قدوتي العلمية


قدوتي العلمية

رسوم: ممدوح طلعت

محمد البرادعي.. البحث عن ذرة بريئة

هذا الصغير, الذي أحب القصص, والروايات, صار له أن يصبح رئيسًا لواحدة من أكبر المنظمات العلمية العالمية. لدرجة أنه حصل مع هذه المؤسسة على جائزة نوبل للسلام لعام 2005

اسمه (محمد البرادعي) المصري المولد.

والمنظمة هي الوكالة الدولية للطاقة الذرية, وموقعها النمسا.

عاش طفولته في أسرة سعيدة وهادئة, لكن في ذلك العام 1952, كان هناك شيء ما يؤرقه, حيث قال لأبيه:

معذرة, أنا أحب الأدب, ولا أميل إلى العلوم.

رد الأب: العلوم هي مستقبل البشر, والعلم لا يغني عن الأدب.

كان الصغير في العاشرة من العمر في ذلك اليوم الذي قامت فيه ثورة يوليو في مصر, وكان (محمد) حديث مصيف رأس البر, في تلك الفترة, فهو بطل السباحة على الشاطئ, وأيضًا واحد من أمهر لاعبي كرة القدم, بالإضافة إلى لعبة الاسكواش.

صار كل ما يؤرقه هو المواد العلمية, وحسب نصيحة الأب, فإنه حاول أن يوازن بين حبه للأدب, وأهمية العلوم.

وفي سنوات دراسته بالجامعة, عُرف بثقافته الواسعة, وبحبه للاطلاع على الصحف, والمجلات, وكانت لديه هواية محببة إلى نفسه, وهي تصحيح الأخطاء الإملائية والنحوية.

وكم درس محمد البرادعي تصحيح الأخطاء للصحف والمجلات, وفي عام 1961, وقبل تخرجه في كلية الحقوق بعام, أي وهو في التاسعة عشرة من العمر, حصل على بطولة الجمهورية للناشئين في رياضة الاسكواش.

في عام 1964, التحق محمد البرادعي, بالسلك الدبلوماسي المصري, ثم سافر إلى نيويورك, حيث قام بتمثيل مصر في هيئات الأمم المتحدة, وفي عام 1974 حصل على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي ثم عاد بعدها من الولايات المتحدة إلى مصر.

وفي مصر التقى بالرجل الذي غير حياته.

إنه إسماعيل فهمي, الذي صار وزيرًا للخارجية, والذي قال له:

كن صادقًا فيما تقول, خاصة الحق, وكن شجاعا وأنت تعبر عن وجهة نظرك.

هناك ثلاثة رجال لعبوا دورا مهما في حياته, الأب مصطفى البرادعي, ثم إسماعيل فهمي, وجاء الثالث, وهو الأستاذ توم فرانك الذي قال له يوما: كم يسعدني أنني تعلمت على يديك قصة البحث العلمي, والتفكير المنطقي, وتناول الأمور بجدية.

وبهذه الدروس المختصرة, سار البرادعي في حياته, سواء في وزارة الخارجية, أو بعد أن التحق للعمل في وكالة الطاقة الذرية.

وفي عام 1997, صار رئيسا لهذه الوكالة, في عصر كثر فيه الحديث عن ازدياد الأسلحة النووية التي تمتلكها الدول الكبرى, ثم تلك التي بدأت الدول الصغرى في إنتاجها.

وذاع اسم (البرادعي) في زمن الخوف العالمي من امتلاك الدول الصغرى للأسلحة النووية, وبدأ يطالب الدول الكبرى بالتخلي عن الأسلحة النووية, والالتزام بمعاهدة عام 1970, التي تقضي بتقليص هذه الأسلحة.

وعرف عنه حكمته في التعامل مع الملفات النووية لدول كثيرة, منها العراق, وإيران, ثم كوريا الشمالية.

وبالرغم من المتاعب التي عاناها الرجل في مهامه, فإنه لم يقل سوى الحق, وكرّس حياته بحثا عن ذرة بريئة تفيد البشرية, بدلا من استخدامها في الخراب والدمار.

وهذه الحكمة كانت سببا في أن يتم التجديد له في منصبه ثلاث مرات, وأن يبقى كي يحقق هدفه الأسمى نحو عالم يخلو من أسلحة الدمار الشامل, فالعالم مليء بالكوارث والزلازل والأعاصير والبراكين, وليس في حاجة إلى المزيد من الآلام.

لذا, فمن بين مائة وتسعة وتسعين مرشحًا عالميًا للفوز بجائزة نوبل للسلام لعام 2005 فاز محمد البرادعي مع وكالة الطاقة الذرية بجائزة نوبل للسلام.

وصار الرجل الرابع الذي فخرت به بلاده, بالحصول على جائزة نوبل .

 


 

محمود قاسم