الأزياء العُمانية التقليدية مزيج الخيوط والفضة والخرز

الأزياء العُمانية التقليدية مزيج الخيوط والفضة والخرز

تتميز سلطنة عُمان بتنوع الأزياء التراثية وبثرائها وبجمال ألوانها وأشكالها، وهي تمثل عراقة المجتمع وأصالته وحضارته وأنماط حياته. والجدير بالذكر أن الرجال والنساء والأطفال العمانيين يفتخرون بارتداء الأزياء التقليدية إن في حياتهم اليومية أو في مختلف المناسبات والأعياد.

تجمع الأزياء العمانية بين الخصوصية التاريخية والوظيفة العملية، وقد تأثرت سلطنة عُمان بحكم موقعها الجغرافي بمختلف الحضارات التي تواصلت معها على مر العهود فتفاعلت معها على غير صعيد. وكانت الأزياء من نتاج هذا التواصل الإنساني عبر الحقب والعصور.

ويسوقنا الحديث عن الأزياء إلى استعراض نماذج مما ترتديه النساء. فهي تتعدد أنواعاً، أسوة بأزياء الرجال، بحسب المناطق العمانية، إلا أنها في المجمل تتكون من ثلاث قطع أساسية: حجاب الرأس ويعرف بـ «لحاف» و«وقاية» و«ليسو» و«فتقة»، وتتفنن النساء في تزيينه بالنقوش عن طريق الترتر والخرز الملون، وقد يضاف إليه عند الأطراف ما يعرف بـ «الحضية» أو «الشلاشل» وهي عبارة عن خيوط ملونة بثلاثة أو أربعة ألوان. والقطعة الثانية هي الثوب أو الدشداشة أو الكندورة، وتتكون من «الردون»، وهي الأكمام المطرزة يدوياً بالسيم والغولي، إضافة الى الخرز والترتر بتشكيلات مختلفة. أما الشق الذي يتوسط الصدر، فتستخدم في تطريزه السفة والسنجاف وهي أنواع من النقوش الجاهزة، وعادة ما تكون باللونين الأحمر والبنفسجي. والقطعة الثالثة هي السروال، ويكون واسعاً وضيقاً من القدمين مع تنوع في النقش والتطريز بحسب المناطق.

جذور فضفاضة

بحكم التركيبة السكانية في مسقط، ولكونها عاصمة البلاد فهي ملتقى لجميع المناطق، لذا تتنوع الأذواق في أسواقها ومحالها ودورها بفضل التواصل والتفاعل مع الشعوب والحضارات الأخرى. وبالتالي تتعدد الأزياء التقليدية في مسقط حيث نقع على ثلاثة أنواع رئيسية تختلف بعضها بعضا من حيث تصاميمها ورسوماتها والخيوط المستخدمة في تطريز نقوشها. فبعضها فضفاض، وبعضها قريب من زي النساء للمنطقة الداخلية، وبعضها الآخر يخاط من شرائط فضية رقيقة غاية في الإتقان. ويلاحظ أنه برغم انخراط المرأة في سلكي الدراسة والعمل فإنها لم تتخلَّ البتة عن زيها الوطني الذي تفاخر بارتدائه أينما حلت في الداخل أم في الخارج.

وتتنوع الأزياء في المنطقة الشرقية من صور على الساحل الى إبراء في الداخل. وأهم الأزياء ما يعرف بالقبعة وهو عبارة عن قماش خفيف منسوج من خيوط البريسم من الحرير أو النايلون، وغالباً ما يكون لونهُ أسود أو أحمر أو وردياً أو أزرق ويطرّز بنقوش جميلة مزخرفة. وفي صور، تكون للثوب ثلاث فتحات واسعة من اليدين والأسفل بغية ارتدائه بسهولة، كما يطرز من الأمام والخلف. أما في إبراء، فتضع المرأة على رأسها «الكمة» ولونها عادة أسود وهي مصنوعة من قماش خفيف. كما تلبس «العقام» وهو حلية من الفضة أو الذهب على شكل صفيحتين مزخرفتين توصلان بخيوط من الصوف. والقطعة الأخرى فوق الرأس هي «الليسو». أما «الدشداشة» التي تصل لمنتصف الساق فتزخرف بالدانتيل الفضي أو الذهبي. ويزين السروال بتطريز يدوي بديع باستخدام الخيوط الفضية أو الذهبية، والجزء الأكثر تطريزاً في السروال يسمى «النقشة». وتتنافس النساء في عمل النقشة وتعرف المرأة الأكثر إبداعاً في فنون وأنواع النقش بالنقاشة وهي مهنة نسائية معروفة في البيئة العمانية.

ويتكون الزي في المنطقة الداخلية من ثوب قصير يمتد إلى أسفل الركبة قليلاً، وتطرّز الواجهة بشرائط من السيم والغولي والخوصة، بالإضافة إلى البريسم والسنجاف وشرائط الزري الفضية والذهبية. كما تطرز الأكمام بنفس الشرائط والخيوط، والتي عادة ما تكون من الأعمال اليدوية المنزلية التي تقوم بها المرأة. ويغطّى الرأس بالوقاية وتتداعى منها خيوط من الصوف الملون المعقود لتشكل «العقام»، وذلك لشد الوقاية على الرأس. وتلبس الحظية أعلى الوقاية وتزيّن أطرافها بخيوط من الصوف والزري الفضي.

من الكندورة إلى أبي ذيل

أما أزياء منطقة الظاهرة فتتكون من «الشيلة» أو «الوقاية» التي عادة ما تكون باللون الأسود و«الكندورة» والثوب والسروال فالشيلة. والكندورة تأتي على أنواع، فهناك كندورة مخورة وكندورة مخوصة حسب التصميم والتطريز، وكذلك الثوب الذي يلبس فوق الكندورة وهو من قماش خفيف. وتتشابه أغلب أزياء مناطق الباطنة ومسندم مع أزياء الظاهرة، حيث ترتدي المرأة العُمانية في هذه المناطق الكندورة وهي رداء طويل متعدد الألوان ومزركش برسومات مختلفة، وتطرز الأكمام بخيوط ذهبية أو فضية من البريسم والزري.

وفي محافظة ظفار، يعرف الزي النسائي بـ «أبي ذيل» وهو من المخمل أو القطن وتزين القسم العلوي منه نقوش جميلة من خيوط البريسم والزري، ويطعم الثوب بفصوص من الفضة والخرز. وتوضع على الرأس الشيلة وهي غالباً ما تكون من القطن الخفيف أو الحرير مزينة بالفصوص والخرز بأشكال مختلفة. ولا يكتمل الزي النسائي في أي من المناطق إلا بإضافة الحلي الفضية والذهبية من مختلف الأشكال والأنواع.

وبدورها توصف الأزياء الرجالية بالبساطة والتكيف مع البيئة المحيطة، وهي عبارة عن ثوب طويل «دشداشة» ذات عنق مستدير يحيط بها شريط رفيع قد يختلف لونه عن لون الدشداشة، وعلى الصدر «الفراخة» أو «الكركوشة»، وتطرز أطراف وعرى الدشداشة بشريط من اللون نفسه. وينحصر الاختلاف في الدشداشة بين مناطق السلطنة غالباً من خلال شكل التطريز، فالدشداشة الصورية مثلاً تطرز في الجزء العلوي من الأمام والخلف.وتختلف درجة التطريز حسب الفئة السنية حيث تزيد كثافة التطريز في دشداشة الأطفال. أما لباس الرأس، فهو العمامة ذات الألوان المتعددة، والكمة وهي طاقية مطرزة باليد بأشكال وزخارف جميلة. ويتمنطق الرجال بالخنجر العماني المطرز والمصنوع من الفضة الخالصة، وأحياناً يلف الشال حول الوسط فوق حزام الخنجر وهو من نفس نوع ولون العمامة. ويكتمل الزي بلبس البشت فوق الدشداشة وهو عباءة رجالية مطرزة الأكمام والأطراف. ويعدّ الخنجر العماني إحدى سمات الشخصية الوطنية، وقد تميز الرجل العماني بهذا المظهر الذي يعتبر من أهم مفردات الأناقة الذكورية. ويصنع الخنجر من الفضة الخالصة التي كانت تستخلص من صهر النقود الفضية المتداولة قديماً بعد فصل الحديد منها، وهي عملية دقيقة قد تستغرق أكثر من شهر، غير أن الوقت الأكبر كانت تستغرقه عملية النقش على صفائح الفضة.

تسائلني: «منْ أنتَ؟»، وهي عليمةٌ، وَهَلْ بِفَتىً مِثْلي عَلى حَالِهِ نُكرُ؟
فقلتُ، كما شاءتْ، وشاءَ لها الهوى: قَتِيلُكِ! قالَتْ: أيّهُمْ؟ فهُمُ كُثرُ
فقلتُ لها: «لو شئتِ لمْ تتعنتي، وَلمْ تَسألي عَني وَعِنْدَكِ بي خُبرُ!»
فقالتْ: «لقد أزرى بكَ الدهرُ بعدنا!» فقلتُ: «معاذَ اللهِ! بلْ أنتِ لا الدهرُ»


 

هدى طالب سراج 




مواد كثيرة تستخدم في تصنيع الثوب العماني التقليدي مثل الترتر والخرز والفضة وخيوط الذهب مما يجعل رؤيته مثيرة للبهجة





مجموعة من طوابع سلطنة عمان في العام 1989 تمثل الأزياء النسائية في المناطق العمانية المختلفة: (منطقة الظاهرة: 30 بيسة منطقة الباطنة: 50 بيسة، المنطقة الداخلية: 100 بيسة، المنطقة الجنوبية 130 بيسة)





الفضة عنصر أساسي في صنع زينة المرأة العمانية