أبنائي الأعزاء


أبنائي الأعزاء

لا أعرف لماذا ارتبط شهر أبريل من دون كل شهور العام بالكذب, ولا لماذا أصبح من المتعارف عليه أن يبدأ اليوم الأول منه بكذبة? يقولون عنها إنها كذبة بيضاء, هدفها هو المرح والتندر, ولكن الكذب لا ألوان له, وله تعريف واحد فقط, هو أنه يخالف الحقيقة.

في الحضارات القديمة ارتبط شهر أبريل دوما بالاحتفالات الصاخبة, كانت البلاد الباردة تبدأ في التخلص في هذا الشهر من بقايا شتاء طويل, وتبدأ النباتات في التفتح, ومياه الجداول في الجريان, أي أن الأرض تكشف عن وجهها الجميل وتودع أيام التجمد والسكون, ما الذي يستدعي الكذب في هذه الحالة, إنه الشهر الأقرب إلى الحقيقة, لأن الأرض التي تم إعدادها وغرس البذور فيها هي التي تنتج جيدًا عند قدومه!

ومن الغريب أننا نذكر أبريل كشهر للكذب ولا نتذكر أنه في هذا الشهر قامت البشرية بأكبر إنجاز لها في التاريخ, , ففي الثاني عشر من هذا الشهر, ومنذ 45 سنة انطلق إلى الفضاء أول رائد فضاء من الاتحاد السوفييتي (الذي تحول إلى جمهورية روسيا حاليا مع عدد من الجمهوريات الأخرى التي انفصلت عن ذلك الاتحاد) وأصبح بذلك أول إنسان يصعد إلى الفضاء الخارجي واسمه (يوري جاجارين).

لقد طاف هذا الرجل الفضاء بواسطة سفينته الفضائية سبع دورات كاملة قبل أن يعود سالمًا إلى الارض, وقد مهدت هذه الرحلة للإنسان للصعود فيما بعد فوق سطح القمر واستكشاف الكواكب غير المأهولة, وبدأت البشرية في هذا اليوم عصرًا جديدًا, استطاعت فيه أن تستغل الفضاء الخارجي في إحداث ثورة الاتصالات وبفضل الأقمار الصناعية التي انتشرت في الفضاء الخارجي تحول العالم كله إلى قرية صغيرة, لا يستطيع فيها أحد أن يخفي الحقيقة عن الآخر, وتحول شهر أبريل بالنسبة إلى العالم إلى شهر للحقائق, فهل سيبقى أبريل عندنا شهرا للأكاذيب?

 


 

سليمان إبراهيم العسكري

 




صورة الغلاف