ميلوديا الوجع الأكبر

ميلوديا الوجع الأكبر
        

1 - نحو الأعماق

الوجعُ الأكبر يمخر أعماقي
يقتات بأوراقي
الروح الأنور يغشاه سديمْ
عشَّش فيه الحزنُ
فأمرعَ في آماقي
جُدْ يا قلمي.. انْسَبْ هتّانًا
امسحْ كلَّ الأدرانْ
عرِّجْ صوب رفوفُ الوروارِ
احتشدتْ ثمةَ فوق خميلتنا
جذلى من وقع الهادر من تهيامي! 

2 - نحو الذاكرة

الوجع الأكبرُ ينهشُ ذاكرتي
يبتلع نحولي وشحوبي
المرتسَمين على شرفة آخرتي!
ما أفظع أن تُشرف من فوق الأحقابِ
على أمداءٍ حيكتْ من غسق الأقدار؟
من بعد حضور
شَنّفَ أحداقَ الأيامِ
فماجَتْ من رَنْح ودُوارِ!
وتلوَّتْ بِرَحى الإعصارِ!! 

3 - غائلة الذات

الوجع الأكبر يمضغني الآن على مَهَلٍ
فارقني الحسُّ بإحساسي!
هل أُسلِمُ ذاتي
لغوائلُِ ذاتي،
وفحيح الموت الزاحف
فوق نضوبي ويباسي؟
فار التنورُ
اصطخب الموجُ بآمالي..
يا لنزوحي المعتم يَسلُكُ
وطنَ الأرماسِ؟ 

4 - نحو الأعراف

الوجع الأكبر يأخذني صُعدًا
نحو الأعرافِ
مسجّى
بين العبقِ النورانيِّ
يهبّ رُخاءَ عدنيًا،
واللفْحِ المحرقِ يَصْلاني
صيحاتٍ نازعةً
يرتاب لها الملأ الأعلى
يزَّاورُ من فرط رُهابي
ويخرُّ صريعًا مسفوح الأهدابِ.. 

5 - نحو الجبل العاصم

الوجع الأكبر غادرني
أشلاءً تبحث عن سيماها
أطلالاً بكماء تعرَّتْ من مغناها
أرِّخْ يا وجعي أني هاجرتُ بُحمَّاكَ
إلى ما قبْلَ القَبْلِ
وبَعد البَعد،
لعلّي أستطلعُ وجهي وأسطّرُ في سِفْر الأوجاعِ
أُوارًا أزرق لا لغوٌ فيه ولا تأثيمْ
علِّي أرقى جَبلاً يعصُمني
من جَزع الأبعادِ
وأشداق التنينْ!!
أرِّخْ يا نصْلَ التكوين
قوسَ الحاجب في عِلِّيّينْ!
أزِفَتْ خاتمتي
اسّاقَطتِ الأوراقُ
خفوتًا عن داليتي..
أمسيْتُ الآن ركامًا
من أوزارِ الشهْبِ
تجوب الجوزاءَ
لتغسل عار الرَّصْدِ المأفونْ! 

6 - حصاد الريح

هل أَبلغُ مَجْمعَ هاويتي؟
أتدحرجُ كصلاة
غَرْغَرَ فيها صدرٌ حرَّانْ؟!
يا بَوْحًا مبتور الأنفاسْ
وقوافل آهات أسلمتِ الروحَ
لأمواهٍ خضَّبتِ الشطآنْ!
واهًا لرخاءٍ.
هدد فيّ الأحزانْ
وهجودٍ بوأني أورادًا
جن الوردُ بها والريحان
واهًا لزمانٍ
كانت فيه الليلةُ تَختصرُ الأزمانْ!
رُطَبًا عالقة في جفن الوزّالِ
وأهداب الصفصافْ..
نُغبًا من معصور جَنانٍ
حدَّثَ عنه السمَّارُ طويلاً..
وتناهتْ أوصافْ!
واهًا عمري الورديَّ الأنقى
ومعارجَ خفقٍ نشوانٍ
نحو الأرقى!
يا لحصاد ذرَّتْه الريحْ
فخوتْ أوديةٌ، وذوت أعطافْ!

7 - بحيرة القروح والأدران

الوجعُ الأكبر يغْزلني شرنقةً
في سَعَة الأسطورةْ
يزرعُني غابةَ أشواكٍ
أدمتْ عُنُقَ الأوزانِ
وأفياء الصورهْ
فتناثر شعري حُممًا صفراءَ
تَنزُّ بها كبدي المقرورهْ
وتورَّم قلمي..
فأنا الآن بحيرة أدرانٍ
ومسيلُ قروح مصدورهْ!!.

 

ياسين الأيوبي