إلى أن نلتقي

إلى أن نلتقي

نهاية العالم

"العالم سوف ينتهي في العام 2028م، أي بعد 30 عاماً بالتمام والكمال "هذا ما بشرنا به المدعو بريان مارسدان، وهو يحتل منصب مدير المكتب الرئيسي للبرقيات الفلكية في مختبر سميثونيان الفلكي في كامبريدج الواقعة في ولاية ماساشوستس الأمريكية.

قال بريان إن نيزكاً يصل قطره إلى حوالي ميل سوف يقترب من الأرض. كما لم يقترب منها أي نيزك آخر من قبل، بل وسوف يكون أقرب إليها من القمر، وبالتالي فإن احتمال أن يصطدم بها هو أمر ممكن.

هل تنفجر الأرض إذا أصابها هذا النيزك?

يرد بريان: ليس تماماً، فقد حدث قبل 65 مليون عام أن اصطدم كوكب قطره حوالي 6 أميال بالأرض ونتج عن ذلك الاصطدام طاقة تزيد 5 مليارات مرة على الطاقة الناتجة عن تفجير القنبلة التي دمرت مدينة هيروشيما، أي يمكن أن تتغير تضاريس الكرة الأرضية كلها وتحدث حرائق، بحجم القارات، كما سوف تزول مدن، ويمكن أن ينتج عن الاصطدام سحب من الغبار الكثيف تؤدي إلى "صقيع أرضي" يؤدي إلى إبادة الزرع والضرع.

يكفي هذا. هذه الرؤية لنهاية العالم تتكرر منذ فجر التاريخ، والفرق أن السحرة كان من يطلقها أو المشعوذين أو المنجمين، أما اليوم فيطلقها العلماء، سحرة هذا العصر، والمشكلة أن هناك من يصدقهم، وخاصة شركات التأمين، إذ ما إن أطلق السير بريان رؤياه حتى بدأ خبراء شركات التأمين في حساب النتائج، وكما الوباء انتقلت عدوى هذه الحسابات إلى البنوك والشركات العقارية التي تمنح قروضاً تمتد على مدى 30 عاماً لشراء المنازل، كما امتدت إلى شركات المقاولات والبناء وهذه بدأت تحسب إذا كانت سوف تضيف عدداً من الطوابق أسفل المبنى يمكن أن تتحول إلى ملاجئ من الهول المقبل.

حسابات أهل المال والأعمال التقت حول سؤال واحد: هل تستطيع أن تحسب بدقة وأن تحدد القارة التي سوف يضربها النيزك في العام 2028. أي المنطقة التي يمكن أن تكون بلغة هذه الأيام "عين الإعصار"؟

العالم الفلكي قال: إن هذاممكن في العام 2000 وفي العام 2002، حيث سوف يدور النيزك في هذين العامين حول الأرض، ويكون على مسافة تسمح لنا بتحديد القارة التي سوف يضربها في الموعد المحدد.

أبرز ما طرحته شركات التأمين في هذا السياق هو إضافة بند إلى بوليصة التأمين يعفي الشركة من الدفع إذا كان الموت ناتجاً عن سقوط نيزك على الأرض، أما إذا أصر المؤمن على حماية نفسه ضد النيازك أيضاً فلابد عندئذ من رفع بدل التأمين عدة أضعاف حماية للشركة من احتمالات الإفلاس.

العجيب أن رؤية العالم الفلكي المدعوم بالتكنولوجيا الحديثة لم تدفع أهل المال والأعمال إلى التفكير بالموت وبالتالي توزيع بعض ثرواتهم أو الاستمتاع بجزء منها على الأقل في هذه الحياة الدنيا، بل على العكس، فإنهم اعتبروا أن الضربة سوف تصيب "الآخرين" وبالتالي عليهم أن يكونوا مستعدين للحياة في "اليوم التالي" وبعد وقوع كارثة الكوارث.

أنا شخصيا مازلت أشعر بالاطمئنان لسببين: أولاً "كذب المنجمون ولو صدقوا" وهذا ما أؤمن به، وثانياً: لأن عالمنا العربي تناوبت عليه الكوارث إلى حد بات معه يملك مناعة هائلة لمقاومتها ولو كانت في حجم نيزك.

وإلى اللقاء بعد العام 2028م.

 

أنور الياسين