الأنظمة الرقمية ومستقبل التعليم

 الأنظمة الرقمية ومستقبل التعليم

مما لا شك فيه أن التكنولوجيا سوف تؤثر في العملية التعليمية تأثيراً بالغا .. ولكن هل يمكن استيعاب كل الطلاب في إطارها؟

يتوقع علماء الاتصال التربوي والتكنولوجيا مزيداً من الانفتاح التكنولوجي في أداء المعلم تجاه العملية التعليمية, فقد كانت استعمالات الأدوات, وأجهزة العروض تدار باليد, أو بالتحكم من قرب أو بعد, أما اليوم, ومع بدايات القرن الواحد والعشرين, فقد تغيرت الأساليب إلى الاستعمال الرقمي DIGITAL أي الأجهزة والأدوات التي تُدار بالأرقام.

وحديث المستقبل للاتصال ينطلق من الحاضر, فتقنيات الإنترنت, والمفكرات الإلكترونية, والكومبيوترات الشخصية, والتلفزيون والـهاتف.. وغير ذلك, ستـشكل نواة حضارة المستقبل, لكنها لن تستثمر في العمل بشكل مستقل, إذ يتوقع أن تصبح الشبكة الإلكترونية جزءاً أساسياً في أي منزل, وسـوف ترتـبط كل الأجهزة ببعضها, سلكياً, بل ولاسلكياً في معظم الأحيان, وسوف تحل الشاشات المسطحة الكبيرة, مكان الشاشات التقليدية الحالية, وعندما نغادر المنزل, سنصطحب معنا الكمبيوتر المفكرة, لإنجاز بعض الأعمال والاتصال بإنترنت, وكمبيوتر البيت أيضاً.

انتشار كاسح

والواقع أن الأجهزة الرقمية تلعب دوراً جوهرياً في مختلف أنواع الاتصالات التي نتعايش معها, فبداية بالاتصالات الهاتفية, ومروراً بالإرساليات الفضائية, وغيرها, نجد أن الأجهزة الرقمية تدخل في جميع مكوناتها وأسرارها. فمعظم البنوك والمصانع أصبحت تعمل بالأنظمة الرقمية, وحتى السلع والمنتجات, كما أن آلات التصوير الرقمية الجديدة أخذت في الانتشار لامتيازها بدرجة إظهار عالية وتحديد قوي للملامح مع تحديد قيمة التاريخ الزمني لكل صورة على حدة, هذا إلى جانب سهولة استخدامها وحملها, كما دخلت النظم الرقمية في منتجات الأجهزة التلفازية الرقمية,من حيث:

- الوضوح الشديد في الصورة.

- دقة الألوان.

كذلك أدخلت النظم الرقمية استعمالات الوسائل السمعية والبصرية وعن طريقها تم إنتاج الكثير من أفلام الكربون والأفلام التعليمية, كما أدخلت النظم الرقمية في أجهزة الفيديو, وأجهزة الاستقبال الفضائية والأطباق لتعطي بعداً أكبر في التحكم والضبط والدقة, وعن قريب سوف نشاهد النظم الرقمية في قيادة السيارات, والملاحة الجوية والبحرية, حيث بدأ إدخالها حالياً في سفن الفضاء, وضمن إرسال البث الإذاعي (Morrison,99).

وقد أوجد العلماء في أبحاثهم النظام الرقمي Digital حيث يتم تحويل المعلومة قبل إرسالها إلى رقم, والأرقام المستخدمة هي (0-1) فقط, وتختلف في طريقة إرسالها عن النظام السابق حيث تحمل المعلومة ما يسمى بالبيتات, وبهذا النظام الرقمي نضمن وصول الصوت أو الصورة تماماً إلى جهاز الاستقبال دون خلل في المعلومات, وإذا حدث يكون في البيانات الحاملة, ويمكننا أن نتفاعل مع أجزاء الإشارة الرقمية دون أن تؤثر على الإشارة في المعلومة, ومن أهم المميزات للنظام الرقمي: التخلص من الانعكاسات التي تحدث عند الموجة الصوتية, والابتعاد عن كل ما هو مكلف, والتخلص من الضوضاء.

أما بالنسبة للصور, فبالرغم مما يشهده القرن الجديد من طفرات كبيرة في مجال العلوم والتكنولوجيا, فإن هذه الطفرات النوعية ستطال وبشكل ملحوظ ما نشاهده على شاشات الكومبيوتر من صور ثابتة ومتحركة, وما نقرأ عليها من نصوص, في مجال الصور التي تنتقل بطريقة مباشرة إلى الكمبيوتر بشكل رقمي سواء عبر الإنترنت أم من خلال برامج الألعاب, فإنها - أي الصور - عادة ما تصبح غير واضحة المعالم ومشوّهة إذا ما أراد الفرد منا أن يكبر جزءاً منها بغية مشاهدة بعض التفاصيل, ويعود السبب في ذلك إلى أن قوة التحليل وهو ما يطلق عليه الـ(Resolution), ثابت لا يتغير لأي صورة أو لأي جزء منها, وتقوم إحدى شركات البرمجيات في المملكة المتحدة بتغيير هذا المفهوم ليصبح بالإمكان تكبير أي جزء من الصورة دون تشويهها, حيث يقوم مهندسوها بتطوير نظام JPEG2000, ويعني ضغط الصورة الرقمية.

ويمكن اختيار أي جزء من الصورة لتوفير تفاصيل دقيقة وبصورة واضحة, ومن الاستخدامات المنظورة لهذا البرنامج الجديد الاستفادة من خدمات الإنترنت في نقل الصور عند إجراء العمليات الجراحية والتركيز على بعض من أجزائها لتوفير الفرصة للجراح في الطرف الآخر ليشاهد تفاصيل يمكن أن تساعده في إكمال العملية على أتم وجه, وبالتالي فالطريقة الجديدة في نقل الصور ستساعد في مجالات مكافحة الجريمة وتحقيق الهوية, وهذه الطريقة أيضاً لن تتيح فقط توفير مساحة على القرص الصلب للكمبيوتر, بل إنها ستوفر الكثير من الوقت عند تحميل الصورة وتفريغها من الإنترنت, ومن ثم أيضاً الاهتمام بقضية حقوق النشر والنقل وكيفية وضع الرموز وفكها قبل السماح بتفريغها من الإنترنت مثلاً, وبطريقة تشبه ما يتوافر حالياً.

ويمكننا هنا الإشارة إلى الوسائل السمعية البصرية عن طريق النظام الجديد.

أولا: وسائل السمع الرقمية (السمع الرقمي): حيث يعد الصوت أحد العناصر التي تعود إلى وسائل السمع المحتوية على تسجيل الموسيقى والروايات القصصية, والمؤثرات الصوتية الأخرى, كتغريد الطيور أو النغمة التليفونية اليومية, وكما هو معروف بأن السمع يساعد الطلاب على التعليم بشكل جيد وواقعي, وهناك العديد من البرامج الممتعة التي تستعمل فيها الوسائل السمعية, وبالإمكان التسجيل الصوتي مع الميكروفونات التي تعتمد على (السمع الرقمي) التي باستطاعتنا التحكم في السمع عند استعمال الأقراص المبرمجة والكمبيوتر, وأيضاً عن طريق التخزين للصوت تستطيع أن تسمع ما هو مخزن من برامج عبر الكمبيوتر.

ولعل الفائدة الأساسية هنا تتركز في المعلمين والطلاب عند تسجيلهم للبرامج التي تعتمد على تكنولوجيا الصوت والسمع, وتخزين التسجيلات في الكمبيوتر, وفي المقابل هناك عيّنة لأداء العملية لتخزين استخدام الرقم, كما يوجد عدد من العينات لتحسن الصوت, وتحسين كفاءة السمع حسب الوقت.

ثانياً: الفيديو الرقمي:

يعتمد الفيديو الرقمي على الأداء التسلسلي في التسجيل والحفظ في الكومبيوتر غير أن هناك العديد من الخيارات الواقعية لمشاريع الوسائل المتعددة, حيث يمكن زيادة السعة عن طريق الأحجام الكبيرة, ويجب التعامل مع الفيديو الرقمي من خلال الكارت الخاص في الكمبيوتر (البطاقة الخاصة), والبطاقات الإلكترونية تزوّدنا بالمعلومات لكل وحدة تظهر على شاشة الكمبيوتر, وبالإمكان إظهار المحادثة باستعمال الكاميرا, وشريط الفيديو, والديسك, أو عن طريق الكمبيوتر أو التلفزيون عند إدخال الوسيلة في الفيديو لتظهر على شاشة الكمبيوتر الطبيعية, وهناك عدد من التعليمات توضع غالباً مع الجهاز للتعرّف على طريقة الاستعمال بسهولة (Levers & Barron,1998).

ثالثاً: الصف الدراسي الرقمي:

كان المعلم في الأيام الماضية يستعمل الطريقة النظرية في عملية التعليم, وتارة يهتم فيربط الناحية النظرية بالتطبيق وذلك باستعمال بعض من الوسائل التعليمية, يحدث هذا في دول العالم المتقدم إلا أن مجالات التعليم العام في هذه الدول لا تعرف الابتعاد عن الوسائل التعليمية, ذلك في الوسائل التعليمية تعد من العناصر المهمة في تعزيز عملية التعليم (لال, الجندي, 1995).

ويعد الفيديو وسيلة تعليمية مطلوبة في الوقت الحاضر, إذ باشتراكه مع التلفزيون يشكلان أجمل درجات السمع والمشاهدة والحركة (لال, الجندي, 1995), وكثيراً ما يستعمل الفيديو والتلفزيون داخل الصف الدراسي كوسيلة تعليمية لما يتناسب من الموضوعات التي يقدمها المعلم, إلا أن النظام القديم للاستعمال تغيّر إلى الاستعمال الرقمي, وأصبحت العملية أكثر سهولة من السابق, وحالياً سوف نستعمل العديد من الوسائل التعليمية الرقمية في الفصل الدراسي كالإنترنت مثلاً, إذ ما علينا إلا اقتناء جهاز كمبيوتر أو حتى جهاز تلفزيون أو إحدى أجهزة العروض الرقمية المزوّدة بالشاشات الكبيرة! لكن السؤال هنا: هل يستطيع الصف الدراسي تحمّل كل هذا?!

إن الواقع شيء, وتوفير الأجهزة شيء آخر, قد يسألنا البعض لماذا? الإجابة الواردة هنا لأن إعداد الطلاب في الفصول الدراسية زاد عن الحد المتوقع في المدارس الأمريكية, فكيف يكون في دول أخرى, كدول العالم الثالث التي تعاني سوء الإمكانات مادياً وتكنولوجياً?! لقد تم توفير أجهزة الكمبيوتر في الصفوف الدراسية, وجاء دور الإنترنت الذي أخذ يؤثر على مستوى الطلاب الأخلاقي, فعن طريق الاستعمال الرقمي أصبح بإمكان كل تلميذ أن يخزّن البرامج التي تناسبه عن طريق تسجيلها في أشرطة الفيديو الرقمية, سواء كان داخل الفصل الدراسي عند أي ممارسة للنشاط, أو أثناء التعامل مع الأجهزة الموجودة بالمكتبات المدرسية.

من الناحية الفلسفية هناك محاولات من أجل التحكم في محتويات الإنترنت غير المقبولة, ويفضل البعض تدخل الحكومة في هذه الناحية, إذ يؤيد هذا 80% من المجتمع الأمريكي بصفة عامة, وذلك من خلال استبانة صممت من أجل هذا الفرض, الذي يطالب فيه المجتمع بحماية أطفال ما تحت 18 سنة, لأنهم أكثر عرضة لمخاطر البرامج الجنسية التي تقدم عبر الإنترنت.

محاولات التحكم

لقد طالب البعض بوضع حماية خاصة من قبل العائلة في المنزل, إذ ينبغي ألا تسمح العائلة بحرية البحث في الإنترنت دون مراقبة ومتابعة منها, وهذا سوف يساعد على تعليم الأطفال الوضع الصحيح لاختيار البرامج, والمواد التي يمكن أن يتعلموها فيما بين المدرسة والمنزل, ولعل هذا يقودنا إلى ضرورة التمسك بالأخلاق الفاضلة, ومنها سوف تكون التنشئة سليمة.

إننا نريد إعطاء الحرية, والمسئولية للطلاب, وأيضاً التدرب على اتخاذ القرارات السليمة, إلا أن الجو المحيط بهم مليء بالأخطار والصعوبات والمخاطر, ولذلك ينبغي على المدرسة أن تساعد في البناء السليم, والنمو الحقيقي للمستقبل, فليست الأجهزة والبرامج هي كل شيء داخل الفصل الدراسي, بل الأهم السلوك وتعليم السلوكيات الصحيحة, وذلك أن التعليم على اختيار المواد الجيدة النافعة, هي نقطة مهمة لزرع الثقة في الناس دون اللجوء إلى الكذب والخديعة.

إن معظم الطلاب والمعلمين في العالم العربي إلى وقتنا الحالي ظلوا يعانون من وسائل الاتصال واستخدام التكنولوجيا من حيث الاستخدام والإنتاج, وباتت المشكلة مسيطرة على عملية التعليم, ولعل الأسئلة التي تدور في الأفق من خلال ذلك: ما هي نظرة المعلمين والتلاميذ حيال الأنظمة الرقمية الجديدة? وكيف يمكن التعامل معها?! وهل ستدخل طوراً جديداً من التدريب للطلاب والمعلمين كما نفعل عند أي جديد قادم?!

إن التعامل مع الأنظمة الرقمية لن يكون صعباً, وإنما الصعوبة هنا ستكون في الآتي:

1- إيجاد البديل وهو الجديد.

2- إيجاد المعلم الحريص لأداء المهمة وإلا ستظل المشكلة كما هي, وكما كانت في السابق.

 

 

زكريا يحيى لال