عزيزي
القارئ..
في مقابلة خاطفة مع مركز تلفزيون الشرق الأوسط، وضمن احتفالات
هذه المحطة التليفزيونية الناجحة بعيد ميلادها الخامس، قال الكاتب السوري رئيس
اتحاد الكتاب العرب "علي عقلة عرسان" إنه يتمنى أن يرى ضمن برامج هذه المحطة في
المستقبل برنامجا لحوار الشرق مع الشرق، وكان يشير في ذلك إلى أمنية استكمال الحوار
الذي بدأه تليفزيونيا برنامج هذه المحطة الممتاز "حوار مع الغرب". فلا يعقل أن نفتح
حوارا مع الآخر البعيد، وننسى الحوار الواجب مع الآخر القريب.. أي
الشرق.
وهو حوار ضرورة،
وحياة، وحكمة ينبغي ألا تغيب عن حساباتنا، وتحسباتنا، كشرق. وقد يكون لافتا
للانتباه - بهذا الخصوص - ذلك التحذير الذي أطلقه عالم الاقتصاد الأمريكي "ليندون
لاروش الذي يعتبر أبا روحيا لمعهد شيلر الألماني ذي التوجهات المختلفة كثيرا عما
اعتدناه من مراكز الأبحاث الغربية، يقول لاروش ضمن تحقيق متميز للكاتب محمد عارف في
جريدة الحياة : "البشرية تقف اليوم أمام الخيار بين إعادة تعمير العالم عن طريق
مشاريع عظمى تربط قارات آسيا وأوربا وإفريقيا أوديكتاتورية دولية فاشية تتحكم بها
مجموعة دول "السبع" الغنية. إعادة تعمير العالم تنقل البشرية إلى عصر نهضة جديد
اقتصاديا وثقافيا لجميع الشعوب والأمم".
لقد قال العالم
الأمريكي ذلك في إطار تصور هذا المعهد - الذي ينبغي أن ننتبه إليه - لإحياء طريق
الحرير، وهو مشروع الجسر القاري الأوروآسيوي والممتد بخطوطه حتى إفريقيا. إنه مشروع
مثير للخيال، مفجر لكثير من الطموح والأمل، يتضمن قطارات فائقة السرعة تعوم على
وسائد مغناطيسية، وأنفاقا تعبر الجبال والأنهار، وطرقا تمتد من أقاصي شرق اليابان
والصين حتى أقاصي غرب إفريقيا. والغاية هي إحياء التكامل بين أكثر من أربعة وثلاثين
بلدا من بلدان الجنوب والشرق بشكل أساسي، وفتح رءوس جسور جديدة مع أوربا بعد ذلك.
والأولوية هنا تتأتى من أن الاقتراح ولد شرقيا، قدمته الصين وتفاعلت معه كثير من
بلدان آسيا الوسطى وإيران وتركيا. ومن الطبيعي أن يتحمس له العالم العربي كله فهو
في بؤرة اهتمام هذا المشروع الحلم.
إن طريق الحرير-
عزيزي القارئ - يحاول العودة من جديد، ليوصل وشائج قطعها عصرنا الطافح بأنانية ما
خلفته احتكارات العالم الصناعي ونزوعه للهيمنة. ونحن كمطبوعة واسعة الانتشار عربيا
نحاول أن نمسك بأطراف هذا الحلم على طريقتنا. ففي هذا العدد احتفاء بمحطتين مهمتين
على طريق الحرير الذي كان، والذي نطمح أن يكون. فهناك استطلاع عن أوزبكستان "بلاد
نصف الابتسامة" يستكمل رحلة بدأت في العدد السابق، على طريق الحرير في قلب آسيا
الوسطى. أما الاستطلاع العربي فهو يتوقف عند محطة أخرى، على طريق الحرير أيضا، في
حمص السورية "رحابة المكان.. مرافئ الزمان" فهي موضع على طريق الحرير لا يجهله
الماضي، ولن يتجاهله المستقبل. أما بقية مواد عددنا فهي دعم - على طريقتنا - للحلم
باستئناف جديد وعادل لطريق الحرير، طريق التبادل الخير للمصالح والثقافات. حيث
تتوارى "ثقافة الأزمة.. من الاستهلاك إلى التسلط".وتزدهر الروح النقدية في "الموقف
من الحداثة". ويتضوع على دروب حلمنا "المسك سيد العطور".
ولتتجدد آمالنا
أبدا.. على طريق من حرير.