أرقام

أرقام

نساء . . . ورجال

يتوقع البنك الدولي أن يكون أطول الناس عمرا.. امرأة، وأن يكون أكثر الناس حظا في مجال العمل، ولفترة طويلة.. رجلا.

توقف البنك في آخر تقرير له عن التنمية في العالم أمام ما أسماه "مقارنة بين الجنسين"، وراح يجمح الأرقام حول ربع قرن من السباق بين الرجال والنساء.. أي الجنسين أكثر صحة وأطول عمرا.. أي الجنسين أكثر إقبالا على التعليم.. وما هو حظ كل منهما في سوق العمل؟

اليابانية أطول عمرا

مؤشرات الصحة كثيرة، ابتداء من انتشار أمراض سوء التغذية، والأمراض المزمنة والمعدية والأمراض القاتلة (مثل الإيدز)... وامتدادا لقدرة الإنسان على أن يتمتع بحياته أطول فترة من العمر.

بين هذه المؤشرات يتم التقاط مؤشر أساسي يعتبره الأطباء هو العنصر الكاشف، أو الملخص الموجه لمسيرة الإنسان الصحية... أعني: العمر المتوقع لشخص ما... عند المولد، والذي يجري حسابه وفق متوسطات عامة.

في جداول البنك الدولي تبدو المرأة وقد سبقت الرجل دائما في متوسط العمر.. فإذا كان العمر المتوقع للمرأة في العالم (68) عاما، سنة 1993 (وهو آخر رقم متاح) فإن العمر المتوقع للرجل في نفس العام هو (64) عاما.

ذلك هو المتوسط العام، لكن يختلف من مكان إلى آخر.

سباق التعليم

في سباق التعليم تبدو الإناث أكثر تفوقا! وتصدق هذه الحقيقة على الدول المتقدمة والمتخلفة في آن. المؤشر يمتد لمرحلتين: التعليم الابتدائي، والتعليم الثانوي. وإقبال البنات على التعليم يفوق إقبال الأولاد في كثير من البلدان.. يحدث ذلك في اليابان المتقدمة، وناميبيا الأقل تقدما، وفي ليسوتو وهندوراس... حتى أن نسبة الإناث للذكور في التعليم الثانوي بليسوتو تبلغ 146%.. بينما تهبط هذه النسبة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 94% وفي إيطاليا إلى 98%!

هذه القاعدة العامة لا تنفي وجود العكس، ففي دولة مثل تشاد تبلغ نسبة الإناث للذكور في التعليم الابتدائي 46%، وفي المرحلة الثانوية 32%.

السؤال: هل ينعكس ذلك الإقبال الكبير للإناث على التعليم على المشاركة في سوق العمل؟

والجواب بالنفي.

في عام 1993 كانت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل بالدول المنخفضة الدخل 36% من حجم هذا السوق... وبالدول المرتفعة الدخل 38%، أي أنه - وفي الحالتين - فإن المتوسط العام لاشتغال المرأة لا يصل إلى نصف ما يصل له متوسط اشتغال الرجال.

الظاهرة تبدو طبيعية، لكنها وفي دول صناعية تحققت فيها المساواة بين الرجل والمرأة إلى درجة كبيرة يصبح الأمر لافتا للنظر.

في سويسرا لا تقل مشاركة المرأة في سوق العمل عن 36%، وفي اليابان 38%.. والولايات المتحدة 41%... وفي ألمانيا 40%.

وعلى العكس في الدول الأقل دخلا وتقدما فإن النسبة تصل إلى 47% كما هو الحال في رواندا وبوروندي ورومانيا وبلغاريا وبنين.

أما المساهمة الأقل فهي تأتي في أغلب الأحوال في دول إسلامية أو عربية.. ففي الإمارات لا تزيد مساهمة المرأة على 7%.. والجزائر 10%.. والسعودية 8%.

والمرأة الكويتية أيضا

ما هي صورة المقارنة بين الإناث والذكور.. النساء والرجال العرب؟

النساء أطول عمرا.. هذه قاعدة عامة، ولكن المرأة الكويتية تسجل المركز الأول في هذا المجال حيث تقول إحصاءات البنك الدولي إن متوسط العمر المتوقع للكويتية عند المولد هو (77) عاما، في مقابل (76) عاما لامرأة الإمارات العربية... و(72) عاما في كل من السعودية وعمان والأردن... أما في اليمن فالمتوسط يهبط إلى (51) عاما.. وفي المنتصف تقف بلدان مثل تونس والجزائر والمغرب ومصر.

نفس الشيء بالنسبة للرجال: المتوسط عند الذكور في الكويت والإمارات (73) عاما... تليهما السعودية (69) عاما.. و.. يستمر المتوسط في الهبوط ليصل إلى الخمسين عاما في اليمن (وربما الصومال التي لم تتضح إحصاءاتها).

في مجال التعليم حدثت قفزات واسعة. كانت نسبة مشاركة الإناث في التعليم الثانوي بتونس 38% عام 1970.. فأصبحت النسبة 82% عام 1970.. وكانت هذه النسبة 48% في مصر فأصبحت 81%.. وفي الإمارات كانت الإناث يشغلن 23% مما يشغله الذكور في المدرسة الثانوية، ففاقت الإناث عام (93) الذكور وبلغت النسبة 105%.. حتى السعودية. وعلى الرغم من التقاليد فقد ارتفعت فيها النسبة بالتعليم الثانوي من 16 إلى 79%...وفي الكويت بلغت النسبة 97%.

الطفرة واسعة في التعليم، لكن ذلك لم ينعكس أيضا على سوق العمل.

كانت الأكثر مشاركة - 1993 - في سوق العمل المرأة التونسية وبنسبة ربع سوق العمل... وكانت الأقل مشاركة المرأة في الإمارات وفي السعودية.

وربما يلفت النظر أن تكون مساهمة المرأة في بلدين هما المغرب والجزائر متباينة أشد التباين... ولدرجة أن الأولى تبلغ ضعف الثانية.

يلفت النظر أيضا أن تكون مساهمة المرأة في سوق العمل بمصر، وهي مساهمة قديمة لا تتخطى 11%. ولكن التفسير على ما أظن هو أن الأمر لا يتعلق برغبة المرأة أو التقاليد وحدها، ولكنه يتعلق أيضا باتساع سوق العمل وضيقه.. فعندما تكون الفرص محدودة فإن المجتمع يعطي الأولوية للرجل... رب البيت وعائل الأسرة أيضا، فإنه عندما يرتفع مستوى التضخم، وتتدنى قيمة الأجور يصبح خروج المرأة للعمل بلا طائل، أو بلا إغراء... حتى أنه شاع في مصر - على سبيل المثال - حكاية انسحاب المرأة من سوق العمل. الأرقام لا تنبئ بذلك، لكن الظاهرة قائمة على أي حال.

ماذا تعني هذه المقارنات الرقمية؟

الأطباء يفسرون طول عمر المرأة بعوامل فسيولوجية وعضوية... أكثر منها اتصالا بعوامل البيئة.

ورجال الاجتماع يفسرون إقبال المرأة على التعليم بأنه نوع من الرغبة في التقدم واللحاق بالعصر وفك الحصار حول عقل الفتاة.

أما سوق العمل، فتلك قضية أخرى معقدة فالمرأة الثرية لا تحتاج إلى العمل، والمرأة الفقيرة لا تجد في بلادها فرصة عمل... والمرأة محاصرة في كل مكان ومازالت تطلب المساواة في فرص الترقي والمناصب الكبرى وسوق العمل بشكل عام.. حتى في أمريكا.

 

محمود المراغي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات