مِنْ أوْرَاقِ ابن حزم الأندلسيّ في الأُلْفَةِ والألاّف

مِنْ أوْرَاقِ ابن حزم الأندلسيّ في الأُلْفَةِ والألاّف

شعر

بَابُ الرَقِيب :
أكُلَّمَا تَوَهَّجَتْ فِي القَلْبِ شُعْلَةُ الحَبِيبْ،
غَرِقْتُ فِي تَأمُّلِي،
وصُغْتُ مِنْ لَهِيبِهَا أُمْثُولَةً،
يَلْهُو بِذِكْرِهَا الزَمَانْ.
أمَا ارْعَوَتْ أفْكَارُ عَقْلِيَ الجَدِيبْ،
عَنْ اخْتِلاسِ ثَمَرَةِ المُحِبِّ قَبْلَ حِينِهَا،
وعَنْ هَوَى البَيَانْ.
أمَا ارْعَوَى اللِّسَانْ.
بابُ مَنْ أحَبَّ بِالوَصْف (خبر):
فِي مُنْيَةِ المُغِيرَةْ (1)،
وكُنْتُ لَاأزَالُ فِي غَرَارَةِ الصِبَا،
ولَمْ تَزَلْ عَلَى اللِّسَانِ عَثْرَةُ الحُرُوفْ.
قَرَأْتُ عَنْ جَنَّاتِ عَدْنٍ فِي النَعِيمْ،
وعَنْ عَذَابِ الخُلْدِ فِي الجَحِيمْ.
فَكُنْتُ لا أرَى سِوَى عُيُونِ نُعْم (2)،
ووَجْهِهَا البَهِيِّ يَبْدُوَانِ لِي،
كَمُبْهَمِ الحُرُوفِ فَوْقَ صَفْحَةِ الرَقِيمْ.
وكُنْتُ أسْتَجِيرُ مِنْ عَذَابِ هَجْرِهَا،
واسْتَلِذُّ قُرْبَهَا،
مِنْ قَبْلِ أنْ أرَى،
قِوَامَهَا القَوِيمْ.
بَابُ الضَّنَى:
كَأنَّنِي
أجوُبُ أرْضَ الزِنْجِبَارْ.
كَأنَّنِي
فِي الهِنْدِ أوْ فِي الصِينِ أوْ مَمَالِكِ المَغُولِ والتَتَارْ.
كَأنَّنِي فِي الفُلْكِ أمخُرُ العُبَابْ،
أرَى مَوَانِئَ عُمَانَ ، والأشْرِعَةَ البَيْضَاءْ.
كَأنَّنِي
أطُوفُ بالبَيْتِ وأرْمِي بِالجِمَارْ.
ولَمْ أجُزْ قُرْطُبَةَ الفَيْحَاءَ، غَيْرَ أنَّنِي
وَجَدْتُ كُلَّ عَاشِقٍ
فِي غُرْبَةٍ
بَعِيدَةِ القَرَارْ.
بَابُ الإذَاعَة:
إِمَّا يَطُوفُ بِي خَيَالُهَا،
فِي اللَيْلِ مِثْلَ البَدْرِ فِي تَمَامِهِ،
سَأَمْنَحُ الظَلامَ ضَوْءَ وَجْهِهَا،
وأُعْلِنُ الصَّبَاحَ قَبْلَ وَقْتِهِ.
------------------------------
(1) منية المغيرة: حيّ في قرطبة حيث نشأ ابن حزم.
(2) نُعْم: صبيّة أحبّها ابن حزم في صباه.

 

 

مجدي بن عيسى