سَرايْ يَلْديز.. من قصر الخلافة العثمانيةإلى مركز الثقافة العثمانية

سَرايْ يَلْديز.. من قصر الخلافة العثمانيةإلى مركز الثقافة العثمانية
        

بدأت فكرة إنشاء مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (ارسيكا) أثناء انعقاد المؤتمر الإسلامي السابع لوزراء الخارجية في استانبول عام 1976. ويقول الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي المدير العام للمركز إن ما شاهده الوزراء في عاصمة الدولة العثمانية من ثراء مكتباتها; بما حوته من مخطوطات نادرة عربية وتركية وفارسية وغيرها في شتى فروع العلم والمعرفة, وما جمعته متاحفها من نفائس الفنون الإسلامية وما أقيم على أرضها من روائع الآثار المعمارية هي بعض أمور كانت الحافز وراء تشجيع فكرة إنشاء مركز يتبع منظمة المؤتمر الإسلامي تكون مهمته إجراء البحوث والدراسات الأصيلة في مجالات التاريخ والفنون والثقافة الإسلامية, ويساهم عن طريق هذه البحوث في دعم التقارب بين شعوب العالم الإسلامي وتوطيد عرى الصداقة بينها بصورة فعالة. وإذ تحتفل (العربي) مع مركز الأبحاث ببدء العام الخامس والعشرين على إنشائه تقلب صفحات ربع قرن من الجهد المبذول والعطاء المثمر.  

          في سراي يلديز, قصر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (1876 ـ 1909م), الذي اكتمل بناؤه في القرن التاسع عشر بمدينة استانبول, يقع مقر مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية. يستقبلنا مديره العام الذي ارتبط اسمه بالمركز, حتى صارا كيانا واحدًا يجسد حب الإنسان لتاريخه, وعشقه لحضارته, وإيمانه بأهمية الذاكرة الثقافية في تطور بلاده. يوم مشحون يستقر فيه الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي بين رحلتين, فبالأمس ودعته العاصمة الإيرانية, وفي الغد ترحب به العاصمة الألمانية.   

          سألت الدكتور أوغلي: مع قرب احتفال المركز باليوبيل الفضي لإنشائه, هناك مشاريع مكتملة وأخرى تنتظر المستقبل. فما النهج الذي اتخذه المركز رابطا بين الماضي والحاضر والمستقبل. وما فكرته الأساسية? أجابني: الفكرة الأساسية هي أن تعرف الشعوب الإسلامية بعضها البعض, وتعريفها بالتراث المشترك. وفي السياق الأول يتعرف طرف على آخر, حيث يكون السؤال حول العوالم المختلفة: العالم العربي, عالم الملايو, وعوالم الترك, والفرس والهند  وغيرها: ماذا يعرف طرف عن الآخر? هل يستطيع أن يقرأ مباشرة ودون وسيط ثالث عنه وعن ثقافته ومكانته في العالم اليوم, ومكانته في التاريخ الإسلامي, أم تأتيه المعرفة عن طريق طرف أوربي أو استشراقي? ونسأل كيف نتعرف إلى تواريخ هذه الشعوب, هل يكون بما كتبته عن نفسها, أم بما كتبه الآخرون عنها? وهذا هو أحد الأهداف الأساسية لنشاط المركز المستمر; تعرف الشعوب بعضها البعض, والسعي في الوقت نفسه لإتاحة الفرصة للتعرف الصحيح بالحضارة الإسلامية في أنحاء العالم المختلفة; إذ إن من مهام المركز إجراء البحوث التي تمهد لوضع مؤلفات صحيحة يعتد بها حول تاريخ وثقافات الشعوب الإسلامية, لتصحيح المفاهيم الخاطئة والأحكام المسبقة عن المسلمين وحضارتهم. ولدينا الآن عشرات الإصدارات: كتب عن تاريخ الإسلام في جنوب شرق آسيا, وتواريخ الأتراك وآسيا الوسطى, والقوقاز وشرق إفريقيا, وغربها, الإسلام في البلقان. كما نحاول أن ننتج هذه الكتب بأكثر من لغة, حتى يمكن للناس أن يقرأوها. وفي هذا الإطار نقيم خلال شهر ديسمبر 2003 مؤتمرا في أوغندا عن تاريخ الحضارة الإسلامية في شرق إفريقيا, وقد أدرجنا سلطنة عمان واليمن ضمن نطاق البحث لارتباطهما الجغرافي والتاريخي بالشرق الإفريقي. وهذا يأتي بعد أن غطينا الإسلام في غرب إفريقيا في ندوة أقيمت في العام 1996, كما أن للمركز مؤتمرا آخر في المستقبل يعقد بتيرانا عاصمة ألبانيا عن الحضارة الإسلامية في البلقان وهي الندوة الثانية.

          ويضيف الدكتور أكمل الدين: الجانب الآخر من نشاط المركز هو بحث في الأعماق عن تاريخ الحضارة الإسلامية وأعتقد أننا إذا كشفنا عن جانبين أساسيين فيهما فإننا نكون بذلك قد أضأنا جانبين مهملين, وهما: العلم في الإسلام, والفن في الإسلام. والعلم في الإسلام لم يأخذ حظه في الدراسات الدولية, صحيح أن هناك بعض المؤسسات الأكاديمية الرائدة ولكن جهدها محدود, ونحن نحاول أن نغطي المسافات الضائعة, وأن نكشف عن الأحقاب الزمنية المهملة, لأنه من المعتاد عند الحديث عن العلم في الإسلام تناول الحقبة الذهبية وهي القرون الإسلامية الأولى, وكأن ما بعد القرون الخمسة الأولى ليس ذهبا! والحق أنه تراث ممتد منذ فجر الإسلام إلى  يومنا هذا, ويجب أن نهتم به كله, والحقب المتأخرة والقرون اللاحقة أجدر بالاهتمام, لأنها تمثل الجذور الأقرب إلينا. وهذا هو اهتمامنا أيضا, لذا أصدرنا (العلم في العهد العثماني), والذي يغطي الفترة من القرن الرابع عشر وحتى القرن العشرين. وقد أصدرنا مجلدين عن الفلك, وآخرين في الرياضيات, ووضعنا في الجغرافيا مجلدين وفي الموسيقى مجلدا, وهذه الدراسات الإحيائية مستمرة.

          ويعد التراث الإسلامي المهمل, المهدد بخطر النسيان حينا, وأخطار التدمير أحيانا, من أهم ما اضطلع به المركز سعيا للحفاظ عليه. وكان النموذج الأول لهذا الجهد ما أنجزناه بخصوص تراث (البوسنة والهرسك), حيث تنفذ سنويا منذ العام 1994م وحتى اليوم, ورش عمل في موستار, وعام 2004 هو العام العاشر لهذه الورش. وكان الهدف المنجز هو ترميم المؤسسات والآثار الإسلامية. ويتمنى أوغلي أن يتاح للمركز بالمثل ترميم ما تحطم من تراث عظيم في بغداد والمدن الإسلامية الأخرى.

كنوز القصر ومكتبة المركز

          يتكون سراي يلديز من عدة أجنحة, وقد زاد فيه السلطان عبد الحميد الثاني, ثم أضاف إليه استراحة ومظلة (شادر) أقيمت خصيصا ليشهد منها ضيفه الإمبراطور الألماني الاحتفالات باستقباله. كما أضاف للسراي عدة أكشاك, قبل أن يتخذه مقرًا دائما لحكمه. سألت الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي عن روح المكان, تلك العلاقة التي وثقت الصلة بين سراي يلديز, قصر السلطان عبد الحميد الثاني,  وبين المركز, وهي الآن علاقة لا تنفصم.. فرد بابتسامة شارحًا:

          هذا سؤال جميل, وأنا سعيد أنك سألته, لأنني أسمعه للمرة الأولى, وما تحدثت عنه ـ حقيقة ـ مهم. فقد وضِعت أمام المركز عدة اختيارات, كان (سراي يلديز) آخرها. وهو لم يكن متاحًا بهذا الشكل, لكن هذه تفاصيل لا أريد أن أدخل بها فقد أصبحت تاريخا! لكنني أؤكد لك أن شخصية المركز التحمت بهذا المكان. وسراي يلديز الذي امتدحه أمير الشعراء أحمد شوقي كان مقر الخلفاء العثمانيين, واشتهر بأنه مقر السلطان عبد الحميد الثاني, فكانا مقترنين في الإشارة إليهما. وفي أوائل القرن العشرين لمع اسم يلديز في كل مكان, والجيل السابق علينا يعي أن سماع اسم يلديز يماثل ـ اليوم ـ سماعنا لاسم (البيت الأبيض) أو (الكرملين) أو (الأليزيه) أو (قصر بكنجهام). بل كانت كلمة يلديز لها وقع أكبر من ذلك كله. هذه الذكريات التاريخية, لمقر الخلافة الإسلامية, ربطت تداعياتها الماضي بالحاضر, باعتبار أن منظمة المؤتمر الإسلامي هي الآن الجامعة الإسلامية, ورمز وحدة الشعوب الإسلامية وتضامنها. لذا حين يرفرف علم منظمة المؤتمر الإسلامي التي يتبعها المركز يمثل قيمة في حد ذاته. وقد عادت كتب المركز وأرشيف القصر وذاكرة السراي في خدمة العالم الإسلامي والباحثين في الحضارة الإسلامية.

          وقد عرف السلطان عبد الحميد الثاني بأنه من هواة النجارة, بل ومارسها ببراعة ودقة. ولذا أضاف لقصر يلديز بعض الورش ومسرحًا ومكتبة غنية. وكان من أهم الورش التي خصصها لصنع البورسلين, حتى أن إنتاج البورسلين العثماني لم ينتعش إلا بعد إقامة (مصنع يلديز) للبورسلين في العام 1892م, في حديقة السراي. وإذ يتوسع السلطان عبدالحميد بأجنحة القصر في المرتفعات المطلة على قصر طولمة بهغجة ويجمل سراي يلديز حتى يستخدمه لسكنى العائلة المالكة, فيضم إليه حدائق واسعة, وبحيرات صناعية, وأدغالا تحيط بقصوره المستقلة, يكلف خبيرًا فرنسيا بإدارة مصنع البورسلين, الذي عمل به أجانب ومحليون معا. وخصص إنتاج المصنع للسراي فقط, لذا وفي المتحفين الملحقين بالقصر وضمن مقتنيات السلطان; شاهدنا الأطباق التي كانت تعلق على الجدران وأطر اللوحات والمدافيء وأطقم المائدة المختلفة. كما قام المصنع بإنتاج قطع مزينة بالزهور ورسوم الحيوانات والمناظر ـ الحقيقية والخيالية ـ بل وزين بعضها بصور للسلاطين العثمانيين. وحين خلع السلطان عن العرش في العام 1909م أغلق المصنع, إلا أنه عاد للعمل بعد عشر سنوات, وحتى اليوم, مثلما عاد لإنتاج البورسلين وفق التقاليد العريقة لهذا الفن. 

          أما مكتبة مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية باستانبول فتضم نحو 65 ألفا من المصنفات بأكثر من 40 لغة. وقد أصبحت محط أنظار الدارسين والعلماء في الحضارة الإسلامية. وقد أتاح المركز الوصول لهذه المكتبة الموسوعية عبر الإنترنت بأي مكان في العالم. ومع الأسف فإن المكتبة تعاني ضيقا بالمكان, لكن المعالجة الوقتية جاءت باستخدام الأرفف المتحركة, وهي مقسمة ومصنفة وفق المناطق والبلدان الإسلامية.

          ويضم متحفا السراي أيضا المقتنيات الشخصية للسلطان عبد الحميد الثاني ومنها كرسي آخر عروش السلطنة العثمانية, وعربته الشخصية (من دون الخيول!), وكل ما كان يضمه القصر من أغراض شخصية وعامة, حتى اللوحات التشكيلية التي مثلت الذوق الشخصي لعاشق الفن والنجارة! كما يضم الآن مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية كنوزا فوتوغرافية يتخطى عددها 60 ألفا من الصور النادرة, تعود للقرن التاسع عشر, ونصف هذه الصور هي مجموعة السلطان عبد الحميد الثاني, وتعرف بمجموعة سراي يلديز. ويتيح المركز هذه المجموعات للباحثين كما يصدر بها كتبا توثيقية, كان من أهمها: مصر في عدسات القرن التاسع عشر, واستانبول ـ إطلالة من الماضي. وهي تبين واقع الآثار الإسلامية والحياة اليومية قبل أكثر من قرن. ويخطط المركز لإصدار كتب مماثلة لفائدة الباحثين والقراء على حد سواء.

إصدارات ارسيكا

          وقد اختار المركز عدة مشروعات صادق عليها مجلس إدارته مراعيا فيها فكرة توطيد أواصر الصداقة والأخوة بين الشعوب الإسلامية ومنها إصدار سلسلة من الدراسات والبحوث حول فنون هذه الشعوب. وربما يأتي مجلدا (الدولة العُثمانية. تاريخ وحضارة) اللذان بلغا من الصفحات نحو ألفي صفحة ترجمة للجهد البحثي الذي يوليه اهتمامًا استثنائيا مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية باستانبول. وقد ظهرت النسخة التركية من هذين السفرين في العام 1994 ميلادية, لتستقبل بحفاوة أكاديمية وشعبية كبيرة, حتى أن بعض الجامعات أدرجته ضمن مناهجها الدراسية.

          وكان للنهج غير التقليدي الذي اتخذه المركز في تبويب الكتاب السبب الكبير في هذا الإعجاب والتقدير. إذ لم تدرس السلطنة العثمانية ـ فيما سبق ـ إلا ضمن إطار كرونولوجي (يتتبع الأحداث والوقائع بشكل زمني), حتى قرر المركز ـ كما يقول الدكتور أكمل الدين في تقديمه ـ أن يسلك منهجًا تحليليا يتناول الموضوعات في إطار من الوحدة, واجتهد في حصر الأسباب والنتائج في شكل عام.. ولم يكن الهدف استعراض الأحداث وشرحها, بل محاولة فهمها وتفسيرها.. حتى تحول العمل إلى كتاب جامع يعتمد عليه علميا. وتمثل فصول (الدولة العُثمانية. تاريخ وحضارة) كتبا قائمة بذاتها خاصة أن مؤلفيها ممن عرفوا بتخصصهم في المجالات التي بحثوها سنوات طوالا.

          وإذا كان المجلد الأول من (الدولة العُثمانية. تاريخ وحضارة) يتناول تاريخ العثمانيين السياسي والنظم العثمانية للسراي فضلا عن تلك الإدارية والعلمية والقانونية, فقد تحدث عن المجتمع العثماني في تركيبه وطبيعة العائلة وحياتها اليومية حتى يصل إلى البنية الاقتصادية التي شملت النظام المالي والسياسة النقدية وتركيبة الأسعار وأنشطة التجارة وخدمات البريد وأوجه الصناعة, فإن المجلد الثاني يضيء جوانب من حضارة العثمانيين بين اللغة والأدب, والدين والفكر, والعلوم وأدبياتها, والتعليم ومؤسساته, والعمارة وخصائصها, والخط العربي وتفرده, والزخرفة والتذهيب. وقد صدرت الطبعة العربية من المجلد الأول خلال انعقاد المؤتمر الدولي الذي نظمه المركز بمناسبة مرور سبعمائة سنة على قيام الدولة العثمانية, وكان عنوان المؤتمر الذي عقد في أبريل 1999م (الحياة العلمية والتعليمية في العالم العثماني).

          وبالإضافة إلى اللغة السلسة التي توخاها مترجم هذا المرجع ـ الذي سد فراغا في المكتبة العربية ـ الدكتور صالح سعداوي; وقد بذل جهدًا عظيما في ترجمة نص ثري مركب يفيض بالتعابير والمصطلحات المتنوعة, فإن وثائق الكتاب وصوره تعد شواهد أخرى على الجهد الذي بذله مؤلفو الكتاب ومحرروه. ويطالع قارئ الكتاب صورا من دواوين كاملة كتبت بالخط العثماني لشعراء السلطنة, مثلما يملي العين بمنمنمات الشقائق النعمانية وسواها, مع صور نادرة للآثار المعمارية ودقائق تفاصيلها, ويضاف لذلك أيضا ـ ضمن عشرات الصور ـ سيرة خسرو وشيرين المصورة التي تضمها مكتبة متحف سراي طوب كابي.

          وربما يكون من المفيد أن نرجع لواحدة من الاستخلاصات في البحوث التي قدمها هؤلاء. تقول الدكتورة  آسين آطيل عن الفنون العثمانية: لم تقف الإمبراطورية العثمانية عند توحيد قارات ذات ثقافات متباينة, بل وسع صدرها في الوقت نفسه ـ وبغير حكم مسبق ـ كبار شخصياتها وتقاليدها وانتظمتها ضمن نظامها الإداري والاجتماعي والثقافي. ويدلنا ذلك الاستقبال السمح على عظمة دولة واثقة في هويتها وفي أشكال تعبيرها عن فنونها ... وبالمقابل فإن فنون الزخرفة العثمانية ـ على سبيل المثال ـ كانت قد عرفت على النطاق الشعبي منذ القرن السادس عشر في أوربا حتى ولع الناس بها, ولا سيما في القرن التاسع عشر, فكانوا يستنسخونها في فرنسا وإنجلترا وألمانيا وإيطاليا والنمسا وروسيا. حتى أن الفرنسيين ـ وهم أكثر من شغف بتلك الفنون ـ أقاموا المعامل لتقليد العثمانيين, سواء مصانع السجاد في جوبلن أو السيراميك في سيفر عدا عن معمل ليون الذي ضم متحفا لأنواع الساتان والقطيفة العثمانية. وكذلك أقام الأوربيون من لندن حتى سانت بترسبورغ جواسق على الطراز العثماني, مثلما حوت قصورهم  (غرفا تركية) جرى تزيينها وتأثيثها من الداخل على الطراز العثماني.

          وقد خص مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية باستانبول (فنون الترك وعمائرهم) سفرا آخر استغرق إنجازه ثلاث سنوات وحمل العنوان نفسه, ونقله إلى العربية عن الإنجليزية أحمد محمد عيسى. وحاول مؤلف الكتاب أوقطاي آصلان آبا في ثلاثين فصلا أن يخص الفن التركي الإسلامي بما يستحق من بحث ومكانة, مصححا الكثير من المفاهيم والمعلومات الخاطئة. بدءًا من أتراك ما قبل الإسلام وفنونهم, مقسما مراحل الفنون والعمارة بين القره خانيين والغزنويين والسلاجقة والزنكيين والإمارات التركمانية (الكثيرة التي لا نعرف عنها إلا النزر اليسير), قبل أن يفرد صفحات موسعة للمعماري سنان وآثار سليمان القانوني, وصولا إلى المراحل الأخيرة للعمارة العثمانية. وهو يتجول بين المساجد والأضرحة والقصور والحمامات والتحصينات والأسبلة, ويقرأ النقوش والمنحوتات والخزفيات والفخاريات والمنسوجات قبل أن يخوض في فنون التذهيب والتجليد, حتى صناعات الأسلحة والدروع والخوذات والزمزميات والمرايا والأواني والمنمنمات. وحرص المؤلف على أن يضع في (فنون الترك وعمائرهم) مخططات ورسوما وصورا لمعظم ما تناوله من عمائر, مما يجعل من ذلك الكتاب مرجعًا نوعيا في المكتبة العربية. وقد أضاف المترجم لقائمة الملاحق التي شملت كشافا عامًا معجما شارحًا باللغتين العربية والإنجليزية لستمائة من المصطلحات الفنية, لكل ما ورد في الكتاب من تعبيرات هندسية معمارية أو فنية تشكيلية, وكذلك خريطة توضح أشهر هذه الآثار المعمارية في استانبول.

          وفي زاوية الإصدارات أيضا يعرفنا أحمد العجيمي مدير الديوان بمركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية على معلم كبير يمثل بنك المعلومات لكل المؤسسات الأكاديمية والحكومية والأهلية العاملة في نطاق الثقافة الإسلامية, ويتم تحديثه بشكل دوري, بل وعن طريق استمارة إلكترونية على شبكة الإنترنت. كما خطا المركز خطوات كبيرة في سبيل توثيق المطبوعات التي ترجمت القرآن الكريم, وأنجز ما تم منذ ظهور آلة الطباعة وحتى العام 1980م,  كمرحلة أولى, ويعد الآن ملحقا لما بعد ذلك التاريخ. ثم تأتي المرحلة الثانية لتوثيق مختلف الترجمات المخطوطة ولم تطبع فيما عدا اللغات الفارسية والتركية والأردية, قبل أن يصل إلى الترجمات الشفوية كمرحلة ثالثة, وهي الترجمات المنتشرة في غرب إفريقيا بلغاتها المحلية, حيث اعتاد المعلم خلال شهر رمضان المبارك في هذه المناطق أن يقرأ الآيات البينات بالعربية ثم ينقل تفسيرها أو معناها شفهيا للآذان المحلية. وتم الاتفاق مع عدة جهات (وصلت إلى 14 دولة) لتسجيل هذه الترجمات صوتيا, التي تختلف فيها لهجة كل إمام عن سواه, حتى في اللغة نفسها.

برنامج تطوير الحرف اليدوية

          ومثلما كانت الحرف اليدوية علامة مهمة على الفنون الإسلامية خلال عمر الحضارة الممتد لأربعة عشر قرنا, أصبح تطوير هذه الحرف اليدوية من بين أولويات مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية, فخصها بمشروع تطويري ضخم باسم برنامج تطوير الحرف اليدوية ـ يرأسه الدكتور نزيه معروف ـ بدأ  منذ العام 1990 ميلادية, مركزا الاهتمام على إحياء بعض القطاعات الحرفية التي تواجه صعوبات وعوائق تحول دون نموها, وتكاد تقضي على جانب كبير منها في بلدان إسلامية كثيرة, ومنها طغيان استخدام الآلات الحديثة وتواتر ظهور المنتج المخطط آليا, وهجرة الحرفي التقليدي لمحترفه سعيا وراء العمل المجزي في المصانع الحديثة وصعوبة تمويل هذه الحرف, التي تسلم إلى صعوبة التسويق, إضافة إلى تردي أساليب التدريب وغياب أصول التعليم التي تنقل المهارة الحرفية جيلا بعد جيل.

          ويحدث ذلك كله رغم أن هذه الفنون والحرف تعد جزءا من الهوية الثقافية للبلدان الإسلامية كما يؤكد الدكتور معروف, الذي ينظر إلى الشق الاقتصادي أيضا; حيث مثلت القيمة المادية لصادرات 15 دولة من هذه الحرف 11 مليار دولار, ضمت في خانة عمالتها 20 مليون حرفي, بين دوام كلي أو جزئي. ويتوقع الباحث الخبير أن تكون هذه الأرقام قد تضاعفت ثلاث مرات على الأقل, مما يعني قيمة اقتصادية لا يستهان بها. وقد ذكر مثالا المملكة المغربية التي يمثل فيها هذا الجانب الحرفي 20 بالمائة من الناتج المحلي, كما أن دولة مثل إيران صدرت في العام 1998م سجادا بقيمة بليوني دولار. وهذه الأرقام تترجم إلى معطيات اقتصادية منها توفير الوظائف, مثلما تترجم إلى جوانب حضارية وثقافية أيضا. ونادى معروف بضم الأماكن الحرفية ومنتجاتها إلى الأجندة السياحية في الدول الإسلامية.

          وفي هذا الصدد نظم مركز الأبحاث في العام 1991 ندوة دولية حول (آفاق تنمية الصناعات التقليدية بالعالم الإسلامي), واستضافتها الرباط بالتعاون مع جمعية رباط الفتح (المغربية) والبنك الإسلامي للتنمية في جدة. واحتفل المركز عام 1994 بحرفيي الدول الإسلامية (كما هم في مواقعهم) في إسلام أباد. وبعدها نظم المركز ندوة دولية حول (الابتكار في الحرف اليدوية الإسلامية), ورعى آنذاك جوائز (لوك فيرسا ـ إرسيكا) لمبدعي الحرف اليدوية, وأقام في العام التالي بالقاهرة ندوته الدولية الأولى حول المشربيات والزجاج المعشق في العالم الإسلامي.

          ويقول الدكتور نزيه معروف إن الإعداد لندوة, مثل تلك التي استضافتها القاهرة ونظمها مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية حول المشربيات والزجاج المعشق في العالم الإسلامي, قد استغرق عامًا ونصف العام. بدأ بتحديد موضوع مناسب طرحه أستاذ الفلكلور الشعبي صفوت كمال, في لقاء رتبته الفنانة صفوت حلمـي حسين. وكانت أهمية الموضوع أنه يعرض وظائف مهمة نهضت بها فنون جميلة تتحدث عن جانب إبداعي من جوانب التراث الإسلامي وما أدته هذه المشربيات من وظيفة توفير  الخصوصية لأهل البيت والهواء البارد في المناطق الحارة, بالإضافة إلى خصائص جمالية طبعت العمارة التقليدية الشخصية للعالم الإسلامي. وقد تلا تحديد الأهمية الاستغراق في البحث عن الموضوعات التي  يعطي تناولها بالبحث المعمق صورا وافية عن المشربيات والزجاج المعشق في العالم الإسلامي, وبعدها مراسلة مجموعة من المتخصصين الذين يعطون الموضوع حقه من المناقشة والتداول. وإذ تطبع هذه الأبحاث بين دفتي مجلد  في ختام الندوة يصبح لدينا مرجع لا نظير له في موضوعه.

          وبالفعل جاء كتاب (المشربيات والزجاج المعشق في العالم الإسلامي) ليجمع خلاصة أيام الندوة التي أقيمت في دار الأوبرا بالقاهرة, وجلساتها الست عشرة وأوراق باحثيها الأربعين ليكون هذا المرجع. وشملت الدراسات التطبيقية التي احتواها الكتاب دراسة بول بونانفان عن المشربيات والزجاج المعشق  في جزيرة العرب, وبحث سامي محسن عنقاوي عن الروشان وتجربة تطويره كعنصر رئيسي في العمارة الحجازية, بينما تحدث عبد الله الحضرمي عن المشربيات والقمريات الزجاجية في مدينة صنعاء القديمة, وتناولت غادة رضا الحجاوي المشربيات والزجاج المعشق في الكويت, واستعرض نواف حامد هذا الفن في فلسطين, وقرأ بسام عدنان داغستاني أوراق المشربيات والزجاج المعشق في العمارة الإماراتية. وفي حين تناولت هذا الفن في لبنان ثلاث دراسات لعبد الرحيم غالب  وفائقة عويضة وهشام بكداش, تحدث عنه من مصر سوسن عامر وعز الدين نجيب وفهمي عبد العليم ومحمد علي حسن زينهم ومصطفى عبد الرحيم ومحمد سعيد وعبد الغني النبوي الشال وصفية حلمي حسين, وعبد الرؤوف علي يوسف وسواهم.

          وبالإضافة إلى الدراسات التشكيلية وتلك التاريخية أو التي تناولت عمليات الترميم للآثار القديمة من المشربيات والزجاج المعشق والقمريات وأعمال الجص, فإن بين الدراسات المبتكرة ما قدمه الباحث عمر الخالدي, الذي يعمل ببرنامج الأغا خان للعمارة الإسلامية, ومؤسسة ماساتشوستس وجامعة هارفارد, وعرض أهمية تسويق المشربيات والزجاج المعشق في أوربا وأمريكا الشمالية, بين مشكلات تسويق والبحث عن فرص جديدة. ويبدأ التسويق بتعريف هذه المجتمعات بمميزات هذه الفنون واستخدام التسويق المباشر للمستهلكين, وربط أماكن إنتاجها بمراكز بيع الحرف اليدوية المنتشرة في العالم الغربي, مع استقطاب طبقات المهتمين باقتناء التحف, من خلال إصدار أدلة تعرف بهذه المنتجات لهم.

          وفي دمشق التقت جهود المركز واليونسكو ووزارة الثقافة السورية لإقامة الندوة الدولية الأولى لفنون الزخرفة في حرف العالم الإسلامي اليدوية (1997م). وقد شمل برنامج هذه الندوة ترتيب زيارات ميدانية للتكية السليمانية (سوق الحرف اليدوية) وقصر العظم (متحف التقاليد الشعبية) لمتابعة مهارات الحرفيين. كما استضافت العاصمة التونسية بعدها بعامين (الندوة الدولية الأولى حول السجاد التقليدي والكليم في العالم الإسلامي). وكان عدد الأوراق المقدمة قياسيا (70 بحثا) تناولت محاورها تطور صناعة (الزربية) السجاد التقليدي, والكليم, ومدارسهما المختلفة, والتصاميم المستخدمة وترميم القديم منها والمواد الأولية المستخدمة, والبحث عن سبل تطويره وتسويقه وجوانبه الاقتصادية.

          وفي سياق المشروعات التي تبناها برنامج تطوير الحرف اليدوية  ما جاء في المؤتمر الشامل الذي أقيم في أصفهان (إيران) العام الماضي حول الفنون والحرف الإسلامية. ولم تكتف أوراق المؤتمر بالاشتغال على المعروف من الفنون والحرف الإسلامية مثل المنمنمات والزخارف والنقوش والخط العربي والنحت والأزياء والموزاييك والفخار, بل تناولت الحلي والتذهيب والرسم على الماء (!) وهو فن الإبرو, وصناعة الأختام وحبات الخرز. حتى تطريز المرأة الأفغانية وحياكة الثياب والفرش التقليدي الإيراني كان لهما مكان في هذه الندوة. ومن الدراسات  ما تناول تأثير هذه الحرف والفنون الإسلامية على الفن الأوربي مثل ورقة الدكتورة غادة حجاوي قدومي التي رأت ـ على سبيل المثال ـ أن فن الكتاب في أوربا, وبخاصة في مجال التجليد, اقتدى بالنماذج الإسلامية إلى حد بعيد من حيث أساليب الصنعة والتكوينات الزخرفية. وقد ضمت أعمال هذه الندوة ـ فضلا عن أيامها البحثية ـ مسيرة دولية للمشاركين تحت شعار (إحياء وحماية التراث التقليدي للعالم الإسلامي), مع معارض لمجموعة من روائع الفنون والحرف الإسلامية وأجنحة عرض للحرفيين وهم يشتغلون وزيارات ميدانية للحرفيين المحليين ومعرض آخر للإصدارات والمواد الثقافية.

إحياء فنون الخط العربي

          تبنى المركز منذ إنشائه فكرة الحفاظ على قيم وأساليب فنون الخط الإسلامي وإحيائه بتشجيع أجيال جديدة من الخطاطين المعاصرين, ومن يأتي بعدهم. لذا أنشأ المركز (المسابقة الدولية لفن الخط), وكانت دورتها الأولى قد بدأت بفكرة عام 1986 لتخليد ذكرى الخطاط الراحل حامد الآمدي, وتحقيقا لتوصية بيان استانبول الذي اختتم أعمال (الندوة العلمية العالمية للمباديء والأشكال والموضوعات المشتركة للفنون الإسلامية) التي اختتمت في 1983 بالتأكيد على أهمية إجراء مثل هذه المسابقة. وأصبحت المسابقة اليوم ـ كما يقول الدكتور أوغلي ـ هي المحك الأساس ومعيار التفوق في فن الخط العربي في العالم كله. كما أصبح المركز قبلة خطاطين شباب يأتون للدراسة من أقصى بروناي شرقا إلى أقصى المغرب غربا, وأيضا من أوربا والولايات المتحدة. ولذلك أعد إحياء الخط العربي من المجالات المشرقة في الميادين التي ولجها مركز الأبحاث.

          ويقول محمد التميمي منسق هذه المسابقة: إن الدورة الأولى لها جرت باسم الخطاط الآمدي (1891 ـ 1982), وربطت المسابقات التالية لها بأسماء كبار الخطاطين: ياقوت المستعصمي (المتوفى في 698هجرية), وابن البواب (في ذكرى مرور ألف عام على وفاته في 413 هجرية), والخطاط حمد الله الأماسي, المعروف بابن الشيخ (المتوفى في 926 هجرية), والخطاط سيد إبراهيم (1797 ـ 1994), حتى المسابقة السادسة التي حملت اسم الخطاط مير عماد الحسني (961 ـ 1024 هجرية الموافق 1554 ـ 1615 ميلادية) والتي نظمت هذا العام 2003م. والحسني هو رائد خط النستعليق منذ عهد الصفويين وإلى يومنا هذا, وترحل بين مسقط رأسه مدينة قزوين وتبريز ـ حيث درس علوم عصره ـ والهند وهرات وخراسان وحتى دمشق, قبل أن يعود إلى أصفهان التي استقطبت الكثير من العلماء والفنانين. ويتم اختيار أسماء الخطاطين وفق اعتبارات كثيرة, من أهمها التوزيع الجغرافي والتوزيع الزمني.

          ويضيف التميمي أن هناك تعاونا مع المؤسسات الثقافية المعنية لنشر شروط المسابقة التي بلغ المشاركون فيها نحو 350 خطاطا. وتتضمن الشروط اختيار أنواع الخطوط, وفي المسابقة السادسة اختيرت خطوط الثلث الجلي, والثلث العادي والنسخ والتعليق (النستعليق) الجلي, والتعليق, وجلي الديواني والديواني والأنواع الأخرى التي شملت الكوفي والمحقق والريحاني والإجازة والمغربي والتعليق الدقيق. ويشترط أيضا الأصالة في التنفيذ باتباع نهج أعلام الخط حتى في استخدام الحبر التقليدي. وتقييم الأعمال يضع الخط معيارًا ولا يضع في الاعتبار تذهيب اللوحات أو تأطيرها. كما تزود اللجنة المتسابقين ـ تحقيقا للمساواة بينهم ـ بالنصوص المطلوب كتابتها, مكتوبة بالخطوط المطلوبة, وهي آيات قرآنية كريمة وأحاديث شريفة وأشعار دينية. وتبلغ مجموع الجوائز 50 ألف دولار أمريكي.  وقد حدد المركز شهر فبراير 2004 كحد أقصى لتسلم الأعمال المشاركة في مسابقة هذا العام.

          وتتضمن خطة المركز في توثيق فنون الخط العربي إصدار مجلدات تضم لوحات الخطاطين الكبار وسيرهم الذاتية فضلا عن نشر أعمال الفائزين في المسابقات السنوية. كما يصدر المركز سلسلة من (الأمشاق) وهي كراسات لتعليم الناشئة خطوط الحرف العربي المختلفة. وتمنيت وأنا أرى هذه الكراسات أن تستعين وزارات التعليم في وطننا العربي بها لتدريب الطلاب عليها, لتعميم فائدتها. ورأى التميمي أن تتبنى (العربي) هذه الدعوة.

المستقبل

          قبل أن يودعنا سألت المدير العام لمركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية عن الطموح الذي يرمي إليه المركز في المستقبل, فقال: نحن نريد أن نستكمل طيف البرامج التي نعمل عليها, فنحن ندرك أن هناك مجالات لم نوفها حقها كاملا. ونتمنى أن نستحدث نظام إجازات دراسية ومنحا تعليمية للعلماء الشباب حتى يأتوا إلى المركز للدراسة والبحث, وحتى الآن لا نستطيع أن نتحمل كلفة هذا الطموح, حيث يحتاج الأمر إلى غطاء مادي, وترتيب قانوني. وهذا يلبي الكثير من الطلبات التي تأتينا من مختلف أنحاء العالم لعلماء شباب يرغبون في العمل هنا على أبحاث التاريخ والفنون والثقافة الإسلامية. أيضا هناك دول كثيرة تريد أن يكون للمركز فروع إقليمية بها, وهو أمر يتجاوز إمكاناتنا, لكننا نتمنى أن يسمح المستقبل بذلك, فيكون لدينا ولو بعض الشعب الإقليمية, حيث تمتلك هذه المناطق ميزة التنوع الثقافي. أما في المستقبل القريب فإن لدينا ندوة تعقد في الشارقة برعاية سمو الشيخ سلطان القاسمي عن (الإسلام كحضارة ساهمت في بناء الحضارة العالمية). أما بالنسبة لجائزة (ارسيكا) مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية, فقد تأسست في الذكرى العاشرة لإنشاء المركز, وهي تمنح للتفوق في بحوث الحضارة الإسلامية, وهي ـ من الناحية العلمية ـ أعلى جائزة في هذا المجال. وقد منحت خلال هذه السنوات لنخبة من كبار الباحثين في العالم. مثل الأستاذ حميد الله والمرحوم الدكتور عبد الرحمن بدوي والمستشرقة المعروفة آن ماري شيمل وعلماء أفذاذ كثيرين عملوا في الثقافة الإسلامية. وكنا بدأنا في الذكرى العشرين لتأسيس المركز بتكريم الشخصيات الكبيرة التي خدمت ثقافتنا الإسلامية وكان على رأس هذه الشخصيات الشيخة حصة الصباح, والشيخ سلطان القاسمي, والدكتور أحمد زكي يماني, وسنعلن هذا العام أسماء خمس من الشخصيات والمؤسسات المكرمة, ممن قامت بخدمة الثقافة الإسلامية.

          يتحدث الدكتور أكمل الدين عن السراي والمركز والمستقبل, لكنه لا يرغب في الحديث عن نفسه, وهو الذي وهب نفسه ـ طاقة ووقتا وعلما ـ للعمل به ربع قرن, لأنه يؤمن بمثل عربي ردده لي (حب الظهور يقصم الظهور), لكن المركز وإنجازه به سيتحدثان عنه طويلا. فقد استطاع أوغلي ورفاقه في المركز أن يضعوا خلفهم المشكلات وألا يتوقفوا وأن يحلوا ما استطاعوا منها أثناء السير. وفي الاجتماع الأسبوعي يروي العاملون بماء خبرتهم شجرة حياة المركز, ويتم البحث عن الحلول بشكل مشترك غير انفرادي, يتبنى الصدق في الاختيار, ويحقق ابتكارية الحلول. وتبقى أمنيتهم أن تعي الأجيال القادمة رسالة المركز وأن تساهم في إنجاحها, لينتقل هذا الصرح الحي إلى آفاق جديدة.

 

أشرف أبواليزيد   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




باحة سراي يلديز, الذي اكتمل بناؤه في القرن التاسع عشر بمدينة استانبول, حيث يقع مقر مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية, التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي





الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي المدير العام لمركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية





فعاليات ثقافية وفنية تضاف إلى دور المركز البحثي, وفي الصورة افتتاح معرض إشراقات ليبية





من إصدارات المركز في ألفي صفحة, وإعادة كتابة تاريخية وحضارية





السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (1876 ـ 1909م), وعرشه ومركبته, في متحف سراي يلديز





 





 





صورة السلطان محمد الثاني, بجوار مسجد نصرتيه, منقوشة على صحن من البورسلين, من إنتاج مصنع سراي يلديز





مكتبة المركز: 65 ألفا من المصنفات المتخصصة بأكثر من 40 لغة, وعولج ضيق المكان وقتيا باستخدام الأرفف المتحركة, وهي مقسمة ومصنفة وفق المناطق والبلدان الإسلامية





في أوائل القرن العشرين لمع اسم يلديز في كل مكان, فكان يماثل ـ اليوم ـ سماعنا لاسم (البيت الأبيض) أو (الكرملين) أو (الأليزيه) أو (قصر بكنجهام)!





نافذة في سراي يلديز: رؤية للماضي أم نظرة إلى المستقبل?





من تفاصيل الجداريات الرخامية في حدائق السراي الواسعة, التي كانت تضم بحيرات صناعية, وأدغالا تحيط بالأجنحة المستقلة