طرائف عربية

طرائف عربية

عطاء اليقين وعطاء التجربة

كان (حيوة) من الزهاد الصالحين, وكان يأخذ عطاءه في كل سنة ستين ديناراً. قال عنه البعض: إنه إذا أخذه لم يطلع به إلى منزله بل يسير باحثا عن المحتاج وابن السبيل والفقير الجائع, ولا يطلع إلى منزله حتى يتصدق بها كلها.

من نعم الله على (حيوة) أنه إذا ما صعد إلى منزله فيجد الدينارات الستين تحت فراشه.

كان لحيوة ابن عم بلغه ذلك الأمر فقام وتصدق عطاءه, ثم جاء يطلبه تحت فراشه فلم يجد شيئا فشكى لحيوة. فقال حيوة: أنا أعطيت ربي بيقين, وأنت أعطيت ربك تجربة.

كديد الخليفة

بعـد البـيعة يخـرج أبو بكر أمير الأمة, وخليفة المسلمين ومعه ميزان ورزمة من ثياب يحملها بيده متجها إلى السوق, والسوق يجمع البشر بين بيع وشراء, واتفاق وخلاف, وأمير المؤمنين يسعى بين الناس مثل رجل منهم باحثا عن رزقه من عمل حلال.

انزعج المسلمون وهتفوا به:

ـ ما هذا يا أمير المؤمنين?

فقال:

ـ اكتسب لنفسي وعيالي, ثم قرأ حديث الرسول: (من أمسى كالا من عمل يده أمسى مغفورا له).

عند ذلك أجمعوا رأيهم وفرضوا له في كل يوم درهما وثلثي درهم من بيت مال المسلمين.

حاتم جواد العرب

خرج حاتم الطائي في الشهر الحرام يطلب حاجة, وحينما وصل أرض عنزة ناداه أحد أسراهم, وكان يرسف في الحديد وقد اغبر وجهه وأكلته الرمال, وأسود من الجوع والقسوة. نادى الأسير حاتماً بذل السجين, ووحشة الأسير:

ـ يا أبا سفانة, أجرني, لقد أكلني الأسر وزحف ببدني القمل, وصهر جسدي الحر, وتكاد تعمى عيني البرية.

قال حاتم:

ـ ويلك, والله ما أنا في بلادي, ولا أنا بين قومي, وما معي شيء افتديك به, وقد أسأت إلي إذ نوهت باسمي.

وساوم حاتم العنزيين فاشتراه منهم وقال:

ـ خلوا سبيله وأنا أقيم مكانه في قيده حتى أؤدي فداءه.

ففعلوا, فأتى بفدائه.

فقر المال وغنى النفس

كتب الأنباري أن سليمان بن علي أرسل وهو بالأهواز إلى الخليل بن أحمد رسولا يدعوه لتأديب ولده, وتعليمه العلم, وأن يأتيه على جناح السرعة.

طلب أمير يملك كل شيء, لعالم لا يملك إلا علمه.

أمام رسول سليمان أخرج الخليل خبزاً يابساً وقال له:

ـ كل ما عندي, وما دمت أجده فلا حاجة لي إلى سليمان.

فقال الرسول:

ـ ما الذي أبلغه له?

فأنشد الخليل قائلا:

أبلغ سليمان أني عنه في سعة

 

وفي غنى غير أني لست ذا مال

والفقر في النفس لا في المال تعرفه

 

ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال

داهية العرب

طلب أعرابي من حاجب معاوية أن يستأذن له بالدخول عليه, فلما سأله عن اسمه وحاجته أجاب:

ـ أنا أخوه لأبيه وأمه.

ولم يزد على ذلك.

دخل الحاجب على معاوية وأخبره بأمر الرجل فأذن له بالدخول.

فلما دخل الرجل على معاوية وكان صاحب إهابة, عاجله معاوية متسائلا:

ـ أي الإخوه أنت?

بثبات الواثقين الدهاة أجاب الأعرابي:

ـ أنا أخوك من آدم وحواء.

هز معاوية رأسه مبتسما وقد فهم مرامي الرجل وصاح في غلامه:

ـ يا غلام, أعطه درهما.

انزعج الرجل وشعر في لحظة من زمن أن صيده يفلت من شبكته وقال لمعاوية:

ـ أتعطي أخاك لأبيك وأمك درهما واحدا?

فقال معاوية:

ـ لو أنني أعطيت كل ما في بيت المسلمين لإخوتنا من آدم وحواء ما بلغ إليك هذا الدرهم.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات