تنظيف الفضاء من المخلفات سعد شعبان

لم تعد قضية التلوث مقصورة على الأرض، بل امتدت إلى الفضاء ففي شهر سبتمبر 1991، كاد مكوك الفضاء الأمريكي ديسكفري يتحطم في أثناء دورانه، لولا قيام رواده بخفض مداره لتفادي الاصطدام بنفاية فضائية.

وقد أثارت هذه الحادثة من جديد، مشكلة المخلفات الفضائية، التي زادت أعدادها في السنوات الأخيرة، والتي قد لا تقتصر خطورتها على الحوادث الفضائية، بل تمتد أيضًا إلى احتمال تسببها في إحداث أزمات دولية، أو إشعال حرب فضائية.

يقول العلماء إن الفضاء أصبح مزدحمًا مثل أحياء بعض المدن، ويمكن أن تقع فيه حوادث تصادم بين سفن الفضاء أو الأقمار الصناعية في أثناء دورانها، وبين بعض النفايات الفضائية. فقد تزايد عدد هذه النفايات أو المخلفات حتى أصبحت قضية تنظيف الفضاء إحدى القضايا الملحة حاليا. فكما يحدث على الأرض، من تراكم للقمامة والنفايات الفارغة، أصبح في الفضاء الكثير من المخلفات تتمثل في بقايا الصواريخ التي تنفجر، والأقمار الصناعية التي تتعطل، وسفن الفضاء التي تتحطم، ومستودعات وقود المكوك التي تفتت عمدًا. وفي الفضاء أيضًا تسبح هوايات بعض الأقمار الصناعية التي تنفصل أحيانًا عنها. هذه البقايا أو النفايات يتخذ كل منها لنفسه مدارًا،، ويصبح عرضة للاصطدام بأي جرم فضائي آخر.

ويومًا بعد يوم ومع تزايد النشاطات الفضائية، تزداد البقايا والنفايات وتتعقد المشكلة، ويتوقع العلماء زيادتها إلى عشرة أمثال ما هي عليه اليوم خلال السنوات الخمس المقبلة.

وفي دراسة أجرتها مؤسسة علمية في كاليفورنيا أخيرًا، ورد أن كثرة النفايات في الفضاء لا بد أن تؤثر على الحياة على الأرض، كما تؤثر على الفضاء. وليس هناك غرابة في هذا الربط، لأنه على سبيل المثال، يمكن أن يتم التحكم من الأرض في قمر صناعي لإبعاده عن مسار قطعة حطام معدنية أو عن قمر صناعي آخر، وهذا التغيير، يمكن أن يؤدي إما إلى تباعد قمر عن آخر، أو إلى تقاربهما، وإذا حدث هذا التقارب تبدأ المشكلة في الظهور. لأنه حين يتلقى القمر الصناعي الأول أمرًا باللاسلكي لتنفيذ مهمة ما، فقد يلتقط القمر الصناعي الآخر هذه الإشارة ويغير من مهامه، وهذا ما يطلق عليه اصطلاح "تداخل الموجات" ويمكننا تصور مدى ما يمكن أن يحدث من أزمات دولية، إذا كان القمر الآخر، تابعاً لدولة أخرى.

آخر الحوادث

قام رواد مكوك الفضاء الأمريكي "ديسكفري"، في أثناء رحلته في منتصف سبتمبر 1991، بمناورة حادة لتغيير مساره. وقد تم ذلك باستخدام صواريخ دفع عكسية، أدت إلى خفض المدار، عدة كيلومترات، وكان الهدف من ذلك، تفادي الاصطدام بجزء من صاروخ سوفييتي قديم سابح في الفضاء منذ عام 1977.

ولولا ذلك، لوقع تصادم، يماثل ما يحدث للسيارات على الأرض.

وقد أثار هذا الأمر من جديد قضية النفايات التي تؤرق العلماء منذ عدة سنوات. ولئن كان هذا الحادث قد مر بسلام، إلا أن الأمور في المستقبل قد تتمخض عن تصادم أقمار صناعية أو سفن فضاء أو صواريخ ببعض هذه النفايات، ويؤدي ذلك إلى وقوع حوادث مروعة. ولأن القضية لم تكن منتشرة أو متكررة، فإنها لم تكن مثارة على بساط البحث. لكن تفشيها حاليا وضع علماء الفضاء أمام مسئولية يجب التحوط لها. خاصة أن هذه المسئولية تتحملها كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي مناصفة، وإن كان معدل النفايات السوفييتية في تزايد مستمر. وزاد الطين بلة أن أوربا أصبح لها قسط في القضية، بعد أن تزايد انفجار صواريخ "إريان" في السنوات الأخيرة.

القضية والأسباب

كما تتفاوت الأقمار الصناعية في أغراضها وأجهزتها وأحجامها، فإنها تتفاوت أيضًا في مداراتها وأعمارها، فبعضها يتحرك ويجوب الفضاء مددًا محدودة، وبعضها الآخر يظل في الفضاء آلاف السنين: وأوضح مثال على ذلك سلسلة أقمار "كوزموس" السوفييتية - أغزر سلاسل الأقمار قاطبة- والتي أطلق بعضها ليحقق في الفضاء غرضًا محدودًا، قد لا يتجاوز بضعة أيام، وأحيانًا بضع ساعات. وبعدما تتوقف أجهزة أي قمر صناعي عن الأداء، سواء لنفاد عمرها أو لعطل يصيبها، يصبح القمر عائقًا معدنيًا بلا فائدة، أي نفاية يمكن أن تصطدم بها الأجرام الصناعية الأخرى. والجيل الأول من الأقمار الصناعية كان يستمد الطاقة اللازمة لتشغيل أجهزته من خلايا شمسية توضع على سطحه الخارجي، أو على أجنحة أو زعانف مثبتة به. ولكن بعض الأقمار الصناعية التي أطلقت لكي تظل في الفضاء مئات أو آلاف السنوات، وخاصة تلك التي تعمل لأغراض عسكرية مثل التجسس والاستطلاع، تستمد الطاقة اللازمة لأجهزتها من محركات ذرية أو نووية توضع على متنها. وعادة ما تكون داخل أوعية معدنية سميكة، كنوع من الوقاية لها ضد احتمالات السقوط.

وفي كثير من الأحيان تزود هذه المحركات بشحنات ناسفة، تسمح بتفجيرها إذا ما اضطرت الظروف لذلك، عندما يفلت القمر من زمام أجهزة التحكم الأرضية. أو عندما يحيد عن المدار المحدد له، ويفقد حركته المنتظمة ويتهاوى نحو الأرض متأثراً بالجاذبية الأرضية، فيتعرض لاحتمال الاحتراق، بالاحتكاك مع طبقات الغلاف الجوي.

ولا يحكم عملية تفتت أي جرم صناعي شيء، وبالتالي يكون مكان سقوطه على الأرض غير معروف تمامًا، لأن عملية التفتت أو التهاوي في الغلاف الجوي ليست محكومة بعناصر يمكن حسابها.

وإذا كانت الحوادث التي وقعت حتى الآن تعد على الأصابع، إلا أن الأمر سيصبح خلال سنوات قليلة قضية مؤكدة، لأن المخلفات الفضائية ستزداد عشرات المرات.

حوادث وإحصاءات

على سبيل المثال لا الحصر هناك عدة حوادث فضائية، وقعت نتيجة الاصطدام بالنفايات الفضائية.

* في يوليو 1982، وعندما كان مكوك الفضاء الأمريكي "كولومبيا" يدور في رحلته الرابعة وجد رواده أنفسهم فجأة على بعد 13 كيلو مترا من الرأس الصاروخي الذي استخدمه السوفييت في إطلاق قمرهم الصناعي الرابع من طراز "انتركوزموس".

وبالرغم من أن المكوك والرأس الصاروخي كانا يوجهان بواسطة وسائل رصد دقيقة، وأن أي احتمال لحدوث تصادم كان مستبعدًا، إلا أن الحادثة وجدت اهتمامًا كبيراً من جانب المراقبين الأرضيين.

* وفي عام 1983 وبعد رحلة المكوك "تشالينجر" السابعة، وجد مهندسو الصيانة أنه يلزم استبدال أحد أبوابه الأمامية، بعد أن تلطخت به بقعة صغيرة من الطلاء انسلخت من القمر الصناعي الذي أطلق من فوقه..

* وفي يوليو 1983، كان ملاحان سوفييتيان يعملان على المحطة المدارية "ساليوت- 7" وسمعا فجأة صوت ارتطام، وأوضحت التحريات التي أجريت، أن خدشا صغيرا قطره أقل من 2,. من المليميتر قد حدث على أحد جوانبه، نتيجة الاصطدام بقطعة معدنية ضالة في الفضاء.

* ولقد توقف القمر الصناعي السوفييتي "كوزموس - 1275" الذي أطلق في يونيو عام 1981 فجأة عن العمل وهو في الفضاء بعد سبعة أسابيع فقط من إطلاقه، ولم يكن هناك سبب ظاهر لتوقفه. كما أن عدداً آخر من الأقمار الصناعية التي يطلقها الشرق والغرب قد وقعت ضحية لمثل هذه الحالات المجهولة المصدر والهوية.

إحصاء النفايات

إن شبكة الدفاع العسكرية الأمريكية في شمال أمريكا "نوراد"، تقوم عادة بأجهزتها المتطورة المنتشرة في مختلف أنحاء العالم، براً وبحراً وفي الفضاء، برصد وتتبع مسار كل الأجسام التي تسبح في الفضاء.

هذه الشبكة تستخدم أنظمة رادارية أو أجهزة رصد ألكتروبصرية متصلة بمناظير بعيدة المدى.

وهذه الوسائل الحديثة تستطيع أن ترصد حتى ارتفاع 400 كيلو متر كل الأجسام التي لا يزيد حجمها على 5 سنتيمترات، وعلى المدارات العليا حتى ارتفاع ألف كيلو متر يمكنها رصد وتحديد نوع الأجسام التي يزيد حجمها على 10 سنتيمترات. ولكن نظراً للسرعة، فإن الأجسام التي تكون أصغر من هذه الأحجام بكثير، لا يمكن رؤيتها بالمناظير المتطورة.

وآخر إحصائية أمريكية كشف عنها أخيراً، تقول بوجود حوالي 16 ألف جسم أمكن رصدها تسبح في الفضاء، بينها فقط 5% من هذا العدد أقمار صناعية عاملة و25% مركبات غير عاملة مثل الرءوس التي تستخدم في الإطلاق، والأقمار الصناعية التي انتهت أعمارها، والباقي حطام ونفايات مختلفة الأحجام.

فبين عامي 1973- 1981 انفجرت الرءوس الأمامية لسبعة صواريخ أمريكية من نوع "دلتا" نتيجة لأخطاء بشرية في تصميمها، فتناثر منها أكثر من ألف جسم يمكن رؤيتها في المدارات الفضائية. ومازالت 70% من هذه القطع عالقة في الفضاء وتدور والاتحاد السوفييتي قام هو الآخر بتفجير عدد من الأقمار الصناعية في الفضاء، كجزء من نظام الأقمار الصناعية المضادة، ولقد قدر العلماء مجموع النفايات الفضائية من الشرق والغرب بما يتراوح بين 10 - 15 ألف جسم يزيد حجمها على 4 سنتيمترات مكعبة، بينما لا يمكن إحصاء النفايات التي تصغر عن ذلك.

وحسب المعلومات التي نشرتها "ناسا" عام 1987، فإن هنالك (1712) قمراً صناعياً و(5130) قطعة رئيسية مدارية من مخلفات الإطلاقات الفضائية. من بينها أجزاء من المراحل الأخيرة لصواريخ الدفع، أو أجزاء من المركبات الفضائية.

وفي تقرير رفع أخيراً، إلى مجلس الدفاع القومي الأمريكي، ورد أن النفايات الفضائية الكبيرة، تزداد بمعدل لا يقل عن (300) جسم سنوياً، بخلاف الأجسام التي تسقط على الأرض بفعل الجاذبية. ويوجد في الفضاء حالياً (7000) جسم فضائي بحجم يمكن تتبعه. وهو لا يمثل أكثر من 2% من مجموع النفايات التي من صنع الإنسان. وقدر التقرير العدد الكلي لهذه الأجسام بحوالي (3,5 مليون جسم) ويبلغ وزن هذه الأجسام الواقعة على مدى (2000 كيلو متر) من سطح الأرض حوالي (3 ملايين كيلو جرام).

وقد صنف التقرير النفايات الفضائية على النحو التالي:

-10% نفايات انفصلت من مركبات فضائية. مازالت عاملة، مثل أغطية العدسات البصرية وخزانات وقود الصواريخ.

- 14% أجزاء من صواريخ.

- 20% مركبات فضائية لم تعد عاملة.

- 49% شظايا مختلفة.

وقد ورد في دراسة سوفييتية نشرت أخيراً، أن معظم الأجسام التي أطلقها الإنسان حول الأرض تدور على ارتفاع يتراوح (بين 500- 2000) كيلو متر. كما أن هناك بعض الأجسام تدور على ارتفاع يقل عن 500 كيلو متر، وما يزيد على (1000) جسم تدور في مدارات متزامنة حول الأرض على ارتفاع يتراوح بين (33- 41) ألف كيلو متر.

الخطر المشع

لم يتوصل العلماء الأمريكيون والسوفييت إلى أي نتائج محددة لخفض الأخطار الناجمة عن استخدام المواد المشعة في تشغيل بعض الأقمار الصناعية. وكان علماء الدولتين قد عقدوا آخر اجتماع لهم في مايو عام 1988 لبحث الموضوع دون التوصل إلى نتائج محددة.

وتتمثل المشكلة في أن هذه الأقمار التي تستمد طاقتها من شحنات من المواد النووية، تدور على ارتفاعات منخفضة تصل بلى (260 كيلو مترا) نقط. وعندما يتعثر عمل أحد هذه الأقمار ويصعب التحكم فيه من المحطات الأرضية، فلا يمكن توجيهه ويكون مصيره السقوط على الأرض. ولا يمكن معرفة مكان سقوطه إلا قبل (120 دقيقة) فقط من حدوث ذلك. وإذا حدث ذلك في منطقة مأهولة، فإنه يؤدي إلى إصابة عدد كبير من سكان المنطقة بالسرطان، فضلاً عن بقاء تلوث المنطقة بالإشعاعات المميتة لعدة سنوات. والارتفاع المأمون لمثل هذه الأقمار يجب ألا يقل عن 898 كيلو مترا، وهذا ما لا يحدث عند استخدام هذه الأقمار الصناعية، فهي غالباً ما تدور على ارتفاعات منخفضة لا تتجاوز (260 كيلو مترا). لأنها تقوم بأعمال التجسس العسكري، ويلزم أن تكون صورها واضحة. وإذا ما أصابها بعض الخلل وقدر لها أن تتهاوى ساقطة إلى الأرض فإنها عندما تدخل الغلاف الجوي تبدأ في الاحتراق بالاحتكاك بذرات الهواء.

ولقد وقعت أشهر حوادث سقوط الأقمار الصناعية التي تعمل بالمحركات النووية، عندما تهاوى القمر السوفييتي (كوزموس- 954) في يناير 1978 فوق كندا. فقد تفتتت أجزاؤه إلى قطع صغيرة وتناثرت فوق رقعة شاسعة شمال كندا، كانت تغطيها طبقات من الجليد ويسودها الظلام، لأنها قرب المناطق القطبية الشمالية. وثارت وقتئذ أزمة ديبلوماسية بين كندا وروسيا. لأن القمر كان يحوي مواد نووية مشعة وزنها (49 كيلو جراما) من اليورانيوم - 235 المشع، وهو قدر كان كافياً لإمداد القمر بالطاقة مدة ألف سنة لو قدر له أن يستمر على مداره. ولقد تعقدت عمليات البحث عن الأجزاء المتناثرة من المادة المشعة لكثرة الأجزاء والتي بلغت (3000 قطعة)، نظراً القسوة الظروف الجوية وحلول الظلام واتساع رقعة البحث فوق (15000 ميل مربع).

ولقد استمرت عملية البحث عدة شهور بواسطة طائرات أمريكية وسوفييتية تحوي أجهزة حساسة للمواد المشعة، حتى تم التقاط الجزء الأكبر مما تساقط من أجزاء القمر، وتكلفت عمليات المسح (6) ملايين دولار.

التحول لسلامة الأرض

لذلك فقد تحول الأمريكيون إلى المطالبة بدوران الأقمار العسكرية على مدارات اصطلح على تسميتها بالمدارات المنخفضة. بحيث تتراوح بين 350 كيلو متراً، و2500 كيلو مزحتى تصبح مأمونة لو سقطت نحو الأرض، ولكي يتأكد احتراقها تماماً في الغلاف الجوي قبل أن تصل إلى الأرض. وتدل الإحصائيات أن جملة ما أطلقه السوفييت، والأمريكيون من أقمار صناعية ومركبات فضائية منذ عام 1957، وحتى نهاية عام 1988 حوالي (5407) أقمار ومركبات، منها (39) قمراً سوفييتياً من طراز كوزموس، تعمل بالمواد المشعة. فشل اثنان منها في الدوران حول الأرض، وأرسلا لمدارات أبعد. وسقط منها أربعة أقمار، ومازالت (33) أخرى تدور على مدارات مختلفة.

أما الأمريكيون فقد أطلقوا (23) قمراً تعمل بمواد مشعة، فشل ثلاثة منها في العمل وقذفت بعيداً، وتوقف حوالي (11) قمراً عن العمل وتم تفجيرها خارج الغلاف الجوي، بينما مازالت (9) منها تعمل حتى الآن.

وكانت آخر حادثة وقعت من هذا النوع للقمر السوفييتي (كوزموس- 1900) الذي أطلق في ديسمبر 1987.

فقد توقف هذا القمر عن العمل في إبريل 1988 وكان يدور على ارتفاع ( 260 كيلو مترا )، وفشلت المحطات الأرضية السوفييتية في الاتصال به. ولقد تحطم في سبتمبر 1988 فوق المحيط الهندي حيث كان يحمل شحنة من اليورانيوم المشع والمخصب بدرجة عالية، وتزن 50 كيلو جراما.

ولقد طور الأمريكيون المركبات الفضائية والأقمار التي تعمل بالمواد المشعة في (1983)، باستخدام النظائر المشعة بدل اليورانيوم المخصب أو البلوتونيوم مباشر . بينما دأب السوفييت على إطلاق سلسلة من الأقمار الصناعية من طراز " رورسات " للاستطلاع العسكري على مدارات منخفضة جدا تعمل باليورانيوم المخصب، ولذلك فإن عمرها قصير لا يتعدى عدة أسابيع وأغلبها في سلسلة أقمار " كوزموس ". وعند تعثر أحد هذه الأقمار أو انتهاء عمره، فإنه يوجه باللاسلكي للارتفاع إلى مدارات أعلى حيث يدور حول الأرض لسنوات طويلة بشحنته المشعة. ويظل أهل الأرض يستقبلون هذه الإشعاعات في غفلة ورغماً عنهم.

تطور في التصميم

يرى العلماء الأمريكيون أن مكوك ومحطات الفضاء الأمريكية، المقترح بناؤها في المستقبل ستعمل على مدارات منخفضة، لذلك لو تعرضت لأي انفجار أو تحطمت فإن نفاياتها ستدخل بسرعة بلى الغلاف الجوي. وسيؤدي تراكم هذه النفايات إلى تكوين سحابة متماسكة من الجزيئات المعدنية المختلفة الأحجام، مشكلة بذلك خطراً داهما على الأرض، الشيء الذي يحتم وضع برنامج نظافة عاجل للفضاء الخارجي.

ولذلك يتجه المهندسون العاملون في تصميم المركبات الفضائية حاليا، بلى تصميمها بطريقة تؤدي عند تحطمها بلى تفككها لأقل عدد ممكن من النفايات، حتى لا يتسببوا في جعل المشكلة أسوأ مما هي عليه الآن.

ومن الناحية العلمية يمكن تدريع المركبات الفضائية، بغلاف يقيها من نتائج الاصطدام بنفايات فضائية صغيرة الحجم.

كما أن هناك اتجاها بلى وضع رادارات فضائية تقم بعملية مسح شاملة للنفايات الفضائية وتتبعها، وتكون هذه الرادارات من القوة بحيث يمكنها تتبع أجسام لا يزيد قطرها على سنتيمتر واحد. وهناك طريقتان لتجنب مخاطر الانفجارات في الفضاء والدراسات والتجارب الجارية اليوم حققت بعض النجاح.

وهناك طريقة أخرى تتمثل في تزويد أو تحميل المركبات الفضائية بكميات إضافية من الوقود، تتيح لها أن تفلت من إسار الكرة الأرضية، ومن إسار الفلك الذي تدور فيه لتتابع طريقها في الفضاء البعيد جدا، بحيث يزول خطرها عن الفضاء القريب من الأرض.