عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

مشاريع للنهضة

عزيزي القارئ..

بتوافق- غير متعمد- يتزامن هذا الشهر مع نشر ملف خاص عن رواد النهضة العربية. فكأن استيقاظ الكائنات الربيعي، بعد بيات أو كمون الشتاء، يتوازى مع الإحساس بضرورة إيقاظ الحديث عن مشروع النهضة العربية، بل مشاريع هذه النهضة. فالمألوف والمطروق كثيراً هو حديث عن مشروع للنهضة العربية جرى تفعيله في القرن الماضي ومن أبرز رموزه عبد الرحمن الكواكبي الذي ولد عند منتصف القرن وتحديداً عام 1854، وتوفي في مطلع قرننا عام 1902، فكأنه يشير بمولده ووفاته إلى رحاب هذا المشروع الذي ترددت أصداؤه الإصلاحية لعدة عقود من قرننا الموشك على الرحيل. هذا المشروع الذي بدأ مواجها للاستبداد المتمثل في السلطات العثمانية التي جثمت على الصدر العربي طويلا، ونما حتى عقود التنوير فتجلى في أطروحات الدولة المدنية وديمقراطية المعرفة والحكم، مروراً بالحياة الاجتماعية في العشرينيات من قرننا العشرين وما تلاها. هذا المشروع العربي النهضوي الأول جرفته عاديات الزمان، حتى بات من الضروري الحديث عن مشروع نهضوي عربي جديد، مشروع يؤكد على صون بديهيات الإصلاح والتنوير التي يغتالها يوميا نوع من النكوص الظلامي الفكري وأنواع من الاستبداد تؤازر هذا النكوص بفعلها، حتى وإن كانت تزعم أو تمارس مواجهة ذلك النكوص، فالنتائج تحسما الأفعال لا الأقوال أو التوهمات.

ثمة ضرورة لإحياء أو إنشاء مشروع نهضوي عربي جديدة ينهل من منابع الرواد، فكأنه عود إلى ما بدأه الكواكبي وزملاؤه وتجلى في كشف ورفض لطبائع الاستبداد، ونقد لأحوال العالم العربي والإسلامي، واستمساك بروح الاعتدال.

إننا واقعيا- وبعد شهور قليلة- ندخل في قرن جديد، قرن لن يرحم القاعدين عن المبادرة، سواء كان قعودهم استنامة لدفء المألوف والمنغلق، أو امتثالاً لأنواع شتى من الاستبداد السياسي والاجتماعي والفكري. فالمبادرة المطلوبة للحاق بآخر عربات قطار القرن القادم- الموشك على الانطلاق بعد قليل، وقليل جداً من الوقت- تقتضي تحرير الإنسان العربي من الجمود الذي يعوق حركته ويشل مسارعته إلى الفعل أو تصويب الفعل، فالاقتصاد يتغير وينتقل بسرعة البرق، واستطلاع تايلاند في هذا العدد يضع أيدينا على حقيقة عولمة الاقتصاد ومخاطرها على من لا يدرك منطق هذا العصر واستطلاع "حماة" يشير إلى انفتاح الحاضر الثقافي على الماضي الثقافي الذي يكون أساس اللحظة المعرفية ويكرس لأهمية الجذور في تشكيل الفروع.

الحفاظ على الجذور هو ضرورة هوية، والحفاظ على تحرير الإنسان عقلاً ومعاشاً هو ضرورة للمبادرة. ومنهما معاً تتكون إشارة إلى حلم بمشروع نهضة عربي جليد.

وإلى لقاء متجدد.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات