صانعو الحضارة العربية الإسلامية

صانعو الحضارة العربية الإسلامية

الوظيفة وليس الاسم, هذه هي الرؤية التي ينتهجها أستاذنا د. نقولا زيادة لدراسة حضارتنا الإسلامية ونحن في بداية هذا القرن الجديد, فالحضارة هي مجموعة من الأدوار والوظائف المتواصلة التي تسيّر الحياة البشرية, لا تتوقف بتغير الحكام وتوالي الدول, كما أن الانتكاسات السياسية لا تشل من فاعليتها, إنها تصنع نوعاً من الوتيرة الثابتة تحقق في النهاية ذلك التراكم الحضاري الذي أهل الحضارة الإسلامية أن تقوم بدورها وأن تأخذ سمتها.

الطبيب
فـيــه شفــاء للـنــاس
التراث الطبي والصيدلاني في الحضارة العربية الإسلامية ضخم في كميته, كبير في قيمته, عظيم في تأثيره في الحضارة العالمية. وقد لمع عدد من الأطباء والصيادلة هم بين نجوم العالم كله ويكفي أن نشير إلى البعض منهم ليتضح لنا معنى هذه النجومية العالمية.

أسماء كثيرة من العلماء العرب عرفها العالم, فعندنا من القرن الثالث.هـ / التاسع.م, حنين بن اسحق صاحب (عشر مقالات في العين), وعلي بن رَيّان الطبري صاحب (فردوس الحكمة), وقسطا بن لوقا البعلبكي مؤلف (رسالة في تدبير سفر الحج), وسواها, ويطالعنا في مختتم القرن الثالث/ التاسع ومفتتح القرن الذين يليه الرازي صاحب (الحاوي) وأول من اكتشف الفرق بين (الحصبة والجدري). وفي القرن الرابع/ العاشر عندنا علي بن عيسى (بغداد) مؤلف (الكتاب الملكي). وفي منتقل القرن الرابع/ العاشر إلى القرن الذي يليه يبدو الوجه المشرق لأبي القاسم الزهراوي الأندلسي, وهو كبير الجراحين ومؤلف (كتاب التصريف). ونجم القرن الخامس/ الحادي عشر الساطع هو ابن سينا الذي وضع كتاب (القانون في الطب), ويزامله زمناً ابن رضوان في مصر وابن بطلان في بغداد وابن رشد في الأندلس. أما في الصيدلة فلنكتف بذكر ابي منصور موفق المصري في القرن الثاني /الثامن, وهو أقدم من عثر عليه حتى اليوم, وابن وافد الأندلسي من علماء القرن الخامس/ الحادي عشر, وابن البيطار شيخ المؤلفين العرب المسلمين في (مفرداته).

نكتفي بهذه الأسماء وهي قطرة من بحر, اعترافاً لأصحابها بالدور الذي قاموا به. فنحن في هذا المقال لا نؤرخ للطب العربي الإسلامي, بل يهمنا أن نتحدث عن دور الطبيب العملي في صنع الحضارة العربية الإسلامية.

على أننا لا يجوز لنا أن نترك هذه المقدمة القصيرة دون أن نشير إلى أن الكثير من المؤلفات التي ذكرنا, والأكثر مما لم نر حاجة لذكره هنا, قد نقل إلى أوربا عن طريق الأندلس وصقلية وبلاد الشام (إلى درجة أقل كثيراً) فكان لذلك أثر في تطور الطب في تلك الربوع.

ابن سينا وقانون الطب
وقد برز كتاب (القانون في الطب) لابن سينا على نحو خاص في الأدب الطبي الأوربي, من حيث تعدد ترجماته ودراسته, بحيث كما يرى ماكس مايرهوف أنه لم ينل أي كتاب طبي من العناية ترجمة ونقلاً ونقداً مثل الذي لقيه هذا الكتاب, الذي ظل يستعمل لدراسة الطب في بعض معاهد الطب الأوربية حتى القرن السابع عشر.

ولعل من أطرف ما يجدر بنا أن ننقله هنا إلى قراء العربي ما قاله مارتن بلسنر عن الكتاب وهو أن الكتاب قد طبع بأصله حول سنة 1593م في روما, وذلك بعد فترة وجيزة من دخول الطباعة العربية إلى أوربا.

والطب, من حيث إنه صناعة, يقول فيه ابن خلدون: (هذه الصناعة (الطب) ضرورية في المدن والأمصار لما عرف من فائدتها, فإن ثمرتها حفظ الصحة للأصحاء, ودفع المرض عن المرضى بالمداواة, حتى يحصل لهم البرء من أمراضهم). ويضيف في مكان آخر بقصد التشديد على أهمية هذه الصناعة, أن التوليد هو جزء من الطب, إذا احتيج إلى الجراحة. ويحدثنا أيضاً عن مقتضيات ما يجب أن يعنى به الطبيب لا المتطبب, من سجايا, وقد نعود إليها في مكانها من هذا الحديث.

لا ننوي التحدث عن تطور صناعة الطب وعلومه, ولكننا لا بد لنا من أن نشير إلى أمرين مهمّين الأول أن الطب من حيث إنه علم عرفه اليونان والهنود من قبل, وقد انتشرت هذه المعرفة العلمية وتطبيقات عملية كثيرة لها في ربوع العالم القديم, وكان أن وصلت إلى المشرق العربي وجواره. وقد تركزت دراسة الطب قبل الإسلام في جنديسابور (على مقربة من الأهواز) حيث أقام ملوك الساسانيين, منذ القرن الرابع الميلادي, مستشفى (بيمارستان) ومكاناً لدراسة الطب. وفي أيام كسرى أنوشِروان (531 ـ 579م) أصبحت هذه المدينة أكبر مركز علمي في المنطقة. ونحن نعرف أن الحارث بن كَلَدة, الذي طب للنبي (صلى الله عليه وسلم) كان قد درس هناك, وكذلك ابنه بعده.

وقد عرف عن الخليفة المنصور أنه كان إذا أصابه مرض يستدعي طبيباً من جنديسابور للإشراف على علاجه.

وكان أعضاء أسرة بُختيشوع من مشاهير أطباء البيمارستان والمدرسة هناك, فكان أن انتقل جُرجيس بن بُختيشوع إلى بغداد حيث فتح لنفسه ما يسمى عيادة وكان يدرس علم الطب لمن يرغب في دراسته. وهذا الخبر ينقلنا إلى سؤال: أين كان يدرس الطالب الطب حيث لم تكن بيمارستانات, وهذه نشأت في وقت فيما بعد? هذا الخبر عن جُرجيس يوضع هذه الناحية: كان الذي يعرف ويطمئن إلى معرفته وخبرته يعلم الآخرين. وفي أسرة بُختيشوع بالذات تدارس الطب الابن عن الأب سبعة أجيال!

البيروني وتعلم الطب
وقد وقعنا على قصة طريفة عن البيروني وعن تعلمه الطب رواها هو عن نفسه قال: (كنت في صباي أحمل الشيح من ضيعتي يبرود (على مقربة من دمشق) وأبيعه في دمشق. وكنت يوماً أقود دابتي وعليها حملها من الشيح. فمررت بالفاصد أبي الخير وقد فصد شاباً, فوقعت الفصدة في الشريان فتحيّر وتبلّد, وطلب قطع الدم فلم يقدر على ذلك, فاجتمع الناس عليه. فلما رأيته على تلك الحال أشرت عليه بأن يفصده في اليد الأخرى ويسدّ الفصد الأول, ثم يعود للثاني فيسده. ففعل ووقف الدم. فتشبّث أبو الخير بي وسألني عما أمرته به, فأخبرته أنني أرى أبي في وقت سقي الكرْم, إذا انفتح شقّ من النهر وخرج منه الماء, لا يقدر على إمساكه حتى يفتح فتحاً آخر ينقص به الماء الأول الواصل إلى ذلك الشق ثم يسده بعد ذلك. فلما سمع أبو الخير ذلك منعني من بيع الشيح واقتطعني وعلمني صناعة الطب. فلما تبصرت بأشياء منها وصارت لي معرفة بالقوانين العلمية, أردت أن أستزيد من أحد ثقات الأطباء فدلوني على أبي الفرج (لعله ابن التلميذ?) وكان ببغداد, فتأهبت للسفر وأخذت سواراً كان لأمي وتوجهت إلى بغداد,وصرت أنفق على نفسي ما يقوم بأودي, واشتغلت على أبي الفرج حتى مهرت في الصناعة فعدت إلى دمشق). وكان هذا في القرن الخامس / الحادي عشر.

وإذا نحن رجعنا إلى كتاب (عيون الأنباء في طبقات الأطباء) لابن القفطي وقعنا على الكثير من قصص التعليم والتعلم الفردي الشخصي.

لكن لما قام البيـمـارسـتان, ولعل أقدمها من حيث الاهتمام كان الذي أنشئ في بغداد في أيام الرشيد, أصبحت هذه مراكز لدرس الطب والتدريب فيه والاهتمام بالصيدلة وما يتركب منها وما يقدم مفرداً. وهنا أصبح التعليم والتجربة والاختبار والعمل في الطب والصيدلة وحدة عملية علمية بحيث يفيد كل العاملين فيها من التجارب والأعمال المشتركة.

صفات الطبيب
فالطبيب العارف بمهنته والمطلوب منه أن يعالج المرضى, كان المفروض فيه أن تكون له معرفة بالشئون الإلهية, ذلك أن عمل الطبيب مرتبط بالمشيئة الربانية على ما يقول ابن خلدون(... اللهم إلا إن استعمل على جهة التبرك وصدق العقد الإيماني, فيكون له أثر عظيم في النفع... فهو من آثار الكلمة الإيمانية).

وقد تتبعنا ما ورد حول آداب مهنة الطب من حيث تصرف الطبيب مع مريضه, فتوصلنا إلى أن جماع ما كان يطلب من الطبيب أن يتمتع به كي يكون أنفع في معالجة المريض يمكن تلخيصه فيما يلي:
1 ـ أن يكون الطبيب تام الخلق صحيح الأعضاء حسن الذكاء جيد الرواية ذكوراً خير الطبع.
2 ـ أن يكون حسن الملبس طيب الرائحة نظيف البدن والثوب.
3 ـ أن يكون كتوماً لأسرار المرضى.
4 ـ أن تكون رغبته في إبراء المرضى أكثر من رغبته فيما يلتمسه من الأجرة, ورغبته في علاج الفقراء أكثر من رغبته في علاج الأغنياء.
5 ـ أن يكون حريصاً على التعليم والمبالغة في منافع الناس.
6 ـ أن يكون سليم القلب عفيف النظر صادق اللهجة.

وثمة نصيحة عامة تعزى إلى الطبيب المصري ابن رضوان هي: (إذا دعيت إلى مــريـــض فأعطه ما لا يضره إلى أن تعرف علته, فتعالجها عند ذلك).

إن الأطباء المسلمين لم يتعاطوا التشريح, إذ لا يجوز شرعاً تشريح جثة آدمي متوفى ولا جسم حيوان حي. وقد ظل اعتمادهم في تفهم الجسم البشري داخلياً يعتمد على ما وصلهم من اليونان غالباً. لكن الطب العملي ـ من حيث تشخيص العلة ووصف الدواء الناجع, الذي كان أكثره من صنعهم هو الذي بلغوا فيه الذروة. وبهذه المناسبة فإن اكتشاف ابن النفيس لدورة الدم الصغرى جاء نتيجة تعليل منطقي عقلي لا بسبب تشريح.

على أن طب العيون, بما في ذلك إجراء العمليات المختلفة تقدم على أيدي الأطباء العرب والمسلمين إلى درجة كبيرة. وبرع الأطباء العرب في الناحية الجراحية, على ما يتضح من كتاب التصريف لأبي القاسم الزهراوي. ومن الأدوات المستعملة في الجراحة والتي تشاهد المئات منها في المعارض والمتاحف التي تعنى بالطب الإسلامي على نحو ما رأينا في مؤسستي حدرد الطبيتين في دلهي وكراتشي وهما معنيتان بدراسة تاريخ الطب الإسلامي.

مدارس طبية
ولما كان ازدهار الطب والصيدلة في الحضارة العربية الإسلامية بدا على أوضح شكل في البيمارستانات (المستشفيات, والكلمة فارسية الأصل) فإننا سنوجه اهتمامنا إلى هذه الناحية العملية الإنسانية في الطب.

يروى أن الأمويين بنوا مستشفى في دمشق. ومع أن هذه الرواية لم تتأكد حتى الآن, فإنه ليس ما يمنع مثل ذلك العمل عملياً. فالشام والجزيرة وأدسا (الرها) كانت فيها تقاليد طبية قديمة.

ولكن الثابت أن أول مستشفى بني كان في أيام الرشيد في بغداد. إلا أن المستشفى الذي كان زينة بغداد هو الذي بناه عضد الدولة البويهي (338 ـ 372هـ/ 949 ـ 983م). وقد أعيد بناء ما تهدم مع الأيام بحيث إن ابن جبير الذي زار بغداد في أواخر القرن السادس/ الثاني عشر, قال عنه: (فيها البيمارستان الشهير ببغداد, وهو على دجلة وتتفقده الأطباء كل يوم اثنين وخميس ويطالعون أحوال المرضى به ويرتبون لهم أخذ ما يحتاجون إليه, وبين أيديهم قَوَمة يتناولون طبخ الأدوية والأغذية, وهو قصر كبير فيه المقاصير والبيوت وجميع مرافق المساكن الملوكية, والماء يدخل إليه من دجلة).

وابن جبير نفسه وصف البيمارستان الذي رآه في القاهرة أثناء زيارته لها ووصفه وصفاً أطول, قال: (المارستان الذي بمدينة القاهرة وهو قصر من القصور الرائقة حسناً واتساعاً. أبرزه (السلطان صلاح الدين) لهذه الفصيلة تأجراً واحتساباً, وعين له قيما من أهل المعرفة وضع لديه خزائن العقاقير, ومكنه من استعمال الأشربة وإقامتها على اختلاف أنواعها. ووضعت في مقاصر ذلك القصر أسرة يتخذها المرضى مضاجع كاملة الكسي. وبين يدي ذلك القيم خدمة يتكفّلون تفقد أحوال المرضى بكرة وعشية, فيقابلون من الأغذية والأشربة ما يليق بهم. وبإزاء هذا الموضع موضع مقتطع للنساء المرضى ولهّن من يكفلهنّ. ويتصل بالموضعين المذكورين موضع آخر متسع الفناء فيه مقاصير عليها شبابيك الحديد, اتخذت مجالس للمجانين, ولهم أيضاً من يتفقد أحوالهم ويقابلهم بما يصلح لها. والسلطان يتطلع لهذه الأحوال كلها بالبحث والسؤال, ويؤكد بالاعتناء بها والمثابرة عليها غاية التأكيد).

البيمارستان القديم
بني في دمشق, بين سنتي 545 هـ/ 1150م و906 هـ/ 1500م, ستة بيمارستانات. كان اثنان منها وهما من بناء نور الدين زنكي بدئ العمل بهما لما زار المدينة ابن جبير 580هـ/ 1184م. وواحد من هذين كان البيمارستان النوري الجديد الذي وسّع فيما بعد (القرن السابع/ الثالث عشر), وظل موضع اهتمام الزوار والمؤرخين حتى القرن التاسع هـ/ الخامس عشر.م. وكانت البيمارستانات الأربعة الباقية تقوم قرب باب البريد وفي الأوسط وفي الصالحية وفي النيرب.

كان اثنان من البيمارستانات الستة قد بناهما جماعة من أثرياء المدينة. وقد ترك لهما هؤلاء من الأوقاف ما يكون إيراده كافياً لصيانتهما وضمان سيرهما, على ما كان يحدث للبيمارستانات التي يبنيها الحكام. وعلى سبيل المثال فإن البيمارستان القمري في الصالحية, وهو من إنشاء الأمير سيف الدين القميري (المتوفى 655هـ/ 1257م), كان ينتفع بريع قريتين وأملاك أخرى يبلغ مجموعها قريتين ونصف القرية ومنطقة فيها مطاحن وخمسة وثلاثون حانوتاً وأسطبل وخانان وغير ذلك.

كان الغالب على البيمارستانات أن تكون مقسومة إلى موضعين: الواحد للرجال والآخر للنساء, وكان هناك مقاصير للجراحة وأخرى للأمراض الداخلية وسواها لأمراض العين. وكان للمجانين مقاصير مقتطعة منه.

وكان الأطباء يشرفون على المقاصير ويخبرون الناظر الذي كان يعين لمثل هذا المنصب بعد تدبر دقيق للأمر. وكان الناظر إذا ولي أمر البيمارستان تلقى الأوامر والنصح في كيفية معاملة المرضى من رؤسائه ومن الأطباء (يومياً). ولم يكن من الضروري أن يكون الناظر طبيباً, فقد كان المطلوب أن يتمتع بمقدرة إدارية ومناقب خلقية. أما الحذق الطبي فمتروك للأطباء.

وكانت ثمة مقصورة كبيرة تحفظ فيها الأدوية على اختلاف أنواعها, يعهد بها إلى صيدلي خبير بمزج المفردات عندما يطلب منه ذلك.

وكانت للبيمارستان القميري هذا عيادة خارجية تفتح للجمهور يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع, وكان المرضى يعطون الأدوية مجاناً.

وقد ألحـــق بالبيمارســتان مطـــبخ لإعداد الأطعمة العادية للموظفين والأطباء والأطعمة الخاصة بالمرضى. وكان هناك قسـم للمجانين وبذلك يتم البناء المجمع. وكان القائمون على البيمارستان فيهم طبيب وكحال (للعيون) وصيدلي وممرضون وممرضات وخدم, وعلى رأس هؤلاء الناظر.

ومن حيث إن تدريس الطب لم يكن يخضع لرقابة الدولة, شأن المدارس الأخرى, فقد كان يتمتع بكثير من الحرية. وقد عرف أن مدرسي الطب في البيمارستان النوري قد وضعوا ستة وثلاثين كتاباً في الطب ـ وهو عدد ضخم ينتجه معهد واحد!

وكان ابن علي الدخوار أحد كبار المدرسين والأطباء, كما كان يعلّم الطب في بيته. ولما توفي أوصى ببيته ليستعمل مدرسة للطب, مع وقفية كبيرة للإنفاق على المدرّس ومساعديه. وهذه هي التي عرفت باسم المدرسة الدخوارية, والتي كانت لا تزال قائمة على تعليم الطب في القرن الثامن. هـ/ القرن الرابع عشر.م.

العرب والطب العملي
هذا هو الطب العملي الذي ميز تطور الطب في الحضارة العربية الإسلامية, فقبل ذلك, وخاصة عند اليونان, كان ثمة تنظير للطب وفلسفة فيه, وقد عرف الأطباء المسلمون هذا الأمر لما نقلت كتب اليونان إلى العربية. لكن المعرفة الطبية والتجربة والاختبار التي كانت متأصلة في المنطقة قبل الفتوح العربية وقبل الترجمة المذكورة, كانت أساساً قوياً لما تم على أيدي أطباء العالم الإسلامي فيما بعد.

ويشهد كثيرون ممن أرخوا لتطور الطب والصيدلة أن خدمة الطبيب العربي, كانت ممتازة في حقل التجارب وفي الأقراباذين.

ونحن لم نول تاريخ الطب وعمل الطبيب في الحضارة العربية الإسلامية حقه بعد, فيما قطع مؤرخوه من أهل الغرب خطوات واسعة.

رحم الله هؤلاء الأطباء والصيادلة, لقد عالجوا مرضاهم بحرارة الإيمان والرغبة في عمل الخير, لكنهم قدموا للبشرية خدمة جلّى!

 

نقولا زيادة