تميزت الأعمال الفكرية للدكتور أحمد زكي بدرجة كبيرة من الإخلاص
والتفاني والتجويد والإتقان حرص عليها في كل ما أنجز, ولهذا فقد كانت النتيجة
الحتمية هي: الاستمرار ثقافيًا في الحياة بالرغم من الرحيل, ولعل السبب في هذا
التميز المستمر الذي قاد إلى الخلود, يرجع إلى عبقرية نادرة رزقت التفوّق في الأدب
والعلم, وفي البحث والعرض, وفي التفكير والتعبير, وفي الوصف والتذوّق, وفي النقد
والتعليق. وربما يعود السبب في هذا إلى أن صاحب هذه العبقرية كان حريصًا عليها,
وعلى أن يوظفها من أجل الإنسانية, حتى لو بدا أنه وظّفها من أجل القومية أو الوطنية
فحسب, ولكن النظر الدقيق يدلنا على أن الإخلاص في العمل من أجل الرقيّ الفكري في
المجتمع الإقليمي أو القومي, يصب في النهاية في محصلة العمل من أجل الإنسانية,
والتعاون الدولي, والتفاهم الإنساني, وقبول الآخر, وبقدر ما يصب في محصلة هذه
الميادين, فإنه يصب في مصلحتها أيضًا.
وقد تميزت كتابات أحمد زكي في العلم بتعبير واع عن إيمان عميق دون خلط
للعلم بالدروشة أو الأهداف السياسية أو الأيديولوجية, كما تميز عرضه بصفاء العبارة,
ونضج الفكرة, وذكاء التناول, والقدرة على التصوير والتقريب والتبسيط, وقد كان
واحدًا من أبرز روّاد الثقافة العلمية الحديثة في جيله, وكان واحدًا من أبرز الذين
تولّوا ترجمة وتعريب عيون الآداب والعلوم والحضارة الأوربية ونشرها في لغة عربية
جميلة.
والواقع أن فهم التاريخ الأدبي لأي كاتب أو مفكر يزداد عمقًا وقيمة
إذا ما أخذ في الحسبان نظرية البدائل التي كان من الممكن لصاحبها أن ينجزها بفضل ما
رُزق من مواهب وقدرات, وفي حالتنا, فإننا نستطيع بسهولة أن نتصور مصير أحمد زكي لو
أنه حرص على مستقبله الوظيفي في مصر كرجل من رجالات التعليم البارزين, وقد تخرج في
مدرسة المعلمين العليا (1914) في دفعة متميزة من أقرانه, (ربما يذهل المرء لكثرة
الإعلام الذين تخرجوا في دفعة أحمد زكي: محمد فريد أبو حديد, د.محمد عوض محمد,
د.عبدالحميد العبادي, د.محمد شفيق غربال, محمد بدران, د.محمد أحمد الغمراوي, محمد
كامل سليم, محمد عبدالوهاب خلاف, ومحمد عبدالمنعم أبو زهرة) وقد كان في وسع أحمد
زكي وقد انقطع السبيل أمامه في الابتعاث بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى,
واقتصرت فرصه الوظيفية على العمل بالتدريس, وقد نجح فيه نجاحًا بارزًا جعل بعض
أصحاب المدارس الخاصة يعهدون إليه بمسئولية الناظر في مدرسة ثانوية, ولما يمض على
تخرجه سوى سنوات قليلة, كان في وسع أحمد زكي أن ينصرف بكليته إلى أداء دور تربوي
تعليمي ينتهي به إلى منصب كبير من مناصب وزارة المعارف, ربما لا يقل عن منصب وكيل
الوزارة, وربما يكون هو منصب الوزير نفسه, وقد وصل عدد من أقرانه بالفعل إلى هذين
المنصبين في نهاية خدمتهم الوظيفية, لكن روح التعطّش للعلم هي التي قادت أحمد زكي
إلى التقدم للبعثة مرة بعد أخرى حتى فاز بها وخرج إلى العالم الغربي.
عالم كبير, ومثقف كبير
كان في وسع أحمد زكي أن يقف بالعلم الذي يحصله عند المستوى الذي كان
مطلوبًا (بل أكثر مما هو مطلوب في ذلك الوقت), لكنه كان حريصًا على أن يتجاوز درجة
بكالوريوس العلوم (التي كان لابد له من أن يحصل عليها, لأن شهادة المعلمين العليا
لم تكن معادلة لدرجة بكالوريوس العلوم البريطانية على نحو ما تحقق فيما بعد عقد من
الزمان, في شهادة بكالوريوس العلوم التي تمنحها جامعة القاهرة, وذلك بفضل مشرّفة
وأحمد زكي وأقرانهما), والماجستير إلى درجة الدكتوراه أيضا. وقد كان في وسع أحمد
زكي مرة ثالثة أن يقف عند حدود درجة الدكتوراه التي لم يكن الحاصلون عليها يتجاوزون
أصابع اليدين, وبخاصة أنه كان أول مصري حصل عليها في تخصص الكيمياء, لكن أحمد زكي
آثر أن يكون ثالث مصري يجتاز البحوث والدراسات المؤهلة لأعلى درجة علمية في العالم
في ذلك الوقت وهي درجة دكتوراه العلوم (D.Sc.), وقد تطلب هذا كله من أحمد زكي
بحوثًا نظرية ومعملية وصناعية وتطبيقية أداها باقتدار في إنجلترا وألمانيا على حد
سواء, كما تطلب هذا منه إلمامًا بكثير من مناهج البحث العلمي, ومن اللغات القديمة
والحديثة على حد سواء, وكان الرجل عند حسن ظن نفسه به, فإذا به يتوج حياته العلمية
بأعلى الشهادات العلمية المتاحة في ذلك الوقت. ومن الطريف أن أحمد زكي بذل كل هذا
الجهد, بينما كان هو نفسه في وضع قريب من أن يكون بمنزلة المرجع الأول في الكيمياء
في وطنه بفضل انتشار ترجمته القديرة والمبكرة (بالاشتراك مع زميله الكرداني) لكتاب
(مبادئ الكيمياء). وهو الكتاب الذي نشرته لجنة التأليف والترجمة والنشر التي كان
أحمد زكي نفسه أحد أقطابها, وقد طبع في أكثر من عشرين طبعة.
هكذا كان أحمد زكي في عقده الثالث (1914-1924) صاحب رسالة يعمل من
أجلها, يبث العلم الجديد في وطنه من خلال الترجمة, وينشر الترجمة من خلال مؤسسة
ناجحة يقوم عليها مع زملائه, ويمارس التدريس باقتدار, ويضع عينه على البعثة وينالها
ويوجهها لأكبر درجة من التوظيف المفيد للعلم والتعليم الجامعي في وطنه.
ويعود أحمد زكي إلى وطنه وهو في النصف الأول من عقده الثالث, فيملأ
الدنيا نشاطًا في جامعته الناشئة, وفي الوقت ذاته, فإنه حريص على أن يغذّي صفحات
المجلة الثقافية الأولى (الرسالة) بكتاباته وبترجماته, وهو يقدم تاريخ العلم بأسلوب
شائق, كما يقدم العلم نفسه بأسلوب مبسط, وهو يبذل من نفسه جهدًا كبيرًا لكي يفيد
أبناء وطنه بهذا الذي يكتبه لهم أو يترجمه أو يحدّثهم عنه, وهو يخلق تيارًا من
الوعي العلمي الأصيل الذي لا يمكن أن يضمحل ولا أن يندحر, ولا أن يتقلص تحت أي ظرف
من الظروف. يقوم أحمد زكي بهذا الجهد عن وعي كامل بأهمية هذا الدور الذي نذر له
نفسه, ويصبح لأحمد زكي تلاميذ مخلصون محبّون, يرون فيه المثل الأعلى, ويرون فيه
الأستاذ الحبيب, حتى إن القسم الذي يتولاه أحمد زكي يبدأ في استقطاب طلاب الكلية
جميعًا بفضل الحب الذي اكتسبه عالمنا وأكسبه للمادة التي يدرسها بالرغم من صعوبتها
وبالرغم من جفافها.
ويشترك أحمد زكي في أنشطة الجامعة بكثافة واقتدار, ويصبح واحدًا من
عشرة على الأكثر كان لهم أكبر الأثر في بث الروح الجامعية الصحية في أول جامعة
مصرية حديثة.
وتتشعب علاقات أحمد زكي بالمجتمع الثقافي والتربوي من حوله فيفيد
بعلمه وبفكره هنا وهناك, ضاربًا المثل للعالم الحقيقي الذي يؤثر في مجتمعه على نحو
شفيف وكثيف.
ثم يخطو أحمد زكي خطوة أخرى بعد بداية عقده الرابع بقليل, حيث يصبح
أول مدير مصري لمصلحة الكيمياء (1936), ويتولى باقتدار شديد تمصير هذه المصلحة وضبط
علاقتها بالمجتمع, وتأصيل الاعتماد على الكيمياء في المجتمع, وهو ما يعني أن يكون
للعلم دور متزايد من خلال التحليل الكيميائي الذي تقوم به معامل المصلحة, وقد شهد
ذلك العصر تصاعدًا كبيرًا في دور الكيمياء في المجتمع المصري, وفي كل
المجتمعات.
ومع بداية عقده الخامس, يتولى أحمد زكي أكبر وأعظم مناصبه العلمية,
حيث اختير (1945) ليكون المسئول الأول عن معهد فؤاد الأول للبحوث العلمية (المركز
القومي للبحوث الآن), ليرسم لبلاده سياسة علمية وتكنولوجية لاتزال بلاده عاجزة عن
أن تنفذها على نحو ما رسمها هو, وقد خطا الرجل بالسياسة العلمية والتكنولوجية خطوات
واسعة شملت إقامة مباني المركز القومي للبحوث قريبًا من الجامعة في حرم كبير,
وبداية البعثات العلمية في التخصصات التكنولوجية, وأقام روابط علمية وبحثية
وقانونية مع المعاهد المثيلة في الخارج, وانتفع بكل الخبرات في تأسيسه للمعهد
العظيم. ومن الحق أن نشير إلى أن أحمد زكي كان سبّاقًا في زمنه إلى حد بعيد, ولعل
قصة زيارة وزير الإرشاد القومي في أول عهد الثورة لهذا المعهد تدلنا على مدى ما كان
أحمد زكي يتمتع به من سبق لظروف عصره, فقد هال الوزير أن يخصص كل هذا المبنى من أجل
البحوث العلمية, وقال قولته المشهورة: (إن الأولى أن يحول هذا المعهد إلى مدرسة أو
مستشفى).
وفي هذا العقد الخامس من عمره, أتيح لأحمد زكي أن يثبت نفسه في مجال
الفكر إثباتًا متفرّدًا ومتميزًا, حيث عهد إليه أصحاب مجلة (الهلال), برئاسة
تحريرها, فإذا هو بثقافته واطلاعه وهوايته وقدرته على الكتابة للجمهور ينهض بهذه
المجلة نهوضًا كبيرًا تدل عليه أرباحها وعوائدها, وهي في واقع الأمر مجلة ثقافية
ذات رسالة, لكنها تصدر عن مؤسسة لها في البداية والنهاية طوابعها التجارية, وقد
كانت الثورة التي أحدثها أحمد زكي في الهلال متعددة الجوانب في الشكل والمضمون.
وقبل أن ينتهي العقد السادس من عمر أحمد زكي أتيح له منصبان مهمان
توّجا حياته الوظيفية والسياسية, فقد اختير وزيرًا للشئون الاجتماعية في وزارة حسين
سري قبل قيام الثورة, وكأنما كان هذا الاختيار تعبيرًا عن استحقاقه لمكانة لايزال
بريقها يتلألأ أمام عيون الناظرين, كما اختير - وهذا هو الأهم - ليكون الرئيس
السادس لجامعته بعد أساتذته وأصدقائه: أحمد لطفي السيد, وعلي باشا إبراهيم,
وإبراهيم شوقي, ومحمد كامل مرسي, ومحمد عبدالوهاب مورو, وقد جاء اختياره في أحلك
الأوقات وأقساها على الجامعة حين كان الوطن يتحوّل رغم إرادته من الديمقراطية إلى
الديكتاتورية, ومن الليبرالية إلى الشمولية, ومن التعددية إلى العسكرة, وليس
بالإمكان الزعم بأن أحمد زكي نجح في تجنيب الجامعة آثار هذا التحول, لكن الأمر
المؤكد أن أحمد زكي نجح باقتدار في جزئية مهمة, وهي أن يقنع الطلاب الشباب بسلوكه
وبتضحيته بنفسه بفكرة أن العالم الحق والأستاذ الجامعي الحق لا يمكن أن يكون أداة
للحكم في فرض الديكتاتورية على الجامعة. هكذا ضحى أحمد زكي بنفسه دون أن يكون ضحية
لمطامح شخصية قصيرة النظر, ودون أن يكون ضحية لخدعة طويلة النظر, لكنه كان واعيًا
كل الوعي بأن اللحظة التي شهدها كمدير للجامعة تفرض عليه أن يضرب المثل في الانحياز
للقيمة, مع ما يترتب على هذا الانحياز من ظلم فادح أو إهانة مقنعة متوقعة له على يد
النظام. ومن الإنصاف أن نشير إلى أن أحمد زكي قد أدى هذا الدور بنفس راضية, ومن دون
أن يتاجر به, وربما رأى نفسه أحسن حالاً من صديقه السنهوري الذي لقي محنة كبيرة وهو
رئيس لمجلس الدولة, ولم تكن محنة أحمد زكي بأقل من محنة صديقه, لولا أنه آثر أن
يطويها في نفسه, وأن يحافظ للمنصب الذي كان يشغله (كمدير للمؤسسة الجامعية) على
رونق لايزال له بريقه, لكن أبناء الجامعة الذين عاصروا الموقف اختزنوه في ذاكرتهم
وقدّروا لأحمد زكي دوره وصبره ليكون عاصمًا لهم من الظن بسيادة صورة بعض أساتذة
الجامعة الذين يصوّرون لأنفسهم وظائفهم على أنها وظائف مرتبطة بأمن الدولة, أو
بالأمن السياسي كما كان يسمى في ذلك الوقت.
ومن عجائب الأقدار أن أحمد زكي كان في أثناء محنة الديمقراطية في 1954
يتولى أمر الجامعة الأولى, على حين كان زميلاه في رئاسة الجامعتين الأخريين قمتين
أخريين من قمم الفكر في جيلهما وهما: محمد كامل حسين, ومحمد عوض محمد. ومن عجائب
الأقدار أيضًا أن ثلاثتهم مع اختلاف تخصصاتهم (في جراحة العظام, والكيمياء,
والجغرافيا) كانوا من أصحاب القلم والأدب الرفيع الذي ارتقى بهم هم الثلاثة إلى
عضوية مجمع الخالدين.
يصل أحمد زكي إلى سنه الذهبية في 1954, وهو مهيأ لأن يكون المثقف
الأول لأمته العربية جمعاء, فقد كانت قدرته على العطاء لاتزال متأججة في الوقت الذي
كان جيل أسلافه المباشرين (العقاد وطه حسين والزيات وهيكل) قد أنهك بعد جهد جهيد
يفل عزائم أولي العزم, وهم الذين لم يكفوا عن بذل هذا الجهد منذ أول القرن, وتنفسح
بسماح مكانة قائد الفكر الأول أمام أحمد زكي شريطة أن يؤدي الوظيفة من دون أن يحصل
على اللقب, ولم يكن أحمد زكي يمانع في هذا, لكن ظروف وطنه لم تكن لتسمح به, ولأن
الحياة لا تسير بتصوّراتنا ولا طبقا لها, وإنما تسير بإرادة قوة قاهرة قادرة على أن
تدرك ما لا يُدرك, فإن القدر يقود دولة الكويت الشقيقة إلى أن تتوجه لأحمد زكي كي
تدعوه ليؤسس فيها أكبر مؤسسة ثقافية عربية معاصرة جامعة, وهي (مجلة العربي). وقد
نشأت هذه المؤسسة بالفعل على أفضل ما يمكن أن تكون المؤسسة الثقافية المشعة بكل ما
تمثله من فكر وعلم وثقافة وتربية وتعليم وانفتاح, وإذا عصير حياة هذا العالم الفذ
يُصاغ مرة أخرى صوغًا جديدًا على أرقى ما يكون, وعلى أفضل ما يكون, وعلى أخطر ما
يكون في هذه المؤسسة الثقافية, وإذا بأحمد زكي يصدر من هذه المجلة الرفيعة التي هي
إحدى أبرز المجلات في تاريخ العرب (على الإطلاق) 250 عددًا, كل عدد منها لا يقل في
قيمته عن موسوعة حية خالدة. ويعيش أحمد زكي عامًا بعد أن انتهى من عقده الثامن
ليتوّج حياة قل أن تتكرر, وقل أن تتماثل ثمارها.
غزارة وأصالة
لقد بدأ أحمد زكي تأليفه بالاشتراك مع زميله الدكتور أحمد عبدالسلام
الكرداني في تأليف أول مرجع عربي حديث في الكيمياء (1915) بعنوان (مبادئ الكيمياء)
في جزأين, وقد طُبع هذا الكتاب طبعات عدة.
أما الأعمال المترجمة للدكتور أحمد زكي, فتتنوع ما بين أدبية وعلمية,
وكان نشرها سابقًا لنشر أعماله المؤلفة, وقد ترجم عملين أدبيين كبيرين, الأول: غادة
الكاميليا, وقد نشرها لأول مرة بعنوان (ذات الكاميليا) عن المكتبة التجارية (1920),
ثم نشرها باسم (غادة الكاميليا) (1929و 1938), وهي ترجمة لقصة ألكسندر دوماس
الصغير. أما العمل الثاني فهو جان دارك, وقد نشرته مطبعة الرسالة (1938). وقد قدم
للمكتبة العربية خمسة كتب علمية مترجمة على درجة كبيرة من الأهمية هي: قصة
الميكروب: كيف كشف رجاله, من تأليف بول دي كريف (1938), وكان قد نشره مسلسلا, و(في
أعماق المحيطات) من تأليف كلارك, و(بواتق وأنابيب) (1960) عن مكتبة النهضة المصرية,
و(حيوانات نعرفها) (1961), و(مواقف حاسمة في تاريخ العلم) من تأليف كونانت
(1963).
أما أول كتبه الجامعة لمقالاته فقد نشره أحمد زكي عام 1948 بعنوان
(سلطة علمية), وقد جمع في هذا الكتاب مجموعة من أحاديثه الإذاعية بلغت 20 حديثًا,
وقد صدر هذا الكتاب عن مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر, وفي العام نفسه (1948)
صدر له كتابه الثاني في هذا المجال, وهو كتاب (مع الله في السماء), وقد ضم خمسة عشر
فصلاً في الثقافة العلمية وركز فيه على موضوعات تتعلق بعلوم الكون والفضاء والفلك.
وفي 1950نشر كتابه الثالث (ساعات السحر) عن مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر,
وقد ضمنه ثمانية وعشرين فصلاً من المقالات التي سبق له نشرها في مجلتي الهلال
والاثنين, وهي مجموعة من المقالات الصحفية والاجتماعية. وفي 1951 نشر أحمد زكي من
خلال مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر مجموعة قصصية بعنوان (بين المسموع
والمقروء), وقد آثر أن يجعل عنوانها على هذا النحو غير القاطع بتملّكه لحق إبداع
الأعمال التي يقدمها, كما أن هذا العنوان كان (فيما يبدو لنا الآن) مقصودًا للإيحاء
بأنه راو للقصص وليس صانعًا لها. وقد ضم هذا الكتاب ثلاثين قصة قصيرة.
وفي مايو 1954, نشر الدكتور أحمد زكي كتابًا خامسًا في سلسلة كتب
للجميع, واختار له عنوان (مع الناس), وضمنه مجموعة من المقالات والفصول التي عبرت
عن فكره الاجتماعي والإصلاحي, وإن كانت قد ركزت أيضًا على فهمه للمجتمعات البشرية
والمفاهيم النفسية والاجتماعية كالبطولة والزعامة والأعباء والمجاملات والشائعات
والوجوه والأسماء والصحبة وحسن السمعة والهموم وآداب الطريق والزواج...إلخ.
وفي سياق كتب الفصول والمقالات هذه, نشرت دار الشروق (1977) مجموعة
أخرى من مقالاته العلمية في طبعة فاخرة تحت عنوان (في سبيل موسوعة علمية). كما نشرت
الهيئة المصرية العامة للكتاب للدكتور أحمد زكي كتابه (مع الله في الأرض) (1979),
وقد تضمن هذا الكتاب اثنين وأربعين مقالاً من مقالاته العلمية في مجلة
(العربي).
وفيما بعد وفاته, نشر الأستاذ مصطفى نبيل رئيس تحرير الهلال كتابًا له
في سلسلة كتاب الهلال, (مارس 2001) بعنوان (حديث الزمان), وقد جمع فيه خمسة وأربعين
مقالاً مختارًا من مقالات الدكتور أحمد زكي على مدى الفترة من 1948 وحتى 1957.
مقروء ومسموع
بالإضافة إلى الإنتاج العلمي والأدبي, نشر الدكتور أحمد كي تقريرًا
ضافيًا عن (مجلس فؤاد الأول الأهلي للبحوث: ماضيه وحاضره ومستقبله). من خلال مطبعة
لجنة التأليف والترجمة والنشر عام 1953.
أما مقالاته ودراساته ومحاضراته التي لم تنشر بعد, فتمثل تراثًا ضخمًا
لا غنى للمكتبة العربية عن أن يتفرّغ لجمعه مَنْ هم قادرون على أداء هذه الوظيفة
على نحو دقيق, وله دراسات قيمة في الكتاب السنوي للمجمع المصري للثقافة العلمية,
ومقالات علمية متميزة في مجلة الرسالة, التي داوم على الكتابة فيها منذ 1933بصفة
شبه أسبوعية, وفي مجلة الهلال التي بدأت علاقته بها منذ عام 1941, ثم 1944, ثم منذ
بداية 1947 بانتظام تام حتى تركها إلى (العربي) في 1958, وقد غطت مقالاته في مجلة
الاثنين فترة موازية لمقالاته في الهلال, وكانت المجلتان تصدران عن دار الهلال.
وقد شارك أحمد زكي بنفسه في الاستطلاعات الصحفية الشهيرة التي كانت
مجلة (العربي) تقدمها لقرّائها, وهو الذي تولى كتابة الاستطلاعات عن مراكش والرياض
والصحراء الجزائرية, كما تولى كتابة مجموعة من الاستطلاعات من الكويت.