قرنان على إلغاء تجارة العبيد في بريطانيا.. غالية قباني

قرنان على إلغاء تجارة العبيد في بريطانيا.. غالية قباني

تاريخ قاتم ومهنة شائنة

قبل أكثر من مائتي سنة، قضى الأكاديمي والناشط البريطاني توماس كلاركسون سبع سنوات على ظهر حصانه قاطعًا 35 ألف ميل في الأراضي البريطانية في حملته ضد تجارة الرقيق. جمع الحكايات من البحارة الذين كانوا يبحرون على ظهر السفن، التي تحمل البشر المختطفين من إفريقيا، وأعد الملصقات الجدارية التي تشرح تفاصيل لحظات الرعب، التي تحدث على ظهر تلك السفن، فصدم المجتمع بالحقيقة الغائبة عن أذهانهم، بعد أن صاروا يتعاملون مع تجارة العبيد كمسلمة تشبه المتاجرة بأي سلعة. ونجح كلاركسون عام 1787 ضمن اثني عشر رجلاً آخر، شّكلوا جمعية لهذا الغرض، في إقناع وليام ولبرفورس النائب في البرلمان البريطاني أن ينقل المعركة إلى البرلمان بعد أن أمدّوه بالشهادات والأدلة اللازمة. إلا أن ولبرفورس مرض مرضًا شديدًا كاد يودي بحياته، فتأخر تحريك القانون 20 سنة أخرى إلى أن صدر في 25 مارس 1807 لينهي القانون تجارة العبودية في الجزر البريطانية، ثم صدر قانون تحرير العبيد من الرق تمامًا عام 1833، وبعدها بعام صدر قانون آخر يحرمه في كل أنحاء الإمبراطورية البريطانية واسعة الأرجاء في حينها، فقد مثلت الإمبراطورية حتى عام 1807 أكبر قوة دولية لتجارة العبيد عبر الأطلنطي من إفريقيا.

وها هي بريطانيا تحاول اليوم أن تنظر إلى الوراء مائتي سنة وتستعيد تلك التفاصيل المحمّلة بالشعور بالذنب وبمحاولة التكفير عنه، مخصصة سنة كاملة بدأت بمارس 2007 كاحتفالية في كل أنحاء البلاد تذكر بظروف ذلك القانون، وتسترجع ملابسات تلك التجارة، التي كانت عارًا على جبين الدول التي انتفعت منها طوال قرنين من الزمن. وقد اختير يوم 23 أغسطس 2007 يومًا للتذكر، لأنه يوافق ذكرى ثورة عبيد سان دومينجو (هاييتي حاليًا) عام 1791 كأول نصر حاسم للعبيد في تاريخ البشرية، الذي أدى إلى أول جمهورية تعلن من السود في العالم.

شهد المجتمع البريطاني حضورًا للسود من أصل إفريقي منذ الحكم الروماني الذي استمر خمسة قرون حتى عام 450 بعد الميلاد، إلا أنه حضور بقى محدودًا جدًا حتى منتصف القرن السابع عشر. ومع اتساع حركة التجارة بشكل عام عبر المحيط الاطلنطي في عهد الملكة اليزابيث الأولى، نشطت تجارة العبيد بشكل منظم ومكثف، وتم جلب المزيد من الأفارقة السود إلى شواطئ هذه البلاد. بعضهم جاء كخدم لملاك المزارع في الهند الغربية، ممن قرروا أن يستقروا مرة أخرى في البلاد مستمتعين بالثروة التي جمعوها، أو خدمًا لمسئولي البعثات الرسمية وقادة البحارة الذين عادوا من مهام أعمالهم خارج البلاد، أما بقية السود فحضروا في الجزر البريطانية كعبيد يتم إعادة شحنهم إلى الأمريكتين ليعملوا في مزارع السكر والقطن والتبغ من دون مقابل. وبمنتصف القرن الثامن عشر كانت هناك نسبة قليلة من السود الأحرار وهم الذين عملوا في بعض المهن اليدوية، التي كان ينظر إليها باحتقار، إذ ارتبط اللون الأسود بمستوى أقل من البشرية يقارب مستوى الحيوانات، وهي الفلسفة، التي اعتنقها حتى من كان متدينًا مسيحيًا، من ربان سفن وتجار، سواء في أمريكا أو أوربا. ووفق بيار اندريه تاجييف، المؤرخ السياسي، انطلقت هذه النظرة العنصرية من الغرب عندما نظر إلى ذوي البشرة السوداء إلى أنهم يفتقدون الذكاء والقدرة على التفكير والتحليل. بل إن بعض المفكرين في القرن التاسع عشر، اعتبر أن السود خلقوا ليكونوا «عبيدًا». ومن هؤلاء، للغرابة، الفيلسوف «إيمانويل كانت»: صاحب مشروع التنوير العقلاني، والفيلسوف الألماني جورج فريدريك هيجل في مقدمة كتابه «فلسفة التاريخ»، كذلك الأمر بالنسبة إلى المفكر الفرنسي فولتير والفيلسوف البريطاني ديفيد هيوم اللذين اعتبرا أن السود غير تامين خلقياً!

أدت هذه النظرة العنصرية إلى بعض الأحداث الطريفة أحيانًا، من ذلك، أن ثريًا إفريقيًا من المتورطين في تجارة العبيد في إفريقيا أرسل عام 1749 ابنه «وليم انساه سيساراكو» إلى أوربا ليتلقى تعليمًا عاليًا، إلا أن كابتن السفينة وضعه في أقفاص العبيد مع مرافقه وعامله كعبد غير مقتنع بأنه يمكن أن يكون أكثر من رقيق، حتى تدخلت السلطات البريطانية، وأفرجت عنه وعاملته كأمير. وقادته شهرته بسبب تلك الحادثة إلى لقاء الملك جورج، وباتت العامة تماهيه ببطل مسرحية شهيرة كانت تمثل على مسارح إنجلترا آنذاك، وتحكي المسرحية قصة أمير إفريقي وقع في فخ العبودية وتم تحريره!

تاريخ قاتم وتورط متعدد الأطراف

تاريخ تجارة الرقيق تاريخ قاتم يشترك فيه أكثر من طرف وأكثر من شعب، وشهدت هذه التجارة تورطًا من تجار عرب وسطاء قام دورهم على «قنص» الأفارقة من رجال ونساء وأطفال وتسليمهم للتجار الأوربيين، إضافة إلى المتاجرة بالأفراد من نساء ورجال وأطفال أيضًا. وباعت تلك التجارة، عالميًا، ما يقارب 24 مليون إفريقي يعتقد أن 10 ملايين منهم فقط نجوا في الرحلات، التي كانت تعبر المحيط الأطلنطي وتستغرق ثلاثة أشهر لتصب في الأمريكتين وجزر الكاريبي - أو ما كان كان يطلق عليه جزر الهند الغربية - حيث نشأت البيئة الحاضنة لمزارع السكر والقطن والتبغ. وتقول التقديرات إن واحدًا من ثلاثة أفارقة كان يموت بعد أن تحط بهم السفن على سواحلها، بسبب سوء الصحة والتعذيب والأمراض التي كانوا يصابون بها.

أثرت الأطراف العديدة من المتاجرة ببني جنسهم من البشر ويمكن القول إن الأرباح الناتجة عن تلك التجارة شكلت - على سبيل المثال - أساس المجتمع المعروف حاليًا في بريطانيا، اقتصاديًا وثقافيًا. لقد شكلت مدن رئيسية في هذا البلد نقاطًا مهمة في تلك التجارة اللاأخلاقية، فلندن، بالإضافة إلى كونها ميناء رئيسيًا في تلك التجارة، كانت أيضا المركز المالي الذي يمول المتورطين فيها ويستثمر الأرباح، التي تجنى من ورائها، ومن بينها مصارف كبرى شهيرة حتى الآن. إلا أن هذه الثروات لم تكتف بنفسها كقوة اقتصادية وترجمت إلى سلطة سياسية، فمالك مزارع السكر الشهير وليم بيكفورد أصبح عمدة العاصمة لندن وأول مليونير عرفته إنجلترا على الإطلاق، بعد أن جنى ثروته من استغلال العبيد كأيدٍ عاملة من دون مقابل في مزارعه. وحتى العام 1766 كان أربعون عضوًا من البرلمان البريطاني متورطين في تلك التجارة الشائنة، كما يقول إيدان ماكيد مدير المنظمة العالمية لمناهضة العبودية، التي تأسست عام 1839 كأول منظمة من نوعها تؤسس في بريطانيا، لهذا الهدف النبيل، ويتلخص في محاربة كل أشكال العبودية في العالم وليس بالمعنى المباشر فقط، ولتكون من أوائل مؤسسات المجتمع المدني في هذا البلد.

شبكة أوربية - إفريقية

يكتب وليام كلير الباحث في جامعة كيمبرج عن تاريخ بريطانيا في تجارة العبيد عبر إفريقيا الغربية والولايات المتحدة والبرازيل والبحر الكاريبي، ويوضح عبر كتابه «تجارة العبيد في بريطانيا»، أن هذه التجارة كانت تتضمن شبكة أوربية - إفريقية، وكان لكل من الممولين والمنتجين والمستهلكين والقسسة والقادة الأفارقة وأعضاء البرلمان، وحتى أعضاء الملكية البريطانية، دور كبير في هذا المضمار.

كانت هذه السفن تبحر عبر نهر الثيمز تحت حماية البحرية الملكية لتقوم بتفريغ حمولتها من السلاح والكحول والمنسوجات قرب قلعة البرج في غانا. ويربط كلير بين هذه التجارة وتاريخ القلعة الساحلية حيث مقرات بريطانيا الخاصة بتجارة العبيد التى تقع على الساحل الذهبي الإفريقي. إن السجلات والمعلومات، التي تخص هذه القلعة قلما تم الكشف عنها إلى أن بدأ كلير بالبحث وكشف عن سجلات وملاحظات ورسائل تخص هذه التجارة. وتظهر هذه القلعة على الساحل الإفريقي بشكلها البغيض لكل مَن يراها، حيث الأمواج تلاطم جوانبها الثلاثة، ومدافعها التي كانت موجهة إلى البحر . إذ كانت هذه القلعة ترمز إلى قوة بريطانيا المطلقة في تجارة العبيد والسلاح والكحول والمنسوجات. وبالرغم مما تمثله تلك القلعة من مظاهر الموت فإنها كانت مفعمة بالحياة الإكزوتيكية، حيث تحضر النساء والزنوج والماشية والأفاعي والطيور الغريبة والنمور. أما في الطابق السفلي تحت القلعة، فحيث عالم الموت تقبع الزنزانة التي كانت مملوءة بالعبيد الذين ينتظرون دورهم عبر المحيط الأطلسي، ويبقى كثير منهم تحت الأرض إلى أن يأتي دوره عبر «بوابة اللاعودة».

وقد تعرض الأفارقة العبيد إلى شتى أنواع التعذيب والإهانة، التي لا يتصورها عقل، فقد كان بعض أصحاب السفن يرمون بالبحارة في البحر بسبب مرضهم أو شغبهم، ويطالبون شركات التأمين بتعويضهم عن خسارة البضاعة! لقد أمر قائد أحد المراكب السيئة الصيت طاقمها في عام 1718 برمي 133 راكبًا ممن يعانون سوء التغذية والمرض، عنوة إلى البحر، فعلوا ذلك بقسوة قلب، تمامًا كما لو أنهم يتخلصون من بضاعة تالفة!

السود في الأعمال الفنية

ظهر الإنسان الأسود في اللوحات البريطانية كعبد بالغ، أو عبد صغير، ويقال إن إظهار السود في اللوحة قرب امرأة بيضا،ء كان إشارة إلى ثراء العائلة، التي تنتمي إليها المرأة. كذلك فإن لونه كان يستغل للتأكيد على بياض بشرة المرأة المرسومة، من منطلق أن الضد يؤكد نقيضه.

وعندما رسم الفنان الإنجليزي جابرييل ماثياس لوحة بورتريه بالألوان الزيتية لسيساراكو، تميز بتقديمه للأسود كفرد مستقل لا كعبد. هذه اللوحة وغيرها كانت بين مفردات معرض أقيم بهذه المناسبة في متحف ناشيونال بورتريه غاليري في لندن، حيث نطلع أيضًا على عمل حفر لبورتريه إفريقي آخر هو «جوب بن سوليمان»، الباحث الإسلامي الإفريقي الذي أسر بالخطأ أثناء رحلته من جامبيا إلى إنجلترا عام 1734. وهناك بورتريه لشاعرة عبدة سوداء أمريكية هي فيليس ويتلي زارت بريطانيا عام 1773 لنشر قصائدها. وكانت سيدتها وابنتها قد تبنتا موهبتها وعلمتاها القراءة والكتابة، ونشرت أول قصائدها الواعدة بعمر 12 سنة، وحققت فيليس ويتلي شهرة بين أمريكا وإنجلترا جلبت لها حريتها. ومن بين اللوحات التي أعيد تقديمها للجمهور في مختلف متاحف بريطانيا بهذه المناسبة لوحة بورتريه لعطيل المغربي الأسود في مسرحية شكسبير «عطيل»، التي تجري أحداثها في مدينة فينيسيا، والبورتريه للممثل الأسود «إيرا الدريدج» الذي أدى دور عطيل في تلك المسرحية الشهيرة في القرن التاسع عشر.

المجتمع البريطاني يتحرك

تكونت داخل المجتمع البريطاني جماعات ضغط مضادة لتجارة العبودية من بينها جماعة الكويكرز الدينية، إضافة إلى جهود كلاركسون وصحبه، والغريب أن تأثير جولته في أنحاء بريطانيا، لم يأت في أغلبه من التأثر بالوضع المزري للأفارقة العبيد، بل بسبب إثارته لموضوع الأخطار، التي يتعرض لها البحارة البريطانيون من إصابتهم بالأمراض، وأثبت أن 20 بالمائة منهم يتوفون ولا يعودون من تلك الرحلات.

وفي عام 1806 قامت مجموعة من المناهضين لتجارة الرقيق في مدينة مانشستر بجمع آلاف التواقيع من بينها قائمة مكونة من ألفي توقيع من شخصيات معروفة وبلغ طول العريضة سبعة أمتار، مطالبين باستصدار قانون يمنع تلك التجارة اللاأخلاقية. وتم تمرير المشروع بنتيجة مائة صوت مقابل 36 صوتًا معارضًا في يناير 1807، ومنحه الملك جورج الثالث الفعالية عندما صدق عليه في 25 مارس من السنة نفسها. واشتهر النائب ويلبرفورس حتى صار رمزًا لتحرير العبيد، وأقيمت له التماثيل في أكثر من مكان، لكن اشخاصًا آخرين كانوا أهم منه في تلك الحملة، التي شكلت أساس الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، فهو اقتصر دوره داخل البرلمان، بينما هناك آخرون من أهمهم توماس كلاركسون، الذي وصفه الشاعر صامويل كولريدج بأنه «الآلة الأخلاقية المحركة» للحركة، التي أطلقت من داخل محل للطباعة في لندن عام 1785، حيث اجتمع مجموعة من البريطانيين المتحمسين للفكرة. أيضا هناك الموسيقي «جرانفيل شارب» الذي هاجم الرق لعقود من الزمن وأنقذ كثيراً من السود في إنجلترا من أن يعادوا إلى العبودية في أمريكا. كذلك اشتهر في هذا المجال رجل الدين المسيحي جيمس رامسي الذي عاش وسط تجار الرقيق في الكاريبي، وتعرض لعدائيتهم عندما كتب مؤلفًا صغيرًا يهاجم فيه تلك التجارة البشرية. أما من السود فهناك «أولودا إكويانو» الذي حرر نفسه بماله، وكتب سيرته الذاتية، التي قرأها عشرات الآلاف من القراء في ذلك الوقت وتركت تأثيرًا كبيرًا فيهم. عندما تأسست جمعية إلغاء تجارة العبيد 1738 هيمن عليها الذكور، وكان بعض قادتها ضد انضمام النساء للحملة، من بينهم النائب ويلبرفورس نفسه الذي كان متدينًا واعتقد أن دوافع النساء أبعد من تحرير العبيد! كما أن بعض الناشطات أردن إلغاء العبودية ككل وفورًا، بينما كان رأيه أن البداية تكون بإلغاء التجارة فقط إلى أن يتم الإلغاء النهائي تدريجيًا. وبالرغم من تلك المحاربة، فإن النساء شكلن 10 بالمائة من المتبرعين للحملة، وشكّلن ما نسبته ربع الأعضاء في مناطق مثل مانشستر.

النساء استثنين أيضًا من قيادة الحملة عام 1923، والتي كان هدفها إلغاء العبودية في لإمبراطورية البريطانية ككل، إلا أن نساء مدينة بيرمنجهام التقين عام 1925 وشكلن جمعية نسوية لمساعدة العبيد السود، تلتها بسرعة جمعيات نسوية في مدن بريطانية أخرى قوطعت أحيانًا من قبل الرجال وبينهم ويلبرفورس الذي طالب زملاءه بعدم المحاضرة في تلك الجمعيات. ومن الأسماء النسائية، التي برزت ميري لويد واليزابيث هيريك، التي أصدرت كتيبًا عن هذا الموضوع سرعان ما انتشر في أنحاء البلاد. وفي عام 1930 كانت النساء قد شكّلن قوة لابأس بها على هذا المستوى إذ شاركن في المؤتمر الوطني الخاص، وطالبن بإصدار تعهد بأن تأخذ الحملة على عاتقها العمل على الإنهاء الفوري للعبودية في الإمبراطورية البريطانية، وهددن بسحب دعمهن المالي. وفعلا، وافق المؤتمر على سحب تعبير «الإنهاء التدريجي للعبودية» من شعاراته، ورفع حملة تواقيع للبرلمان في العام التالي تطالب باعتبار كل الأطفال الذين يولدون لعبيد، أفرادًا أحرارًا. إلى أن صدر قانون عام 1833 ألغى العبودية ككل. وعلى أي حال، شكّلت تلك الجمعيات النسوية أساسًا لنضال المرأة على مستوى حقوقهن الشخصية إضافة إلى مشاركتهن في قضايا حقوقية أخرى.

هل انتهت العبودية بعدها؟

يعتقد كثيرون أن العبودية انتهت في العالم بموافقة البرلمان البريطاني على تحريم تجارة العبيد عام 1807، أو بتحريمها داخل الإمبراطورية البريطانية ككل عام 1834. أو أنها انتهت لاحقًا مع إصدار قيصر روسيا قانونًا حرر العبيد في بلاطه في ستينيات القرن التاسع عشر، أو بتحرير العبيد في مزارع القطن في الولايات الجنوبية للولايات المتحدة بمبادرة من الرئيس إبراهام لينكولن. مع الأسف فإن هذا الأمر ليس صحيحا إذا عرّفنا العبودية بأنها: «إجبار إنسان على العمل من غير أجر مدفوع». لقد تم تعويض ملاك العبيد بملايين الجنيهات كرشوة لقبولهم بالقانون، لكنهم لم يحرروا مَن كانوا يملكونهم بسرعة، أو لم يدفعوا لهم أجرًا مقابل عملهم، وانطلقت ثورات في تلك المزارع حركها العبيد الذين حرروا أنفسهم عمليًا.

تصدمنا النتائج إذا علمنا أن العبودية بتجلياتها لا تزال تحوم في العالم، فمنظمة العمل الدولية تقدر أنه يوجد ما لا يقل عن 3.12 مليون إنسان يعيشون تحت شكل من أشكال العبودية في عالمنا اليوم. في جنوب شرق آسيا يعيش الملايين مكبلين بقيود الديون، التي عليهم أن يعملوا بالقوة لأصحابها لتسديدها وبعضهم يعيش في أماكن أشبه بالسجن التابع للدائن. وبسبب حجم تلك الديون، فإنهم لن يتمكنوا من تسديدها طوال حياتهم ويبقون بمنزلة العبيد للدائنين. وفي موريتانيا حيث صدر قانون إلغاء العبودية عام 1980، لايزال آلاف الأفارقة السود عبيدًا عند السكان العرب، وفق صحيفة الاندبندنت البريطانية. أما الشكل الأقرب إلى العبودية في الغرب، فهو الرقيق الأبيض، حيث تجارة الدعارة التي تتعرض فيها آلاف النساء إلى التهريب من أوربا الشرقية وغيرها من دول العالم إلى أوربا الغربية بحجة توفير فرص عمل، وتتعرض النساء إلى الاغتصاب والضرب في حال رفضهن الدعارة وحبسهن في أماكن مغلقة لا يسمح لهن فيها بالخروج. وقدرت المصادر البريطانية أنه تم تهريب أكثر من 4000 امرأة إلى بريطانيا لهذا الهدف في السنوات الأخيرة، الأمر الذي دعا الاتحاد الأوربي إلى استصدار قانون لمنع تهريب البشر والمتاجرة بهم وتنفيذ عقوبات شديدة على مرتكبي تلك الجرائم.

تجارة الرقيق.. أرقام وحقائق

  • 8.2 مليون إفريقي شحنتهم السفن البريطانية على متنها بين الأعوام 1690 حتى 1807. ويعتقد أن ما مجموعه 12 مليون إفريقي اقتلعوا من أماكنهم ضمن حملة الرقيق في العالم.
  • 2704 هو عدد السفن التي أبحرت من لندن بهدف نقل العبيد خلال تجارة الرق عبر الأطلسي.
  • 1785 العام الذي أعلن فيه توماس كلاركسون ورفاقه من داخل مطبعة في لندن حركة اجتماعية لوقف الاتجار بالعبيد.
  • 2000 مواطن من مانشيستر وقعوا عريضة عام 1806 قدمت إلى البرلمان البريطاني عبر وليام ويلبرفورس النائب عن مدينة هال الشمالية تطالب بتحريم تجارة الرقيق. وكانت سبقتها عريضة أولى عام 1787.
  • 1804 استقل سكان هاييتي من العبيد عن الاستعمار الفرنسي يوم 23 أغسطس، وأسسوا أول جمهورية من السود في العالم بعد ثورة العبيد، التي استمرت خمس عشرة سنة.
  • 1834 العام الذي ألغيت فيه العبودية تمامًا من الإمبراطورية البريطانية، بينما أعلنت أمريكا تحرير العبيد عام 1865.
  • 1840 وما بعده من أعوام سمح للفارين من أمريكا بالمحاضرة في أنحاء إنجلترا خصوصًا في مانشيستر.

 

غالية قباني 





عبيد يحصدون قصب السكر في إحدى مزارع جامايكا .. لوحة تعود لعام 1824 (مقتنيات المتحف الوطني) بمقاطعة ويلز





سوق العبيد التي تورط فيها أوربيون وأفارقة.. لوحة معروضة في جاليري البرلمان البريطاني





هذه اللوحة هي أقدم صورة يقدم فيها شخص أسود في لندن، وهو العازف جون بلانك الذي عاش في النصف الأول من القرن السادس عشر. (من مقتنيات الكلية العسكرية البريطانية)





أكياس السكر تخرج من مصنع في منطقة ميناء لندن القديم 1930.. المبنى تحول إلى متحف للسكر زراعة وصناعة وتأريخا للعبودية





لوحة زيتية لاجتماع جمعية معاهدة إلغاء العبودية نهائيًا عقدت عام 1840 ويبدو كلاركسون يخطب بالمجتمعين. الرسام بنجامين روبرت هايدون (عرضت في متحف ناشونال بورتريت جاليرية)





 





طوابع بريدية أصدرتها الحكومة البريطانية بالمناسبة وتقدم الشخصيات، التي كان لها أثر في تحريم المتاجرة بالعبيد





بورتريه لممثل من القرن التاسع عشر أدى دور عطيل القائد المغربي الأسمر في مسرحية شيكسبير