مساحة ود لينة الدسوقي

مساحة ود

قرار صعب

لا.. لم يكن ما بنته خلال هذه الأعوام مركزا اجتماعيا فقط أو شهادات عالية.

لا.. بل كان نزيفا متواصلا من التعب والسهر المضني ومن العناء الجم في البحث والدراسة والعلم, وقراءة المراجع, والسفر, والانتظار الصعب للنتيجة حتى كان لها ما أرادت.. دكتوراة في الأدب العربي.

أجمل سنوات العمر والشباب خبأتها بين صفحات الكتب ودواوين الشعر.. ولذا حين منحته قلبها وهي على أعتاب الثلاثين, كان مترعا بالشوق والتعب الممض والحنين.

الحنين للمكوث على أبواب الأمومة ودخول عالم الأطفال, والإبحار في رحلة الزواج الجميل.

وقد كان رائعا..أحبها بصدق. وأراد تتويجها مليكة على قلبه.. مليكة له وحده وليس للعلم والجامعة والطموح. ولذا حين فاجأها:

(أريدك أن تتركي الدكتوراة وتتفرغي للبيت)

صفعتها كلماته, دافعت عن حقها: (لكنني الآن وصلت إلى المرحلة التي أريدها..مرحلة الحصاد.. أريد أن أواصل الرحلة, أن أدّرس في الجامعة وأمنح علمي للأجيال القادمة) ضحك.. (الأجيال القادمة هي أطفالك يا عزيزتي)..تركها تفكر:

بيت دافىء وطفلان جميلان, وزوج حنون. وفقط. أم.. اقتحام لعالم الأدب وارتقاء منابر الجامعة لإرواء العقول بالعلم النافع..وفقط. في الحقيقة.. إنها تريد الاثنين ولكن كيف وقد طلب منها الاختيار?

(لحظة, يطبق فيها الزمن على سماء الروح ويتركها غائمة..)

لحظة صعبة تحتاج إلى قرار.. وقرار حاسم.

 

لينة الدسوقي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات