هلال رمضان: الرؤية والضوابط الفلكية

هلال رمضان: الرؤية والضوابط الفلكية

هل من طريقة لوضع آليات محددة لرؤية الهلال وهل يمكن توحيد التقويم الهجرى؟

بداية لا أود أن أكون مع ذلك الفريق من الناس الذى يريد أن نعتمد على الحسابت بالكلية وأن نترك الرؤية جانبا . وهؤلاء يقولون كيف : نعتمد على الرؤية ونترك الحسابات الفلكية ونحن الآن نعيش فى عصر الفضاء حيث صعد الإنسان على سطح القمر وسار عليه ؟ كيف نهمل الحسابات الفلكية والتى يمكن أن تكون دقيقة للغاية فى تحديد موقع الهلال ولحظة ميلاده . وعلى هذا الأساس يدعو أصحاب هذا الرأى إلى اعتبار الحسابات الفلكية يقينية وأن الرؤية ظنية .

وفى المقابل نجد أن أصحاب الرأى الأخر ، يقولون : كيف نأخذ بالحسابات الفلكية ونترك الرؤية وحديث النبى صلى الله عليه وسلم : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبى عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين . متفق عليه وهذا لفظ البخارى . وفى رواية مسلم : فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما . ( غبى أى غمى ) . يقول أصحاب الرأى الرافض للحسابات : واضح من الحديث أن الرؤية هى التى تحسم عملية تحديد بداية الشهر كما هو منصوص عليه فى الحديث الشريف . وفى هذا الشأن أشعر من بعض أصحاب الرأى الآخذ بالرؤية دون الحسابات أنهم يتعمدون بشكل واضح إهمال الحسابات الفلكية وكأنهم لا يسمعون عنها أو يتشككون فيها على أقل تقدير . وقد قرأت بنفسى كتابا يحاول صاحبه أن يثبت بالأحاديث النبوية أن عملية الأخذ بالحساب . مرفوضة ووصل إلى خلاصة يقول فيها إننا أمة أمية لا تأخذ بالحساب . وفى أحسن الأحوال يمكن أن يعتبر هذا الكلام نابعا من تخوف من الحسابات الفلكية وعن مدى قدرتها على الإتيان بوصف صحيح ودقيق لحالة الهلال ووقت بزوغة . وليس من المقبول أن توصف أمة الإسلام بأنها ترفض الأخذ بأسباب العلم وأقول لكل من يفكر بهذه الطريقة : أين أنت من قوله تعالى : سورة الرحمن آية 5 الشمس والقمر بحسبان ؟ فالآية تشير إلى استخدام القمر فى حساب الشهر العربى .

وهكذا يفكر الناس بإحدى الطريقتين كفريقين يحاول كل منهما أن يدحض الرأي الآخر ويسفهه أحيانا . و التفكير فى هذه المسألة : الرؤية أم الحسابات ، بهذه الطريقة يعطى إيحاء بأنهما طريقان لا يلتقيان لا يعضد كل منهما الآخر ، بل هما طريقان علينا أن نأخذ بأحدهما ونترك الآخر كأنهما طريقان متعاديان . وهذا الأسلوب فى التفكير لا يصدر فقط عن الكثير من عوام الناس بل نجد كذلك أن هذا الأسلوب فى الطرح واضح فى كلام بعض العاملين سواء فى حقل الفلك أو أصحاب الرأى الفقهى .

وفى تقديرى كأحد العاملين فى حقل الفلك والمهتمين بهذه المسألة وغيرها من السائل الفلكية ذات الارتباط بالعبادات أن الموضوع ينبغى أن يطرح بطريقة مختلفة عن الأسلوب السالف ذكره . فالحسابات الفلكية والرؤية ينبغى أن يلتقيا حتى نحصل على حل دقيق لهذه المسألة ، لابد أن تسبق الرؤية حسابات دقيقة تكون عامل إرشاد وتقنين للرؤية حتى لا يقع الراصد فى خطأ ظنى الرؤية ، وبالتالى يقع اضطراب فى بداية أو نهاية الشهر العربى . ينبغى أن ننظر للحسابات الفلكية على أنها أسلوب عملى فى توصيح شتى الظروف التى يمكن أن تضبط عملية الرؤية وتجعلها تسير فى طريق صحيح يملؤنا اطمئنانا بأننا قد أخذنا شتى الاحتياطات الممكنة والتى تجعلنا نشعر أننا نحدد بداية الشهر العربى بأسلوب دقيق . فالحسابات الفلكية تقدم لنا تقريرا مفصلا عن يوم ميلاد الهلال للشهر الجديد وفترة مكث الهلال بعد غروب الشمس وهل يمكن أن تتوافر الظروف المناسبة لرؤيته أم لا ؟ كما يمكن بالحسابات الفلكية تحديد ارتفاع الهلال فوق الأفق وزاوية موقعه بالنسبة للغرب ومن هنا يمكن أن نمد الراصد بشتى المعلومات اللازمة لضمان سلامة ودقة آلية رصد الهلال ، كما يبقى أن نستعين بالأرصاد الجوية لتحديد الأماكن التى يمكن أن يكون الجو فيها صحوا وإلا فإن الغيوم والسحب التى تملا السماء يمكن أن تحول دون رؤية الهلال وبالإضافة إلى ذلك ينبغى أن نبحث عن مكان مرتفع بعيدا عن الأضواء الصناعية حتى تكون عملية الرصد سهلة ، وخاصة أن هلال الشهر الجديد يكون رفيعا فى بدايته ، ولا نحتاج فى رصد الهلال بالضرورة إلى تلسكوب وإن كان وجوده أفضل ، كما يمكن أن نستعين بنظارة مكبرة ، والهلال على كل حال إذا كان مرتفعا فوق الأفق فإنه سيكون واضحا للعين المجردة .

متى تكون الرؤية يقينية ؟

من النقاط التى تثار أن الرؤية يقينية وأن الحسابات ظنية فما تراه العين يقينى وقد تكون الحسابات ظنية لأنها تخضع للصواب والخطأ . وما أريد أن أطرحه بشأن هذه القضية أن هناك ظروفا قد جدت فى أيامنا تلك تحتاج إلى شئ من المناقشة والتمحيص . ستكون الرؤية يقينية وصادقة ومعرفة إن كنت أدرك جيدا ما أبحث عنه ولدى خبرة فى رؤيته وإلا فإن الإنسان قد يتوهم رؤية أشياء دون أن يراها بحق .

لو عدنا بالزمن إلى ما قبل خمسين أو مائة عام ، حيث كان الظلام يخيم على المعمورة كلها بعد مغيب الشمس وكان الناس يتلمسون الضوء من خلال ما يصلنا من نور القمر أو بصيص الضوء الذى ترسله النجوم فى السماء فوقنا ، لذلك فإن عموم الناس كانوا على دراية كبيرة بمواقع النجوم وتجمعاتها حيث كانوا يستعينون بها فى معرفة طريقهم فى الليل ، وعن مدى ارتحالهم بعيدا عن أوطانهم . بل الأكثر من ذلك أنهم كانوا يستخدمون النجوم فى اختبار قوة أبصارهم ، فالذى يرى نجوما أخفت تكون قوة بصره أعلى كما تكونت لديهم ثروة معرفية كبيرة عن التجمعات النجوم وطريقة ظهورها فى الأوقات المختلفة من العام . ومع هذه الخبرة التى توافرت لدى رجل الشارع فى ذلك الوقت كانت خبرتهم مع القمر واسعة من حيث تتبعه وانتظامه واكتماله كبدر فى منتصف الشهر ومروره بالأطوار المختلفه والتجمعات النجمية التى ينزل فيها كل ليلة . ولهذا كان من السهل فى كل تلك العصور السابقة أن يتتبع الناس القمر وأن يحددوا وقت بزوغ أول هلال له فى بداية الشهر العربى وكانت الرؤية تكفى من شخص واحد لتوفر الظن بكثير القادرين على رصد الهلال ودرايتهم التامة به .

ولقد تغيرت الصورة ، اليوم ، حيث أصبح من النادر يتتبع الناس القمر وأن يكونوا على دراية بأحواله . وأصبحت معلومات الكثيرين منا عن النجوم وتحركاتها فى السماء ضحلة بل قليلة جدا . لقد طغت الإضاءة الصناعية على إحساسنا بجمال السماء ورونقها الخلاب وما تكتنفه من آيات عظام . وفى ظل تلك الأحوال التى لم تكن من قبل جهل عموم الناس برصد الهلال ، وعدم درايتهم بأحوال القمر فى ظل تلك الظروف ، أصبح من اللازم أن نكون كوادر من فئات مختلفة ، تكون مهمتها تتبع أهله الشهور العربية وأن تكون على دراية بالمحاذير التى يمكن أن تؤدى خطأ فى عملية الرصد ، كما أنه أصبح من المهم أيضا أن مع آليات واضحة تضمن لنا سلامة الرؤية . وهنا يبرز الأمور المهم للحاسبات الفلكية فى تحديد تلك الظروف صحيحة لرؤية الهلال فى بداية الشهر الهجرى ، ولا بأس أن نأخذ بتلك الطريقة العصرية التى استخدمها المركز الإسلامى بماليزيا ، حيث صمموا استمارة يملؤها الراصد للقمر فيها بيانات عن وقتى غروب الشمس والقمر ، وفترة مكث الهلال بعد غروب الشمس وغيرها من الضوابط التى مدى دقة الراصد للهلال فيما يخبر عنه . وبهذه الطريقة يمكن أن نطمئن لدقة الطريقة التى تمت بها الرؤية . كما يمكن لألية أخرى تضمن لنا وفرة من المعلومات حول الرؤية ، وهى أن نضع على كاهل هيئة معينة أن تتحمل أعباء رصد الهلال فى أماكن متفرقة من البلاد ، فتقوم تلك الهيئة ، المركز ، بتدريب عمالنها على أمور الرصد ، ثم توزيعهم على تلك الأماكن المناسبة لرصد الهلال وتتتبعه . وهى طريقة تضمن لنا أمرين : توارد المعلومات من مصادر عديدة وأن نكون نحن على قدر من الثقة بخبرة من قاموا بعملية الرصد .

أما بالنسبة للحسابات فهناك على حسب علمى مؤسسة أنشئت فى ماليزيا لعمل الحسابات الفلكية اللازمة لبداية الشهور العربية وغيرها من المسائل ذات الارتباط بالعبادات، والتى يحلو لى أن أسميها حسابات الفلكية الإسلامية . كما يوجد أيضا في معهد المساحة ، وهو يعد أيضا حسابات سالفة الذكر بمساعدة من خبرات فلكية من قسم الفلك بكلية العلوم جامعة القاهرة . ولست أدرى إن كانت هناك مؤسسات لهذا الغرض فى بلدان إسلامية أخرى أم لا ،ولكن بكل تأكيد توجد جهود فردية قام بها بعض الفلكيين المتخصصين فى أماكن متفرقة من بلدان إسلامية أخرى ولكن الحقيقة المرة التى أريد أن أذكرها ، هى أننا قد نشأنا والصورة الماثلة أمام عيوننا أن هناك إهمال واضحا لمسألة الحسابات الفلكية الإسلامية . وما زالت الجهود المبذولة فى هذا المضمار أقل مما تطمح إليه الآمال .

لذا ، فإننى أتمنى أن تنشئ كل دولة إسلامية معهدا أو مؤسسة علمية وتكلفه عمل الحسابات الفلكية ووضع الاختبارات التى التى توفر الطمأنينة فى مدى انضباط الحسابات ومدى دقتها . وأحذر أن تترك الحسابات لجهود الأفراد لأن ذلك سيؤدى أيضا إلى فوضى فى الحسابات الفلكية فكل يحسب على طريقة ولا نعلم ما هى طريقته وإن كانت علمية أم مبنية على أفكار مشوشة جاء بها من هنا أو من هناك . لذلك لابد من تكليف مؤسسات علمية تقديم الحسابات الفلكية حتى تصبح هذه الحسابات فوق الشك وبعيدة عن الفوضى .

ضوابط حسابية لرؤية الهلال

فى نهاية الشهر العربى وقبل ظهور ضوء الصباح لأن ضوء الشمس يجعلنا لا نراه وبالطبع لا يمكن رؤية هذا الهلال بعد غروب الشمس ولذلك لا نراه . فإذا دخل القمر فى فترة المحاق ، حيث يكون النصف المضاء من القمر فى الجهة البعيدة عن الأرض فلن نرى القمر حتى يخرج من المحاق . وفى فترة المحاق يكون القمر واقعا بين الأرض والشمس ويكون نصفه المضاء فى الجهة البعيدة عن الأرض ، والنصف المظلم من القمر يكون وقتها فى جهة الأرض . فإذا خرج القمر عن الخط الواصل بين الأرض والشمس يبدا جزء صغير من جهة المضاءة فى الظهور بالنسبة لنا على سطح الأرض ونعبر عن ذلك بقولنا أن القمر قد ولد أى بدأ يظهر منه هلال . ولكن ولادة القمر قد تكون فى أثناء النهار ، وبالطبع لن نستطيع رؤيته بسبب الوهج الشديد للشمس فإذا غربت الشمس وكان الهلال الوليد ما زال فوق الأفق تمكنا من رؤيته ، أما إذا غرب الهلال قبل غروب الشمس أو بعدها بفترة صغيرة فإنه يصبح من الصعب علينا رؤية الهلال . وبناء على ما سبق من شرح يمكننا أن نضع شرطا لعملية الرؤية أن نتأكد أن القمر قد ولد بالفعل وإلا فإننا سنبحث عن القمر بينما هو مازال فى فترة المحاق . كما يتضح أن ولادة القمر قد لا تعنى بالضرورة أننا سنراه بعد غروب الشمس لأن القمر قد يغرب بعد غروب الشمس مباشرة أو قبلها وحينئذ ستصعب رؤيته ، ولذلك ينبغى أن نضمن من خلال الحسابات الفلكية أن تكون فترة مكث القمر بعد غروب الشمس فترة كافية لرؤيته حيث تكون الشمس قد غربت وذهب وهجها الشديد والذى يحول بينا وبين القمر والنجوم كذلك فى أثناء النهار ولكن الضوء الشديد الذى يصلنا من الشمس يخفى ضوء القمر والنجوم فى أثناء النهار .

ويمكن أن نلخص الشروط اللازمة من وجهة النظر الفلكية لضبط الرؤية فى بداية الشهر العربى كما يلى :

1- أن نتأكد من يوم ولادة القمر وفترة مكثه بعد غروب الشمس .

2- اختيار المكان المناسب للرؤية : من حيث الجو الصحو والسماء الصافية والبعيد عن الأضواء الصناعية المنتشرة داخل المدن . فقد تتوافر كل شروط الرؤية ولكن توجد سحب تحول بيننا وبين رؤية الهلال ، فلا تتحقق الرؤية .

3- زاوية انحراف اتجاه غروب القمر عن اتجاه غروب الشمس ، فكلما كانت هذه الزاوية كبيرة يبتعد الهلال عن مركز الشفق الأحمر بعد غروب الشمس وبالتالى يزداد احتمال الرؤية .

4- مقدار ارتفاع الهلال فوق الأفق وسمكه ، يزداد ارتفاع الهلال فوق الأفق كما زادت فترة مكثه بشكل عام ، وكذلك يزداد سمكه مع زيادة طول عمره ومع زيادة قشرة مكثه فوق الأفق بعد غروب الشمس . ومن المفهوم أن الهلال يولد رفيعا ، ثم يزداد سمكه مع تقدمه فى العمر ، وكلما زاد عمره من لحظة الولادة يزداد سمكه .

أين المعضلة فى مسألة الأهلة ؟

من خلال الحسابات الفلكية يمكن أن نحسب بدقة عالية لحظة ميلاد الهلال للشهر العربى الجديد . ويمكننا كذلك أن نحدد العديد من المعلومات عن ذلك الهلال الوليد . من ذلك أن نحدد وقت غروب كل من الشمس والقمر فى ذلك اليوم وبالتالى نستطيع أن نحدد فترة مكث الهلال بعد غروب الشمس إن استمر وجوده فوق الأفق بعد غروب الشمس كما نستطيع من خلال الحسابات الفلكية تحديد ارتفاع الهلال فوق الأفق وسمكه وزاوية انحرافه عن الغرب .

ورغم كثرة ما يمكن تحديده من خلال الحسابات الفلكية فإن المعضلة تكمن فى التكهن بتلك الظروف التى تمكننا من رؤية الهلال الوليد على وجه الدقة . هل يمكن رؤية الهلال إذا مكث بعد بخمس دقائق فقط أم أن عشر دقائق فقط أم أن لن نستطيع رؤيته إلا إذ مكث فترة لا تقل عن نصف الساعة ؟ وصعوبة تحديد ذلك ناجمة عن تغير ظروف الرؤية من خط عرض لآخر ومن خط طول لآخر ومن وقت لآخر . وقد تقل فترة المكث ولكن تتوافر زواية انحراف كبيرة مما يضمن ظهور الهلال فى اتجاه بعيد عن مركز الشفق الأحمر للشمس بعد غروبها ، وقد يكون ارتفاع الهلال فوق الأفق عاملا مساعد على رؤيته ، وإن كان هناك ارتباط واضح بين فترة مكث الهلال ومدى ارتفاعه فوق الأفق ، فهناك عوامل ومتغيرات كثيرة لابد من أخذها فى الاعتبار .

لقد بذلت جهود عديدة من علماء مسلمين فى أماكن عديدة من أنحاء العالم الإسلامى ولكن مازالت مثل هذه العضلات وغيرها فى حاجة إلى جهود كثيرة ودراسات متعمقة كى نستطيع أن نستكشف طريقة تسهل الكثير من المعضلات تلك المسألة .

التقويم الهجرى وأمل فى توحيده

توجد تقاويم عديدة يعرفها العالم وأشهرها فى الوقت الحالى التقويم الميلادى . ولقد كان التقويم الهجرى أهم التقاويم التى عرفت على وجه البسيطة وأضبطها فى عصور أزدهار الحضارة الإسلامية . ونسمع فى وقتنا الحالى ونقرأ أحيانا همزا واستهجانا عن اختلاف التقويم الهجرى من بلد لآخر . وفى اعتقادى أن أحد أسباب استخدام بلاد إسلامية كبيرة للتقويم الميلادى بدلا من التقويم الهجرى هون توحد التقويم الميلادى واختلاف التقاويم الهجرية المستعملة ويسأل الكثير من المسلمين عن اختلاف بدايات الشهور العربية ومن ثم اختلاف التقويم الهجرى من بلد لآخر ، وتكون الإجابة الفورية أن اختلاف بداية الشهر العربى من بلد لآخر ناتج عن اختلاف المطالع . و مسألة اختلاف المطالع مسألة مفهومة وقد أخذ المسلمون بها فى كل العصور الإسلامية الاتصال بين الأمصار المختلفة ، وكان أهل مكة يعرفون من خلال القادمين من الشام . ولكن الأمور تغيرت فى وقتنا الحالى فقد أصبح العالم كله قرية واحدة ، إذا حدث أمر ما فى بقعة منه يسمع عنه بقية أنحاء العالم فى نفس اللحظة ، فقد أصبحت الاتصالات سهلة وميسرة مما يجعل فكرة توحيد بداية الشهور العربية أمرا ممكنا . لقد كان ذلك فى الماضى أمرا لا يمكن تحقيقة ، أما اليوم فمن الممكن أن نضع آليات يتم الاتفاق عليها بحيث تتوحد بداية الشهور العربية ومن ثم يتحقق الأمل المنشود فى توحد التقويم الهجرى ومن ثم تتحقق له العالمية المنشودة .

وفى سبيل تحقيق ذلك ينبغى على الفلكيين ان يضعوا جميع الملابسات والظروف المتعلقة بالموضوع . كما أننا بحاجة إلى أن يهتم أهل الاختصاص من الفقهاء بهذه المسألة فى ظل المتغيرات التى نعيشها اليوم وعلى ضوء ما تفرزه الحسابات الفلكية .

فى ظل ما تقدم من تجوال حاولت فيه أن أجمع كل الظروف والملابسات المتعلقة بموضوع بداية رمضان صفة خاصة وبدايات الشهور العربية والتقويم الهجرى بصفة عامة أعود وألخص ما تقدم فأقول :

1- الحسابات الفلكية والرؤية ينبغى أن يلتقيا حتى نحصل على حل دقيق لهذه المسألة . وأن الدور المهم للحسابات الفلكية هو وضع الضوابط التى تضمن سلامة الرؤية وصحتها .

2- مازالت الحاجة ماسة إلى تعميق الحسابات الفلكية حتى نتمكن من وضع جميع الضمانات اللازمة حتى تتم الرؤية بطريقة صحيحة وألا يحدث خطأ فى عملية رصد هلال الشهر .

3- علينا أن نستخدم طريقة حديثة تضمن سلامة الرؤية .

4- نحن فى حاجة لإعادة النظر ومناقشة مسألة توحيد رؤية الهلال فى بداية الشهر العربى فى ظل مستجدات نعيشها اليوم وخصوصا أن ذلك سيؤدى حتما إلى ظهور تقويم هجرى موحد لكل العالم الإسلامى .

5- والله أسال أن يوفقنا لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين وأسأله العفو عن الزلل والخطأ وأن يتقبل منا صالح الأعمال وأن يعيد علينا تلك الأيام المباركة وأمتنا فى مجد وعز .

 

محمد صالح النواوي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات