عزيزي العربي

عزيزي العربي

معجزة الآخرين .. وغيبوبتنا

  • .. رئيس التحرير

قرأت حديث الشهر في العدد 470 شهر يناير 1998 بعنوان "متى تنتهي حيرتنا العقلية وتبدأ معجزتنا الاقتصادية؟" الذي حللتم فيه ما ورد في كتاب السياسي والمفكر الفرنسي آلان بيرفيت الموسوم بـ"المعجزة في الاقتصاد من المدن الفينيقية إلى اليابان" ووقفتم على مكامن الداء و"طرق" الدواء في مسيرتي التخلف والتطور اللتين يتأرجح بينهما العصر، فقد تبين لنا في اثني عشر بنداً سمات الاقتصاد غير النامي، وفي اثني عشر أخرى سمات الاقتصاد النامي.

والسؤال: هل هذه التركيبة التقابلية كفيلة بفهم ميكانيزمات الحياة بمختلف جوانبها في عالمنا العربي الإسلامي؟ وهل مؤشراتها الرقمية ـ رغم دلالتها ـ هي الوحيدة التي ينبغي الاعتماد عليها في وصف مجتمع ما بأنه في خانة التخلف، وآخر في خانة التقدم؟! أليست هناك مؤشرات أخرى مخالفة لصرامة التقابل تلك؟ ألا تكون الأرقام والقياسات ماكرة وخادعة في بعض الأحيان؟

إن في داخل كل مجتمع جانبا من التطور، وجانبا من التأخر. أما تقسيم العالم ـ كما يروج لذلك الغرب ونتبعه فيه ـ إلى شطر متقدم بامتياز، وشطر متخلف بامتياز كذلك، فأمر قد لا يسوغه التحليل العميق البعيد عن مظاهر المادة. وإن القول بغيبوبة الذهنية العربية قد يساعد على الإحباط أكثر مما يساعد على الإنعاش، هذا إذا سلمنا به، وإلا فإن الذهنية العربية في كامل وعيها، وفي "قمة" استعدادها للعطاء لو وجدت المناخ السليم المعافى، فكثيرا ما تُلجمها عوامل السياسة، وتذبلها رياح الإقصاء، وتستنزفها مهاجر الغربة. فكم في الغرب من عقول عربية تقود عربة تطوره! ولكن هذا الغرب لايزال يصدر إلينا أطروحة إرنيست رينان عن "تخلف العقل العربي".

أحمد بلحاج آية وارهام
مراكش ـ المغرب

.. ونقول

نعتقد أن غلإشارة إلى وجود "غيبوبة" عربية في مجالات عدة ومنها االاقتصادد، لا تعني بث الإحباط واليأس، بقدر ما تمثل دعوة لمحاولة تجاوز تلك الحالة التي وصلنا إليها.

فللتطور أسبابه التي يجب الأخذ بها.. كما ان للتخلف عوامله الذي يجب دفعها، وعدم الركون إليها.

أحمد المحرر

انفجار الثوابت المعرفية!!

  • .. رئيس التحرير

أثارني مقال الدكتور عبدالسلام المسدي المعنون بـ "النقد الأدبي وانفجار النظرية" في العدد رقم "466" سبتمبر 1997، لأن قول تزلزل الثوابت والمرجعيات في هذه الآونة لاسيما الذائقة الشعرية مبالغ فيه، فمهما دافعنا عن قصيدة النثر وعن النظريات الحداثية المتطرفة، فلا يزال للشعر العربي الرصين أريحيته الغالبة وجمالياته الطاغية على طبيعة العمل نفسه. وليس من المستساغ أو المقبول أن نقتل شعرنا العربي بقولنا بمحو الذائقة الشعرية، لأن كلمة "شعر" لا تعني في أولى مدلولاتها إلا الذائقة الفنية المتضمنة في العمل الأدبي، فما قولنا إذن عندما تتلاشى كلمة الشعر وجواهره من العمل "الشعري" نفسه؟! وماذا نطلق عليه عندئذ؟!! ثم إن حديث الدكتور المسدي عن انفجار النظرية النقدية إلى مضامين جديدة مستحدثة مثل: نظرية التلقي ونقد النقد ونص النص ونظرية الكتابة وغير ذلك إنما هو عود على بدء، وصياغة جديدة لعلوم ومصطلحات عربية عرفها أجدادنا الأقدمون في ديوان الأدب العربي الزاهر، وليس للغرب فيها من فضل علينا إلا بتوسيعهم في أركان وعناصر هذه "النظريات" حتى استطالت بغزارة الكتابة عنها!!

وأما قوله بعدم جدوى "الموهبة" الأدبية في عصرنا الراهن إلا بالاتكاء على عناصر المثاقفة والتعهد ورسوخ المعارف، فهذا ما قاله العرب الأقدمون من نقاد وشعراء، فالشاعر الحق هو صاحب الموهبة ـ أولاً ـ الذي يتعهد نفسه عن طريق الدرس والتثقيف والنقد والاطلاع، وليس فقط بالاعتماد على الموهبة! إذن فانفجار النظرية النقدية إنما هو مضمون أو مضامين تلوكها ألسنة النقد الحديث بلا إشباع أو ارواء لفهم القارئ المتخصص، وبلا تطبيق جيد مفيد على الجانب الإبداعي، إن شعرا وإن نثرا لنخلص في النهاية إلى مقولات جاهزة غير قادرة على الرسوخ والثبات أمام امتحان التجربة التطبيقية!!

صلاح حسن رشيد
أبوحماد ـ مصر

من غيمات الغربة
إلى أبجدية الياسمين

في فجر الثلاثين من أبريل الماضي، انطوت في لندن صفحة العمر لشاعر عربي كبير، هو الرائق العميق العاطر نزار قباني، وعاد جسده إلى عاصمة قلبه دمشق، والتي اشتهاها الشاعر مستراحاً نهائياً لجسده المتعب، وسماها رحماً علمته الإبداع وأهداها أبجدية الياسمين.

أمطرت غيمات الغربة دمعاً، وأشاع ياسمين دمشق عبير فؤاده.

وإذا كانت "العربي" تقدم نعيها لأمة الشعر العربي، فإنها تعد باحتفاء يليق ـ نقداً وتذوقاً ـ بالإنجاز اللامع لفقيد الشعر العربي الكبير في أحد أعدادها القادمة.

رحم الله نزار قباني وأسكنه فسيح جناته، وعوض أمته عنه خيراً، ففي جمال الكلمات ثمة خير كثير، وكان نزار قباني علماً بين صناع هذا الجمال والخير.

تعقيب وتصويب

  • .. رئيس التحرير

بعد اطلاعي على أغلب مواد العدد "463" يونيو 1997م، استوقفتني ملاحظات تعقيبية موزعة على موضوعين اثنين مما حوت المجلة. وليس مدهشا أن يتصالب الموضوعان زمانا ومكانا في جانب تاريخي معاصر، ومتميز لأمتنا العربية.

ولنبدأ مع الموضوع الأول. ففي "حديث الشهر الفكري" تم التطرق إلى الرواية التي كتبها الأديب تركي الحمد، وهي الرواية التي تحمل عنوان "العدامة" فلم أجد في المقال ذكرا لاسم الروائي الجزائري الشهيد أحمد رضا حوحو، من بين الروائيين العرب الذين عاشوا فترة على أرض الجزيرة العربية.

فقد أقام أديبنا أحمد رضا حوحو وهو شهيد من شهداء الثورة الجزائرية، في أرض الحجاز من سنة 1935 إلى سنة 1945. وحسب الرأي الغالب والراجح، فإنه دبج روايته التي عنوانها "غادة أم القرى" في بداية الأربعينيات، أي قبل صدور رواية "زينب" لمحمد حسين هيكل بعدة سنوات. وهذا ما يمنح له أحقية السبق والصدارة، والاعتراف له بالتقدم في هذا اللون الأدبي في بلاد العرب.

وفي رواية "غادة أم القرى" القصيرة لم يتجاوز الأديب أحمد رضا حوحو "متاريس الأخلاق الجامدة"، وإنما حافظ على نسق المنظومة الأخلاقية الراقية لشعب الجزيرة العربية، فإن الأديب الشهيد أحمد رضا حوحو، في روايته المذكورة، والتي يروي فيها قصة حب عفيف، حب كله فضيلة، حب طاهر بدليل أنه اختار لبطل روايته اسم "جميل"، وهو رمز الحب العذري في تاريخ العرب، فإنه ظل ملتزما بمبادئ وقيم أمته الأخلاقية.

ومن يقرأ رواية "غادة أم القرى"، يدرك أن كاتبها المرحوم الشهيد أحمد رضا حوحو لم يكن واقفا خارج أسوار المجتمع الجزيري. وإن كنت أرى في النظرة من الخارج مزايا لا يطمسها التقدير العادل. فهي تفيد في معاينة حركة المجتمعات، وفي رصد تغيراته الطافحة، وتشريح عناصر كيانه لأنه كثيرا ما تخيب الوقفات الداخلية في تعقب التبدلات والتقلبات الحاصلة في المجتمع حتى ولو كانت نظرة صاحبها خبيرة، وسابرة للأغوار.

ويصادف القارئ الفطن لرواية "غادة أم القرى" فلتة بديعة تنسجم مع أدب الخيال العلمي، يمزج فيها بين أمل تواق ونظرة تستشرف المستقبل، وتصدقها الأيام بفضل الابتكارات العلمية.

وأما الموضوع الثاني الذي وددت الوقوف عنده، فهو المتناول في الباب الثابت من المجلة "شعاع من التاريخ"، والذي يدور فحواه حول صور البطولات الجهادية إبان الثورة التحريرية، التي خاضها الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي، وهي بطولات مملوءة بالفداء والبسالة. والتضحية والإقدام. ولست أعرف لماذا يكون الخطأ في كتابه اسم ترنمت به شفاه كل المعجبين في فترة ما من تاريخنا العربي المعاصر؟؟.

إن اسم بطلتنا هو جميلة بوحيرد وليس بوحريد كما كتب في عنوان وسطور المقال واسم أي إنسان ـ كما لا يخفى ـ هو جزء من هويته الخاصة وشخصيته، وهو أكثر من رمز أو إشارة. وإذا كان الاسم ينزل على صاحبه من السماء كما يقول إخواننا المشارقة، فمن حقه أن نناديه به كما هو.

وإذ أوافيكم بهذه التعقيبات، فإنني في غاية التحسب بأنني قد قمت بشيء من الواجب الذي يجسر بنياننا الفكري، ويعضده دون تحامل أو تعنت. وحينما يكبر الأمل فإنه يستحيل إلى رجاء.

لمباركية نوار
باتنة "الاوراس" ـ الجزائر

إيقاعات سريعة

الأصدقاء: محسن عبدالعال "ابوتيج/مصر"، عاصم الشرعبي "دمشق/سوريا"، بلقاسم برهومي "قفصة/تونس"، زكي السالم "الدمام/السعودية"، وائل سويلم "ابوحماد/مصر"، يوسف المدني "كيرالا/الهند" أميمة شعبان "الفيوم/مصر"، عبدالله بن ادريس "طرابلس/ليبيا"، علي الإبراهيم "الرقة/سوريا"، بوعرورو عبدالسلام "الرباط/المغرب"، عبدالناصر اخمي "البويرة/الجزائر"، خالد عبدالكريم "حمص/سوريا"، علي آل مهنا "القطيف/السعودية"، حنان عيلبوني "دمشق/سوريا"، مدحت متار "اياسي/رومانيا".

وصلتنا رسائلكم.. شكراً على الثقة ..وأهلا وسهلاً بكم أصدقاء للعربي.

وتـريـات
شوق وحنين

أحن إلى حماكم يا رفاقي

 

ولا أدري متى وقت التلاقي ؟!

فقد رحل البعاد بكم زماناً

 

ولكن ذكركم في القلب باقي

ليالينا الجميلة حيث كنا

 

نردد لحن هاتيك السواقي

وأياما كتبنا الود فيها

 

من الأعماق تذكرة المآقي

سلام الود أكتبه ندياً

 

وأرسله على حر اشتياقي

ليخبر خُلتي ما كنت ألقى

 

وما تذكيه نيران الفراقِ

شعر: أحمد شريف
اسمرا ـ ارتريا

 



 
  




نزار قباني





جميلة بوحريد