أدوية على الأغصان أحمد قطاع

أدوية على الأغصان

يعود تاريخ العلاج بالنباتات الطبية إلى آلاف السنين وقد ترافق مع تطور الإنسان، وبناء على ذلك فإن النباتات الطبية هي تلك النباتات التي استزرعت واستفيد منها لأطول فترة من الزمن. وبالرغم من هذه الحقيقة، فإن زراعة النباتات الطبية تعتبر أكثر حداثة من باقي فروع الزراعة والبستنة وأحد الأسباب التي جعلت هذه الظاهرة حقيقة هو أن جمع ومعالجة واستعمال النباتات الطبية كان مترافقا مع العبادات الدينية والسحر وذلك لوقت طويل جدا. إن تطور علم العقاقير، وعلم الكيمياء النباتية في القرن التاسع عشر قد زود بالإمكانات المناسبة، من أجل الاستعمال العلمي للنباتات الطبية في معالجة  مختلف الأمراض التي تصيب الإنسان والحيوان. وقد ساهمت دراسة العمليات الحيوية في الخلايا الحية، ومنتجات الأيض النباتي في نمو وتزايد استعمال النباتات الطبية، نظرا لأنها زاخرة بالمقومات الطبية الفعالة التي لها تأثيرات بيولوجية واضحة، وكذلك بسبب فعاليتها الدوائية وسرعتها العلاجية في شفاء الكثير من الأمراض - إلى جانب رفع مستوى الإنتاج الزراعي والمردود الاقتصادي الذي يؤدي إلى رفع الدخل المحلي على المستوى الوطني والدولي. بالإضافة إلى أن إنتاج النباتات الطبية زراعيا يمكن أن يساهم في تحقيق الأمن الدوائي ورفع العائد المادي بشكل واضح وملحوظ . بدأ استزراع النباتات الطبية النامية بريا، وكذلك فإن الأنواع المزروعة على مساحات صغيرة من قبل قد أصبحت الآن مزروعة فوق مساحات كبيرة وبشكل اصطناعي. وعندما نتكلم عن زراعة النباتات الطبية فإنه يتوجب علينا أن نعرض أهم المميزات العامة والأنواع التابعة لمجموعة النباتات الطبية. ومن أهم هذه المميزات نذكر: أن النباتات الطبية المستزرعة هي تلك النباتات الحاوية على مواد بيولوجية فعالة وهذه المواد تمتلك تأثيرات متنوعة تمثل قيمة استعمالها - وهذه المواد قد أنتجت بواسطة عملية التركيب البيولوجي في جسم النبات - وتجمعت بتركيزات صغيرة جدا تصل أحيانا لأقل من 1 %. فقط تلك المقادير الضئيلة من المواد الفعالة هي التي تكون مستعملة، وتكون محتواة في بعض أجزاء النبات كالأوراق - الثمار - الجذور وليس كامل النبات. إن وجود هذه النباتات بشكل طازج لا يعتبر مناسبا لاستهلاكها، حيث إن الجزء المستعمل من النبات يكون معالجا بالتجفيف أو بالاستخلاص أو بالتقطي ر لاستخراج الزيت العطري وذلك قبل الاستعمال - وبمعالجة تتم وفق العديد من المراحل. العقار النباتي هو المحصول الناتج من هذه النباتات باللغة التكنولوجية. إن مجموعة النباتات الطبية تعتبر ذات خصائص نباتية وفسيولوجية ومورفولوجية متباينة وبشكل مشابه لباقي النباتات، مثلا النباتات الطبية تحتوي على أنواع حولية وثنائية الحول ومعمرة مع ساق عشبية أو شبه خشبية، وبشكل جنبات أو شبه جنبات، وأنواع ذات ثمار وأنواع دون ثمار. إن أعداد النباتات الطبية المزروعة في تزايد مستمر لأن النبات البري غير المهم ربما يصبح مهما ومزروعا بعد إثبات احتوائه على مواد فعالة طبيا، وفقط 5 % من الفلورا العالمية كانت قد بحثت فيما يتعلق بالمقومات الفعالة والمظاهر الكيميائية والدوائية، وحوالي 1600 نوع نباتي من الفلورا النباتية الأوربية معروفة ضمن عداد الأدوية، وثلثا هذه الأنواع مختارة حتى الآن بشكل كيفي و320 - 350 نوعا قد قيمت ودرست بشكل علمي - ولا يزال يوجد العديد من الأنواع المتوقعة لأن تكون مستعملة في عداد الأدوية.

على سبيل المثال فإن عدد الأنواع النباتية الطبية المستعملة لأغراض طبية في هنغاريا يقدر بـ 300 نوع منها 50- 70 نوعاً مستورداً بشكل عقاقير 160 - 180 نوعاً برياً، و 50 - 55 نوعاً مزروعة بشكل فعلي في هنغاريا وعلى نطاق واسع. عند التكلم عن أهمية زراعة النباتات الطبية فإنه يجب أن يكون مأخوذاً بعين الاعتبار عدد من العوامل أهمها الغلة أو الربح الاقتصاديب، ففي الوقت الذي بدأت فيه العلوم الكيميائية تتقدم بشكل ديناميكي مؤدية إلى نمو استعمال المواد التركيبية بشكل كبير، ظن العديد من الناس أن أهمية واستعمال المواد الطبيعية المشتملة على النباتات الطبية سوف ينقص شيئاً فشيئاً، لكن هذا الظن قد برهن على كونه خاطئا، حيث إن استهلاك النباتات الطبية في أوربا لم ينقص. ووفقاً للمعلومات الإحصائية من كل أنحاء العالم فإن 50 % من الأدوية الموجودة في الأسواق هي مصنوعة من مواد أساسية طبيعية. وأن دورا مهما قد لعب من قبل النباتات الطبية في تحسين العناية الصحية. ووفقا لبعض الإحصاءات فإن سكان الولايات المتحدة في عام 1973 قد دفعوا ثلاثة بلايين دولار من أجل الأدوية المحتوية على مقومات فعالة مشتقة من النباتات الطبية ومعلومات أخرى تشير إلى أن 1532 بليون وصفة طبية قد صدرت محتوية على 25 % مواد أساسية نباتية، وهذا يبرهن على أهمية المواد الأساسية النباتية التي تزيد عاما بعد آخر في كل أنحاء العالم. وكمثال فإن إيطاليا في لائحة عقاقيرها أكثر من 2400 نوع أساسه نباتي، وفرنسا وألمانيا وسويسرا تقدم كل منها صورة مشابهة، أي أن الموجة الخضراء في استعمال النباتات الطبية قد تنشأ من الاستهلاك العالي لها. وهناك معلومات أساسية مصنفة من قبل المكتب الإحصائي للأمم المتحدة ، تظهر أن قيمة مجموع مستوردات النباتات الطبية قد زادت من 355 مليون دولار عام 1976 إلى 551 مليون دولار عام 1980 وأن أكثر من 400 نوع عقار نباتي استعمل تجاريا في أوربا، ووفقا لبعض الإحصاءات فإن النباتات الطبية هي عمل كبير في الولايات المتحدة، حيث في عام 1985 كانت مبيعات مختلف أنواع الأعشاب قد تخطت 190 مليون دولار. بالإضافة إلى أن اليابان تعتبر المستورد الأساسي للنباتات الطبية من بين الدول الآسيوية وأن المستوردات اليابانية قد ارتفعت من 21 ألف طن عام 1979 إلى 23 ألف طن في عام 1980. وأهم الأسباب التي زادت الطلب على النباتات الطبية يمكن إيجازها في النقاط التالية:- إن النباتات الطبية تعتبر منابع للعديد من المقومات الفعالة بيولوجيا والتي لها تأثيرات شافية مثبتة علميا، تلك المقومات التي لا يمكن تحضيرها صناعيا أو أن إنتاجها بشكل صناعي مكلف جدا ولحد بعيد مثل الجليكوزيدات القلبية والقلويدات المستخلصة من نبات العناقية الوردية، وفطر الأرغوت CATHARANTHUS ROSEUS L. + CLAVICEPS PURPUREA وهناك بعض النباتات مثل النباتات التابعة لجنس Solanumتحتوي على بعض المواد التي تشكل مواد أساسية للمعاملات نصف الصناعية مثل" Corticos + eroide. والنباتات الطبية مستخدمة بشكل واسع في صناعة الزيوت العطرية والتنكية والتبهير كما تعتبر النباتات الطبية مهمة جدا في الصناعات الكيماوية المنزلية والصناعات الغذائية وصناعة التجميل وصناعة المشروبات الكحولية التي تستعمل عددا كبيرا من العقاقير النباتية.

إنتاج النباتات الطبية في هنغاريا

إن زراعة واستعمال النباتات الطبية في هنغاريا له خلفية وتقاليد تاريخية وهذا يعتمد على الفلورا الغنية لهذا البلد وقد بدأت زراعة النباتات الطبية في هنغاريا على نطاق واسع بعد إعادة تنظيم الزراعة إثر الحرب العالمية الثانية، وتقدر المساحات المزروعة بالنباتات الطبية بحوالي 7.2% من الأراضي الزراعية، وقيمة إجمالي الإنتاج الزراعي من النباتات الطبية تقدر بـ 7.3% من الإنتاج الزراعي العام.

حتى الأراضي الفقيرة تجود به

مما سبق يتضح لنا أهمية الفائدة المالية من زراعة النباتات الطبية التي جعلت الأراضي الرديئة ذات النوعية المنخفضة أراضي منتجة لمختلف أنواع النباتات الطبية مثل البابونج والخزامى اللذين يمكنها النمو والإنتاج فوق أي نوع من التربة. وقد لوحظ أن المساحة المستخدمة فى زراعة زراعة النباتات الطبية عام 1980 قد قدرت بـ 420 ألف هكتار وأن أكثر من 75% من هذه المساحة قد استخدمت لزراعة أنواع طبية مهمة مثل الخردل- الكراوية - الخشخاش المنوم- فطر الأرغوت- الشبت والشمرة وأن كمية العقاقير النباتية المنتجة في هنغاريا قد زادت من 10 آلاف طن عن في عام 1975 إلى 40 ألف طن في عام 1985، وأن مقداراً كبيراً من العقاقير المنتجة قد بيع في الأسواق الخارجية كصادرات سنوية مقدرة بـ 20- 30 ألف سنوياً. أما ما صنع داخلياً ووزع عن طريق التجارة الداخلية فقد بلغت قيمته أكثر من 1200 مليون فورنت هنغاري سنوياً، وإنه لتنويه قيم بأن 80% من صادرات النباتات الطبية قد صدرت إلى الأسواق الغربية وأن شركاء التجارة الهنغارية الأساسيين هم النما وألمانيا وسويسرا وإيطاليا وفرنسا. مما سبق يتضح لنا الأهمية القصوى لاستزراع النباتات الطبية في بلادنا الغنية بمختلف أنواع النباتات الطبية المفيدة بيولوجياً، والتي يمكن استغلالها بشكل زراعي لدعم الاقتصاد على المستوى الوطني - والدولي.

 

أحمد قطاع 

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية  
اعلانات




نبات الأقحوان Pot Marigold





نبات الحبق أو الريحان sweet basil





نبات الشمرة Fennel





نبات المريمية الطيبة Sage