عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

أربعة عقود

عزيزى القارئ ..

بهذا العدد تكتمل دائة العقود الأربعة من عمر " العربى " التى صدر عددها الأول منذ أربعين عاماً ، وبالتحديد فى ديسمبر 1958 . ولما كانت هذه الصفحة معنية دائما بالإشارة إلى الخيط الأساسى فى نسيجتكوين العدد الذى تتحدث عنه ، فإن الشئ بالشئ يذكر ، ومواد هذا العدد تستدعى بدورها ذكرى مواد العدد الأول الذى صجر منذ اربعين سنة ، ومن مقابلة العددين تنبثف أسئلة وعلامات تعجب ، وتعبيرات دهشة ، وتقليب ألم ، وتغليب أمل ،- دونه يبدو الاستمرار صعباً .

في عدد العربى الأول كانت الاستطلاعات العربية تتوجه إلى الجزائر لتعايش جيش التحرير الجزائرى على مشارف استقلالها ، وإلى العراق ترصد ثروة تمورها العربية ، وإلى البحرين الصغيرة الكبيرة بطموح أهلها ، وإلى اليمن لتفتح ملف الفات وآلامه .

أما فى عددنا هذا ، فإن العربى تذهب إلى الخليل لترصد آلام احتلالها ، وتتوقف فى الكويت مطلقة صرخة مستقبلية حول تحلية مياه البحر كاقتراح بديل عن معاناة عربية محتملة فى الغد .

ما الذى تغير ؟ .. إنه سءال تأتينا إجابته على جناج الشجن ، فالجزائر نالت استقلالها عن المستعمر الأجنبى لكنها تغرق فى حمام دم فتح التطرف منابعه التى لم تنغلق بعد ، والعراق أحرقت الكثير من نخيله مغامرة قيادة كارثية ، واليمن لا يزا يعانى من جائحة القات . فقط البحرين هى التى بقيت من العدد الأول تكبر بطموح أهلها .

أما الجديد العربى ، فى استطلاعات هذا العدد ، فهو مثار أحزان متجددة وإن لاح بصيص ضوء فى آخر النفق ، فالخليل على عهد حزنها تحت نير الاحتلال الصهيونى ، تجاهد . والمياه التى يرتوى منها العرب تتهددها مخاطر شتى من تغيرات الطبيعة وتقلبات السياسة . وهكذا نظل فى دائة الشجن العربى ، نستصرخ الأمل ! وخاصة هذا الشهر .

ففى هذا الشهر تحل علينا ذكرى شهر رمضان المبارك وهو أحد أعياد الأمة الإسلامية ولكنه كعادته ومنذ أعوام كثيرة يأتى حزينا وأمتنا مازالت تتخبط خلف هدف ضائع وحلم مبدد.

أربعون عاما مضت ، حدث فيها الكثير ، لكن الحساب العربى الأجمالى- رغم إنجاز مشهود هنا وبعض التقدم هناك- يبدو مثيراً لبعض الحزن أو الكثير منه .
لماذا ؟

إنه سؤال يبعث على الحيرة ، ويحض على التقصى . وقد تجد بين عددى العربى- الأول والماثل بين أيدينا- بعض الإجابة ، من يقرأ افتتاحية العربى فى أول أعدادها ويعرج على موادها يلمس مفارقة مذهلة ، هى أن المناخ الفكرى العربى بات محاصراُ بكثير من التربص المنغلق الآن ، بينما كان- منذ أربعين عاماً- أكثر انفتاحاً وتسامحاً . ولعل فى تلك المفارقة يكمن سرا استمرار الآمنا ، وشرط استيقاظ آمالنا . فالانفتاح والتسامح الفكريان هما شرطان لازمان لكل تقدم ، وهذا ما أصرت على القبض عليه هذه المطبوعة التى نشأت واستمرت هدية من ضمير الكويت الثقافى لطلائع التنوير العربى عبر أكثر من جيل .

و " العربى " فى هذه المناسبة تعلن أنها تدين بالشكر الكبير لدولة الكويت وعلى رأسها سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح وولى العهد رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح ووزارة الإعلام على ما قدموه ويقدمونه من دعم ومؤازرة للعربى ومطبوعاتها لتواصل رسالتها الثقافية الرائدة .. فلنستمر على بركة الله .

وإلى لقاء متجدد.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات