عزيزي القارئ

عزيزي القارئ
        

الدرويش الزاهد

          تحتفل «العربي» في هذا العدد، مع كثير من الدول الإسلامية، بذكرى مرور 800 عام على مولد المتصوف الشاعر مولانا جلال الدين الرومي صاحب كتاب المثنوي. وقد يبدو غريبا أن تبزغ هذه الذكرى على مشاهد القتل والدمار التي يحفل بها عالمنا المعاصر، وأن تعلو أصوات الشطحات الروحية وابتهالات الوجد الإلهي وسط صيحات التغريب والموسيقى الصاخبة التي تلوث آذاننا، بل أن نستذكر تجربة الصوفيين الزهاد الذين يكتفون من أفخر الثياب بخرقة متواضعة ومن سكنى العالم بصومعة منعزلة وسط تلك النزعات الاستهلاكية النهمة التي لاتشبع ولا ترتوي. ولكن هذا هو مايحدث للأمم مثلما للافراد، حين يعودون لجذورهم القديمة عندما تستبد بهم الغربة في العالم الذي يعيشون فيه، لعلهم يجدون نوعًا من الراحة والسكينة والإجابة عن الاسئلة الحائرة. ولعل هذا سر الاهتمام الكبير المعاصر بالزاهد الصوفي المتأمل، الذي قضى الشطر الأعظم من حياته وهو يعلم تلامذته أن الايمان العميق هو الوسيلة الوحيدة لاكتشاف أسرار الكون، وهو الذي يلخص حياة الإنسان على الارض في كلمات قلائل: «إلى السوق كلنا جاء، من أرحام أمهاتنا، كي نشتري غطاء، ثم نعود لقبورنا».

          ولا نبتعد كثيرا عن عالمنا المعاصر، ففي افتتاحية رئيس التحرير لهذا العدد يحاول ان يضع تأريخا لهذه النزعة الاستهلاكية المعاصرة التي أصبحت تسود حياتنا، وهي نزعة كما يتبين من المقال ليست حديثة، وليست وليدة الثورة الصناعية كما يعتقد البعض، ولكنها ضاربة بجذورها في التاريخ البشري، ولعلها الآفة السرية التي نخرت عظام كثير من الحضارات التي عرفها الإنسان.

          وترحل «العربي» في هذا العدد إلى الأردن الشقيق، حيث تلقي الضوء على عاصمته الجميلة «عمّان» التي يمتزج على ترابها عبق من الماضي التليد بالملامح العصرية، وهي تفتح ذراعيها لكل العرب سواء كان القادم إليها قاصدا، أو لاجئا.

          وتلقي «العربي» في هذا العددالضوء على عدد من القضايا المهمة، فهي تقدم رؤية عربية لقضية دارفور الشائكة بعيدا عن مبالغات الدعاية الغربية، وتلفت الأنظار للأنشطة الصهيونية التي تحاول استغلال كل الميادين بما فيها الرياضة  للدعاية لنفسها، ولا تنسى أن تشارك هواة الفن السابع في احتفالهم بمئوية السينما العربية. وإلى جانب كل هذا يحفل العدد بكثير من القضايا المتنوعة التي نرجو ان تستأثر باهتمام القارئ وأن تضيف الجديد لرصيده من المعرفة.

 

المحرر