مدينة أحمد أباد سماء زرقاء وطائرات ملونة


مدينة أحمد أباد سماء زرقاء وطائرات ملونة

عدسة: أشرف أبو اليزيد

مدينة أحمد أباد, العاصمة السابقة لولاية كوجرات الهندية, تشبه صندوق العجائب. فهي مدينة مربعة (مثل الصندوق) تضم كل شيء من بيوت خشبية وحجرية ومعدنية, من بيوت من طابق واحد وناطحات سحاب.

ستشعر بأن أحمد أباد, وولاية كوجرات كلها, مثل حديقة حيوانات مفتوحة: الجمل يجر عربات نقل البضائع, البقرة التي يحافظون عليها تمشي وحدها بحرية في الشوارع وتتوقف السيارات أمامها حتى تمر, القرود تتقافز في البساتين, الحمير أيضا تحمل فوق ظهورها البضائع من مكان لآخر, والفيل الذي يلونون رأسه, يمشي جنبا إلى جنب مع السيارات, وينتظر منك أن تعطيه عملة ورقية أو معدنية (العملة الهندية هي الروبية) يرفعها بخرطومه إلى صاحبه, ولا يقتصر الأمر على الحيوانات الضخمة, لأن السناجب تجري في كل مكان!

أما أكثر الطيور التي تغطي أرض الوديان في أحمد أباد فهي الغربان, لكنك أيضا ستشاهد العصافير والهداهد. لكن سماء أحمد أباد تحلق فيها طيور من نوع آخر. إنها الطائرات الورقية الملونة!

في أحمد أباد, وبالتحديد في يوم 14 يناير من كل عام, يخرج أبناء وبنات أحمد أباد, مع آبائهم وأمهاتهم, ومع كل منهم طائرة ورقية لا تشبه الأخرى أبدًا. هذه الطائرات يصنعها فنانون محليون من المدينة نفسها أو من المدن المجاورة.

قبل شهر ونصف من انطلاق المهرجان يسافر هؤلاء الحرفيون الذين توارثوا مهارة صناعة الطائرات الورقية من مدن جيبور, وأجرا, وباريللي, ورامبور, وماتهورا, وبيكانر, ولاكناو, وغيرها, ليحطوا الرحال في أحمد أباد, ليصنعوا الطائرات أو يبيعوا مالديهم منها. يعلنون عن مهاراتهم بتزيين واجهات محلاتهم ومنازل إقامتهم بأشكال كثيرة من الطائرات الورقية ذات الخامات البراقة.

في ذلك الاحتفال السنوي, تطرز السماء أشكال بديعة وألوان رائعة, مثلا ستجد طائرة لصقوا عليها صورة زعيمين من الهند هما غاندي ونهرو, وتجد طائرات عليها الغزلان القادمة من البراري الشمالية في كوجرات, وستجد أيضا على وجه هذه الطائرات أشكالا للطيور المهاجرة العابرة لسهولها, ستجد الزخارف اليدوية, والنقوش الإسلامية والعلامات الهندوسية, كل ذلك تحت سماء أحمد أباد.

ليس الحصول على طائرة ورقية جميلة هو غاية المراد في هذا المهرجان, بل تتحول سماء أحمد أباد إلى ساحة معارك يحاول كل متسابق أن يصرع طائرة منافسه من فوق أسطح المنازل وفي الساحات العامة. تتعالى صيحات المنتصرين الفرحين وتتصاعد صرخات المهزومين المنكسرين, بلا كلل أو ملل, حتى تؤذن الشمس بالغروب, ويرحل الضوء, فتختفي الخيوط في أيدي الجميع مثلما تبتلع ظلمة السماء ألوان الطائرات.

في متحف صغير بمدينة أحمد أباد, يحكي تاريخ الطيران, حقق الفنان بانوبال شاه حلمه بجمع نماذج نادرة من هذه الطائرات الورقية المصنوعة والمرسومة يدويا تحت سقف واحد. إنه متحف جميل, لفن مبهج, ومهرجان بديع. فهل نستطيع أن نعمل مهرجانا للطائرات الورقية في بلادنا?.

 

 


 

أشرف أبو اليزيد

 










للطائرات الورقية أشكال ونقوش بديعة صنعها فنانون مبدعون





يحاول كل متسابق أن يصرع طائرة منافسه من فوق أسطح المنازل