في بحثه عن الفضيلة والسلام عاد الانسان إلى الرياضة.. بحث عن
الأولمبياد, وكانت الأولمبياد في ذلك الزمان (1896 ميلادية), أثينا.
والآن, قرر التاريخ أن يبدأ من جديد, من المكان نفسه, من أثينا, حيث
يتواصل الماضي النبيل بالحاضر الغادر, حيث يتحاور الزمن الرائق, مع الزمن الشرس,
حيث البشرية تخجل من نفسها.
التاريخ قرر أن يبدأ من جديد, ولثالث مرة, حيث قررت أثينا أن تعود
بالأولمبياد إلى الفضيلة والسلام, حيث اختارت غصن الزيتون شعارا لدورة 2004, والتي
ستنطلق في 13 من هذا الشهر (أغسطس) للإعلان عن الميلاد الثالث للأولمبياد.
فهل ستعود الأولمبياد لأخلاق الميلاد الأول?!
وهل ستعود البشرية لحكمة اليونان القديمة?!
وهل ستكون (أثينا) عظيمة, مثلما كانت قبل 2800 عام?!
إنها الأسئلة الكبرى لأولمبياد 2004, حيث قرر التاريخ أن يبدأ من
جديد.
من هنا بدأ التاريخ
في بلاد الإغريق القديمة, كانت الاحتفالات الدينية هي الاحتفالات
الأهم, وكان للرياضيين دور مهم في هذه الاحتفالات, حيث كان الناس يعتقدون أن مثل
هذه المسابقات تُسر أرواح الموتى, وكان يجري تمجيد الآلهة المزعومة في الاحتفالات
الدينية التي تجري في المدن والقبائل الإغريقية مرة كل أربع سنوات, ويعتقد أن هذه
الاحتفالات بدأت قبل القرن الخامس عشر قبل الميلاد.
لكن أين كانت تلك الأحداث?! إنها في (أولمبيا), وأولمبيا هو واد يبلغ
طوله 18 كيلومترا بالقرب من مدينة (بيرجوس) باليونان, وكانت تلك المدينة هي مركز
الدين والسياسة والرياضة, وكان المكان المخصص للدين والسياسة يطلق عليه (الألتيس),
أما المباني الرياضية فكانت تقع خارج (الألتيس) مباشرة في الركن الشمالي الغربي,
وتبدأ من (الجمانزيوم) وهو مبنى الألعاب الرياضية ويتصل به من الجنوب مبنى
(البالسترا) وهو مكان مدرسة المصارعة والملاكمة, وإذا ذهبنا شرقا سنجد مدرج الألعاب
الرياضية الكبير, وفي الجنوب الشرقي من هذا المدرج يوجد ميدان سباق الخيل وسباق
المركبات الحربية التي تجرها الخيل.
وقبل أن ندخل في تفاصيل الألعاب الأولمبية القديمة, نشير إلى كلمة
(أولمبي) وهي في الديانة اليونانية القديمة واحد من الآلهة الاثني عشر الكبار الذين
عاشوا فوق جبال أوليمبوس, أما (الأولمبياد) فكانت قياسا زمنيا, وهي الفترة التي
تساوي أربع سنوات انقضت بين احتفالين متعاقبين لمهرجان المباريات الأولمبية, وهذه
الطريقة في قياس الزمن أصبحت شائعة في القرن الرابع قبل الميلاد, فقد تم تأريخ كل
الأحداث منذ عام 776(ق.م) بها, وهو تاريخ أول دورة أولمبية في التاريخ القديم.
وسنة (الأولمبياد) كانت تبدأ مع ظهور أول قمر كامل بعد انقلاب الشمس
الصيفي في أطول يوم في العام, وكان هذا القمر الكامل يظهر في أول يوليو تقريبا, لذا
تتوافق الشهور الستة الأخيرة فقط من السنة الأولى للأولمبياد رقم 195 من السنة
الأولى لميلاد السيد المسيح عليه السلام.
وقد توقفت هذه الطريقة في حساب الزمن في حوالي سنة 440 ميلادية, أي
بعد الأولمبياد رقم 304, ويذكر أن هذا التقويم كان يستخدمه المؤرخون, بينما لم يكن
يستخدم في تفاصيل الحياة اليومية في ذلك الزمان.
أولمبياد.. الزمان البعيد
ويعد سباق الملعب الأولمبي في عام 776ق.م وهو أول سباق مسجل, وهو في
الوقت ذاته يعتبر الدورة الأولمبية الأولى في ذلك الزمان البعيد, وكان الملعب
الأولمبي في ذلك التاريخ يستوعب نحو 40 ألف مشاهد, ولعدة سنوات كانت المشاركة في
الألعاب الأولمبية, بل ومشاهدتها مقصورة على الرجال فقط.
ولأن الأولمبياد, وحدة زمن, قياسها أربع سنوات, فبالتالي كانت تقام
الأولمبياد كل أربع سنوات, واقتصرت الدورات الثلاث عشرة الأولى على سباق المشي
لمسافة 180 مترا, وبمرور السنين تمت إضافة مسابقات المسافات الطويلة, كما تم إدخال
أنواع أخرى من السباقات إلى الألعاب الأساسية, وفي عام 708(ق.م) تم إدخال المسابقات
الخماسية, والتي كانت تتكون أصلا من رمي القرص, والرمح, والقفز الطويل, والعدو,
والمصارعة, وفي عام 688(ق.م) دخلت الملاكمة إلى قائمة الألعاب الأولمبية, وأضيف
سباق العربة التي تجرها أربعة خيول في عام 680(ق.م), بينما شهد عام 648(ق.م) دخول
أول لعبة خطرة في تاريخ الأولمبياد وهي لعبة تسمى (النكراتيوم) تجمع بين الملاكمة
والمصارعة.
وفي القرن الثاني قبل الميلاد, فقدت الألعاب الأولمبية طابعها الديني
وذلك بعد غزو الرومان لليونان, وأصبح اهتمام المتسابقين مقصورا على كسب المال وحسب,
ومشت الأمور هكذا حتى جاء الإمبراطور ثيودوسيوس الأول في عام 393 ميلادية وأمر بوقف
الألعاب الأولمبية بسبب الانحدار الشديد في مستواها, وظلت الدنيا من دون أولمبياد
لمدة تجاوزت ألفا وخمسمائة عام.
عقيدة الأولمبياد
وفي الواقع أن الأهم من الرصد التاريخي للأولمبياد, هو فهم عقيدة تلك
الألعاب التي كانت تجري في وادي أولمبيا, وهي عقيدة روحية في تأسيسها, وفقا لما
ذكره المؤرخ الشهير هيرودوت من حوار دار بين بعض الجنود اليونانيين وقادة الفرس بعد
معركة (ثرموبيلاي) حيث قال الجنود اليونانيون: جرت العادة عندنا على إقامة منافسات
رياضية في مدينة أولمبيا فسألهم ملك الفرس: وما جائزة الفائز?! فلم تكن إجابة
اليونانيين سوى أن الجائزة (تاج مصنوع من أغصان الزيتون), فرد أحد حكماء الفرس: (مع
أي من الرجال أتوا بنا لكي نحاربهم, إنهم رجال لا يحاربون من أجل الجاه بل من أجل
الفضيلة)!!
نعم, إنها الفضيلة, تلك هي العقيدة الأولمبية التي نشأت مع بدء
الألعاب, وعلى جانبي (الفضيلة) تستقر أغصان الزيتون ومفاهيم السلام, والمزيد من تلك
العقيدة نقرؤه في صفحات كتاب (الأولمبياد - دعوة إلى السلام) د..محيي الدين مطاوع
وهو بالمناسبة أول كتاب يصدر باللغة العربية حول الفلسفة السياسية والأخلاقية التي
نهض عليها تاريخ تطور الدورات الأولمبية في زمنها الإغريقي (اليوناني القديم).
يقول د.مطاوع في كتابه إن الألعاب الأولمبية اتسمت بالقدسية منذ بداية
تنظيمها, وخضعت لإشراف السلطات الدينية التي تمثلها مجموعة من نبلاء مدينة
(أولمبيا) التي أصبحت هي المسئولة عن تنظيم الدورات الأولمبية, لتشكل ما يسمى
(المجلس الأولمبي) والذي اتسعت دائرته من خارج النبلاء.
وكانت عضوية هذا المجلس شرفا وسببا لمجد لا يضاهيه إلا الفوز في
الأولمبياد نفسها, وكان أعضاء هذا المجلس يساهمون من مالهم الخاص في مصاريف الدورات
الأولمبية.
وحينما نقول إن للأولمبياد عقيدة فنحن لا نبالغ, فقد كانت مراسم
الاحتفال ببدء أي دورة أولمبية قديمة تبدأ بمثول الرياضيين في دار القضاة معلنين
القسم أمام مذبح الإله (زيوس) بالالتزام بالنزاهة, أثناء السباق, واحترام القوانين
وأنهم أمضوا فترة الشهور العشرة السابقة على الدورة في الاستعداد للسباقات, وأنهم
لن يرتكبوا أي عمل غير قانوني, أثناء المباريات, وبعد القسم يتم الإعلان عن
الافتتاح على أصوات الأبواق. ما أجمل تلك العقيدة, وما أحوجنا إليها في دنيا
الرياضة اليوم!
العثور على التاريخ!
إن قصة إحياء فكرة الأولمبياد تطورت خلال ما يقرب من 70 عامًا, حيث
كان المؤرخون يؤكدون أن الزلازل والفيضانات قد دمرت ملعب أولمبيا ثم دفن انجراف
الأرض ما تبقى من آثار هذا الملعب, وعقب معركة (نافارين) الشهيرة عام 1877 ميلادية
جاءت إحدى البعثات الفرنسية الأثرية وبدأت تنقب في مدينة السلام القديمة (أولمبيا)
وكان أول معْلم يظهر لأفراد البعثة من تلك المدينة الغابرة, المعبد المقدس للإله
زيوس الذي كانت تقام الألعاب من أجله, وكان ذلك في عام 1829 ميلادي, وبعد ذلك
بسنوات طويلة حاولت بعثات ألمانية التنقيب عن تاريخ الاحتفالات الرياضية الأولمبية,
وقد بدأت بحثها في عام 1875 ونجحت في الكشف الكامل عن الآثار الأولمبية عام
1879.
هذا الاكتشاف الأثري المهم أوحى بفكرة تنظيم أولمبياد عالمية حديثة.
والفكرة كانت للرياضي الفرنسي الشهير البارون بيير دو كوبرتان الذي كان يعتقد أن
الرياضة تؤدي دورا مهما في تكوين الشخصية, كما كان يعتقد أن المسابقات العالمية
تعزز السلام الدولي, وقد عرض دو كوبرتان فكرته عام 1894 أمام لقاء دولي لرياضات
الهواء, ووافق الجميع على الفكرة وتم تأسيس اللجنة الأولمبية الدولية التي دعت إلى
إقامة مسابقات رياضية بين الدول المختلفة, وتم اختيار اليونان بوصفها الوطن الأم
للأولمبياد لتكون المقر الأول لها والتي احتضنت أول دورة في أبريل من عام 1896.
وفي الدورة الأولى من الأولمبياد الحديث, ضمت المسابقات رياضيين من
إحدى عشرة دولة أوربية بجانب الولايات المتحدة الأمريكية, واشتملت على 42 حدثا
رياضيا خلال 9 ألعاب رياضية مستوحاة من الألعاب الإغريقية القديمة واتخذت الأسماء
نفسها مثل (الاستاد) و(القرص) ومنذ ذلك الحين, أصبحت الأولمبياد الجديدة تقام على
غرار مثيلاتها القديمة كل أربع سنوات ولكن في بلد مختلف تأكيدا على عالميتها
وشمولها لكل شعوب الأرض.
التاريخ يبدأ من جديد
وحينما يأتي يوم الثالث عشر من هذا الشهر (أغسطس) تنطلق دورة جديدة من
دورات الألعاب الأولمبية, والتي ستستمر منافساتها لمدة 16 يومًا, وستتعرف على
الفائز الأكبر مساء يوم 29 من هذا الشهر (أغسطس) وفي هذه الدورة تأتي أهمية أخرى,
بخلاف هذا الحدث الرياضي الضخم, وهو عودة الأولمبياد إلى وطنها الأم, إلى أثينا,
التي شهدت نشأة الألعاب الأولمبية القديمة, وكذلك كانت هي مدينة البدء في الألعاب
الأولمبية الحديثة عام 1896, وها هو التاريخ يبدأ من جديد في أثينا 2004.
ورحلة اليونان لتنظيم هذه الأولمبياد, لم تكن رحلة سهلة فقد حاولت
الفوز بتنظيمها عام 1996 في مناسبة مئوية إعادة انطلاقها, لكنها فشلت, ثم حاولت
الحصول على ذلك الدور عام 2000 في مناسبة الألفية الجديدة وفشلت أيضا, وأخيرًا وتحت
ضغط إعلامي أوربي مكثف عادت اليونان وفازت بشرف الاستضافة.
أثينا, هي عاصمة اليونان, وهي في الأساس مدينة ثقافية - دينية بها مقر
كنيسة اليونان الأرثوذكس, وهي أيضا مدينة صناعية تشتهر فيها صناعة المنسوجات وبناء
السفن والكيماويات, إلا أن مجدها الحقيقي في كونها منبع الحضارة الغربية, فهي
المدينة التي نشر فيها سقراط فلسفته.
وهي المدينة التي أسست دعائم الدراما في اسخيالوس وسوفوكليس ويوربيدس,
وشيدت المجد مع أفلاطون وأرسطو وأريستوفان, وإلى جانب كل ذلك فأثينا هي المدينة
التي نجت من التدمير في الحرب العالمية الثانية.
في أثينا 2004 ستعود المعاني الأولمبية الحقيقية, الفضيلة والسلام
وأغصان الزيتون وهي المعاني التي طمحت الاحتفالات الأولمبية اليونانية القديمة
والحديثة في ترسيخها بين الناس. ويقول السفير اليوناني في القاهرة بنايوتس
فلاسوبولس إن الاحتفالات عادت للوطن الأم بعد غياب دام أكثر من مائة عام. فقد اتخذ
الشعب اليوناني من (غصن الزيتون) رمزا لدورة أثينا الأولمبية هذا العام, وغصن
الزيتون هو الذي كان يتوسط مائدة خضراء كان يتوجه إليها وفود من كل بقاع الأرض
لتطالب الحكومات بعقد الهدنة الأولمبية, ويكون هدف الجميع هدفا واحدا هو السلام,
وها هي اليونان تعيد ذلك في أثينا 2004.
مفاجآت السيدة الحديدية
رئيسة اللجنة المنظمة لهذه الدورة هي جيانا أنجلو بولس, التي حصلت على
لقب سيدة اليونان الحديدية وهي بطلة قومية منذ عام 2000 حينما استطاعت أن تعيد
المجد لوطنها بإقامة الدورة الأولمبية في مهدها - أثينا - وهي محامية لامعة في
الخمسين من عمرها, رئيسة حزب وعضوة سابقة في البرلمان وزوجة لملياردير يوناني
(يمتلك أكبر ثروة في اليونان).
جيانا أنجلو بولس تعمل من أجل هذه الدورة, 16 ساعة يوميا, وتؤكد أن
العالم سيشهد دورة ألعاب أولمبية باهرة تليق بتاريخ اليونان العظيم, والأهم أن
السيدة الحديدية تقول: إننا نريد أن نثبت للعالم القيم الإنسانية والحقيقة
الأخلاقية لتلك الدورة التي موطنها اليونان, وهي السلام وإزالة الحدود ما بين
الشعوب وسوف تكون الأولوية للمقاييس الإنسانية والإبداع البشري, وتؤكد رئيسة اللجنة
المنظمة: إننا قادرون وعلى استعداد تام لإقامة الحدث في موعده, فهي فرصة اليونان
للظهور للعالم بوجهها الجديد وهي مزيج من الحضارة العريقة والحداثة, وكل ذلك في مهد
الألعاب الأولمبية الأولى في الاستاد الأولمبي القديم.
والطريف أن السيدة جيانا أنجلو بولس تعترف بالتأخر في إنجاز المنشآت,
ولكن تصف ذلك بأنه سلوك يوناني: (لقد اعتدنا نحن اليونانيين أن نقوم بكل شيء في آخر
وقت), ولكننا كمنظمين, محظوظون, وقد أدرك أهل أثينا الثروة التي بين أيديهم والتي
ورثوها عن الأجداد, لذا عليهم أن يظهروا للعالم أنهم يستحقون هذا الفخر أكثر من أي
أحد والكل يبذل قصارى ما عنده.
ورئيسة اللجنة المنظمة تحاول محاصرة الشائعات التي تدور حول قدرة
أثينا على إقامة دورة أولمبية جيدة, وتقول بغضب: لا يمكن لأحد أن يتحدث عن إخفاق
اليونان إلا بعد انتهاء الدورة, لأن هذا البلد الصغير الذي انتمي إليه لديه القوة
(الهرقلية) الخارقة.
في انتظار قوة هرقل!
وفي الواقع إن ما تقوله سيدة اليونان الحديدية هو رد فعل لما يحدث في
الأوساط الإعلامية الأولمبية التي أكدت مخاوفها, منذ فترة طويلة, من عدم قدرة
اليونان على تنظيم هذه الأولمبياد, فكما أن الجميع يتفق على أن هذه الدورة تعود بنا
إلى مهد الألعاب الأولمبية, وإلى جبل الأولمب, وإلى معبده الشهير, يخاف كبار
الإعلاميين أن تدخل هذه الدورة التاريخ أيضا ومن أوسع أبوابه, لأنها ستكون الدورة
الأولى التي لم تكتمل منشآتها, بل وصلت الأمور إلى حد إعلان اللجنة الأولمبية
الدولية أن الظروف قد تضطرها إلى نقل دورة الألعاب من أثينا.
والمشهد في أثينا بالفعل صعب, فالملعب الرئيسي كان لايزال قيد الإنشاء
قبل أقل من ثلاثة أشهر من انطلاق الدورة, والمشكلة ليست بطء تنفيذ وإنما عجز واضح
من الشركة المنفذة عن الوفاء بالتزاماتها خاصة سقف هذا الملعب, وبدا الأمر في
استحالة التنفيذ!! ومعنى ذلك أن هناك 55 ألف مشاهد قد يتركون تحت رحمة شمس أثينا
الحارقة في لهب أغسطس.
والمشكلة ليست فقط في المجمعات التي ستحتضن الألعاب, وإنما أيضا في
مشروعات البنية التحتية, فالطرق لم ينته العمل فيها بل إن طريق الأولمبياد الذي
انطلق من أثينا قبل 2800 سنة لم ينته, وقد حاولت الحكومة اليونانية القيام بالممكن,
حتى أنها رفعت الموازنة الخاصة بهذه الدورة من مليار دولار إلى ما يقرب من خمسة
مليارات دولار.
يبقى أن ننتظر وننتظر ماذا ستفعل السيدة الحديدية حتى افتتاح الدورة?
وكيف سيستخدم اليونانيون القوة الهرقلية الخارقة?!
الأطلنطي يحمي سماء أثينا
وما بين السياسة والإرهاب, تفهم أثينا جيدًا مخاوف الجميع من أي أحداث
محتملة خلال دورتها 2004, خاصة أن الساحة اليونانية تشهد اضطرابات على الدوام, وكان
مثيرا للقلق ما حدث قبل مائتي يوم فقط من انطلاق الأولميباد.. حيث شهدت العاصمة
ثلاثة انفجارات.. حتى أن البعثات المشاركة أعلنت عن خوفها من أعمال عنف انتقامية
تستهدفها خاصة البعثة الأمريكية, وبعد هذه الانفجارات بدأت بعض الآراء داخل الشارع
الأمريكي تطالب بعدم الذهاب إلى أثينا لأن الخطر حقيقي وليس مجرد تهديدات أو مخاوف
وهمية, بينما أعلنت دول مثل فرنسا وأستراليا أنها ستأتي إلى العاصمة اليونانية
برجال أمنها مع رياضييها.
هذا المناخ العام الخائف, وهذا المزاج المرعوب دفع السلطات اليونانية
إلى رفع ميزانية الأمن من 650 مليون يورو إلى أكثر من مليار يورو, وبالتالي استطاعت
اللجنة المنظمة توفير 70 ألف جندي لحماية المشاركين, وحتى تكتمل الخطة الأمنية طلبت
الحكومة اليونانية مساعدة حلف شمال الأطلنطي لحماية الأجواء خوفا من أي هجوم يأتي
من السماء على طريقة 11 سبتمبر 2001 باستخدام الإرهابيين لطائرات مدنية وتنفيذ
اعتداءاتهم.
أبوللو يطلق الشعلة
في أثينا 2004 ستكون المرة الأولى في تاريخ الدورات الأولمبية التي
تطوف فيها الشعلة الأولمبية بجميع قارات العالم, وهي المرة الأولى التي تزور فيها
إفريقيا حيث مرت بمدينتي القاهرة وكيب تاون.
لقد تم إيقاد الشعلة في 25 مارس الماضي بمعبد أبوللو بمدينة أولمبيا
باليونان, وفي 4 يونيو بدأت الشعلة جولتها حيث ستقطع 78 ألف كيلومتر جوا, و1500
كيلومتر برًا, ومن المقرر أن يحملها 3600 شخص من مواطني المدن الـ 34 التي ستمر بها
الشعلة. حتى تنتهي رحلتها عائدة إلى اليونان في نهاية المطاف بمدينة أثينا يوم 13
أغسطس معلنة بدء الدورة الأولمبية.
ويتم حفظ الشعلة في قنديل يُحَرس بشكل مكثف لضمان عدم انطفاء اللهب,
وفي كل صباح تضاء شعلة من اللهب, وهكذا ينتقل اللهب من شعلة إلى أخرى, وكل مشارك في
حمل الشعلة سيحملها لمسافة 400 متر وهو ما يعادل جولة واحدة حول مضمار العدو
الأولمبي, وتقطع الشعلة في رحلتها ما يعادل 48 كيلومترا يوميا وتنتقل بواسطة أيدي
حامليها وبالسيارات والطائرات والسفن والدراجات وحتى الكراسي المتحركة.
والشعلة مرت من هنا
ولأنها المرة الأولى التي تمر فيها الشعلة الأولمبية بالقاهرة, فقد
نظمت القاهرة احتفالية كبرى يوم الجمعة 11 يونيو الماضي, حيث وصلت تلك الشعلة إلى
مطار القاهرة على متن طائرة خاصة اسمها (زيوس) قادمة من نيودلهي, وقد استقبل الشعلة
في المطار محافظا القاهرة والجيزة ورئيس اللجنة الأولمبية المصرية وكبار المسئولين
الرياضيين في مصر, وتوجهت الشعلة بعد ذلك إلى مقر اللجنة الأولمبية المصرية وتم
إشعالها هناك لتبدأ الشعلة رحلتها في شوارع القاهرة والجيزة.
وقد شارك في حمل الشعلة حوالي مائة شخصية من الشخصيات العامة تقدمهم
آخر بطل مصري حاصل على ميدالية أولمبية وهو محمد رشوان الحائز على فضية الجودو في
أولمبياد لوس أنجلوس 1984, ومن الفنانين يسرا وليلى علوي نجمتا السينما, كما شارك
نجوم عرب وأفارقة في حمل الشعلة في شوارع القاهرة والجيزة من بينهم نجم كرة القدم
المغربي عزيز بو دربالة, وفي النهاية وصلت الشعلة إلى سفح الأهرام في الثامنة مساء,
وأقيم لها حفل بسيط ألقى خلاله النجم اليوناني العالمي ديمس روسوس كلمة نيابة عن
رئيس اللجنة الأولمبية الدولية, ثم غادرت الشعلة القاهرة في طريقها إلى كيب تاون
ثاني مدينة في القارة الإفريقية تم اختيارها بعد القاهرة.
وأهم ما يبرز رحلة الشعلة الأولمبية في القاهرة هو مشاركة رياضي من
أفغانستان هو نجم الدين الذي بترت ساقاه بسبب لغم أرضي, ليؤكد مجددًا على ضرورة فرض
السلام الذي تتبناه الألعاب الأولمبية.
جدل الصيف والشتاء
وبعيدا عن أثينا 2004 تعود الألعاب الأولمبية التي أصبحت الآن أهم
المسابقات الرياضية في العالم والتي تجمع أفضل الرياضيين من أربعة أنحاء الدنيا
بهدف التنافس الشريف, ولبيان أهمية هذا الحدث الرياضي شديد الضخامة, فإن الملايين
يذهبون إلى حيث مكان انعقاد الأولمبياد لمتابعة تلك المنافسات, بينما يقوم مئات
الملايين, وأحيانًا يتجاوز الرقم المليار نسمة, بمشاهدة أحداث الدورات الأولمبية
عبر شاشات التلفزيون.
والألعاب الأولمبية الحديثة أصبحت تنقسم إلى قسمين من الألعاب, ألعاب
أولمبية صيفية وأخرى شتوية, وإن كانت الألعاب الصيفية هي الأساس وعادة ما تقام في
مدينة رئيسية, بخلاف الألعاب الشتوية التي يستضيفها في الغالب منتجع شتوي, وكانت
الألعاب الشتوية, في الماضي, تقام في السنة نفسها التي تقام فيها دورة الألعاب
الصيفية, ولكن منذ العام 1994 ميلادية, أصبحت الأولمبياد تقام كل أربع سنوات مع
فاصل سنتين بينهما, والبداية كانت للألعاب الشتوية, فعلى الرغم من انعقاد دورة عام
1992, في (البرتفيل) بفرنسا, تم عقد دورة شتوية بعد عامين فقط 1994 في (ليلهامر)
النرويجية وبذلك تم فض الاشتباك بين الألعاب الصيفية والشتوية.
وعادة تقام الألعاب الصيفية في أشهر مختلفة, وإن كانت في الغالب تقع
ما بين شهري يوليو وأغسطس وتستمر المنافسات فيها لمدة 16 يومًا, وتعتبر ألعاب
القوى والجمباز والسباحة وكرة القدم أكثر الألعاب جذبًا للمشاهدين, كما تحظى
بتغطيات إعلامية واسعة, وبشكل عام لا تعتمد أي لعبة في الدورة الصيفية إلا إذا كانت
شائعة, فيما لا يقل عن 50 بلدًا وفي ثلاث قارات مختلفة.
في المقابل تقام الألعاب الشتوية, التي بدأت منذ عام 1924 في (شاموني)
بفرنسا, خلال شهري يناير وفبراير, وتستمر أيضا لمدة 16 يومًا, ولا تُعتمد أي لعبة
إلا إذا كانت شائعة في 25 بلدًا على الأقل وفي قارتين, وهناك سبع ألعاب شتوية
رئيسية هي: الثنائي (الرياضة الثنائية) وهي مكونة من تزلج المسافات الطويلة والصيد,
والتزلج, والتزلج على الدحروجة, وهوكي الجليد, واللوج, والتزلج السريع, وتقتصر كل
من لعبتي التزلج بسيارات الثلج وهوكي الجليد على الرجال فقط, أما الألعاب الأخرى
فتتضمن مسابقات منفصلة للرجال والنساء, ويشترك في الدورات الشتوية حوالي 1300
رياضي, من بينهم ما يقرب من 300 امرأة, يمثلون ما يزيد على 60 دولة.
ومن أهم شروط الموافقة على استضافة أي منتج شتوي لدورة أولمبية, إعداد
ملعب مفتوح تجري به مراسم الافتتاح وسباقات التزلج السريع, كما يتطلب الأمر توفير
ملعب مغلق لألعاب التزلج وهوكي الجليد.
وأولمبياد أخرى
بجانب الدورات الأولمبية الصيفية والشتوية, هناك حدث رياضي ثالث يجمع
اهتمام العالم وهو ما يطلق عليه (الألعاب شبه الأولمبية للمعوقين), وقد جاءت هذه
الفكرة النبيلة نتيجة لتصوّر (ليودنج جاتمان) وهو جراح أعصاب إنجليزي شهير حيث قام
بتنظيم أول لعبة دولية بالكراسي المتحركة لتتزامن مع دورة الألعاب الأولمبية
الرابعة عشرة التي أقيمت في لندن عام 1948, وذلك في محاولة منه لربط المناسبتين
معًا, إلا أنه لم يحدث تنظيم للألعاب شبه الأولمبية للمعوقين حتى عام 1960 حينما
نظمت أول دورة لها في مدينة روما بإيطاليا بعد بضعة أسابيع من تنظيم الدورة
الأولمبية السابعة عشرة في العام نفسه والمدينة نفسها, وتضمنت مسابقتين رياضيتين
بالكراسي المتحركة, ومنذ ذلك الوقت بدأ تنظيم هذه الدورات يتزامن مع الألعاب
الأولمبية بانتظام وبصفة دائمة.
وجدير بالذكر أن هناك الكثير من اللاعبين العرب حققوا بطولات رائدة في
هذا النوع من الدورات الأولمبية مثل أحمد حسن صديق, وميرفت السيد أحمد, وأحمد جمعة,
وأحمد عنتر, غيرهم ممن حصلوا على ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية كثيرة.
وهناك أيضا الألعاب الأولمبية الخاصة وهي أشبه ما تكون ببرنامج تدريبي
رياضي على مدار العام للأطفال والبالغين المعاقين, ويقدم هذا البرناج أحداثًا
رياضية على نمط الألعاب الأولمبية, وتشترك أكثر من 150 دولة في الألعاب الأولمبية
الخاصة, وفي بعض الدول تقام دورات للألعاب الأولمبية الخاصة كل عام أو عامين, وهي
تضم ألعابا صيفية وأخرى شتوية وتجري بالتبادل كل عام, وقد بدأ هذا النوع من
الأولمبياد عام 1968, برعاية مؤسسة (جوزيف كيندي) الابن ومركزها في العاصمة
الأمريكية واشنطن دي سي.
ومن المفيد أن نشير إلى أن الجهة المسئولة عن تنظيم الدورات الأولمبية
هي اللجنة الأولمبية الدولية, ويأتي في مقدمة مهامها الموافقة على الألعاب المدرجة
داخل جدول الأولمبياد, وهذه اللجنة أيضا تقوم, قبل ست سنوات باختيار المدن المضيفة,
وهما - بالطبع - اثنتان, مدينة للألعاب الصيفية وأخرى للألعاب الشتوية, ويأتي
الاختيار بعد تقدم الدول الراغبة في الاستضافة بعروضها لتنظم الأولمبياد.
وبعد اختيار المدينة المضيفة, تعمل اللجنة المنظمة لهذه المدينة
واللجنة الدولية المسئولة عن كل لعبة, مع اللجنة الأولمبية الدولية على ترتيب
الألعاب, ويذكر أن اللوائح تمنح المدينة المضيفة حق اختيار عدد الرياضات الداخلة في
الألعاب, وكذلك تحديد الحد الأعلى لعدد اللاعبين المسموح بدخولهم تلك الألعاب
وبرنامج المسابقات.
لكن...ماذا عن اللجنة الأولمبية الدولية?!
بالطبع, هي مكونة من أعضاء اللجان الأولمبية الوطنية, لكن الغريب أن
عددها غير محدد, أولاً يقوم الأعضاء العاملون في اللجنة الأولمبية الدولية بانتخاب
الأعضاء الجدد, فيمكن أن يتم اختيار ممثل واحد من الدول التي تمتلك لجانًا وطنية
أولمبية, إلا أن البلدان التي استضافت الألعاب الأولمبية يمكن أن يكون لها ممثلان,
وبشكل عام لا توجد قوانين تحدد شروط الانضمام, لهذا السبب يكون حجم اللجنة متغيرًا
بسبب وفاة أو تقاعد أحد الأعضاء, وبالمناسبة كان الأعضاء في الأصل ينتخبون مدى
الحياة, أما الآن, فإن أي عضو منتخب بعد عام 1965 يتعين عليه أن يتقاعد في سن
الـ76, ولا تقبل اللجنة أي تعليمات بشأن التصويت من أي حكومة أو جماعة أو
أفراد.
وهناك اجتماع سنوي للجنة الأولمبية الدولية, كما تجتمع هذه اللجنة
خلال الألعاب الصيفية والشتوية, أما في الفترة الواقعة بين كل اجتماعين, فتقوم
اللجنة التنفيذية بإدارة أمور اللجنة التي تتكون من الرئيس وثلاثة نواب وسبعة أعضاء
مدة عضويتهم أربع سنوات, وتقوم اللجنة الدولية بانتخاب هؤلاء من بين أعضائها,
وينتخب الرئيس لمدة ثماني سنوات ويمكن إعادة انتخابه لأي فترة من الفترات.
السياسة تهزم الأولمبياد أحيانًا!
وعلى الرغم من أن البارون الفرنسي بيير دو كوبرتان صاحب فكرة تنظيم
الأولمبياد الحديثة, كان يرى في تنظيمها تعزيزًا للسلام الدولي, وأن هذه المسابقات
الشريفة ستنشر السلام في كل بقعة على الأرض, فإن الأولمبياد لم تعرف كيف تنجو
بنفسها من براثن السياسة اللعينة, بل وأصبحت أحيانًا إحدى أهم أدوات الضغط السياسي,
وكذلك منعت الحربان العالميتان الأولى والثانية عدة دورات أولمبية. البداية كانت من
عند هتلر الذي حاول استغلال دورة برلين 1936 لترويج أفكاره النازية, معتبرًا
الألعاب الأولمبية أفضل منبر عالمي للترويج للمبادئ والأفكار, كيف لا وقد تكرّست
نظريته لاحقًا, إذ تحوّلت هذه الألعاب بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أحد
المسارح الملتهبة للحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة,
بل أصبحت هذه الألعاب فرصة لتحديد الزعامة العالمية بعدد الميداليات التي تحصل
عليها كل دولة.
وربما يكون المشهد الدموي في ميونخ 1972, من المشاهد التي لا تنسى في
تاريخ الدورات الأولمبية, بغض النظر عن عدالة القضية الفلسطينية أو طبيعة الإجرام
الإسرائيلي, فإن منظر الدماء كان مروعًا وسط حدث رياضي عالمي هو أقرب للاحتفال,
والطريف أن بعض الكتابات حينذاك أشارت إلى أن هتلر هو المتهم في أحداث ميونخ 1972
بما فعله في برلين 1936.
وبشكل عام, فقد أدت الصراعات السياسية إلى عدد من المقاطعات للألعاب
الأولمبية, فقد انسحبت أكثر من 30 دولة من دورة مونتريال بكندا 1976, كما قاطعت
كندا و52 دولة أخرى دورة موسكو 1980 احتجاجًا على الغزو السوفييتي لأفغانستان, ومن
ثم قاطع الاتحاد السوفييتي و14 دولة أخرى دورة لوس أنجلوس بأمريكا 1984, بينما كانت
آخر المقاطعات في دورة سيول بكوريا الجنوبية عام 1988, حيث قاطعتها دولتان فقط هما
كوبا وكوريا الشمالية.
أبطال القرن العشرين
كانت دورة باريس بفرنسا, عام 1900 هي أول دورة في القرن العشرين,
وبداية مثيرة للأولمبياد الحديثة, وكان أهم ما ميز هذه الدورة التي أقيمت في عاصمة
النور مشاركة النساء في المسابقات.. ومن ثم انطلقت الإنجازات في دورات هذا القرن
والتي صاغت شكل المنافسات الأولمبية الحديثة وجعلت منها الحدث الرياضي الأهم.
في القرن العشرين, كانت الإنجازات الفردية هي الأكثر إثارة, وبدأت مع
العداء الفنلندي (بافي تورمي) الذي شارك في دورات 1920 و1924 و1928 وفاز بتسع
ميداليات ذهبية, وفي هذه الأعوام نفسها استطاع السباح الأمريكي (جوني وايسملر) أن
يحصد خمس ميداليات ذهبية, بينما استطاع مواطنه الأمريكي (جسي أونز) في دورة 1936 أن
يفوز بأربع ميداليات ذهبية في ألعاب القوى, أما التشيكوسلوفاكي (في ذلك الوقت) إميل
زاتوبيك فاستطاع أن يحصل على المركز الأول في سباقات خمسة آلاف متر, وعشرة آلاف متر
والماراثون وكل ذلك في دورة واحدة هي دورة عام 1952 في هلسنكي بفنلندا.
وسجل السباح الأمريكي مارك سبيتز رقما قياسيا عام 1972 بحصوله على سبع
ميداليات ذهبية في أولمبياد واحدة, وخلال دورة مونتريال عام 1976 اكتسب العداء
الكوبي البرتو جوانتورينا لقب العداء الأول بفوزه بسباقي 400 متر و800 متر وكان لقب
الغواص الأول للأمريكي جريج لوجانيس بفوزه بميداليتين ذهبيتين في بطولتي الغوص
الثابت والغوص المتحرك في دورتين متتاليتين عامي 1984 و1988, وفي دورة 1984 تمكن
الأمريكي كارل لويس من اللحاق بجسي أونز وحصل على أربع ميداليات ذهبية في ألعاب
القوى.
وتعتبر كريستين أوتو, السباحة الألمانية المعجزة, صاحبة أول إنجاز
نسائي أولمبي إذ تمكنت في دورة 1988 بسيول من الحصول على ست ميداليات ذهبية في دورة
واحدة, وبمناسبة النساء, فإن الرومانية نادية كوماتشي قد حازت لقب لاعبة الجمباز
الأولى بحصولها على 10 درجات, وهي الدرجات الكاملة وقد استطاعت نادية كوماتشي أن
تفعل ذلك سبع مرات.
العرب والأولمبياد
وإذا كان من الضروري أن نشير في تاريخ الدورات الأولمبية إلى العرب,
فإن نجاحاتهم في السنوات الأخيرة لا بأس بها, وكذلك في سباقات متعددة في دورات
مختلفة, وإن كان الأبطال المصريون قد حققوا ميداليات في دورات مبكرة من القرن
الماضي, إلا أن العام 1996 وتحديدا في دورة أتلانتا بالولايات المتحدة تعتبر من
أفضل الدورات العربية في القرن العشرين إذ شهدت هذه الدورة المشاركة الأولى لفلسطين
في تاريخ الألعاب الأولمبية رغم الاحتجاجات الشديدة من إسرائيل.
وفي هذه الدورة أيضا فازت العربية غادة شعاع بذهبية السباعي لتصبح أول
بطلة أولمبية سورية, بينما استطاع الملاكم الجزائري حسين سلطاني الفوز في الوزن
الخفيف وكذا فعل مواطنه نور الدين مرسلي الذي فاز بسباق 1500 متر.
وعلى أي حال, استعد العرب جيدًا لدورة أثينا, من الخليج إلى المحيط,
فبينما نجد دولة قطر تقف وراء بطل الرماية (راشد العذبة) الذي فاز بفضية العالم
أخيرًا, مع التمنيات بالفوز بإحدى ميداليات أثينا, نجد أن مصر قد وضعت خطة طموحا
للفوز بميداليات ورصدت وزارة الشباب مكافأة مليون جنيه مصري عن كل ميدالية يحققها
أبطال مصر.
بينما دخل أبطال المغرب العربي في معسكرات طويلة استعدادًا لتحقيق
المزيد من الإنجازات في الأولمبياد.