وهذه رغبته وعلينا أن نقبل الأمر الواقع.

مرت أيام الخطبة بسلام، ثم مر يوم الزفاف بكل سلام. وانتقل أحمد إلى بيته.

وبدأت دائرة أخرى من الإلحاحات.

تستقبلني صباح كل يوم " أريد الاطمئنان على أحمد ".

عندما نجلس على مائة الطعام " ترى ماذا يأكل أحمد. هل نرسل له بعض الطعام ".

وقبل النوم " هل تعلم شيئا عن أخبار أحمد. هل هو في صحة جيدة. هل هو سعيد".

تريده أن يزورها كل يوم وأن يتحدث إليها تليفونيا عدة مرات في اليوم الواحد. لا تتصوره بعيدا عنها. ثم نادرا ما تسأل عن منى. لذلك أدربها على طريقتي.

أطلب بيت ابني على التليفون وأتعمد التحدث مع منى لفترات طويلة. أعرف منها كل شيء عن أحمد وعنها، بعد ذلك أتحدث مع أحمد.

أعرف أن زوجتي تموت غيظا. هذه الحماة الغيور.