في سن الأربعين: أم لأول مرة

في سن الأربعين: أم لأول مرة

ماذا يحدث عندما تتأخر المرأة في الإنجاب، وتستقبل طفلها الأول وهي في الأريعين من العمر؟

النساء وقعن في الشرك "، هذا ما صرحت به الدكتورة" دوروثي ميشيل ليف " أخصائية الغدد الصماء المعروفة، وذلك خلال مؤتمر الرابطة الأمريكية للإنجاب. فعلى امتداد عدة أعوام لم يصرح الطب بشيء إزاء القرار الذي اتخذته النساء وهو الانتظار حتى سن الأربعين للحصول على أطفال. ونبهت الدكتورة "دوروثي " إلى أنه قد حان الوقت لتشجيع النساءعلى تقديم فترة الحمل. كان الحضور مكوناً أساساً من أطباء الأمراض النفسية والأخصائيين الاجتماعيين الذين وحدوا جهودهم لمواجهة معاناة النساء بسبب تعذر حملهن حين بلوغهن سناً متأخرة.

لقد اعتادت النساء تأجيل رغبتهن في الحصول على طفل إلى حين إكمال دراستهن وحصولهن على وظيفة وتغير معدل عمر الإنجاب لدى النساء بسبب اقتحامهن مجال العمل. ففي فرنسا كان في حدود 26.5 عام في عام 1975 وارتفع إلى 28.3 عام خلال عام 1990.

وبينما بلغ عدد المواليد في عام 1970: 345 ألف طفل انخفض في عام 1989 إلى 310 آلاف طفل. كما أوضح أحد الاستطلاعات بأنه في عام 1970 أنجبت 26.000 امرأة طفلها الأول بعد بلوغها عامها الثلاثين بينما ارتفع هذا العدد إلى 50.000 في عام 1989.

بوجه عام كانت وسائل الإعلام تقدر مزايا الحمل المتأخر وتؤيد الفكرة القائلة بإمكانية حدوث الحمل لدى المرأة حتى بلوغها سن الأربعين، بل والى حين انقطاع الطمث. ولكن ينبغي على المرأة أن تدرك بأنها حين تنتظر سن الثلاثين أو أكثر لكى تنجب طفلها الأول فإنما تعرض فرص حدوث الحمل للتقلص بل إنها قد لاتحمل إطلاقا.

وخلال الأعوام العشرة أو الخمسة عشر الأخيرة واجه ملايين الأزواج مشاكل عقم كان سببها ولو بشكل جزئي- سن المرأة .

يقول "دا فيد ميلدرام". أخصائي غدد صماء أيضاً- بأنه. ليس لدى النساء معلومات كافية حول انخفاض الخصوبة الذي يسببه التقدم في العمر. كما أن الكثيرات منهن لا يدركن الضرر الذي قد يحدث لهن جراء الانتظار الطويل لقرار الحمل. وبالنسبة للنساء اللاتي يكتشفن عقمها الأبدي فإنهن يصبن بصدمة نفسية تكون أحياناً غيرمحتملة.

انخفاض الخصوبة

منذ عشرة أعوام، اجتهد علماء الإحصاء من أجل معرفة سر ارتفاع نسبة الخصوبة لدى النساء الأكثر شباباً ومع ذلك فإن السبب بديهي ويكمن فى أن فاعلية أعضاء الإنجاب تنخفض بتقدم العمر. ولإثبات ذلك ينبغي تمييز العوامل السلوكية مثل التدخين وتعاطي المخدرات عن العوامل الحيوية. لكن أفضل ما يمكن عمله هو إجراء دراسة على فئة لايوجد فيها ما من شأنه أن يحد من الانجاب على امتداد فترة الإنجاب لدى المرأة.

هذا ما قام به اثنان من أخصائيي الاجتماع بجامعة "واين ديترويت" حيث نشرا في عام 1953 نتائج أبحاثهما المتعلقة بهذا المجال. لقد اعتمدت دراستهما على سجلات دقيقة ومحفوظة خلال الفترة بين عامي 1880 و1950 من قبل "الهوتوريت" وهي طائفة تعيش في ولايات داكوتا الشمالية وداكوتا الجنوبية ومونتانا بالإضافة إلى كندا، تحظر معتقداتها الدينية وضع أي ضوابط بالنسبة للإنجاب، وخرج الباحثان من هذه الدراسة بنتائج تؤكد أن فرص التمتع بالأمومة قد انخفضت من 50% إلى صفر بين فئتي أعمار النساء- الثامنة عشرة والأربعين عاماً- ومما عزز هذه النتائج الدراسة التي أجريت في عام 1961- وهي عبارة عن مقارنة- على عشرة شعوب في العالم تماثل جميعها شعب "هوتوريت".

على الرغم من ذلك هناك أسباب أخرى تفسر هذا الانخفاض الشديد في نسبة الخصوبة مثل الفترات الزمنية التي تفصل بين العلاقات الجنسية، عمر الزوج، بالإضافة إلى انخفاض جودة المني على مرالسنين.

خلال السبعينيات فكر باحثون فرنسيون في إيجاد قاعدة لدراسة الخصوبة الأنثوية بشكل موضوعي فالتلقيح الصناعي عن طريق نساء متطوعات والذي يجري لنساء سليمات لجأن إلى الطبيب بسبب عقم أزواجهن يسمح في الواقع باستبعاد عدة أمور مثل تكرار المعاشرة الزوجية وجودة المني. وبعد دراسة أجريت خلال الفترة بين عامي 1973 و 1980 على 2193 حالة توصل الباحثون إلى نتيجة مفادها أن فرص حدوث الحمل خلال عام واحد بلغت 74% لدى النساء اللاتي تقل أعمارهن عن واحد وثلاثين عامأ بينما بلغت 61% لدى النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين واحد وثلاثين وخمسة وثلاثين عامأ و 54% لدى النساء اللاتي تجاوزت أعمارهن خمسة وثلاثين عامأ.

السن وعلاج العقم

في غضون ذلك تمكن أخصائيو العقم من مواجهة المشكلة من زاوية جديدة فمع الارتفاع المستمر لعدد النساء اللاتي خضعن لعلاج العقم ولجأن إلى التلقيح الصناعي، أكد الأخصائيون أن فرص نجاح العلاج كانت أقل لدى النساء المتقدمات في العمر ولاسيما هؤلاء اللائي تجاوزت أعمارهن أربعين عاماً. وأرجع الباحثون ذلك إلى عدم جودة البويضة. وبدأت مواجهة هذه المشكلة منذ عشرة أعوام عن طريق التبرع بالبويضات حيث يقوم الطبيب بإخراج بعض البويضات الناضجة من جسم امرأة متطوعة وتخصيبها في أنبوبة الاختبار ثم ينقلها إلى امرأة مصابة بالعقم لتمكينها من الحصول على جنين.

من ناحية أخرى، أوضحت الدراسات أن فرص التعرض للإجهاض التلقائي لدى المرأة التي تبلغ سن الأربعين تفوقها لدى المرأة في سن العشرين.

ومن الملاحظ أيضاً أن نسبة الأطفال الخدج أو ذوي الوزن القليل ترتفع وفقأ لعمر الأم.

وفي عام 1990 نشر مركز الصحة الأمريكي تحليلاً للمعلومات التي جمعها عام 1988 من خلال دراسة مطولة أجريت على 8450 أمريكيا ، أوضح هذا التحليل أن نسبة النساء اللاتي يعانين من مشاكل الإنجاب بلغت 4.1% لدى النساء اللاتي. تتراوح أعمارهن ما بين خمسة عشر وأربعة وعشرين عاماً بينما بلغت 13.4% لدى من تتراوح أعمارهن؟ ما بين خمسة وعشرين إلى أربعة وثلاثين عاماً. أما النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين خمسة وثلاثين إلى أربعة وأربعين عاما فقد بلغت نسبة مشاكل الإنجاب لديهن 21.4% ولاشك أنها نسب ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار .

وعوضاً عن تقديم النصائح للنساء بضرورة الحصول على طفل فإنه من الأجدر تزويدهن بالمعلومات الضرورية في هذا المجال لتمكينهن من الاختيار المبني على أساس المعرفة.

 

نزيهة المحميد

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات