لم شمل الأسرة: أهم قضية.. في أفلام الأطفال الروائية

لم شمل الأسرة: أهم قضية.. في أفلام الأطفال الروائية

ناقشت أحدث أفلام الأطفال الروائية أخيرا قضية "لم شمل الأسرة", ولوحظ من خلال تلك الأفلام أن مهمة لم شمل الأسرة لم يقتصر أداؤها على الكبار

الطفل ـ أي طفل ـ في أي مكان في العالم فقيرا كان أم غنيا, أسمر كان أم أبيض, يطمح إلى أن يعيش ويتربى فى أسرة مستقرة مترابطة.. ويبدو أن تلك القضية أصبحت من القضايا الملحة في كل بلاد العالم على اختلاف مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية.

من أنجب أم من ربى?

تقوم قصة الفيلم البلغاري "روح أبي" على مأساة الطفل فيكتور الذي يبلغ من العمر 7 سنوات, ويعيش الطفل مع جدته وأمه وزوج أمه الذي كان يحسن معاملته, ويكتشف الطفل أن أباه الحقيقي مازال حيا, وأنه يعمل مثالا فيصر على معرفة عنوانه من خلال دفتر التليفونات, ويذهب الطفل إلى العنوان فلا يجد أباه بل يجد امرأة, ويرى فيكتور تمثالا لأمه صنعه أبوه فيتأكد أنه أبوه فعلا, ولا ييأس الطفل ويكرر الزيارة, ويلمح الطفل أباه وهو يأتي من بعيد تحت المطر, فيسأل فيكتور دون أن يعرفه عما يريد ثم يخرج له نقودا ظنا منه أنه يريد نقودا, فيلقي الطفل بالنقود وينطلق ليجري في الشارع, وفي تلك اللحظة يدرك الأب أن هذا الطفل هو ابنه ويناديه بأعلى صوته لكن فيكتور لا يسمعه ويعود إلى أمه وزوج أمه ويرضاه أبا حنونا يستعيض به عن أبيه الذي لم يعرفه إلا بعد فوات الأوان.

اختار فيكتور الاستقرار والحنان الأسري الذي يمنحه له زوج الأم.. فزوج الأم هو الحقيقة الجميلة في حياة الطفل أما حلمه بأبيه وتصوره له على هيئة فارس نبيل يحمل سيفا فقد تبدد إلى الأبد, وتحطم الحلم على صخرة الواقع الجميل الذي اختاره فيكتور في النهاية.

رحلة البحث عن الأب

نفس الفكرة نوقشت من خلال الفيلم الأيسلندي "أخرجني من تلك الحسبة" تدور أحداث الفيلم حول فتاة في العاشرة تعيش مع أمها وجدتها ولها صديقة حميمة في سنها.. وتعرف الطفلة أن والدها المنفصل عن أمها منذ سنين لا يريد رؤيتها, فتقرر هي وصديقتها الانطلاق في رحلة شاقة للبحث عن الأب, وترتدي الفتاة قلادة هي هدية الأب الوحيدة لأمها, وهي تعلم أنه يعمل في متجر للأدوات الرياضـية, فـتذهب إلـيه لكنه لا يعرفها فتفشل محاولتها , لكن الفتاة لا تيأس وتعاود الكرة وتذهب لمنزل أبيها وزوجته الجميلة وتختبئ فيه هي وصديقتها وتعيشان لحظات جميلة في مخبأهما مع الطفلة الرضيعة ـ أختها لأبيها ـ لكن تضطر الفتاتان, لحبس زوجة الأب داخل الجراج والفرار بالطفلة الرضيعة, فيبلغ الأب الشرطة وتعيد الطفلتان الرضيعة إلى أمها بعد أن تلبساها القلادة, وفي النهاية يعرف الأب طفلته ويتعاطف معها ويتقرب إليها, ثم يصحبها هي وصديقتها في سيارته وينطلقون وهم يغنون في سعادة.

في هذا الفيلم كانت الفتاة هي العنصر الإيجابي, فهي التي قررت لم شمل الأسرة والبحث عن الأب ومواجهته بعد أن تركها منذ ميلادها. فالأب والأم ظلا سلبيين لسنين طويلة, حتى قررت ابنتهما الصغيرة البحث عن الأب وتنجح بالفعل ـ وبعد عناء ـ في العثور عليه والارتواء من حنانه.

التعطش لحنان الأم

وفي الوقت الذي تنجح فيه الطفلة الأيسلندية في العثور على والدها, فشل الطفل الإيراني في الوصول إلى هدفه وذلك في الفيلم الإيراني "حب الأم".

الذي يحكي قصة طفل في الحادية عشرة من عمره تموت أمه ويهمله أبوه الفقير الذي يعمل سائقا فيتجه الطفل للسرقة ويودع مركز رعاية الأحداث.ويظل الطفل يحلم بأمه, ولا تفارق صورتها مخيلته إلى أن تجيء للمركز مشرفة اجتماعية تشبه أمه إلى حد بعيد يتعلق بها الطفل ويصر أن يناديها أمي, ويكون منتهى أمله أن يسمعها وأن يرتمي في حضنها لينعم بحنان الأم وتتطور الأحداث ويهرب الطفل من المركز, ويتوجه لمنزل المشرفة وينام أمام بابه غير عابئ بحر أو برد أو مطر, فتنهره المشرفة في البداية لهروبه من المركز لكنها تتعاطف معه وتدخله بيتها وتطعمه وتسقيه وتحسن معاملته مثل طفلتها الصغيرة التي تسعد كثيرا بوجوده. ويستجيب الطفل وتتحـسن سلوكياته بل يشعر داخله أنه مسـئول عن حماية السيدة وطفلـتها.. وينـشأ صراع رهيب في نفـس المشرفة بين الواجب ومشاعرها كأم حنون, وفي النهاية, ينتـصر نداء الواجب وتتصل المشرفة بالمركز فيأتي من يصطحب الطفل فتختلط دموع الأم بصرخاته. بعدها تنطلق الأم لتبحث عن طفلها الغائب وتناديه ولكنهالا تسمع إلا صدى صوتها.

في هذا الفيلم نرى التشبث والإصرار من قبل الطفل على أن يكون له أم تحبه وتحنو عليه, فهو لا يريد أي شيء سوى أن يجد صدرا حنونا يضمه مثله مثل أي طفل في سنه, لكن مع الأسف رغم الاصرار تبوء محاولته بالفشل, حتى المشرفة نفسها تشعر بفراغ قاتل يتركه لها الطفل بعد رحيله.

خطة محكمة

أما في الفيلم الأمريكي "مصيدة الآباء" فقد نجحت الطفلتان التوأم في اصلاح ما فسد بين الأب والأم المنفصلين منذ سنين.

ويحكي الفيلم قصة طفلتين "آني" و"هالي" تتقابلان مصادفة في أحد المعسكرات الصيفية وتكتشفان شدة الشبه بينهما وأن لهما نفس المهارات والهوايات, ثم تكتشفان بعد ذلك أن لهما نفس السن بالضبط, فتتأكد الفتاتان أنهما توأم, وخاصة بعد أن تخرج كل منهما قطعة من صورة فوتوغرافية, جزء به وجه الأم والجزء الثاني به وجه الأب.. وتجمع الفتاتان نصفي الصورة لتكتمل صورة الأب والأم معا.وفي تلك اللحظة الإنسانية الرائعة تحتضن كل فتاة أختها التي لم ترها قط, وشاء القدر أن تلتقيا مصادفة.. وتتفق الفتاتان على تبادل مواقعهما. فتسافر إحداهما إلى لندن لرؤية أمها التي لم ترها منذ ميلادها, وتذهب الأخرى إلى أمريكا حيث الأب الذي حرمت منه أيضا وهي طفلة رضيعة, وذلك دون أن يشعر الأب أو الأم بذلك لشدة الشبه بين الأختين التوأم وتعيش كل من الفتاتين حياة أختها بكل تفاصيلها وتحاولان معا وضع خطة محكمة للجمع بين الأبوين المنفصلين والحيلولة دون زواج الأب بامرأة أخرى في محاولة مستميتة منهما للم شمل الأسرة الذي تبدد منذ أحد عشر عاما هو عمر الطفلتين.

وبعد محاولات ومفارقات درامية وكوميدية تنجح الطفلتان في تهيئة الجو المناسب للأم والأب للقاء والحديث والعتاب. وبالفعل تعود المياه لمجاريها وتستأنف الأسرة حياتها السعيدة بفضل ذكاء وإصرار الأختين على أن تكون لهما أسرة من أب وأم وأخت يربطهم جميعا رباط الحب والمودة.

إن كل أبطال هذه الأفلام علي الرغم من أنهم أطفال لم يتعد أكبرهم 12 عاما فإنهم كانوا غاية في الإيجابية فهم الذين تمردوا على الوضع القائم, وقرروا أن يغيروا واقعهم لأنهم يشعرون أن شيئا ما ينقصهم, ولم يختلف في ذلك الطفل الإيراني عن الطفلة الأيسلندية أو الامريكية, فالسينما سواء أكانت بلغارية أو أمريكية يصنعها بشر وأبطالها بشر يحسون نفس المشاعر والأحاسيس. فكل طفل على وجه هذه الأرض من حقه أن يكون منتميا لأسرة مترابطة ومتحابة.

 

شهيرة خليل

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




من أفلام العائلة "مصيدة الأبوين"





قيمة إيجابية في أفلام العائلة