عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

الكويت.. بلاد العرب

في فبراير من كل عام تقف دولة الكويت وقفة مع النفس، تتذكر ولادتها كدولة استعادت استقلالها بشق الأنفس من انتداب بريطاني دام على منطقة الخليج، وعلى أجزاء كبيرة من العالم عقودا طويلة. وبعد ذلك جاءت عملية البناء المتواصل التي التزمت بها الكويت منذ ذلك الحين لتتحول إلى دولة حديثة مكتملة المؤسسات، ويصبح مواطنوها أعضاء فاعلين في المجتمع العربي بشكل خاص، والعالمي بشكل عام. وكان توجه الكويت واضحاً ومحدداً منذ البداية، فهي بلد عربي وجزء من العالم العربي، لذلك لم يكن غريباً أن تختار لنفسها بعد الاستقلال مباشرة شعار «الكويت.. بلاد العرب» تعبيراً وتأصيلاً لهذا الانتماء. ولكن المسيرة لم تكن سهلة، فقد تعرضت هذه الدولة الوليدة للأخطار، ومن الغريب أن التهديد كان يأتي من جارتها العربية الشقيقة العراق. فقد توالت على حكم هذا البلد العريق أنظمة قصيرة النظر لا تأبه بحرمة الجوار ولا تعترف بوقائع التاريخ، وكانت النتيجة أن الكويت بسبب هذه الأنظمة تعرضت في مناسبتين على الأقل للخطر الأكبر، الأولى كانت في الستينيات حين حاصرتها تهديدات النظام العراقي، لولا أن هب العالم العربي والدولي لنصرة الكويت، وردع النظام العراقي وأبقى تهديداته وأطماعه عند حدود التصريحات الجوفاء، والثانية كانت في بداية التسعينيات عندما تجاوز النظام العراقي كل الحدود وقام بغزو مسلح واحتلال دام سبعة أشهر، لولا كفاح أبناء الكويت ونصرة كل دول العالم لها. لقد سقطت كل هذه الأنظمة الغاشمة وبقيت الكويت، وذابت المرارات التي كانت عالقة في النفس من هذا الجار العربي، وعادت الكويت لتزهو شعاراً وموقفاً بأنها حقاً بلاد العرب وسوف تبقى كذلك إلى أبد الزمان. إن مجلة العربي تشارك الكويت أفراحها بأعياد التحرير وتنشر ملفاً كاملاً عن النَّفَس العربي في الكويت، ذلك النَّفَس الذي يتبدى في أسماء شوارعها، وفي توجهاتها، وفي مشاريعها الثقافية التي تقوم بها الدولة أو يقوم بها القطاع المدني في الكويت، وهي مشاركة متواضعة في مناسبة غالية.

وتحفل «العربي» كعادتها في كل عدد بأكثر من قضية ورأي بشأن الواقع المعاصر الذي نعيش فيه، ففي افتتاحيته لهذا العدد يتحدث رئيس التحرير عن «تنمية البشر قبل الحجر»، وينتقد في مقاله أسلوب التنمية الذي اتبعه المجتمع العربي بشكل عام والمجتمعات الخليجية بشكل خاص حين تحيزت للحجر على حساب البشر، فاهتمت بإقامة المباني والعمائر والطرق السريعة، وخلقت حالة من جنون الاستهلاك دون أن تهتم بالمعمار البشري. وهو يدعو المثقفين للعب دور مهم في رسم سياسات التنمية داخل مجتمعاتهم، حتى تكتسب طابعا إنسانياً وتضع العنصر البشري في مقدمة أي خطة تنموية.

وتتنوع باقي مواد العدد بين قضايا الثقافة والفن والأدب، ففي مجال السينما تنشر موضوعاً عن الفيلم التاريخي الذي تفتقر إليه السينما العربية بشدة، وفي موازاة ذلك تنقل المجلة لقارئها تجربة السينما الإيرانية التي انتزعت احترام العالم كله على الرغم من أنها لم تتخل عن التزامها ويتم تنفيذها بأقل الإمكانات. وتتجول بقية موضوعات «العربي» في أكثر من مكان، من نابلس في فلسطين المحتلة، إلى عمائر اليمن، ومنها إلى صحراء الجزائر، ثم إلى الفن العراقي، وهي تؤكد بذلك أنه كما أن الكويت بلاد العرب، فإن «العربي» هي مجلة كل العرب.

 

 

 

المحرر