مطر الجراد

مطر الجراد

جاءَ في أخْبار أمْرِ الابْتلاءْ أنّهُ اشتدّ بحالِ الأنبياءْ(1)
إنّما كَانَ فريدًا شاملاً: عند أيُّوبَ فأعياهُ البقاءْ(2)
كم بَكَتْ «رحْمةُ» زَوْجًا صابِرًا بفؤادٍ منشدٍ صفْوَ الدّعاءْ(3)
عندمَا قصّتْ ضفيراتٍ لها واشترَتْ زادًا لمَنْ يرْجو غِذاءْ(4)
هَبَّ أيوبٌ ونادَى هاتِفًا: يا إلهي مَسَّنِي ضُرُّ القضاءْ(5)
فإذا الأوّابُ في عزِّ الصِبا يشكُرُ المَوْلى عَلَى فيْض العَطاءْ(6)
عنْدَهَا أقبَلَ غيْمٌ ممطرٌ بجرادٍ ذهبي دون ماءْ!(7)
عِنْد «روئينَ» بوقْتٍ لاحقٍ مَيّزتْ رابعةٌ شَكْلَ الجَزَاء:(8)
«كَمْ قبضْتُ النارَ، أرْجُو مَخْرجًا مِنْ شقاءِ العِشْق، كَيْ أحْيَا لِقاءْ»(9)
«حُقَّ لِلأوابِ هَذا، كَوْنُهَا أمْطَرَتْ فَوْقِي ذُبَابًا مِنْ ضِياءْ»(10)
ثمَّ نسر طافَ فوْقِي زَائِرًا قَالَ: «مَا يُضنِي رَفيقي في العلاءْ؟»(11)
قلْتُ: «ظمْآنٌ بصَحْراءِ الهَوَى كُلُّ مَا أرْجوهُ أنْ تُمْطِرَ مَاءْ»(12)


* عقب انقضاء ما لا يقل عن ربع شتاء بلاد الشام لم تسقط قطرة مطر، الأمر الذي أعطش الضرع وجفف الزرع، ولهذا توجه الفقراء والمظلومون لخالقهم بصلاة الاستسقاء، فرفع عنا الضر بالماء في صباح 24 / 12 / 2005، علمًا بأنه سبق لموظفي السلطات الدينية أن بحثوا كثيرًا في نشرات الطقس الإقليمية عن وقت يتأكدون فيه من سقوط الأمطار في أعقاب قيادتهم لصلاة استسقاء ما، وذلك إثباتًا لوجود بركاتهم.

1 - جاء في الحديث النبوي الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل .

2 - فقد سيدنا أيوب عليه السلام كل ما يملك في الحياة الدنيا، وألقي على مزبلة، ينبض فيها قلبه بعشق الله ويتحدث لسانه بشكره وحمده على كل حال.

3 - رحمة = هي زوجة سيدنا أيوب عليه السلام، وعرفت بضفائر شعرها الذهبية.

4 - تمكن الشيطان من مقايضة رحمة بغذاء طيب لأيوب مقابل قص ضفائرها له.

5 - عندما سأل أيوب عليه السلام زوجته عن مصدر الطعام الذي قدمته له، فاضطرت إلى أن تكشف عن رأسها الحليق دون ضفائرها الذهبية، عندها صاح داعيًا: أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين .

6 - لقد أوحي لسيدنا أيوب أن: اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ، فأعاده ذلك لصباه.

7 - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لما عافى الله أيوب عليه السلام أمطر عليه جرادًا من ذهب.. .

8 و 9 و 10 - روئين = هي رابعة القزدارية الصوفية التي كان يطلق عليها اسم ذبابة روئين (بل الذبابة النحاسية) وهي التي قالت: «حكي في الخبر أن السماء أمطرت على رأس أيوب جرادًا ذهبيًا، فإذا كانت قد أمطرت الجراد الذهبي فوق رأسه، فهو أولى مني بالصبر، لأنها تمطر فوق رأسي ذبابة نحاسية». قالت رابعة القزدارية: «لقد تمردتُ، ولم أدرِ أن إباء الانقياد يردُّ عقدة الحبل أضيق على عنقي».

11 و 12 - بشكل ما شاركت الفقراء والمظلومين في بلاد الشام صلاة الاستسقاء يوم الجمعة في أول أربعينية الشتاء (23 / 12 / 2005)، فكان هذا ندائي الخاص، والحمدلله.

 

عدنان مصطفى