أشياء الجدة سعيدة


أشياء الجدة سعيدة

رسم: مصطفى رمزي

تشاجرت أشياء الجدة سعيدة في صندوقها الخشبي المزيّن بالدبابيس الذهبية, وعندما استغرقت الجدة في نومها مساء, تسللت الأشياء من الصندوق, وقفت العروس الخشبية على حافة الصندوق وقادت التمرد وقالت: من الأفضل أن أبحث عن مكان آخر حيث يمكن أن أكون أكثر فائدة لطفلة ترغب باللعب معي. وأسرعت بالخروج من الصندوق إلى النافذة وتبعها المنديل المطرز بحبات الخرز والترتر الذهبية, وقال: وأنا سأبحث عن طفلة تزين رأسها عندما تلعب أو تذهب للمدرسة. أما القبقاب الخشبي فقد احترس من أن يصدر أي صوت وهو يخطو نحو الخارج وقد بدا سعيدًا وهو يلامس الأرض بعد احتجاز سنوات طويلة بداخل الصندوق, وتبعه اللوح الخشبي مع قطعة الفحم التي كانت تستعملها الجدة سعيدة عندما كانت طفلة لتعلم الكتابة.

تجولت الأشياء في الأزقة والشوارع حتى وصلت واجهة أحد المحلات الكبرى وقبل أن يقوم الموظفون والباعة بغلق محلاتهم كانت أشياء الجدة سعيدة قد اتخذت لكل منها مكانًا في واجهة عرض أو على أحد الرفوف.

في صباح اليوم التالي عندما فتح المركز التجاري أبوابه وعاد الزبائن لشراء احتياجاتهم شعرت الأشياء بالسعادة فعما قليل سيرغب أحد ما بشرائها واقتنائها وستكون أكثر فائدة من مجرد تخبئتها في صندوق قديم تفتحه الجدة سعيدة لتلقي عليها نظرة خاطفة ثم تبتسم وتغلق الصندوق ليخيّم الظلام والهدوء من جديد.

جاءت طفلة إلى رف الألعاب وتأملت العرائس حتى عثرت على لعبتها المفضلة, أرادت العروس الخشبية أن تلتفت الطفلة إليها لكنها لم تفعل, كذلك فعل باقي الأطفال الذين كانت أيديهم تمتد إلى ألعاب مختلفة بعضها يعمل بالبطارية وبعضها يغني ويرقص وبعضها يمشي ويتحرك ويقلد الأصوات, اقتربت البائعة من الرف لترتب الألعاب وفرحت اللعبة الخشبية إذ اعتقدت أن أحدًا أخيرًا فكر بشرائها لكن البائعة حملتها وقالت: لاشك بأن أحدًا نسي هذه اللعبة القديمة هنا ! ثم حملتها وألقتها في صندوق المفقودات لعل صاحبها يعود للبحث عنها, صدمت العروس الخشبية إذ وجدت القبقاب الخشبي قد سبقها إلى صندوق المفقودات وقالت وأنت أيضًا هنا! فقال القبقاب الخشبي: الناس لم يعودوا يعرفون قيمتي, تصوري أحذية الأطفال أصبح بعضها يضيء عند السير فيها والبعض الآخر يصدر صوت صفير أو عصافير عند الضغط عليها والبعض الآخر له تصاميم وألوان عجيبة!

وما هي إلا لحظات حتى شهق المنديل المطرز وهو يسقط فوقهم وقال بحزن: ألقى بي البائع إلى هنا وهو يقول: من نسي هذا المنديل القديم هنا? من عاد يستعمل مثله? حتى الفتيات تخلين عن لبسه إلا في الحفلات التي تصور الحياة القديمة!

ولحظات أخرى وقد سقط اللوح الخشبي فوق الأشياء وغطاها ولحقته قطعة الفحم وهي مندهشة تردد: أقلام عجيبة وألوانها جميلة تمسح بسرعة ولا يصدر عنها هباء وألواح معدنية لامعة ومصقولة وخفيفة تجري عليها الأقلام دون صعوبة!

حزنت الأشياء حزنًا شديدًا واعتقدت أنها أخطأت بخروجها من الصندوق الخشبي المزين بالدبابيس الذهبية حيث إنها لا تنتمي لهذا الزمن, إنها من زمن الجدة سعيدة, قالت العروس الخشبية وهي تقف على حافة صندوق المفقودات: هيا بنا إلى صندوق الجدة سعيدة فأنا اشتقت إلى ابتسامتها, وصندوقها أفضل بكثير من صندوق المفقودات هذا, فلن يسأل عنا أحد هنا!

 


 

لطيفة بطي