إلى أن نلتقي

إلى أن نلتقي

الاختراع الأعظم

  • ما هو أعظم اختراع عرفته البشرية؟

دائما ما يتردد هذا السؤال في وسائل الإعلام المختلفة، وعادة ما تؤخذ بشأنه الآراء وتجمع الأصوات.ومن الطبيعي أن نكتشف بعد قليل من التفكير أن كل الاختراعات عظيمة، وأننا كنا في أمس الحاجة إليها، فالحياة أفضل في وجودها، وأقل مشقة، وجميعها بصورة أو بأخرى غيرت وجه العالم، ولكن هذا لا ينفي السؤال الأصلي: ماهو الاختراع الأعظم من بين الاختراعات كلها؟

اكتشاف النار كان علامة فاصلة في التاريخ البشري، فقد استقر الإنسان حولها، وتعلم كيف يواجه البرد والصقيع، ونزع من قلبه الخوف في مواجهة ظلمة الكون وغموضه، وتعلم الإنسان من الزراعة كيف ينتج طعامه ، بدلا من أن يلتقطه من فوق الأشجار، وأن يهجر الكهوف ليبني أولى القرى على ضفاف الأنهار، وساعدت العجلة الإنسان في بناء المدن والتنقل في ما بينها، ولكنها قادته أيضًا للحرب، ولكن هذه كلها كانت مجرد اكتشافات كامنة وموجودة بين قوى الطبيعة حتى عرف الإنسان كيف يستخدمها، أما الاختراع فهو شيء لم يكن موجودا، وبعد وجوده تغيرت كل الأشياء، بالنسبة إليّ فأنا أحب الاختراعات الثقافية، فاختراع المطبعة جعل في مقدورنا الحصول على عشرات الكتب ، ووفر المعرفة لأفقر الناس، لذلك لم يكن غريبا أن تقاوم الكنيسة الأوربية هذا الاختراع، لأنها أرادت أن تظل المعرفة محبوسة في أقبية الأديرة، داخل المخطوطات، وأن تقاومها الدولة العثمانية وتكتفي بنسخ الكتب لمدة 500 عام، وأحب السينما التي حولت الظلال والأخيلة إلى واقع مرئي، ودخلت بنا إلى عوالم لم نتصور وجودها، ولكن هذا لم يكن ليتأتى قبل اختراع الكهرباء ، فقد أنارت الأمكنة والأذهان، وبفضل الكهرباء شهدت البشرية النقلة الثانية بعد اكتشاف النار، وعندما مات أديسون مخترع المصباح الكهربائي، فكرت أمريكا في إطفاء الأضواء في كل مدنها لمدة دقيقة واحدة حدادًا عليه ، ولكنها اكتشفت أن هذه الدقيقة من الإظلام سوف تكلفها الملايين فاكتفت بتأبينه في الضوء مع بعض الكلمات، ويرى شباب هذه الأيام أن أعظم اختراع هو الإنترنت ، فقد جعل العالم وثيق الصلة بعضه ببعض، وأتاح لهم متنفسا وفضاء مفتوحا بعيدا عن سلطة الأب والحاكم، فهو علامة التحرر الوحيدة في هذا العصر، وعلى الرغم من ذلك، نُظمت منذ سنوات قليلة مسابقة شملت كل دول العالم عن الاختراع الأعظم، وجاءت النتيجة غريبة، فقد أجمعت أغلبية الملايين التي اشتركت في المسابقة، على أن «سلطانية الحمام» هي الأعظم، فقد وفرت للإنسان أول وسيلة مريحة ليقضي بها حاجته الملحة، والتي لا يمكن الاستغناء عنها، ووفرت له طريقة مثلى للتخلص من فضلاته دون نشر للأمراض والأوبئة، فالطاعون والكوليرا، وغيرهما من الأمراض المعدية كان سببها وجود هذه الفضلات في كل مكان ، وبهذه المناسبة تصدرت صورة السلطانية أغلفة المجلات والصحف، ولكن المؤسف، وفق تقارير الأمم المتحدة، فإن نصف البشرية حتى الآن لا يملك حمامات صحية، ومازالت هذه الأمور تتم في العراء في كثير من الدول العربية والإفريقية، وهدف الأمم المتحدة المقبل، ليس القضاء على الفقر، فقد فشلت فيه، وليس وقف الاحتباس الحراري فهذا فوق طاقتها، ولكن إيجاد مرحاض لنصف النصف من البشرية الذين لا يملكون مرحاضًا، لعل هذا يسهم في انخفاض حدة الأمراض.

والآن ماهو رأيكم ، وماهو اختراعكم المفضل؟.

 

محمد المنسي قنديل