سلامة البشرية في سلامة البيئة

جز الصوف سيتخلى عنه الناس
في القرن. الواحد والعشرين.

جز الصوف صناعة قديمة ولا ريب.. وتستمد أهميتها من الأقمشة الصوفية التي تلعب دوراً مهما في حياة الناس جميعاً..

ولكن طريقة جز الصوف بالمجز أو المقص.. طريقة قديمة لا تخلو من أذى وإساءة.. أذى تسببه للحيوان الذي لا مفر للمجز من أن يجز نتفا من جلده. بالإضافة إلى صوفه.. وإساءة تتسببها لألياف الصوف نفسه، تبعاً لتلك النتف أو الشوائب التي تفقد الصوف بعض قيمته...

والعلماء الاستراليون هم أصحاب الفضل في اكتشاف الطريقة الجديدة.. فقد تسنى لعلماء الأبحاث العلمية والصناعية في الكومونولث الاسترالي أن يكتشفوا، في مطلع الثمانينيات، بروتيناً حيوانياً طبيعياً يعرف باسم (عامل النمو الجلدي-Epidermal Growth Factor أو اختصاراً (ُ.E.G.F) وتسنى لأولئك العلماء أن يتعرفوا إلى فاعلية فريدة في هذا البروتين..

فهو كفيل، لدى حقنه في جسم الشاة حقنة واحدة، بإضعاف أكياس منابت الشعر بما يضمن لهذا الشعر التساقط الكلي والتلقائي الذي لا تشوبه شائبة، وذلك بسرعة تبعث على العجب حقاً.

ويجري حقن الشاة بالبروتين (.E.G.F) حين ينضج صوفها ويصبح جاهرا للجز.. عندها يلبسون الشاة سترة خاصة مصنوعة من البولي إثيلين، تحافظ على دفئها وتقيها الأذى الذي يمكن أن تلحقه بها أشعة الشمس.. وفي غضون أسبوع واحد تأخذ أكياس منابت الشعر بالتراخي، وانحلال تحكمها بشعر الشاة القديم، ذلك أن شعراً جديداً يأخذ بالنمو تدريجياً ليحل محل الشعر القديم بعد مضي ستة أسابيع من إعطاء الشاة حقنة البروتين.

ولعل ميزة الابتكار الجديد الكبرى هي في أنه آمن 100%. فلا خوف على لحم الشاة التي تحقن به، من قريب ولا من بعيد.. فهو لا يحقن إلا بجرعات صغيرة جدا.. وهو هرمون طبيعي على كل حال. ثم إن جلد الشاة لا يتعرض في هذه الطريقة الجديدة لمثل الأذى الذي طالما تعرض له في الطريقة القديمة. وبات في حكم المؤكد صدور ترخيص وكالة الغذاء والدواء (F.D.A) لاستعمال عامل النمو الجلدي فى أمريكا، وذلك قبل نهاية (1992) بالتحديد.

كارثة الانفجار السكاني في الصين: 1+ 1=0

لعل الصين من أكثر دول العالم تعرضا لكارثة الانفجار السكاني.. ولعلها بالتالي من أكثر دول العالم حاجة إلى سياسة سكانية محكمة تعمل على تحديد النسل وتحول دون تكاثر السكان..

وجاءت السبعينيات وإذا برياح التغيير تهب على الصين، فتشمل شتي الميادين، وتحمل حكومة بكين على انتهاج سياسة سكانية هي النقيض لسياسة التكاثر التي راقت لماوتسي تونج.. فما أن حلت سنة 1979 حتى بلور المسئولون الصينيون سياسة "محكمة" ترمي إلى تحديد النسل والحيلولة دون تكاثر السكان.. وقد نصت تلك السياسة على أن يكون للعائلة الواحدة طفل واحد فحسب..!

ومضى المكلفون بتنفيذ السياسة الجديدة في توزيع وسائل منع الحمل على أوسع نطاق ممكن.. وبالمجان.. واعتمدوا أيضا على حوافز وروادع كان لها أبلغ الأثر في تنفيذ تلك السياسة.. وهكذا وزعت المكافآت والعلاوات على الموظفين الذين نجحوا في تطبيق سياسة الطفل الواحد للبيت الواحد.. وفرضت الغرامات على الذين أخفقوا.

على أن سياسة تحديد النسل هذه لم تحقق النجاح الذي تمناه الكثيرون لها.. فأهل الصين مازالوا في تكاثر وكارثة الانفجار السكاني مازالت تلوح في الأفق القريب..

فقد دلت الإحصاءات على أن سكان الصين الذين بلغ عددهم (1008) ملايين نسمة في إحصاء سنة 1982، قد بلغ مجموعهم (1130) مليون نسمة في إحصاء سنة 1990.. أي أنهم ازدادوا بمقدار 122 مليون نسمة في غضون السنوات الثماني التي مضت على تطبيق السياسة السكانية الجديدة في الصين.. وهذه زيادة مخيبة للآمال.

فهي تعني أن سكان الصين يتكاثرون بمقدار 30 نسمة في الدقيقة الواحدة.. أي ما يعادل 17 مليونا في السنة.. وتعني أيضا أن مجموع سكان الصين لن يقل عن 1300 مليون نسمة بحلول سنة (2000).. أي بفائض 100 مليون نسمة فوق التقديرات التي وضعها مهندسو السياسة السكانية الجديدة... إذن فالصين معرضة لكارثة الانفجار السكاني.

ولعل في الخريطة السكانية المرفقة دليلاً على فشل سياسة الطفل الواحد للبيت الواحد. فقد كانت نسبة الإنجاب تفوق نسبة الطفل الواحد في كل المناطق.. باستثناء منطقة واحدة اقتربت نسبة الإنجاب فيها من النسبة المرغوبة فبلغت نسبة طفل ونصف الطفل: 48،1% للأم الواحدة بدلاً من طفل واحد فحسب.. وقفزت النسبة في سائر المناطق، لاسيما الريفية منها.

ولكن سياسة تحديد النسل في الصين لم تكن فاشلة تماماً.. ذلك أن نسبة الإنجاب بلغت (7) أطفال للزوجة الواحدة عام 963 1.. حالياً (4، 2) أطفال للزوجة الواحدة بالمتوسط.